يُعرّف الأطباء "العقم" بعدم القدرة على الحمل والإنجاب بعد مرور عام على الأقل من الزواج، وتتعدد أسباب العقم لدى السيدات، وقد لا يتوصل الأطباء في بعض الأحيان لسبب محدد للعقم، مما يصعّب العلاج. وقد يلجأ الأطباء للعديد من الفحوصات الأساسية لتحديد سبب العقم، منها الفحص البدني للمريضة، وتقييم حالتها العامة والتاريخ المرَضي، وبعض التحاليل المختبرية كقياس هرمونات التبويض ومخزون البويضات في الدم.
ويُجري الأطباء مزيدًا من الفحوصات لرؤية الرحم والمبيضين وقناتي فالوب، مثل الفحص بالموجات فوق الصوتية عن طريق المهبل أو على البطن والحوض، وفحص تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة (Hysterosalpingography) (HSG). وقد يُجرى تصوير الحوض بالطبقي المحوري، أو بالرنين المغناطيسي. سنقدم لك في هذا المقال بعض المعلومات عن فحص تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة وكيفية إجرائه ودواعيه.
ما هو فحص تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة ؟
تصوير الرحم بالصبغة (HSG) هو فحص بالأشعة السينية للرحم وقناتي فالوب، يُستخدم فيه شكلٌ خاص من الأشعة السينية يسمى التنظير الفلوري باستعمال مادة تباين أي مادة ملونة تظهر بالأشعة (contrast material). يساعد هذا الفحص بالأشعة السينية الأطباء في تشخيص حالات العقم، خاصةً العقم الثانوي وعلاجها، فيعرّضك لجرعة صغيرة من الأشعة للحصول على صورة لأعضائك التناسلية الداخلية (الرحم، وقناتي فالوب، والحوض).
استخدمت "كاري كوليرغول" تصوير الرحم بالصبغة لأول مرة في عام 1914، كما استُخدمت صبغة ليبيودول من قبل "سيكارد وفوريستر" في عام 1924، واستمر استخدامها لعدة عقود، إلى أن تم اعتماد الصبغة القابلة للذوبان في الماء واستخدامها تجنبًا للمضاعفات المحتملة لاستخدام صبغة الليبيودول.
ما هي دواعي إجراء تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة ؟
يستخدم الأطباء هذا الاختبار في المقام الأول لمعرفة الأسباب التشريحية لبعض حالات العقم، فيمكِّنهم من رؤية تجويف ومسار قناتي فالوب، وشكل الرحم وبنيته، واستبعاد وجود أي تندب داخل الرحم، أو التجويف البريتوني القريب (البطن).
كما يتحقق هذا الفحص أيضًا مما إذا كانت قناتا فالوب مفتوحتين، ويمكن للفحص أيضًا تقييم آثار العمليات الجراحية السابقة التي قد تكون أثَّرت على قناتي فالوب. كما يمكن لفحص تصوير الرحم بالصبغة التحقيق في حالات الإجهاض المتكرر الناتجة عن عيوب الرحم الخَلقية أو المكتسبة، مثل الأورام الليفية الرحمية، والالتصاقات الرحمية، وتشوهات الرحم ، والأورام الرحمية.
كيف يُجرى تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة ؟
تأخذ المريضة وضع الاستلقاء على الطاولة تحت منظار الفلوروسكوب (جهاز تصوير بالأشعة السينية يمكنه التقاط الصور أثناء الدراسة)، ثم يقوم طبيب أمراض النساء أو اختصاصي الأشعة بفحص رحم المريضة، ويضع منظارًا في مهبلها. يقوم الطبيب بتنظيف عنق الرحم ووضع جهاز (قنية) في فتحة عنق الرحم، ثم يملأ الرحم برفق بسائل يحتوي على اليود (سائل يمكن رؤيته بالأشعة السينية) من خلال القنية.
تظهر الصبغة باللون الأبيض على الصورة، ويمكن أن يظهر محيط الرحم أثناء انتقال السائل من القنية إلى الرحم ومن خلال قناتي فالوب. وعندما تدخل الصبغة في الأنبوبتين، فإن هذا يحدد طولهما ويوضح نهاياتهما إذا كانت مفتوحة أم لا، كما يمكن أيضًا اكتشاف التشوهات داخل تجويف الرحم عندما يتعطل تدفق الصبغة.
لم يُصمَّم فحص تصوير الرحم بالصبغة HSG لتقييم المبايض أو لتشخيص الانتباذ البطاني الرحمي Endometriosis، ولا يمكنه تحديد الأورام الليفية الموجودة خارج تجويف بطانة الرحم، سواء في الجزء العضلي من الرحم أو خارج الرحم. يمكن للمريضة أن تعود بعد الفحص على الفور إلى أنشطتها الطبيعية، على الرغم من أن بعض الأطباء يطلبون منها الامتناع عن الجماع لبضعة أيام.
ما هي مضاعفات ومخاطر فحص تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة ؟
يُعد فحص تصوير الرحم بالصبغة إجراءً آمنًا للغاية، إلا أن هناك بعض المضاعفات التي تحدث عند أقل من 1٪ من المرضى.
- العدوى: أكثر المشكلات الخطيرة شيوعًا مع فحص تصوير الرحم بالصبغة هي حدوث عدوى في منطقة الحوض، ويحدث هذا عادة عندما تكون المريضة قد عانت من مرض سابق في قناة فالوب (مثل عدوى سابقة بالكلاميديا)، ويمكن للعدوى أن تُلحق الضرر بقناتي فالوب أو تجعل من الضروري إزالتها، لذا يجب على المريضة الاتصال بطبيبها إذا كانت تعاني من ألم متزايد أو حمى في غضون يوم إلى يومين من الفحص.
- الإغماء: نادرًا ما تصاب المرأة بالدوار أثناء العملية أو بعدها بفترة قصيرة.
- التعرض للإشعاع: يكون التعرض للإشعاع من فحص تصوير الرحم بالصبغة منخفضًا جدًا، ولم يثبت أن هذا التعرض يسبب ضررًا، حتى لو حملت المرأة في وقت لاحق من نفس الشهر.
- الحساسية لليود: نادرًا ما تعاني المرأة من حساسية تجاه صبغة اليود المستخدَم في الفحص، ويجب على المريضة إبلاغ طبيبها إذا كانت تعاني من حساسية تجاه اليود، أو صبغات الأشعة في الوريد، أو تجاه المأكولات البحرية، كما يجب على النساء اللواتي لديهنّ حساسية من اليود إجراء الفحص دون حقن صبغة تحتوي على اليود، فإذا تعرضت المرأة لطفح جلدي أو حكة أو تورم بعد الفحص، فعليها الاتصال بطبيبها فورًا.
متى ينبغي عليك الاتصال بالطبيب بعد الفحص؟
يجب عليك الاتصال بالطبيب إذا لاحظت أيًا من هذه العلامات، والتي قد تشير إلى وجود عدوى مثل:
- الحمى.
- القشعريرة.
- الإغماء.
- التقيؤ.
- نزيف مهبلي غزير.
- إفرازات مهبلية كريهة الرائحة.
- تقلصات شديدة في بطنك.
الأسئلة الأكثر شيوعًا
ما هو التوقيت الأمثل لإجراء تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة ؟
يفضل أن يجرى الفحص بعد انتهاء الحيض وقبل توقيت الإباضة، أي خلال الأسبوعين الأولين من الدورة الشهرية.
مَن التي يُحظَر عليها تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة ؟
لا يجب إجراء هذا الفحص إذا كنتِ حاملًا، أو مصابةً بالتهابات وعدوى بالحوض.
مَن الذي يقوم بإجراء تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة ؟
يمكن لطبيب أمراض النساء أو اختصاصي الأشعة أو اختصاصي الغدد الصماء التناسلية إجراء الفحص، وسيقوم اختصاصي الأشعة بتقييم صور الأشعة وكتابة التقرير وإبلاغ طبيبك بالنتائج.
هل فحص تصوير الرحم بالصبغة مؤلم؟
عادة ما يسبب تصوير الرحم بالصبغة HSG تقلصات خفيفة في الرحم لمدة 5-10 دقائق، وقد تعاني بعض النساء من تقلصات لعدة ساعات. يمكن تقليل هذه الأعراض بشكل كبير عن طريق تناول الأدوية المستخدَمة لعلاج تقلصات الدورة الشهرية والمسكنات قبل الإجراء بساعة، كما يمكن تناول المضادات الحيوية بشكل وقائي قبل الإجراء لمنع حدوث عدوى أو التهابات في الحوض.
هل يعزز فحص تصوير الرحم وقناتي فالوب بالصبغة الخصوبة؟
تُظهر بعض الدراسات زيادة طفيفة في الخصوبة تستمر حوالي 3 أشهر بعد إجراء الفحص، ومع ذلك، فإن معظم الأطباء يقومون بإجراء تصوير الرحم بالصبغة HSG فقط لأسباب تشخيصية.
هل يمكن لفحص تصوير الرحم بالصبغة إزالة انسداد قناتي فالوب؟
يمكن لمحلول الصبغة أن يزيل الانسدادات الطفيفة في أنبوبي الرحم ويزيد من فرصتك في الحمل، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإثبات هذه النظرية.
ختاماً، سيخبرك الطبيب بنتائج الفحص، وسيقدم لك النصح بشأن الخطوات التالية. فإذا أظهر الفحص انسدادًا، فقد يوصي بإجراءات إضافية مثل تنظير البطن (Laparoscopy) لمزيد من التشخيص وعلاج المشكلة، أو قد يوصي بعلاجات الخصوبة التي يُلجأ إليها في حالات انسداد قناتي فالوب، مثل الإخصاب في المختبر (IVF).