صحــــتك

اضطرابات النوم.. ليس كل الساهرين عشاقاً

اضطرابات النوم
ينامُ الجميِع يبقىَ عشَاقُ السَهرْ.. مِنهُم من ينظم شعرا
ومِنهُم مَن يقبل حبا.. ومِنهُم مَن يبكيِ ألفا وألفا
وكل يُغني على ليلاه
                                                                            نزار قباني

تبدو هذه الكلمات رومانسية للغاية، تصف حال المحبين الذين اختاروا أن يسهروا كل على طريقته. لكن هذ ليس حال كل الساهرين، فبعض الناس يعانون من اضطرابات تؤثر على نمط النوم الخاص بهم. هذه المجموعة من الاضطرابات تسمى باضطرابات الساعة البيولوجية Circadian Rhythm Disorders. هذه الساعة البيولوجية عادة ما يتم ضبطها خلال أول شهرين إلى ستة أشهر من حياة الإنسان، وهي تمثل ساعة الجسم الداخلية التي تنظم العمليات البيولوجية المختلفة التي تتم على مدار اليوم وكذلك عملية النوم والاستيقاظ.

تتميز هذه الاضطرابات باختلال أنماط النوم إما بسبب اضطراب الساعة الداخلية أو بسبب حدوث عدم توافق بين الساعة الداخلية والبيئة الخارجية في ما يتعلق بوقت ومدة النوم. يعاني المريض نتيجة لذلك من حدوث الأرق في بعض الأحيان والنعاس المفرط في أوقات أخرى، ما يؤثر على عمله وحياته الاجتماعية. 

ما هي أنواع هذه الاضطرابات؟

تشمل هذه الاضطرابات الأنواع الآتية:

1. اضطراب تأخر مرحلة النوم Delayed Phase Sleep Disorder:
يتميز هذا الاضطراب بتأخر بداية النوم، وبالتإلى عملية الاستيقاظ مقارنة بالحالة الطبيعية. عادة ما تظهر هذه المشكلة في المراهقين والشباب، والذين قد تصل نسبة وجود هذا الاضطراب فيهم إلى 7 بالمائة. قد يتأخر قدوم زائر النوم حتى الساعة الثانية صباحا. إذا تأخر الشخص في الاستيقاظ وحصل على القدر الكافي من النوم فقد لا يعاني من أعراض الحرمان من النوم. لكن مع الاحتياج للاستيقاظ مبكرا قد يؤثر هذا الحرمان على أداء هؤلاء الأفراد في الدراسة أو العمل.

عادة ما يتم تقيم هؤلاء الأفراد على أنهم كسإلى أو أن أداءهم ليس على المستوى المطلوب. لكن من المثير للاهتمام أن أفراد هذه المجموعة قد يكونون من أكثر الأفراد إنتاجا وإبداعا إذا أتيح لهم العمل بشكل متأخر أثناء الليل. لا توجد أسباب محددة لهذا الاضطراب، لكن قد يرجع الأمر إلى وجود تغيرات في البيئة الاجتماعية لهؤلاء الأشخاص، كما قد يعزى إلى وجود بعض الأسباب الوراثية. بالإضافة إلى ذلك، فقد أثبتت بعض الدراسات أن هناك علاقة بين هذا الاضطراب وبين اضطرابات الشخصية.

2. اضطراب مرحلة النوم المتقدم Advanced Phase Sleep Type Disorder:
هذه الحالة تعتبر على العكس تماما من الحالة السابقة. عادة ما ينام هذا الشخص مبكرا، ويستيقظ مبكرا بشكل يختلف عن الوضع الطبيعي. هذه المشكلة عادة ما تظهر في كبار السن من الجنسين الذين قد ينامون مبكرا للغاية (بين السادسة والتاسعة مساء) ليستيقطوا في الثانية إلى الخامسة صباحا.

يعاني هؤلاء الأشخاص من نعاس شديد في فترة ما بعد الظهيرة واستيقاظ مبكر للغاية، وهو ما يمكن أن يؤثر على أدائهم المهني والاجتماعي إذا كانت هذه الواجبات تتطلب منهم البقاء مستيقظين إلى وقت متأخر.

3. اضطراب عدم انتظام النوم والاستيقاظ Irregular Sleep-Wake Disorder:
يتميز هذا الاضطراب بعدم وجود دورات واضحة من النوم والاستيقاظ. الأفراد الذين يعانون من هذه المشكلة عادة قد ينامون على مدة عدة مرات خلال اليوم، بدلا من مرة واحدة طبيعية. على الرغم من ذلك، ففترة النوم الكاملة قد تكون طبيعية. هذا الاضطراب يظهر بشكل خاص مع بعض المشاكل العصبية مثل مرض ألزهايمر أو الأشكال الأخرى من الخرف.

هؤلاء الأشخاص قد يعانون من مشاكل اجتماعية وعاطفية بسبب هذه الحالة، فقد يواجهون صعوبة في الحفاظ على وظيفتهم أو رعاية أطفالهم، وهو ما قد يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب أو إلى تطور الاكتئاب إذا كان موجودا في هؤلاء الأشخاص. عادة ما تظهر هذه الحالة في كبار السن، المتقاعدين أو المصابين بأمراض مزمنة.

4. اضطراب اختلاف التوقيت Jet Lag Disorder:
هذا الاضطراب شائع للغاية. فهو يحدث بسبب التعارض بين ساعة الشخص البيولوجية من جهة وبين الدورة المفترضة نتيجة الانتقال إلى منطقة زمنية أخرى على الكوكب من جهة أخرى. عادة ما يحتاج المرء إلى بعض الوقت حتى يعتاد علي هذا التغيير ويستطيع العمل بشكل طبيعي في هذه المنطقة الجديدة. لكن إذا استمر الأرق لمدة تتجاوز الأسبوعين، فقد يحتاج هذا الشخص إلى طلب المشورة الطبية. بشكل عام، يعد السفر شرقا أصعب من السفر غربا نظرا لأن تقديم الساعة البيولوجية أسهل على الإنسان من إرجاعها إلى الخلف. بشكل عام، كلما زاد عمر الشخص عانى أكثر من هذه المشكلة.

يعاني هؤلاء الأشخاص من اضطراب في النوم، ونقص التركيز، وحالة عامة من التعب واضطراب النشاط أثناء اليوم. كما قد يعانون من اضطرابات في الجهاز الهضمي نتيجة تغير مواعيد تناول الوجبات. يمكنك العمل علي تقليل آثار هذا الاضطراب عن طريق محاكاة الجدول الزمني في المنطقة التي ستسافر إليها قبل السفر. كما أن الحركة وشرب الماء أثناء الرحلة، وتجنب الكافيين والكحوليات بصفة عامة قد تساعدك على تقليل الآثار الجانبية لهذه الحالة.

5. اضطراب تغير ورديات العمل Shift Work Disorder:
يتميز بحدوث الأرق أو النوم بشكل مكثف نتيجة تغير جدول العمل بشكل متكرر أو العمل في ورديات ليلية. يسبب هذا التغيير تضاربا مع الساعة البيولوجية، وقد يعاني بعض الأشخاص من عدم القدرة على الاستجابة لهذا التغيير. قد تقل ساعات النوم في هؤلاء الأشخاص من ساعة إلى أربع ساعات حتى بعد التعود على التغيير.

بصفة عامة، يتعرض العاملون في الورديات لاحتمال أكبر للإصابة بقرحة المعدة وأمراض القلب والرئتين. قد يتسبب هذا الاضطراب في حدوث العديد من الحوادث، كما قد يتسبب في الإصابة بالاكتئاب وحدوث اضطرابات في العلاقات الاجتماعية والعائلية.

قد يكون من المفيد للغاية لك إذا كنت تعاني من هذه المشكلة أن تتجنب الضوء الطبيعي عندما تستعد للنوم. كما قد تحتاج إلى ضبط البيئة المحيطة في غرفة النوم (الإضاءة والصوت). بالإضافة إلى ذلك، من المفيد أن يتم ضبط جدول النوم طبقا لاحتياجاتك الخاصة (مثل احتياجك لرعاية أطفالك)، وتدعيم عادات النوم السليمة وممارسة تقنيات الاسترخاء.

الدعم الأسري كذلك مطلوب، عليك أن تخبر عائلتك بحاجتك إلى النوم المستمر دون أي عوامل يمكن أن تقطع هذا النوم أثناء النهار. قد تحتاج أيضا إلى تناول بعض العقاقير طبقا لوصف الطبيب لتحسن جودة النوم أثناء النهار أو لزيادة الانتباه والتركيز أثناء ساعات العمل.

  • كيف يتم تشخيص هذه الاضطرابات؟

تشخيص هذه الاضطرابات ليس بالأمر السهل، وغالبا ما يحتاج إلى طلب المشورة من متخصص في أمراض النوم. قد يتطلب الأمر الاحتفاظ بسجل عن تاريخ النوم لفترة تراوح بين أسبوع وأسبوعين. كما أنه من الضروري استبعاد أسباب اضطرابات النوم والمشاكل المرضية الأخرى التي قد تحمل أعراضا مشابهة.

يتطلب التشخيص دراسة النوم أثناء اليوم وأثناء الليل كذلك، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة يجب أن يتم ضبطها حتي تناسب نمط النوم الخاص بالشخص المعني. علي سبيل المثال قد يتم دراسة نمط النوم الليلي أثناء النهار في الأشخاص الذين يعملون في ورديات ليلية.

  • كيف تعالج هذه الاضطرابات؟

يعتمد العلاج على نوع الاضطراب وحدته، وقد يشمل هذا العلاج علاجا سلوكيا للتحكم في ساعات النوم أو لتجنب المنبهات التي يمكن أن تؤثر على مدة وجودة النوم.

الأشخاص المصابون باضطراب تأخر مرحلة النوم عليهم أن يقللوا من مدة التعرض للضوء في المساء وخاصة من أجهزة التلفزيون والحواسب الآلية. في المقابل فإن هؤلاء الذين تتمثل مشكلتهم في اضطراب مرحلة النوم المتقدم يجب أن يزيدوا من مدة تعرضهم للضوء في المساء أو قضاء بعض الوقت خارج المنزل.

قد يشمل العلاج أيضا تناول بعض الأدوية مثل الميلاتونين الذي يساعد على الاستيقاظ وقد يكون مفيدا بوجه خاص في علاج اضطراب اختلاف التوقيت.

اقرأ أيضاً:
10 نصائح لعلاج الشخير
السير أثناء النوم.. مضاعفات ومخاطر متوقعة
النوم القهري.. ما هو؟ وكيف يشخص ويعالج؟
ما أفضل طريقة لأخذ قيلولة؟
8 خصائص لتمييز الأحلام عن الكوابيس
لماذا يتم عمل "تخطيط النوم"؟
نعاس طفلك في المدرسة.. تعرف على الأسباب
الزهايمر ومشكلات النوم.. نصائح للتكيف
دراسة: بعد جراحة الشرايين التاجية.. احذر اضطرابات النوم

استشارات ذات صلة:
أعاني من اضطرابات النوم ليلاً
اضطراب النوم .. نصائح عملية
اضطرابات النوم المتكررة

المصادر:
Circadian Rhythm Disorders
CIRCADIAN RHYTHM SLEEP DISORDERS

آخر تعديل بتاريخ
17 فبراير 2019
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.