تُعرف متلازمة الشعور بالدونية أو النقص (متلازمة المحتال) بأنها حالة يشعر فيها الشخص داخليًا بالقلق وعدم تحقيق النجاح، على الرغم من الأداء العالي والإنجازات الفعلية. غالبًا ما تؤدي هذه الحالة إلى شعور الأشخاص بأنهم "أقل من غيرهم"، مع التشكيك في أنفسهم وقدراتهم، وأنهم لا يستحقون أي مكانة، فلا يشعر الشخص بالثقة أو الكفاءة، بغض النظر عما يحققه، ولا يتذوقون أي فرحة بأي نجاح يحققونه بسبب شعورهم الدائم بعدم الاستحقاق والكفاءة.
سنقدم لك في هذا المقال بعض المعلومات عن متلازمة الشعور بالدونية أو النقص، وأسبابها، وكيفية مواجهتها.
أسباب متلازمة الشعور بالدونية أو النقص
تعتبر متلازمة الشعور بالدونية أو النقص نوعًا من أنواع التشوهات المعرفية التي تجعل الشخص يشك في مهاراته وإنجازاته وسجله الحافل، ولكن من أين يأتي هذا الشك والتشويه؟ على الرغم من أنها يمكن أن تؤثر على الصحة العقلية للشخص، فإننا لا يمكن اعتبار متلازمة الشعور بالدونية أو النقص أنها حالة نفسية بشكل رسمي.
أظهرت الأبحاث أنمتلازمة الشعور بالدونية أو النقص تحدث بسبب مجموعة من العوامل:
1. البيئة الأسرية
فقد يكون الآباء أو أفراد الأسرة الآخرون قد ركَّزوا بشكل كبير على الإنجاز أو كانوا ينتقدونه بشكل مُفْرط، فعلى سبيل المثال: هرعت فتاة إلى المنزل لتخبر والديها أنها حصلت على 98 من 100 في اختبار الرياضيات، فهي فخورة بنفسها، ويتفاخر والداها دائمًا لأصدقائهما بإنجازاتها، ولكن عندما أخبرت سام والديها بحماسة بالنتيجة، قالوا: ماذا حدث؟ لماذا لم تحصلي على الدرجة النهائية؟!
2. الضغوط الاجتماعية
أن تكون جزءًا من دائرة اجتماعية أو مجموعة يرتبط تقبل الآخرين لك وقيمتك مرتبطة بشكل صريح بالإنجاز، فعلى سبيل المثال: تَلقّى موظفٌ دعوةً إلى عشاء المديرين التنفيذيين الشهري فور تجاوزه سجل مبيعاته، وكان بطل فريق المبيعات في آخر ثلاث شهور، ولكن انخفضت مبيعاته لسبب غير معلوم في الثلاثة أشهر التالية، فلم يتلق أي دعوة، وتعاملوا معه على أنه غير موجود.
3. الشعور بعدم الانتماء
وجود ظرف معيَّن كاللغة أو العِرْق أو الجنس أو الوضع الاقتصادي أو الدين، قد يجعل الشخص يشعر بأنه مختلف أو مستبعَد من المحيطين به، كما يمكن للشخص أن يحمل هذا الشعور المستمر بعدم الانتماء لفترة طويلة حتى بعد تجاوز تلك الظروف.
4. الشخصية
ترتبط بعض أنواع الشخصيات بالاستسلام بشكل كبير لمشاعر الضغط والشك والفشل، مثل بعض الشخصيات شديدة الانطوائية، والتي تميل إلى معالجة مشاعرها داخليًا بدلاً من العمل على التواصل الخارجي، مما يزيد بعض الأفكار السلبية.
5. البدء في عمل جديد أو نشاط جديد
يمثّل الانتقال إلى مرحلة جديدة في العمل أو الدراسة تحديًا كبيرًا قد يضيف المزيد من الضغوط النفسية، مما يؤدي إلى ظهور متلازمة المحتال.
عوامل الخطر
يمكن لأي شخص أن يعاني من متلازمة الشعور بالدونية أو النقص، ومع ذلك قد تكون بعض المجموعات أكثر عُرضة لتلك المشاعر أكثر من غيرها، مثل:
- الطلاب.
- السيدات.
- المراهقين والشباب.
- الأقليات عِرْقيًا.
- من يعانون من الاكتئاب والقلق.
سِمات متلازمة المحتال
كلنا نشك في أنفسنا في بعض الأحيان، ولكن هناك سِمات معيّنة لمتلازمة الشعور بالدونية أو النقص مثل:
- عدم الثقة بالنفس: يؤدي الافتقار إلى تقدير الذات إلى استمرار مشاعر القلق بشأن قدرتهم على النجاح، فيُنظر إلى النجاح في العمل على أنه هدف بعيد المنال ومحفوف بالمخاطر، وليس حقيقة يمكن تحقيقها بالتركيز والتفاني.
- التقليل من قيمة المساهمات: الأشخاص الذين يعانون من متلازمة المحتال يقللون دائمًا من قيمة إنجازاتهم، مما يؤدي إلى شعور دائم بعدم الكفاءة.
- إرجاع النجاح إلى عوامل خارجية: تتسبب متلازمة المحتال في أن يعزو الناس إنجازاتهم إلى عوامل ظرفية خارجة عن إرادتهم.
- عندما يُقدّم أعضاء الفريق ملاحظات إيجابية في شكل مدح أو زيادة أو ترقية، تجد الأشخاص الذين يعانون من متلازمة المحتال ينسبون التأثير الإيجابي الذي أحدثوه إلى الصدفة، أو الحظ السعيد أو مساهمات زملائهم في العمل.
- الخوف المستمر من عدم الارتقاء إلى مستوى التوقعات: فيشعرون كما لو أنهم غير قادرين على تحقيق التوقعات التي حددوها، على الرغم من بذلهم قصارى جهدهم، فإنهم يرون هذه التوقعات على أنها عبء لا يمكنهم التخلص منه، بدلاً من التحدي الذي يسعدهم التغلب عليه.
أنواع متلازمة الشعور بالدونية أو النقص
هناك 5 أنواع لمتلازمة الشعور بالدونية أو النقص، وهي:
1- السَّاعي إلى الكمال:
كما يشير الاسم، يجب أن يتأكد هذا النوع من أن كل شيء يتم على أكمل وجه، فالسَّاعي للكمال دائمًا ما يكون متحمّسًا لتحقيق المزيد من النجاح والنتائج الأفضل والمكانة الأعلى.
يؤدي السعي إلى الكمال إلى الشعور بعدم الرضا، بغض النظر عن مقدار العمل الشاق الذي يقومون به، والأهداف الطموحة التي يحققونها.
2- الشخص الخارق
يزدهر هذا النوع في إظهار قدرتهم على القيام بالكثير من العمل في فترة زمنية قصيرة، فهم على استعداد للعمل لساعات إضافية لإرضاء زملائهم ومديرهم، فهم يحاولون إثبات أنهم قادرون على التعامل مع أي شيء.
3- العبقرية
وهنا يكون الشخص دائماً يتعلم مهارات جديدة ويعتقد أنه يجب أن يفهم ويتقن جميع المهارات بسهولة، ويعتقد أن جميع الأشخاص وخصوصاً منافسيه يمكنهم التعامل مع أي شي بسهولة مثله، مما يجعله يشعر بالذنب إن واجه بنفسه أي صعوبة تذكر ويعتقد بأنه لا يستحق المكانة التي وصل إليها.
4- العازف المنفرد
لا يهتم هذا النوع بالحصول على دعم من الآخرين للقيام بعملهم، ومع ذلك، فإن العازف المنفرد لا يحب أن يساعده الآخرون، فيؤدي طلب المساعدة إلى جعلهم عرضة لخطر الفشل، والدخول في دائرة فقدان الثقة بقدراتهم، وما يمكنهم فعله.
5- الخبير
يشعر هذا النوع بالحاجة الضرورية إلى امتلاك كل المعرفة والخبرة قبل محاولة العمل، فقد ينتقدون الآخرين من حولهم الذين "يعملون للتعلم"، فيتملكهم دائما الخوف من النقص.
كيفية علاج متلازمة الشعور بالدونية أو النقص
لا يوجد علاج طبي معتمَد على نطاق واسع لمتلازمة الشعور بالدونية أو النقص، نظرًا لأنها ليست حالة صحية نفسية بشكل رسمي، ومع ذلك فهناك عدة طرق للتعامل معها:
- أولاً: ضع في اعتبارك ما إذا كانت تجربتك مع متلازمة الشعور بالدونية أو النقص وقتية عندما تصل إلى مرحلة مهمة من العمل مثلًا، أم أنها ثابتة ومتفشية، فإذا كانت مشاعرك تتدخل في أفكارك أو تستحوذ على يومك بالكامل، فقد يلزمك التواصل مع مقدم الرعاية الصحية. سيكون قادرًا على إحالتك إلى اختصاصيّ رعاية الصحة النفسية الذي يمكنه تحليل وضعك.
- ثانيًا: العلاج النفسي أو العلاج بالمحادثة الذي يهدف إلى مساعدة الشخص على معالجة أفكار وسلوكيات معيّنة.
- ثالثًا: العلاج السلوكي المعرفي وهو نوع من العلاج النفسي يهدف إلى تحديد الأنماط السلبية للتفكير والسلوك، وتحسين مهارات التأقلم.
- الاستشارة الجماعية أو العلاج داخل مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من مشكلة مماثلة.
قد يكون الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الشعور بالدونية أو النقص مُعرَّضين لخطر الإصابة بمشكلات الصحة النفسية الأخرى، مثل القلق والاكتئاب والإرهاق.
10 نصائح للتعامل مع متلازمة الشعور بالدونية أو النقص
فيما يلي بعض النصائح الأخرى التي يمكنك استخدامها عند مواجهة أي نوع من مشاعر متلازمة الشعور بالدونية أو النقص:
- افهم الصوت: يمكن أن يساعد تقييم الأفكار بشكل إيجابي في الكشف عن الأصوات المختلفة التي تمنعك من التقدم.
- قيِّم الأدلة: اكتب قائمة بسيطة من عمودَين، قائمة عنوانها "الدليل على أنني غير ملائم"، وعلى الجانب الآخر "الدليل على كفاءتي". تمكّنك هذه القائمة من مكافحة متلازمة المحتال من خلال جمع دليل على كفاءتك والاعتراف به والتفكير فيه.
- أعد التركيز على القيم: خذ تركيزك بعيدًا عن العلامات الخارجية للنجاح أو الإنجاز، وذكّر نفسك بما يهمك حقًا.
- أعد النظر في مفهوم النضج: الحياة والعمل رحلة، لا يمكنك أن تنمو أو تتعلم أو تحرز تقدمًا دون أن تزيد من نضجك.
- اخْرُج من عقلك: يسير اجترار المشاعر السلبية جنبًا إلى جنب مع متلازمة المحتال، فعليك البحث عن شخص ما للتحدث معه، أو اكتب مخاوفك.
- مارِس التعاطف مع الذات: لا تضغط على نفسك، فالآن وبعد أن فهمت من أين يأتي الشك والشعور بعدم الاستحقاق، امنح نفسك الفضل والرحمة على المدى الذي وصلت إليه.
- كن لطيفًا مع نفسك: أنت إنسان، يخطئ ويصيب.
- ضع الفشل في منظوره الصحيح: فبدلًا من التركيز على فشلك وتحديده بشكل مجرد، خذ وقتًا في تدوين النتائج المحتملة إذا فشل جزءٌ من جهدك، فعدم نجاحك ليس نهاية العالم، لذلك حاوِل التعلم من إخفاقاتك
- مارس اليقظة الذهنية: استخدم تمارين اليقظة الذهنية لتضع نفسك في الحاضر، فهي نقطة انعكاس تمكّنك من التعرف على القدرات التي لديك، والتي استخدمتها للوصول بنجاح إلى هذه النقطة.
- ابحث عن تعليقات من أشخاص تثق بهم وتحترمهم، سيساعدك هذا الأمر على التخلي عن التساؤل عما يفكّر فيه الآخرون بشأنك.
المصادر:
1- https://www.health.com/imposter-syndrome-7480745
3-https://www.verywellmind.com/imposter-syndrome-and-social-anxiety-disorder-4156469