من الطبيعي أن يهتم الآباء بكل ما له علاقة بحياة أبنائهم، ويتابعوا نموهم الجسدي والذهني يومًا بعد يوم، لذلك لعل الشعور بتوقف نمو الطفل أو بكونه أقصر من بقية أقرانه يدفع بالعديد من الآباء للبحث عن طريقة أو علاج لزيادة الطول، وقد يلجأ بعضهم للعلاج عبر هرمون النمو دون التعرف على ماهية العلاج بهذا الهرمون أو النتائج المتوقعة منه، والتي سنفصلها في هذا المقال، ولا بد قبل التفصيل من التذكير بأنه لا ينبغي استخدام هرمون النمو إلا بعد استشارة طبيب مختص ومتابعته للعلاج بصورة مستمرة.
أسباب قصر القامة
يتابع الأطباء نمو الطفل عن طريق قياس طوله ووزنه ومقارنة هذه القياسات برسم بياني خاص بنمو الأطفال، ولا يقلق الأطباء من كون قياسات طول الطفل تقع في الـ5% من الرسم البياني المعياري (أي أن 95% من الأطفال ممن هم في عمر ذلك الطفل أطول منه)، ولكن تغير قياسات الطفل من الـ5% إلى الـ1% يدفعهم للبحث عن سبب هذا التغير. فقد يكون السبب في هذا التغيير خللًا جينيًا، أو خمولًا في عمل الغدة الدرقية، أو أي حالة مرَضية أخرى، أو قد يكون السبب في معظم الحالات غير معروف، وعندها يسمى بقصر القامة المجهول السبب.
هرمون النمو
هي مواد كيميائية تنتجها أعضاء معينة في جسم الإنسان، غالبًا ما يتم إنتاجها من قبل الغدد الصماء والغدة النخامية، لها تأثير مباشر على عمل ونشاط أعضاء أخرى في الجسم. ومن تلك الهرمونات التي تنتجها الغدة النخامية الهرمون المحفز لنمو الجسم أو ما يُعرف بهرمون النمو، والذي يعمل على رفع تركيز الجلوكوز (السكر)، الأحماض الدهنية الحرة وبروتين الـ IGF-1 (له أهمية كبيرة في نمو الطفل)، مما يسمح لخلايا الجسم وأعضائه بالنمو والتطور. كما وتنتج الغدة النخامية عددًا آخر من الهرمونات التي لها تأثير على نمو الجسم كالهرمون المحفز للغدة الدرقية، والهرمون الموجه للغدة الكظرية، وهرمون التحوصل (FSH).
وقد وافقت وكالة الدواء والغذاء الأميركية على استخدام هرمون النمو لعلاج قصر القامة عند الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة بسبب أمراض الكلى المزمنة، أو ممن لديهم متلازمة وراثية كمتلازمة برادر ولي (Pradar Willi syndrome)، متلازمة تيرنر ( Turner syndrome)، أو متلازمة نونان (Noonan syndrome)، أو نتيجة لأي مشكلات طبية أخرى.
هل يمكن لطفلي أن يستفيد من تناول هرمون النمو ؟
من يجيب بدقة على هذا السؤال هو الطبيب المختص بعد الاطلاع على التاريخ المرَضي لطفلك، وكذلك إجراء الفحص السريري وبعض الفحوصات المختبرية، إلا أننا نريد أن نوضح أمورًا عامة تخص العلاج بهذا الهرمون، وهي:
- طبيعة العلاج: يعطى هرمون النمو باستخدام الحقن، ويتراوح عدد الجرعات حوالي جرعة واحدة يوميًا، أو قد تكون بمعدل ثلاث جرعات أسبوعيًا، وذلك بحسب حالة الطفل. وفي معظم الأحيان يستمر العلاج بهذا الهرمون لعدة سنوات طالما هنالك إمكانية لنمو الجسم، وقد يصف الطبيب هرمونات أخرى للمحافظة على توازن الهرمونات في جسم الطفل.
- الكلفة العالية لهذا لعلاج: إن التكلفة العالية لجرعات العلاج إضافة إلى كونه يمتد لعدة سنوات تجعل التكلفة الإجمالية للعلاج عالية جدًا، قد لا يستطيع العديد من الآباء تحمل عبئها، وكذلك قد ترفض شركات التأمين تغطية هذه الكلفة إلا بوجود سبب طبي يستلزم استخدام هرمون النمو في العلاج.
- النتائج المتوقعة: عند التفكير في استخدام هرمون النمو لتصحيح قصر قامة طفلك تجب مناقشة النتائج التي يمكن الحصول عليها في نهاية المطاف مع الطبيب المشرف على هذا العلاج، واطلاع طفلك على هذه النتائج. وفي المعدل يعمل هرمون النمو على إطالة جسم طفلك ما بين 2.5 -7.6 سم عما يمكن أن يكون طول الطفل عند بلوغه.
وفي النهاية, يبقى أن ننبه إلى أن صحة الطفل الجسدية والنفسية وتعزيز ثقته بنفسه وبما هو عليه يجب أن تعطى الأولوية عند تفكيرنا وتعاملنا مع أطفالنا، وينبغي دومًا أن نبين لهم أنهم يشكلون قيمة عالية لنا وللمجتمع، وأنهم أضافوا لنا الكثير بوجودهم معنا، وأننا نحبهم بما هم عليه.