الخطوة الأولى في امتلاك القدرة على الاختيار يمكن أن تحدث عندما يفهم الأطفال ما يحدث في دماغهم، وهذا الفهم لا يساعد الأطفال فقط، ولكنه يساعد الآباء بنفس القدر، فمعرفة كيفية عمل الدماغ تعني أنه يمكننا أيضًا فهم كيفية الاستجابة عندما يحتاج أطفالنا إلى مساعدتنا.
أحيانًا تصبح أدمغتنا مكتظة بمشاعر الخوف أو الحزن أو الغضب، وعندما يحدث ذلك، يكون الأمر مربكًا، خاصة للأطفال، لذا فإن إعطاء الأطفال طرقًا لفهم ما يحدث في الدماغ أمر مهم، ومن المفيد أيضًا أن يتعلم الأطفال مفردات تساعدهم في التعبير عن تجاربهم الشعورية؛ مما يمكن الآخرين من فهمها، بحيث يصبح كل أعضاء العائلة يتحدثون نفس اللغة، مما ييسر سبل التواصل بينهم، ويقدم لك هذا المقال نموذجا مبتكرا لكيفية عمل الدماغ بطريقة بسيطة أشبه ما تكون بالحكاية مما يسهل فهمها على الجميع صغاراً وكباراً، وبالتالي يساعد في تمكين الأطفال من تعلم طرق وظيفية لإدارة مشاعرهم الكبيرة.
اقــرأ أيضاً
* كيف يعمل الدماغ؟
- الدماغ يشبه المنزل المكون من طابقين (علوي وسفلي)
أخبر الأطفال أن أدمغتهم مثل المنزل المكون من طابقين.. طابق علوي وطابق سفلي، وهذه الفكرة مأخوذة من الدكتورة دان سيجيل وكتاب تينا باين بريسون The Whole-Brain Child، وهي طريقة بسيطة لمساعدة الأطفال على التفكير في ما يدور داخل رأسهم.
- الخطوة الثانية هي رسم ملامح سكان المنزل
أخبرهم قصصا عن الشخصيات التي تعيش في الطابق العلوي، والأشخاص الذين يعيشون في الطابق السفلي.
فالطابق العلوي به الأشخاص الذين يمثلون وظائف القشرة المخية الحديثة (neocortex) أو عقلنا المفكر (Thinking brain)، أما الطابق السفلي فيسكنه الجهاز الحوفي القديم (limbic system) أو ما يمكننا أن نطلق عليه عقلنا الشعوري (Feeling brain).
- من يعيش في الطابق العلوي ومن يعيش في الطابق السفلي؟
يسكن الطابق العلوي "فريد المفكر"، و"تامر حلال المشاكل" و"إبراهيم المخطط" و"سامي منظم المشاعر" و"بهاء المنظم" و"رأفت المبدع"، وهذه أمثلة للأسماء التي يمكنك أن تلقب بها الأشخاص الذين يقطنون الطابق العلوي، وبالطبع يمكنك أن تعطيهم – بالتشارك مع أطفالك – أسماء أخرى لطيفة ومحببة لهم.
أما الطابق السفلي فيسكنه الحساسون، وهؤلاء يركزون بشكل كبير في الحفاظ على سلامتنا والتأكد من تلبية احتياجاتنا، وغريزة البقاء الخاصة بنا تنشأ من هذا الطابق، وهذه الشخصيات تراقب الأخطار، وتصدر الإنذار، وتتأكد أننا مستعدون للقتال أو الهرب أو الاختباء عندما نواجه تهديدًا، ويمكنك أيضاً أن تخترع أسماء لشخصيات الطابق السفلي.
يمكنك أن تختار أسماء الأولاد والبنات، أو أسماء الحيوانات، أو أسماء أبطال الرسوم المتحركة، ولا يهم ما تختاره من أسماء، والمهم أن تعثر على لغتك المشتركة الفريدة لهذه الوظائف الدماغية وتشاركها مع أطفالك.
اقــرأ أيضاً
- العلاقة بين الطابق العلوي والطابق السفلي
تعمل أدمغتنا بشكل أفضل عندما يكون هناك تنسيق بين الطابق العلوي والطابق السفلي معًا، وفي هذه الحالة يكون السلم بين الطابقين مشغولا جدًا بأشخاص يصعدون ويهبطون بين سكان الطابقين وهم يحملون رسائل مهمة للتنسيق بين الطابقين، ويساعد هذا في اتخاذ خيارات جيدة، وتكوين صداقات، والتوافق مع أشخاص آخرين، والتوصل إلى ألعاب مثيرة، وتهدئة أنفسنا، وإخراجنا من المواقف المزعجة.
ولكن في بعض الأحيان، في حالة المخاطر على سبيل المثال، يحدث تنبيه للطابق السفلي؛ مما يجعله يأخذ اليد العليا، وفي هذه الحالة من الخوف والذعر، يبدأ الطابق السفلي في دق ناقوس الخطر لإخبار جسمك أن يكون مستعدًا للخطر، وتحت سيطرة الطابق السفلي لا يعود الطابق العلوي للعمل بشكل صحيح مرة أخرى إلا عندما نكون خارج نطاق الخطر، وهذا يعني أنه في حالة الخطر تتعطل السلالم التي تسمح بالاتصال بين الطابق العلوي والطابق السفلي.
- كيف تكون سيطرة الطابق السفلي مهمة لحمايتك؟
عندما يصنع جميع سكان المنزل ضجيجًا يجعل من الصعب سماع أي شخص، ففي هذه الحالة يقوم أعضاء الطابق السفلي بإبقاء الدماغ في أعلى السلم هادئًا، حتى يتمكن أهل الطابق السفلي من تجهيز الجسم للخطر، ويمكن أيضاً أن يرسل سكان الطابق السفلي رسائل تنشط أجزاء من الجسم، وتثبط أجزاء أخرى، حيث يمكنهم أن يجعلوا القلب ينبض أسرع ليمكننا من الجري بسرعة، ويجعلوا عضلاتنا جاهزة للقتال بأقصى ما تستطيع، ويمكنهم أن يجعلوا أجزاء من جسدنا تسكن حتى نتمكن من الاختباء من الخطر، وهذه هي الاستراتيجيات التي نمتلكها للتعامل مع الأخطار (الهجوم أو الهروب أو التجمد).
وفي هذه المرحلة يمكنك أن تطلب من طفلك أن يتخيل كيف ستكون ردود فعله أكثر أمانًا إذا تعرض للأخطار، ولكن حاول استخدام أمثلة لن تحدث في الواقع، وذلك حتى يستطيع الأطفال تخيل هذه المواقف بطريقة مرحة وبدون أن يشعروا بالرعب، فيمكنك مثلا أن تقول لطفلك: تخيل ماذا سيفعل الأشخاص الموجودون في الطابق السفلي من دماغك إذا قابلت ديناصورًا في الملعب.
اقــرأ أيضاً
- تعطل الطابق العلوي يحدث في أوقات الخطر
فكر في بعض الأمثلة التي يمكنك مشاركتها مع طفلك، ولكن احرص على اختيار أمثلة غير مخيفة حتى لا تجعل أطفالك يشعرون بالقلق الشديد، وكلما كان المثال قريبا منهم وعايشوه.. ساعدهم هذا على الفهم.. ويمكنك مثلا أن تذكر المثال التالي: "هل تتذكرون عندما كنت أبحث عن مفتاح السيارة ونحن متأخرون عن موعد المدرسة.. هل تذكرون أنني ظللت أبحث في نفس المكان مراراً وتكراراً.. لماذا كنت أفعل ذلك؟ كنت أفعل ذلك لأني كنت أشعر بالتهديد، مما جعل الطابق السفلي يسيطر على دماغي، وعطل السلم بين الطابقين، وعطل عمل الطابق العلوي".
- ما الفارق بين مخ الأطفال والكبار؟
ذكرنا في المثال السابق أن أعضاء الطابق السفلي تسيطر في أوقات الخطر في أمخاخ الكبار والصغار، ولكننا حتى في أوقات الخطر ما زلنا في احتياج لبعض الأدوار المهمة من أجزاء الطابق العلوي من المخ.. فقد نكون في حاجة لحلال المشاكل أو قد نكون في حاجة لمن يهدئنا.
واحتمال أن يشارك الجزء العلوي من المخ في أوقات القلق والخطر يكون أكثر في البالغين، ولا يحدث في الأطفال، وهذا يعني أن المخ السفلي يسيطر على أدمغة الأطفال بشكل أكبر، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة لنوبات الذعر والغضب الشديد كاستجابة لمثيرات صغيرة جداً، وذلك لأن الجزء العلوي من دماغ الطفل لم يكتمل نضجه، وفي الواقع لن يتم الانتهاء من بنائه حتى منتصف العشرينات، ولتوضيح هذا الأمر لأطفالك يمكن أن تسألهم هذا السؤال: "هل سبق أن رأيت أحد والديك يرتمي على الأرض في السوبر ماركت، ويصرخ لأنه يريد الشوكولاتة؟"، وبعد هذا السؤال سيتصاعد ضحك الأطفال، وهذا جيد لأنه يعني أنهم غير خائفين، وأنهم يفهمون ويشاركون ويتعلمون، وهنا يمكنك أن تكمل حديثك قائلاً: "الآباء في الواقع يحبون الشوكولاته مثلكم تماماً، ولكن حلالي المشاكل والمهدئين من المخ العلوي أكثر حضوراً، مما يقلل من دق ناقوس الخطر وانفجار نوبات الغضب، وهذه مهارات تتطلب ممارسة وتدريب، وأدمغة الأطفال ما زالت تبني وتتعلم من التجربة.
اقــرأ أيضاً
* من اللغة المشتركة إلى إدارة المشاعر
الآن أصبحت لديك لغة مشتركة يمكنك استخدامها لمساعدة طفلك على تعلم كيفية تنظيم (إدارة) مشاعره، وعلى سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "يبدو أن حامل جهاز الإنذار مستعد لإطلاق صافرة الإنذار، ولكن يمكننا أن نرسل رسالة لاستدعاء وتنشيط المهدئ، وذلك بأخذ نفس عميق عدة مرات".
هذه اللغة الجديدة يمكن أيضا أن تسمح للأطفال بأن يتحدثوا بحرية أكبر عن أخطائهم، لأنها تخلو من الحكم، ويمكنك أن تتخيل مدى صعوبة أن يقول الطفل: "أنا ضربت زميلي اليوم في المدرسة"، والأسهل لهم أن يقولوا: "إن حامل جهاز الإنذار هو الذي كان يقود، مما جعلني أشعر بالتهديد"، ورغم أن هذه اللغة تجعل الآباء يقلقون من أن يتنصل الأطفال من مسؤوليتهم عن أفعالهم، ويجدوا لها مبرراً، ولكن هذه الطريقة تهدف لتعليم الأطفال طرقا وظيفية لإدارة المشاعر الكبيرة، ولن يحدث هذا بدون التحدث حول الأشياء التي حدثت بشكل خاطئ، وهذا الأسلوب يشجع الأطفال على التحدث عن أخطائهم معك، مما يجعل عندك فرصة للتدخل ومساعدتهم على إيجاد حلول لمشكلتهم، فليس المقصود أن يفلتوا من العواقب ويتنصلوا من المسؤولية، ولكن المقصود هو الوصول لحلول واستراتيجيات تساعد على تجنب الخطأ في المستقبل، وذلك من خلال طرح أسئلة مثل "هل تعتقد أن هناك أي شيء يمكن أن تفعله لمساعدة حامل جهاز الإنذار ليظل على اتصال بالمهدئ وحلال المشاكل؟".
لا تقتصر الفائدة فقط على أن تعلم طفلك كيفية التحكم في مشاعره في أوقات التهديد، ولكن هذه الطريقة تساعدك أيضاً على التفكير في كيفية الاستجابة عندما يغمر طفلك الخوف أو الغضب أو الحزن، وعادة في هذه الأوقات يطلب الوالدان من طفلهما أن يهدأ، ولكن بعد التعرف إلى آليات العمل في المخين العلوي والسفلي فإنه يمكننا أن ندرك أن المخ العلوي في هذه اللحظات (بما في ذلك المهدئ) يكون خارج الخدمة، وغالباً يكون طفلك قد تجاوز النقطة التي يمكن أن يساعد نفسه فيها على التهدئة، وفي هذه اللحظات يجب على الآباء (المدرسين أو مقدمي الرعاية) مساعدة الأطفال على استعادة تشغيل الجزء العلوي من المخ، ويمكننا القيام بذلك من خلال التعاطف والصبر، وأخذ نفس عميق مع أنفسنا.
اقــرأ أيضاً
* ماذا تتوقع؟
لا تتوقع نقل جميع الشخصيات إلى دماغك وترتيبها في نفس اليوم؛ فالانتقال لبيت جديد يأخذ وقتا، وكذلك التعلم عن طريقة عمل المخ.. فلا تتوقع نتيجة سريعة، ولكن ابدأ المحادثة وراجعها، وقد ترغب في العثور على طرق مبتكرة لاستكشاف المخ مع طفلك، وإليك بضعة أفكار لمساعدتك على البدأ:
1. ارسم بيت الدماغ، وسكن جميع الشخصيات به.
2. ارسم صورة للمنزل عندما يسيطر الطابق السفلي.
3. اعثر على شخصيات كرتونية، وقصها وألصقها في الطابقين السفلي والعلوي.
4. اكتب قصصا حول مغامرات الشخصيات في بيت الدماغ.
5. استخدم بيت الدمية (أو إذا لم يكن لديك بيت للدمية، فيمكنك استخدام صندوقين للأحذية، أحدهما فوق الآخر) ليمثلا الطابق السفلي والطابق العلوي.
6. يمكنك التفكير في طرق إبداعية أخرى لاستكشاف بيت الدماغ.
والمهم أن تجعل النشاط ممتعًا وحيويًا، سيستمتع الأطفال ويلعبون، ولن يدرك الأطفال أنهم يتعلمون أسس الذكاء الوجداني من خلال اللعب.
أحيانًا تصبح أدمغتنا مكتظة بمشاعر الخوف أو الحزن أو الغضب، وعندما يحدث ذلك، يكون الأمر مربكًا، خاصة للأطفال، لذا فإن إعطاء الأطفال طرقًا لفهم ما يحدث في الدماغ أمر مهم، ومن المفيد أيضًا أن يتعلم الأطفال مفردات تساعدهم في التعبير عن تجاربهم الشعورية؛ مما يمكن الآخرين من فهمها، بحيث يصبح كل أعضاء العائلة يتحدثون نفس اللغة، مما ييسر سبل التواصل بينهم، ويقدم لك هذا المقال نموذجا مبتكرا لكيفية عمل الدماغ بطريقة بسيطة أشبه ما تكون بالحكاية مما يسهل فهمها على الجميع صغاراً وكباراً، وبالتالي يساعد في تمكين الأطفال من تعلم طرق وظيفية لإدارة مشاعرهم الكبيرة.
* كيف يعمل الدماغ؟
- الدماغ يشبه المنزل المكون من طابقين (علوي وسفلي)
أخبر الأطفال أن أدمغتهم مثل المنزل المكون من طابقين.. طابق علوي وطابق سفلي، وهذه الفكرة مأخوذة من الدكتورة دان سيجيل وكتاب تينا باين بريسون The Whole-Brain Child، وهي طريقة بسيطة لمساعدة الأطفال على التفكير في ما يدور داخل رأسهم.
- الخطوة الثانية هي رسم ملامح سكان المنزل
أخبرهم قصصا عن الشخصيات التي تعيش في الطابق العلوي، والأشخاص الذين يعيشون في الطابق السفلي.
فالطابق العلوي به الأشخاص الذين يمثلون وظائف القشرة المخية الحديثة (neocortex) أو عقلنا المفكر (Thinking brain)، أما الطابق السفلي فيسكنه الجهاز الحوفي القديم (limbic system) أو ما يمكننا أن نطلق عليه عقلنا الشعوري (Feeling brain).
- من يعيش في الطابق العلوي ومن يعيش في الطابق السفلي؟
يسكن الطابق العلوي "فريد المفكر"، و"تامر حلال المشاكل" و"إبراهيم المخطط" و"سامي منظم المشاعر" و"بهاء المنظم" و"رأفت المبدع"، وهذه أمثلة للأسماء التي يمكنك أن تلقب بها الأشخاص الذين يقطنون الطابق العلوي، وبالطبع يمكنك أن تعطيهم – بالتشارك مع أطفالك – أسماء أخرى لطيفة ومحببة لهم.
أما الطابق السفلي فيسكنه الحساسون، وهؤلاء يركزون بشكل كبير في الحفاظ على سلامتنا والتأكد من تلبية احتياجاتنا، وغريزة البقاء الخاصة بنا تنشأ من هذا الطابق، وهذه الشخصيات تراقب الأخطار، وتصدر الإنذار، وتتأكد أننا مستعدون للقتال أو الهرب أو الاختباء عندما نواجه تهديدًا، ويمكنك أيضاً أن تخترع أسماء لشخصيات الطابق السفلي.
يمكنك أن تختار أسماء الأولاد والبنات، أو أسماء الحيوانات، أو أسماء أبطال الرسوم المتحركة، ولا يهم ما تختاره من أسماء، والمهم أن تعثر على لغتك المشتركة الفريدة لهذه الوظائف الدماغية وتشاركها مع أطفالك.
- العلاقة بين الطابق العلوي والطابق السفلي
تعمل أدمغتنا بشكل أفضل عندما يكون هناك تنسيق بين الطابق العلوي والطابق السفلي معًا، وفي هذه الحالة يكون السلم بين الطابقين مشغولا جدًا بأشخاص يصعدون ويهبطون بين سكان الطابقين وهم يحملون رسائل مهمة للتنسيق بين الطابقين، ويساعد هذا في اتخاذ خيارات جيدة، وتكوين صداقات، والتوافق مع أشخاص آخرين، والتوصل إلى ألعاب مثيرة، وتهدئة أنفسنا، وإخراجنا من المواقف المزعجة.
ولكن في بعض الأحيان، في حالة المخاطر على سبيل المثال، يحدث تنبيه للطابق السفلي؛ مما يجعله يأخذ اليد العليا، وفي هذه الحالة من الخوف والذعر، يبدأ الطابق السفلي في دق ناقوس الخطر لإخبار جسمك أن يكون مستعدًا للخطر، وتحت سيطرة الطابق السفلي لا يعود الطابق العلوي للعمل بشكل صحيح مرة أخرى إلا عندما نكون خارج نطاق الخطر، وهذا يعني أنه في حالة الخطر تتعطل السلالم التي تسمح بالاتصال بين الطابق العلوي والطابق السفلي.
- كيف تكون سيطرة الطابق السفلي مهمة لحمايتك؟
عندما يصنع جميع سكان المنزل ضجيجًا يجعل من الصعب سماع أي شخص، ففي هذه الحالة يقوم أعضاء الطابق السفلي بإبقاء الدماغ في أعلى السلم هادئًا، حتى يتمكن أهل الطابق السفلي من تجهيز الجسم للخطر، ويمكن أيضاً أن يرسل سكان الطابق السفلي رسائل تنشط أجزاء من الجسم، وتثبط أجزاء أخرى، حيث يمكنهم أن يجعلوا القلب ينبض أسرع ليمكننا من الجري بسرعة، ويجعلوا عضلاتنا جاهزة للقتال بأقصى ما تستطيع، ويمكنهم أن يجعلوا أجزاء من جسدنا تسكن حتى نتمكن من الاختباء من الخطر، وهذه هي الاستراتيجيات التي نمتلكها للتعامل مع الأخطار (الهجوم أو الهروب أو التجمد).
وفي هذه المرحلة يمكنك أن تطلب من طفلك أن يتخيل كيف ستكون ردود فعله أكثر أمانًا إذا تعرض للأخطار، ولكن حاول استخدام أمثلة لن تحدث في الواقع، وذلك حتى يستطيع الأطفال تخيل هذه المواقف بطريقة مرحة وبدون أن يشعروا بالرعب، فيمكنك مثلا أن تقول لطفلك: تخيل ماذا سيفعل الأشخاص الموجودون في الطابق السفلي من دماغك إذا قابلت ديناصورًا في الملعب.
- تعطل الطابق العلوي يحدث في أوقات الخطر
فكر في بعض الأمثلة التي يمكنك مشاركتها مع طفلك، ولكن احرص على اختيار أمثلة غير مخيفة حتى لا تجعل أطفالك يشعرون بالقلق الشديد، وكلما كان المثال قريبا منهم وعايشوه.. ساعدهم هذا على الفهم.. ويمكنك مثلا أن تذكر المثال التالي: "هل تتذكرون عندما كنت أبحث عن مفتاح السيارة ونحن متأخرون عن موعد المدرسة.. هل تذكرون أنني ظللت أبحث في نفس المكان مراراً وتكراراً.. لماذا كنت أفعل ذلك؟ كنت أفعل ذلك لأني كنت أشعر بالتهديد، مما جعل الطابق السفلي يسيطر على دماغي، وعطل السلم بين الطابقين، وعطل عمل الطابق العلوي".
- ما الفارق بين مخ الأطفال والكبار؟
ذكرنا في المثال السابق أن أعضاء الطابق السفلي تسيطر في أوقات الخطر في أمخاخ الكبار والصغار، ولكننا حتى في أوقات الخطر ما زلنا في احتياج لبعض الأدوار المهمة من أجزاء الطابق العلوي من المخ.. فقد نكون في حاجة لحلال المشاكل أو قد نكون في حاجة لمن يهدئنا.
واحتمال أن يشارك الجزء العلوي من المخ في أوقات القلق والخطر يكون أكثر في البالغين، ولا يحدث في الأطفال، وهذا يعني أن المخ السفلي يسيطر على أدمغة الأطفال بشكل أكبر، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة لنوبات الذعر والغضب الشديد كاستجابة لمثيرات صغيرة جداً، وذلك لأن الجزء العلوي من دماغ الطفل لم يكتمل نضجه، وفي الواقع لن يتم الانتهاء من بنائه حتى منتصف العشرينات، ولتوضيح هذا الأمر لأطفالك يمكن أن تسألهم هذا السؤال: "هل سبق أن رأيت أحد والديك يرتمي على الأرض في السوبر ماركت، ويصرخ لأنه يريد الشوكولاتة؟"، وبعد هذا السؤال سيتصاعد ضحك الأطفال، وهذا جيد لأنه يعني أنهم غير خائفين، وأنهم يفهمون ويشاركون ويتعلمون، وهنا يمكنك أن تكمل حديثك قائلاً: "الآباء في الواقع يحبون الشوكولاته مثلكم تماماً، ولكن حلالي المشاكل والمهدئين من المخ العلوي أكثر حضوراً، مما يقلل من دق ناقوس الخطر وانفجار نوبات الغضب، وهذه مهارات تتطلب ممارسة وتدريب، وأدمغة الأطفال ما زالت تبني وتتعلم من التجربة.
* من اللغة المشتركة إلى إدارة المشاعر
الآن أصبحت لديك لغة مشتركة يمكنك استخدامها لمساعدة طفلك على تعلم كيفية تنظيم (إدارة) مشاعره، وعلى سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "يبدو أن حامل جهاز الإنذار مستعد لإطلاق صافرة الإنذار، ولكن يمكننا أن نرسل رسالة لاستدعاء وتنشيط المهدئ، وذلك بأخذ نفس عميق عدة مرات".
هذه اللغة الجديدة يمكن أيضا أن تسمح للأطفال بأن يتحدثوا بحرية أكبر عن أخطائهم، لأنها تخلو من الحكم، ويمكنك أن تتخيل مدى صعوبة أن يقول الطفل: "أنا ضربت زميلي اليوم في المدرسة"، والأسهل لهم أن يقولوا: "إن حامل جهاز الإنذار هو الذي كان يقود، مما جعلني أشعر بالتهديد"، ورغم أن هذه اللغة تجعل الآباء يقلقون من أن يتنصل الأطفال من مسؤوليتهم عن أفعالهم، ويجدوا لها مبرراً، ولكن هذه الطريقة تهدف لتعليم الأطفال طرقا وظيفية لإدارة المشاعر الكبيرة، ولن يحدث هذا بدون التحدث حول الأشياء التي حدثت بشكل خاطئ، وهذا الأسلوب يشجع الأطفال على التحدث عن أخطائهم معك، مما يجعل عندك فرصة للتدخل ومساعدتهم على إيجاد حلول لمشكلتهم، فليس المقصود أن يفلتوا من العواقب ويتنصلوا من المسؤولية، ولكن المقصود هو الوصول لحلول واستراتيجيات تساعد على تجنب الخطأ في المستقبل، وذلك من خلال طرح أسئلة مثل "هل تعتقد أن هناك أي شيء يمكن أن تفعله لمساعدة حامل جهاز الإنذار ليظل على اتصال بالمهدئ وحلال المشاكل؟".
لا تقتصر الفائدة فقط على أن تعلم طفلك كيفية التحكم في مشاعره في أوقات التهديد، ولكن هذه الطريقة تساعدك أيضاً على التفكير في كيفية الاستجابة عندما يغمر طفلك الخوف أو الغضب أو الحزن، وعادة في هذه الأوقات يطلب الوالدان من طفلهما أن يهدأ، ولكن بعد التعرف إلى آليات العمل في المخين العلوي والسفلي فإنه يمكننا أن ندرك أن المخ العلوي في هذه اللحظات (بما في ذلك المهدئ) يكون خارج الخدمة، وغالباً يكون طفلك قد تجاوز النقطة التي يمكن أن يساعد نفسه فيها على التهدئة، وفي هذه اللحظات يجب على الآباء (المدرسين أو مقدمي الرعاية) مساعدة الأطفال على استعادة تشغيل الجزء العلوي من المخ، ويمكننا القيام بذلك من خلال التعاطف والصبر، وأخذ نفس عميق مع أنفسنا.
* ماذا تتوقع؟
لا تتوقع نقل جميع الشخصيات إلى دماغك وترتيبها في نفس اليوم؛ فالانتقال لبيت جديد يأخذ وقتا، وكذلك التعلم عن طريقة عمل المخ.. فلا تتوقع نتيجة سريعة، ولكن ابدأ المحادثة وراجعها، وقد ترغب في العثور على طرق مبتكرة لاستكشاف المخ مع طفلك، وإليك بضعة أفكار لمساعدتك على البدأ:
1. ارسم بيت الدماغ، وسكن جميع الشخصيات به.
2. ارسم صورة للمنزل عندما يسيطر الطابق السفلي.
3. اعثر على شخصيات كرتونية، وقصها وألصقها في الطابقين السفلي والعلوي.
4. اكتب قصصا حول مغامرات الشخصيات في بيت الدماغ.
5. استخدم بيت الدمية (أو إذا لم يكن لديك بيت للدمية، فيمكنك استخدام صندوقين للأحذية، أحدهما فوق الآخر) ليمثلا الطابق السفلي والطابق العلوي.
6. يمكنك التفكير في طرق إبداعية أخرى لاستكشاف بيت الدماغ.
والمهم أن تجعل النشاط ممتعًا وحيويًا، سيستمتع الأطفال ويلعبون، ولن يدرك الأطفال أنهم يتعلمون أسس الذكاء الوجداني من خلال اللعب.