خصصت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (The International Agency for Research on Cancer) شهر أكتوبر/ تشرين الأول للتوعية بسرطان الثدي. وتركز هذه السنة على أهمية اختبارات التحري عن سرطان الثدي في جميع أنحاء العالم وعلى الدور الذي تلعبه الوراثة في الإصابة بسرطان الثدي بين الأجيال.
وفي عام 2020، أصبح سرطان الثدي الأنثوي أكثر أنواع السرطانات شيوعًا على مستوى العالم، حيث تم تشخيص حوالي 2.26 مليون امرأة بسرطان الثدي، وتوفيت حوالي 685000 امرأة بسبب هذا المرض. ومع التشخيص والعلاج المناسب في الوقت المناسب، تكون لسرطان الثدي عمومًا مآلات جيدة جدًا.
لكن معدل النجاة من سرطان الثدي ليس مرتفعًا بشكل موحد في جميع أنحاء العالم، فهناك تفاوتات كبيرة في البقاء على قيد الحياة بين البلدان الأكثر والأقل تقدما، وكذلك بين مختلف الفئات الاجتماعية داخل البلدان. ترجع هذه الفوارق جزئيًا إلى انخفاض الوصول إلى التشخيص المبكر وإتمام العلاج في الوقت المناسب. وتدرس الوكالة الدولية لبحوث السرطان العوائق التي تحول دون الوصول إلى التشخيص والعلاج للتخفيف من هذه المشكلات أو القضاء عليها.
كما يدرس الباحثون أيضًا الآثار المتوارثة بين الأجيال لوفيات سرطان الثدي، حيث تظهر النتائج الأخيرة أن عدد الأيتام من الأمهات بسبب سرطان الثدي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يتجاوز عدد الأيتام نتيجة وفاة الأمهات لأسباب أخرى غير سرطان الثدي.
دراسة جديدة..
أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة "لانست أونكولوج"، إحدى المجلات الرئيسية في علم الأورام، وهي الأولى على هذا المستوى، أن في الإمكان إبطاء تقدم بعض أنواع سرطانات الثدي من خلال استهداف طفرة جينية bESR1 في الوقت المناسب، ثم تكييف العلاج وفقاً لذلك.
وبحسب معدي الدراسة، لدى الأشخاص المصابين بسرطان الثدي تتطور الخلايا السرطانية بمرور الوقت، واعتماداً على طفرات معينة، يمكن أن تصبح مقاومةً للعلاجات المستخدمة. وأجرى معدو الدراسة التي قادها عالم الأورام فرنسوا كليمان بيدار وأقيمت في عشرات المستشفيات الفرنسية، تقويما لمعرفة أهمية تحديد إحدى هذه الطفرات - bESR1 - في الوقت المناسب والتصرف وفق المقتضى.
كيف تمت الدراسة؟
لتحديد هذه الطفرة، استخدم الباحثون تقنية واعدة في السنوات الأخيرة في عالم الأورام، وهي "الخزعة السائلة". ويهدف ذلك إلى دراسة محتويات الأورام من دون الحاجة إلى أخذ أنسجة من الثدي نفسه، كما هي الحال في الخزعة التقليدية، وهي عملية مزعجة.
وفي هذه الدراسة تطلب الأمر سحب عينة دم بسيطة. ويحتوي دم المرضى، في الواقع، على جزء صغير من الحمض النووي الذي يأتي من الخلايا السرطانية وباتت عملية عزله وتحليله تتسم بسهولة أكبر. ولدى المريضات اللواتي يحملن هذه الطفرة، تم تشكيل مجموعتين من حوالي 80 شخصاً. واستمر أعضاء إحداهما في تلقي العلاج الأصلي، فيما تحول أعضاء المجموعة الثانية إلى عقار آخر يحمل اسم "فلوفستران".
وفي المجموعة الثانية، تم إيقاف تطور السرطان لفترة أطول في المعدل تصل إلى أشهر عدة. بعيداً عن طفرة bESR1 الفردية، يعتقد معدو الدراسة أن الاستراتيجية المستخدمة - أي اعتماد الخزعة السائلة، ثم التغيير السريع في العلاج يمكن أن تكون بمثابة نموذج للاستراتيجيات العلاجية المستقبلية.
محدودية الدراسة..
هذه الدراسة لا تزال تظهر محدودية في مواضع عدة:
- أهمها، لا يقوّم هذا التغيير في العلاج ما إذا كان هذا التغيير في العلاج قد أدى في النهاية إلى تحسين فرص المريضات في الحياة.
- ركزت الدراسة على نوع معين من سرطان الثدي، حيث يكون الورم متلقياً للإستروجين. وهذا ما يسمح للعلاجات الهرمونية المستخدمة في هذه الدراسة بالعمل. وهذا لا يشمل، على سبيل المثال، ما يسمى بالسرطانات "السلبية الثلاثية"، والتي تُعتبر الأكثر فتكاً لأن علاجها هو الأكثر تعقيداً.