أواني الطهي غير اللاصقة شائعة الاستخدام في مطابخ معظم الناس، بدأ الناس باستخدام أواني الطهي غير اللاصقة، وبالأخص تلك المطلية بالتفلون (التيفال)، منذ أربعينيات القرن الماضى، ونالت استحسانهم لكونها لا تسبب التصاق الأطعمة بها، وبالتالي توفر الوقت والجهد في التنظيف. كما تتطلب أدوات الطهي غير اللاصقة أيضا قدرا أقل من الزبدة والزيت لتليين سطح الأواني والمقالي، ما يشير إلى أن الأطعمة المطبوخة باستخدام أوان غير لاصقة يمكن أن تحتوي على دهون أقل.
للتفلون أيضا العديد من التطبيقات الأخرى، حيث تستخدم في صناعة طلاء الأسلاك والكابلات، وواقيات النسيج والسجاد، والأقمشة المقاومة للماء للملابس الخارجية مثل معاطف المطر، ورغم ميزاتها العديدة، لكن هناك جدلا حول الطلاءات غير اللاصقة، مثل التفلون.
تزعم بعض المصادر أنها ضارة ومرتبطة بحالات صحية مثل السرطان، بينما يصر آخرون على أن الطهي باستخدام أواني الطهي غير اللاصقة آمن تماما. وتلقي هذه المقالة نظرة تفصيلية على أواني الطهي غير اللاصقة وآثارها الصحية وما إذا كانت آمنة للطهي أم لا.
ما هي مادة التفلون؟
التفلون هو اسم تجاري لمادة كيميائية اصطناعية تسمى Polytetrafluoroethylene (PTFE) والتي تحتوي على مركبات الفلور والكربون. ويستخدم التفلون لطلاء مجموعة متنوعة من المنتجات لأنه مقاوم للماء ويقلل الاحتكاك ويخلق سطحا غير لاصق. وقد اكتشف التفلون عالم يدعى روي بلانكيت بمحض الصدفة على جدران أسطوانة كانت تستخدم لتخزين هيدروكربون مفلور، فقد كانت تغطي الأسطوانة من الداخل مادة شمعية بيضاء، وحين اختبر خواص هذه المادة، وجدها لا تتأثر بالقواعد والأحماض الكيميائية ولا تذوب في المذيبات العضوية، كما أنها زلقة جداً ولا يلتصق بها شيء مهما ارتفعت درجة حرارتها، وتحتفظ بخواصها الفيزيائية ثابتة حتى درجة حرارة 250، ثم تبدأ بالتحلّل عند بلوغها 440 درجة مئوية.
التعرض للتفلون و PFOA
يعد مركب حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA)واحداً من المواد الكيميائية المستخدمة في التفلون لتشكيل طبقاتٍ غير لاصقة. كذلك صنفته الوكالة الدولية للأبحاث حول السرطان IARC، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، على أنه أحد العوامل المسرطنة، كما يعتبر (PFOA) عامل خطر للإصابة بحالات صحية مثل أمراض الكلى المزمنة، وأمراض الكبد، واضطرابات الغدة الدرقية، وسرطان الخصية، وانخفاض الوزن عند الولادة، والعقم.
وجدت دراسة أجريت عام 1999 في الولايات المتحدة أن 298 من أصل 300 من المولودين الجدد الذين خضعوا للفحص، لديهم حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) في دمائهم. فمن الواضح أن هذا المركب قد تسرب إلى الوسط المحيط بكل جنين، وخلصت الدراسة إلى أن هؤلاء المواليد هم أكثر عرضة للأذى، بسبب تأثير المواد الكيميائية الضار على مستوى هرموناتهم. ونتيجة لذلك، وضعت وكالة حماية البيئة الأميركية برنامجا للقضاء على استخدام حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) بحلول عام 2015.
وقد انخفضت هذه النسب بمعدّل 70% بين عامي 1999 و2014 تزامناً مع الإلغاء التدريجي لاستخدام مركّب (PFOA) في الولايات المتحدة.
اليوم، جميع منتجات التفلون خالية من حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA). لذلك، فإن الآثار الصحية للتعرض لـPFOA لم تعد مدعاة للقلق.
مصدر قلق آخر يتعلق باستخدام طلاء التفلون هو أن جزيئات PTFE قد تتقشر من أواني الطهي المصنوعة من طلاء التفلون.
علاقة التفلون بالسرطانات
لا يتعلق القلق بشأن أدوات الطهي من التفلون ومخاطر الإصابة بالسرطان بالتفلون نفسه. يتعلق الأمر بحمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) وهذه المادة لم تعد تستخدم في صناعة التفلون منذ عام 2013. ويمكن للمادة أن تدخل إلى التربة والماء والهواء، وأن تبقى في البيئة وفي جسمك لفترة طويلة.
ويرتبط حمض بيرفلورو الأوكتانويك على وجه الخصوص بمشاكل نمو الأطفال. ذلك لأن هذه المادة الكيميائية تعتبر من مسببات اضطراب الغدد الصماء. كما ترتبط المادة الكيميائية بالسمنة والسكري وانخفاض جودة الحيوانات المنوية وعدم انتظام الدورة الشهرية – وهي علامات محتملة لاضطراب الغدد الصماء.
التفلون ودرجات الحرارة
بشكل عام، يعتبر التفلون مركبا آمنا ومستقرا. لكن بعض الخبراء قلقون بشأن ما يحدث عندما يصبح التفلون ساخنا جدًا. ذكرت دراسة نشرت فى موقع Live Science، في درجات حرارة أعلى من 500 درجة فهرنهايت (260 درجة مئوية)، تبدأ طبقات الطلاء التفلون الموجودة على أواني الطهي غير اللاصقة في التحلل، ما يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية سامة في الهواء.
قد يؤدي استنشاق هذه الأدخنة إلى الإصابة بحمى دخان البوليمر، والمعروفة أيضًا باسم أنفلونزا التفلون.
تتكون حمى دخان البوليمر من أعراض مؤقتة شبيهة بالأنفلونزا مثل القشعريرة والحمى والصداع وآلام الجسم. تحدث الحمى بعد 4-10 ساعات من التعرض، وتختفي الحالة عادة في غضون 12-48 ساعة.
أبلغ عدد صغير من دراسات الحالة أيضًا عن آثار جانبية أكثر خطورة للتعرض للتفلون المحموم، بما في ذلك تلف الرئة.
ومع ذلك، في جميع الحالات المبلغ عنها، تعرض الأفراد لأبخرة من أواني طهي التفلون المفرطة الطهي في درجات حرارة قصوى لا تقل عن 730 درجة فهرنهايت (390 درجة مئوية) لفترات طويلة لا تقل عن 4 ساعات.
نشرت مجموعة من الباحثين في كندا دراسة عام 2001 في مجلة Nature، تفيد بأن التفلون يبدأ فى التحلل عند 680 درجة فهرنهايت (360 درجة مئوية).
أشارت دراسة أخرى نشرت عام 2017 في مجلة علم البيئة وأبحاث التلوث أن درجة حرارة المقلاة المطلية بالتفلون تصل إلى 750 درجة فهرنهايت (399 درجة مئوية) إذا تركت لمدة 8 دقائق في درجة حرارة عالية على موقد.
أشارت دراسة نشرت فى مجلة Polymer Degradation and Stability إلى أن طلاء التفلون يتفكك مع مرور الوقت حتى فى درجات الحرارة المنخفضة، لذلك أوصت بأن لا تدوم المقلاة المطلية بالتفلون أكثر من 2.3 سنة.
ففي حين أن الآثار الصحية للتفلون المحموم قد تكون خطيرة، فإن استخدام ممارسات الطهي المنطقية ستساعدك على تجنب التعرض.
نصائح لتقليل المخاطر عند الطهي
إذا اتبعت احتياطات السلامة الأساسية، فإن الطهي باستخدام أدوات الطهي غير اللاصقة يكون آمنا وصحيا ومريحا.
يمكنك تقليل المخاطر التي قد تتعرض لها عند الطهي باتباع النصائح التالية:
- لا تسخن أواني طهي فارغة: حيث يمكن أن تصل حرارة الأوانى الفارغة إلى درجات عالية في غضون دقائق، ما قد يتسبب في إطلاق أبخرة البوليمر. تأكد من وجود بعض الطعام أو السوائل في الأواني والمقالي قبل التسخين المسبق.
- تجنب الطبخ على نار عالية: يُطهى على نار متوسطة أو منخفضة وتجنب الشي، لأن تقنية الطهي هذه تتطلب درجات حرارة أعلى من تلك الموصى بها لأواني الطهي غير اللاصقة.
- قم بتهوية مطبخك: أثناء الطهي، قم بتشغيل مروحة العادم أو افتح النوافذ للمساعدة في إزالة أي أبخرة.
- استخدم معالق من خشب أو سيليكون أو بلاستيك: حيث يمكن أن يؤدي استعمال أدوات معدنية لتحريك الطعام، تبدأ طبقة التفلون بالتآكل. وهنا يكمن الخطر، إذ يتلوث الطعام بمكونات التفلون.
- لا تستخدم مواد التنظيف الكاشطة، لأنها يمكن أن تخدش السطح. يمكن استخدام إسفنجة وصابون وماء دافئ.
- استبدال أواني الطبخ عندما تبدأ طلاءات التفلون في التدهور بشكل واضح مع الخدوش المفرطة والتقشير.
بدائل لأدوات الطهي غير اللاصقة
تعتبر أدوات الطهي الحديثة غير اللاصقة آمنة بشكل عام. تنص جمعية السرطان الأميركية على عدم وجود مخاطر مؤكدة على البشر من أواني الطهي الجديدة غير اللاصقة الخالية من حمض بيرفلورو الأوكتانويك .(PFOA)
ومع ذلك، إذا كنت لا تزال قلقا بشأن أي من الآثار الصحية المحتملة، فيمكنك تجربة بديل.
في ما يلي بعض البدائل الرائعة الخالية من التفلون:
- الأواني المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، تعتبر الأواني والمقالي المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ خيارات آمنة، وهي ممتازة لقلي وتحمير الطعام، كما أنها آمنة للغسل في غسالة الأطباق، ما يجعلها سهلة التنظيف. لكن يجب التأكد من فحص الأواني والمقالي المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، خاصة إذا كنت تشتري أواني أرخص. قد تحتوي أواني الطبخ الرخيصة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ على النيكل والكروم والمعادن الضارة التي يمكن أن تتسرب إلى الطعام.
- الأواني المصنوعة من الحديد الزهر، الحديد الزهر غير قابل للالتصاق بشكل طبيعي. كما أنها تدوم لفترة طويلة ويمكن أن تتحمل درجات حرارة أعلى بكثير من تلك من الأواني والمقالي غير اللاصقة.
- الأواني المصنوعة من الخزف الحجري، تم استخدام الخزف الحجري منذ آلاف السنين. وهي تتميز بخصائص ممتازة غير لاصقة، كما أنها مقاومة للخدش ويمكن تسخينها إلى درجات حرارة عالية جدا.
- الأواني المصنوعة من الزجاج، الزجاج مادة آمنة لأدوات الطهي. لا يطلق الزجاج أي شيء سام عند تسخينه ولن يلوث طعامك.
- الأواني المصنوعة من السيراميك هي آمنة للغاية، حيث لا يتفاعل السراميك عند تسخينه ولا يكون ساما.
الخلاصة
- يتم طلاء أواني الطهي غير اللاصقة بمادة تسمى بولي تترافلورو إيثيلين (PTFE)، والتي تُعرف أيضًا باسم التفلون.
- حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) هو مادة كيميائية كانت تُستخدم سابقًا في تصنيع التفلون. وقد تم ربطه بحالات صحية مثل أمراض الكلى والكبد. ومع ذلك، فإن جميع منتجات التفلون خالية من حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) منذ عام 2013.
- قد تبدأ طلاءات التفلون في التحلل عند درجات حرارة أعلى من 500 درجة فهرنهايت (260 درجة مئوية)، ما يؤدي إلى إطلاق أبخرة سامة في الهواء. يمكن أن تسبب هذه الأدخنة أعراضا مؤقتة تشبه أعراض الأنفلونزا تُعرف باسم حمى دخان البوليمر.
- هناك عدد من الطرق لتقليل المخاطر عند الطهي باستخدام أواني طهي غير لاصقة، بما في ذلك الطهي على درجة حرارة منخفضة إلى متوسطة، واستخدام التهوية، والعناية بأواني الطهي الخاصة بك.
- معظم أواني الطهي الحديثة المقاومة للالتصاق آمنة إذا استخدمتها بشكل صحيح. يمكنك أيضًا الاختيار من بين العديد من البدائل غير اللاصقة، بما في ذلك الحديد الزهر والسيراميك والفولاذ المقاوم للصدأ.
المصادر
Is Nonstick Cookware Like Teflon Safe to Use? - Healthline
Is Teflon Coating Safe? - WebMD
Perfluorooctanoic Acid (PFOA), Teflon, and Related Chemicals
T(PDF) The effect of Teflon coating on the resistance to sliding.
Fatal acute pulmonary oedema after inhalation of fumes from polytetrafluoroethylene (PTFE)