تعد متلازمة داون من أشهر حالات الطفرات الجينية التي تصيب الأجنة والمواليد حول العالم، فما هي هذه المتلازمة؟ وما أسبابها؟ وكيف يتم تشخيصها؟ تعرَّف على إجابات هذه الأسئلة فيما يلي.
ما هو مرض متلازمة داون؟
متلازمة داون أو التثلث الصبغي 21، هي اضطراب ناتج عن وجود نسخة ثالثة من الكروموسوم 21 أو جزء منها، عادة ما يرتبط بتأخّر النمو الجسدي، وإعاقة ذهنية خفيفة إلى متوسطة، وخصائص الوجه المميّزة.
يبلغ متوسط معدل ذكاء الشاب البالغ المصاب بمتلازمة داون 50، وهو ما يعادل القدرة العقلية لطفل يبلغ من العمر 8 أو 9 سنوات، ولكن هذا يمكن أن يختلف بشكل كبير من مصاب لآخر.
تشخيص الإصابة بمتلازمة داون
يتم البحث عن متلازمة داون أثناء الاختبارات الروتينية التي يمكن إجراؤها للأم الحامل، وعندما يكون هناك شك أو علامة على احتمالية إصابة الأجنة بمتلازمة داون يتم اللجوء للفحوصات التشخيصية التأكيدية.
عموما، توصي الكلية الأميركية لأطباء أمراض النساء والتوليد بتقديم بإجراء اختبارات الفحص والتشخيص المرتبطة بالكشف عن متلازمة داون لكافة النساء الحوامل، بغض النظر عن أعمارهن.
أولاً: اختبارات للبحث عن علامات متلازمة داون أثناء الحمل
تُجرَى هذه الاختبارات بصورة روتينية للبحث عن أي خلل في الأجنّة، ومن ضمنها الإصابة بمتلازمة داون، وذلك كجزء روتيني من رعاية ما قبل الولادة، فهي لا تُعطي تشخيصًا نهائيًا، ولكنها فقط تشير لاحتمالية الإصابة، وتساعدكِ على اتخاذ قرارات حول الخضوع لاختبارات تشخيص أكثر تخصصًا.
1. الاختبار المجمع للثلث الأول من الحمل
يتضمّن هذا الاختبار الذي يُجرى في خطوتين:
- اختبار الدم
يقيس هذا الاختبار مستويات البروتين البلازمي أ المصاحِب للحمل (pregnancy-associated plasma protein-A/ PAPP-A)، وهرمون الحمل المعروف باسم هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشري (human chorionic gonadotropin HCG). تشير المستويات غير العادية للبروتين والهرمون إلى وجود مشكلة صحية لدى المولود.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية
يمكن الكشف عن متلازمة داون باستخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية. تشمل النتائج التي تشير إلى زيادة المخاطر عند رؤيتها في الأسبوع الرابع عشر إلى الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل: عظامَ أنفٍ صغيرة، أو بدون عظم أنف، وبطينين كبيرين، وسماكة الطية القفوية للرقبة، وشريانًا غير طبيعي تحت الترقوة اليمنى.
تشير زيادة سماكة الطبقة القفوية لرقبة الجنين (NT) إلى زيادة خطر الإصابة بمتلازمة داون بما يعادل 75-80٪ من الحالات، وتكون إيجابية كاذبة في 6٪.
2. اختبار الفحص المتكامل
يُجرى هذا الاختبار على جزأين خلال أول ثُلثَين من الحمل، ويتم جمع النتائج معًا لتقدير خطورة إصابة الطفل بالمتلازمة، ويمكن أن يحقق هذا الاختبار المستوى نفسه من التحديد الذي يحققه الاختبار المجمع للثلث الأول من الحمل، ولكن بمعدل أقل من النتائج الإيجابية الكاذبة، بما يعني انخفاض نسبة النساء اللاتي يتحدد خطأً حملهن بأطفال مصابين بالمتلازمة.
في الثلث الأول من الحمل يشمل الجزء الأول إجراء اختبار دم لقياس مستوى البروتين البلازمي أ المصاحب للحمل، وإجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية لقياس التصوير الطبقي للرقبة الخلفية.
أما في الثلث الثاني من الحمل، يقيس الفحص الرباعي وجود أربع مواد متعلقة بالحمل في الدم، وهذه المواد هي: بروتين ألفا الجنيني، والإيستريول، وهرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشري، وإنهيبين أ.
3. تحليل المادة الوراثية المتحررة من الخلية (Cell-free fetal DNA analysis)
يتحقق هذا الاختبار من وجود dna جنيني متحرر من الخلية في دم الأم، ويوصى عادة بإجراء هذا الاختبار مع النساء الأكثر عرضة لإنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون، أو كاستجابة لأحد المخاطر المكتشفة من خلال أحد الاختبارات المذكورة سابقًا، ويمكن إجراء اختبار دم الأم خلال الحمل بعد مرور 10 أسابيع على الحمل.
يبدو هذا الاختبار أكثر تحديدًا مقارنة بأساليب الفحص الأخرى المرتبطة بمتلازمة داون، فإذا أشار هذا الاختبار إلى ارتفاع خطر الإصابة بالمتلازمة، فقد يتم إجراء اختبار تشخيصي باضِع أكثر (more invasive diagnostic test) لتحديد ما إذا كان الطفل مصابًا بالمتلازمة فعليًا أم لا.
ثانيا: الاختبارات التي تؤكّد الإصابة بمتلازمة داون أثناء الحمل
إذا كانت نتائج اختبارات الفحص إيجابية أو مثيرة للقلق، أو كنتِ معرّضة بدرجة كبيرة لخطورة إنجاب طفل مصاب بالمتلازمة، فينبغي التفكير في إجراء مزيد من الاختبارات للتأكد من التشخيص، ويمكن لمقدم الرعاية الطبية مساعدتك في الموازنة بين إيجابيات وسلبيات هذه الاختبارات.
تتضمن الاختبارات التشخيصية التي يمكن أن تحدد الإصابة بمتلازمة داون ما يلي:
- بزل السائل الأمينوسي (Amniocentesis)
يسحب الطبيب عينة من السائل الأمينوسي المحيط بالجنين من خلال إبرة يُدخِلها في رحم الأم، وتُستَخدم هذه العينة فيما بعد لتحليل صبغيات الجنين، ويجري الأطباء هذا الاختبار عادةً في الثلث الثاني من الحمل، أي بعد 15 أسبوعًا منه، ويحمل إجراء هذا الاختبار درجة طفيفة من خطورة التعرّض للإجهاض، ولكن تزيد هذه الخطورة إذا أجري الاختبار قبل بلوغ الحمل 15 أسبوعًا.
- أخذ عينة من الزغابة المشيمية (CVS) (Chorionic villus sampling)
في هذا الإجراء تؤخذ عينة من المشيمة، وتُستَخدم لتحليل صبغيات الجنين، ويجرى عادةً هذا الاختبار في الثلث الأول من الحمل، أي بعد مرور 10 أسابيع منه، وتقترن به درجة خطورة كبيرة إلى حد ما للتعرض للإجهاض مقارنة ببزل السائل الأمينوسي الذي يجرى في الثلث الثاني.
- بزل الحبل السري (Cordocentesis)
في هذا الاختبار، والذي يُعرف أيضًا باسم أخذ عينة الدم من الحبل السري عن طريق الجلد (PUBS)، تؤخذ عينة من دم الجنين من شريان يوجد بالحبل السري، ويُفحص للتحقق من وجود عيوب صبغية، ويمكن أن يُجرِي الأطباء هذا الاختبار في الأسابيع من 18 إلى 22 من الحمل. تقترن بهذا الاختبار درجة كبيرة من خطورة الإجهاض مقارنة ببزل السائل الأمينوسي وأخذ عينة من الزغابة المشيمية.
ثالثا: الاختبارات التشخيصية لحديثي الولادة
بعد الولادة، يُعتَمد غالبًا التشخيص الأوَّلي الذي يُحدِّد الإصابة بمتلازمة داون على شكل الطفل. لكن، ولأنّ علامات الوجه لطفل متلازمة داون قد توجد أيضًا لدى الأطفال غير المصابين، فقد يتم إجراء اختبار يُعرف باسم التنميط النووي الصبغي (chromosomal karyotype)، وفي حالة وجود زيادة في الصبغي 21 في كل الخلايا أو في بعضها، سيشير التشخيص إلى وجود متلازمة داون.
*المصادر:
Down syndrome
Screening for Down syndrome during pregnancy