صحــــتك

تعريف الذكاء وتاريخ تطور المفهوم

الذكاء

إن تحديد وتصنيف الذكاء أمر معقد للغاية. تراوح نظريات الذكاء من امتلاك ذكاء عام واحد، إلى بعض القدرات العقلية الأولية، وذكاءات متعددة خاصة بفئة معينة.
بعد إنشاء مقياس Binet-Simon في أوائل القرن العشرين، أصبحت اختبارات الذكاء، التي يشار إليها الآن باسم اختبارات حاصل الذكاء (IQ)، هي المقياس الأكثر شهرة واستخدامًا لتحديد ذكاء الفرد.
على الرغم من أن هذه الاختبارات هي أدوات موثوقة وصالحة بشكل عام، إلا أنها تحتوي على عيوب لأنها تفتقر إلى الخصوصية الثقافية ويمكن أن تثير تهديد الصورة النمطية ونبوءات تحقق ذاتها.
عادةً ما يتم توزيع درجات معدل الذكاء بشكل طبيعي، ما يعني أن 95% من السكان حصلوا على درجات بين 70 و130. ومع ذلك، هناك بعض الأمثلة المتطرفة لأشخاص تجاوزت درجاتهم 130 أو أقل بكثير من 70.

ما هو الذكاء؟

قد يبدو من غير المجدي تعريف مثل هذه الكلمة البسيطة. بعد كل شيء، لقد سمعنا جميعًا هذه الكلمة مئات المرات، وربما لدينا فهم عام لمعناها. ومع ذلك، كان مفهوم الذكاء موضوع نقاش واسع بين أعضاء مجتمع علم النفس لعقود.


تم تعريف الذكاء بعدة طرق:

  • قدرات المستوى الأعلى (مثل التفكير المجرد، والتمثيل العقلي، وحل المشكلات، واتخاذ القرار).
  • القدرة على التعلم. 
  • المعرفة العاطفية.
  • الإبداع.
  • التكيف لتلبية متطلبات البيئة بشكل فعال.

عرّف عالم النفس روبرت ستيرنبرغ الذكاء بأنه "القدرات العقلية اللازمة للتكيف مع أي سياق بيئي وتشكيله واختياره.

 

تاريخ موجز للذكاء

تعود دراسة الذكاء البشري إلى أواخر القرن التاسع عشر عندما أصبح السير فرانسيس غالتون (ابن عم تشارلز داروين) من أوائل الأشخاص الذين درسوا الذكاء.

كان غالتون مهتمًا بمفهوم الفرد الموهوب، لذلك أنشأ مختبرًا لقياس أوقات رد الفعل والخصائص الفيزيائية الأخرى لاختبار فرضيته القائلة بأن الذكاء هو قدرة عقلية عامة أنتجها التطور البيولوجي.

افترض غالتون أنه نظرًا لأن السرعة والسمات الجسدية الأخرى كانت مفيدة من الناحية التطورية، فإنها ستوفر أيضًا مؤشرًا جيدًا على القدرة العقلية العامة.

وهكذا، قام غالتون بقياس الذكاء بوقت رد فعل، وهذه العملية تسمى التفعيل، وهي عملية مهمة في البحث تتضمن تعريف ظاهرة غير قابلة للقياس (مثل الذكاء) بمصطلحات قابلة للقياس (مثل وقت رد الفعل)، ما يسمح بدراسة المفهوم تجريبيًا.

مهدت دراسة غالتون للذكاء في بيئة المختبر وتنظيره لتوريث الذكاء الطريق لعقود من البحث والنقاش المستقبلي في هذا المجال.

نظريات الذكاء

يجادل بعض الباحثين بأن الذكاء هو قدرة عامة، بينما يؤكد آخرون أن الذكاء يشمل مهارات ومواهب محددة. يؤكد علماء النفس أن الذكاء وراثي أو موروث، ويدعي آخرون أنه يتأثر إلى حد كبير بالبيئة المحيطة.

نتيجة لذلك، طور علماء النفس العديد من النظريات المتناقضة للذكاء، وكذلك الاختبارات الفردية التي تحاول قياس هذا المفهوم بالذات.

الذكاء العام - سبيرمان

يشير الذكاء العام General، المعروف أيضًا باسم عامل g، إلى قدرة عقلية عامة، وفقًا لسبيرمان، تقوم على مهارات محددة متعددة، بما في ذلك اللفظية والمكانية والعددية والميكانيكية.

أسس تشارلز سبيرمان، عالم النفس الإنكليزي، نظرية الذكاء ذات العاملين في عام 1904، وللوصول إلى هذه النظرية، استخدم سبيرمان تقنية تُعرف باسم تحليل العوامل، وتحليل العامل هو إجراء يتم من خلاله تقييم ارتباط المتغيرات ذات الصلة للعثور على عامل أساسي يفسر هذا الارتباط.

في حالة الذكاء، لاحظ سبيرمان أن أولئك الذين حققوا أداءً جيدًا في مجال واحد من اختبارات الذكاء (على سبيل المثال، الرياضيات)، حققوا أداءً جيدًا أيضًا في مجالات أخرى (مثل تمييز درجة الصوت).

بعبارة أخرى، كان هناك ارتباط قوي بين الأداء الجيد في الرياضيات والموسيقى، ثم أرجع سبيرمان هذه العلاقة إلى عامل مركزي، وهو الذكاء العام.

خلص سبيرمان إلى أن هناك عامل g واحدا يمثل الذكاء العام للفرد عبر قدرات متعددة، وأن العامل الثاني، s، يشير إلى قدرة محددة للفرد في منطقة معينة.

القدرات العقلية الأساسية لثورستون

تحدى ثورستون Thurstone (1938) مفهوم العامل g. بعد تحليل البيانات من 56 اختبارًا مختلفًا للقدرات العقلية، حدد عددًا من القدرات العقلية الأولية التي تشتمل على الذكاء، مقابل عامل عام واحد.

القدرات العقلية الأساسية السبع في نموذج ثورستون هي:

  • الفهم اللفظي.
  • الطلاقة اللفظية.
  • تسهيل الأرقام.
  • التصور المكاني.
  • السرعة الإدراكية.
  • الذاكرة.
  • الاستدلال الاستقرائي.
  • وصف القدرة العقلية
القدرة العقلية الوصف
طلاقة الكلام القدرة على استخدام الكلمات بسرعة والطلاقة في أداء مهام مثل القافية والجناس وحل الكلمات المتقاطعة
الفهم اللفظي القدرة على فهم معاني الكلمات والمفاهيم والأفكار.
القدرة العددية القدرة على استخدام الأرقام بسرعة لإيجاد إجابات على المسائل الحسابية.
التصور المكاني القدرة على تصور ومعالجة الأنماط والأشكال في الفضاء.
سرعة الإدراك الحسي القدرة على فهم التفاصيل الحسية بسرعة وبدقة وتحديد أوجه التشابه والاختلاف بين المحفزات.
ذاكرة القدرة على تذكر المعلومات مثل القوائم أو الكلمات والصيغ الرياضية والتعريفات.
الاستدلال الاستقرائي القدرة على استنباط القواعد والمبادئ العامة من المعلومات المقدمة.

 

على الرغم من أن ثورستون لم يرفض فكرة سبيرمان عن الذكاء العام تمامًا، فقد افترض بدلاً من ذلك أن الذكاء يتكون من قدرة عامة وعدد من القدرات المحددة، ما يمهد الطريق للبحث المستقبلي الذي فحص الأشكال المختلفة للذكاء.

 

الذكاءات المتعددة لغاردنر

بعد عمل ثورستون، بنى عالم النفس الأميركي هوارد غاردنر فكرة أن هناك أشكالًا متعددة من الذكاء.

اقترح أنه لا يوجد ذكاء واحد، ولكن توجد ذكاءات متعددة مستقلة، يمثل كل منها مهارات ومواهب فريدة ذات صلة بفئة معينة.

اقترح غاردنر (1983، 1987)، في البداية سبع ذكاءات متعددة هي:

  1. اللغوي
  2. المنطقي- الرياضي
  3. المكاني
  4. الموسيقي
  5. الحركي الجسدي
  6. بين شخصي وداخل الشخصي
  7. الذكاء الطبيعي.

يعتقد غاردنر أن معظم الأنشطة (مثل الرقص) ستشمل مزيجًا من هذه الذكاءات المتعددة (مثل الذكاءات المكانية والجسدية الحركية). كما يقترح أن هذه الذكاءات المتعددة يمكن أن تساعدنا في فهم مفاهيم تتجاوز الذكاء، مثل الإبداع والقيادة.

وعلى الرغم من أن هذه النظرية قد استحوذت على اهتمام مجتمع علم النفس والجمهور الأكبر، إلا أن لها عيوبها.

كان هناك عدد قليل من الدراسات التجريبية التي تختبر هذه النظرية بالفعل، وهذه النظرية لا تأخذ في الحسبان أنواعًا أخرى من الذكاء بخلاف تلك التي ذكرها غاردنر.

النظرية الثلاثية للذكاء

بعد عامين فقط، في عام 1985، اقترح روبرت ستيرنبرغ نظرية ذكاء من ثلاث فئات، تدمج المكونات التي كانت تفتقر إليها نظرية غاردنر. تستند هذه النظرية إلى تعريف الذكاء باعتباره القدرة على تحقيق النجاح بناءً على معاييرك الشخصية وسياقك الاجتماعي والثقافي.

وفقًا للنظرية الثلاثية، فإن للذكاء ثلاثة جوانب:

  1. تحليلي
  2. إبداعي
  3. عملي

الذكاء التحليلي

يشار إليه أيضًا باسم ذكاء المكونات، وهو الذكاء الذي يتم تطبيقه لتحليل أو تقييم المشكلات والتوصل إلى حلول. هذا هو مقياس اختبار الذكاء التقليدي.

الذكاء الإبداعي

هو القدرة على تجاوز ما يتم تقديمه لخلق أفكار جديدة ومثيرة للاهتمام. يتضمن هذا النوع من الذكاء الخيال والابتكار وحل المشكلات.

الذكاء العملي

هو القدرة التي يستخدمها الأفراد لحل المشكلات التي يواجهونها في الحياة اليومية، عندما يجد الشخص الأنسب له ليتوائم مع متطلبات البيئة، ويحتاج التكيف مع البيئة إلى استخدام المعرفة المكتسبة من التجربة لتغيير الذات بشكل هادف لتلائم البيئة (التكيف)، أو تغيير البيئة لتناسب نفسه، أو إيجاد بيئة جديدة للعمل فيها (الاختيار).

أنواع أخرى من الذكاء

بعد فحص النظريات المتنافسة الشائعة للذكاء، يتضح أن هناك العديد من الأشكال المختلفة لهذا المفهوم الذي يبدو بسيطًا.

من ناحية، يدعي سبيرمان أن الذكاء قابل للتعميم عبر العديد من مجالات الحياة المختلفة، ومن ناحية أخرى، يعتقد علماء النفس مثل Thurstone وGardener وSternberg، أن الذكاء مثل شجرة لها العديد من الفروع المختلفة، كل منها يمثل شكلاً معينًا من أشكال الذكاء.

لجعل الأمور أكثر إثارة للاهتمام، دعنا نتعرف إلى بعض أنواع الذكاء.

الذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي هو "القدرة على مراقبة مشاعر الفرد ومشاعر الآخرين، والتمييز بين المشاعر المختلفة ووصفها بشكل مناسب، واستخدام المعلومات العاطفية لتوجيه التفكير والسلوك". الذكاء العاطفي مهم في حياتنا اليومية، وقد نتصور أنه بينما نختبر عاطفة أو أخرى في كل ثانية تقريبًا من حياتنا. فإنه لا يجوز ربط العواطف والذكاء بعضهما ببعض، لكنهما في الواقع مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.

يشير الذكاء العاطفي إلى القدرة على التعرف إلى معاني العواطف وحل المشكلات على أساسها، والمكونات الأربعة الرئيسية للذكاء العاطفي هي

  1. الوعي الذاتي.
  2. الإدارة الذاتية.
  3. الوعي الاجتماعي.
  4. إدارة العلاقات.

إذا كنت تتمتع بدرجة عالية من الذكاء العاطفي، يمكنك أن تدرك بدقة المشاعر في نفسك ونفوس الآخرين (مثل قراءة تعابير الوجه)، واستخدام العواطف للمساعدة في تسهيل التفكير ، وفهم المعنى الكامن وراء مشاعرك (لماذا تشعر بهذه الطريقة؟)، وتعرف كيفية إدارة عواطفك.

 

الذكاء السائل مقابل الذكاء المتبلور

اقترح ريموند كاتيل (1963)، لأول مرة مفاهيم الذكاء السائل والمتبلور وطور النظرية مع جون هورن.

  • الذكاء السائل

هو القدرة على حل المشكلات في المواقف الجديدة دون الرجوع إلى المعرفة السابقة، بل من خلال استخدام المنطق والتفكير المجرد. يمكن تطبيق الذكاء السائل على أي مشكلة جديدة لأنه لا يلزم معرفة مسبقة محددة. 

  • الذكاء المتبلور

يشير إلى استخدام المعرفة المكتسبة سابقًا، مثل الحقائق المحددة التي تم تعلمها في المدرسة أو المهارات الحركية المحددة أو الذاكرة العضلية. مع تقدمك في العمر وتراكم المعرفة، يزداد الذكاء المتبلور.

 

تشير نظرية Cattell-Horn (1966) عن الذكاء السائل والمتبلور إلى أن الذكاء يتكون من عدد من القدرات المختلفة التي تتفاعل وتعمل معًا لإنتاج ذكاء فردي شامل. وعلى سبيل المثال، إذا كنت تجري اختبارًا صعبًا في الرياضيات، فأنت تعتمد على ذكائك المتبلور لمعالجة الأرقام ومعاني الأسئلة، ولكن يمكنك استخدام الذكاء السائل لحل المشكلة الجديدة والوصول إلى الحل الصحيح. من الممكن أيضًا أن يصبح الذكاء السائل ذكاءً متبلورًا.

يمكن للحلول الجديدة التي تنشئها عند الاعتماد على الذكاء السائل، بمرور الوقت، أن تتطور إلى ذكاء متبلور بعد دمجها في الذاكرة طويلة المدى.

يوضح هذا بعض الطرق التي تتداخل فيها أشكال الذكاء المختلفة وتتفاعل بعضها مع بعض، ما يكشف عن طبيعتها الديناميكية.

 

 

المصادر

Ruhl , C. (2020, July 16). Intelligence: definition, theories and testing. Simply Psychology

Theories of Intelligence in Psychology - Verywell Mind

human intelligence | Definition, Types, Test, Theories, & Facts

آخر تعديل بتاريخ
29 أبريل 2022
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.