قبل أن تأخذ حمَّامك الشمسي، هل وَضعْت كريم الحماية على كامل بشرتك لوقايتها من الآثار الضارة لأشعة الشمس؟ حسنًا تفعل إن قمت بذلك، ولكنْ يا ترى، هل وضعْتَ واقي الشمس الخاص بالشفاه؟
نهمل في كثير من الأحيان -إما جهلًا أو تجاهلًا- تطبيق واقي الشمس الخاص بتلك المنطقة، مع أنها جزء لا يتجزأ من البشرة، عدا عن أنها الأحوج للحماية، لكونها الأكثر عرضة لِلَفحات أشعة الشمس، ما يجعلها ساحة لعدد من الأعراض المزعجة التي ربما تنتهي بالسرطان.
أسباب تشجع على حدوث حروق الشمس على الشفاه:
لا شك أن هناك أماكن أكثر تعرُّضًا من غيرها لحروق الشمس، مثل الجبهة والكتفين والظهر، ولكن يجب ألا يغيب عن البال أن الشفاه هي الأخرى الأكثر تضررًا بأشعة الشمس، لأسباب أربعة هي:
- لا تملك الشفاه صبغة الميلانين، وهذا ما يجعلها غير قادرة على حماية نفسها من أشعة الشمس فوق البنفسجية.
- تملك الشفاه عددًا قليلًا جدًا من الغدد الدهنية، ولا تحتوي البتة على غدد عَرَقية، من هنا تأتي سرعة تعرضها للجفاف والتشقق بسبب التأثيرات الخارجية، خاصة أشعة الشمس.
- بشرة الشفاه فريدة في طبيعتها، فهي رقيقة للغاية، وأقل مقاومة، وتتجدد بشكل أبطأ.
- الشفاه هي من أكثر مناطق الوجه التي يمكن للشمس أن تلفحها بقوة.
أعراض حروق الشمس على الشفاه:
بما أن الشفاه رقيقة وحساسة جدًا، فإن تعرضها لأشعة الشمس الشديدة يمكن أن يؤدي إلى احتراقها خلال ساعات قليلة إذا لم تكن محميَّة جيدًا.
تَظهر حروق الشمس على الشفاه بالأعراض الآتية:
- الإحساس بالحرارة في الشفاه.
- الشعور بالشد والحرقان والوخز.
- احمرار الشفاه أكثر من المعتاد.
- تورم وانتفاخ الشفاه.
- تصبح الشفاه حساسة على اللمس.
- تتشكل حويصلات صغيرة وتقرحات في بعض الحالات.
- ظهور التشققات وربما حدوث النزف.
إذا كانت حروق الشمس على الشفاه بسيطة، فإن الأعراض تتلاشى عادة في غضون 3 إلى 5 أيام، أما الحروق الأشد فإن أعراضها تحتاج إلى وقت أطول، وذلك بحسب الحالة.
علاج حروق الشمس على الشفاه:
يمكن علاج حروق الشمس على الشفاه باستعمال المراهم المهدئة، إضافة إلى العلاجات التقليدية:
1. الكمادات الباردة
بَلِّل قطعة قماش ناعمة بماء بارد أو مثلج، ومن ثم ضعها على الشفاه، فهذا من شأنه أن يقلل من الإحساس بالسخونة. يجب تجنب وضع الثلج مباشرة لأنه يَضُرّ أكثر مما ينفع.
2. جِلّ الصبار
جِلّ الصبار هو مهدئ ممتاز لتخفيف الآلام الناجمة عن الشفاه المحترقة، ويُفضَّل تخزينه في الثلاجة، ومن ثم استعماله لأنه يوفر المزيد من البرودة، ويعطي نتائج أفضل على صعيد تهدئة الألم.
3. مضادات الالتهاب
يمكن أن تساعد مضادات الالتهاب على تخفيف الألم والاحمرار الناجمَين عن حروق الشمس.
4. مرطِّبات الشفاه
تساعد على تهدئة الشفاه المتهيجة وحمايتها أثناء عملية الشفاء. تُحذِّر الأكاديمية الأميركية لطب الأمراض الجلدية من استعمال مرطبات الشفاه التي تحتوي على مشتقات بترولية، لأنها تعمل على احتجاز الحرارة في بشرة الشفاه.
5. كريم هيدروكورتيزون 1%
إذا لم تُعْطِ العلاجات المشار إليها أعلاه ثمارها؛ فإنه يمكن وضع طبقة رقيقة من كريم الهدروكورتيزون 1% على الشفة المحروقة، مع الحرص كل الحرص على عدم لعق الشفاه لتفادي بلع المنتَج.
حماية الشفاه من الاحتراق بالشمس:
- استخدام مرطبات الشفاه بعامل حماية شمسية 30 على الأقل (SPF 30) ، فهي تُعتبر الحل الأمثل، لأنها مصممة خصيصًا لتأمين احتياجات بشرة الشفاه وحمايتها من الآثار الضارة لأشعة الشمس، إذْ تحتوي عادة على مواد مغذية ومضادات أكسدة.
يجدر التنويه هنا إلى عدم الخلط بين مرطب الشفاه مع عامل حماية مع مرطب الشفاه العادي الذي يُستعمل في فصل الشتاء لحماية الشفاه من البرد القارس، فشَتَّان بين هذا وذاك.
- إذا لم تكن مرطبات الشفاه في متناول اليد، فإنه يمكن الاستعانة بواقي الشمس العادي كحل استثنائي، ريثما يتم الحصول على مرطب الشفاه مع عامل حماية ضد أشعة الشمس، لأنه يبقى هو الأفضل.
- إذا كنت تستعمل واقيَ شمسٍ عاديًا أو مرطِّبَ شفاه مع عامل حماية، فإنه من الضروري تطبيقه بسخاء وبشكل متكرر كل ساعتين أو ثلاث ساعات، لأنه يتبدد ويجف عند التحدث والشرب والسباحة واللعق عن غير قصد، وما إلى ذلك.
التهاب الشفاه السَّفعي solar cheilitis:
التهاب الشفاه السَّفعي أو الشمسي هو حالة تنكسية ما قبل السرطان، تَنتُج عن تعَرُّض الشفاه المزمن للأشعة فوق البنفسجية، خاصة القصيرة الموجة، التي يمكن أن تُتْلِف الحمض النووي لخلايا الشفاه، فتُعَرِّضها للتشوهات والسرطان.
يُعرَف التهاب الشفاه السَّفعي تحت مسميات أخرى، هي شفاه البحَّار أو شفاه المزارع، لأن البحارة والمزارعين هم الأكثر إصابة به.
عوامل الخطر:
- الرجال أكثر عرضة للإصابة به من النساء.
- التعرض المزمن لأشعة الشمس.
- أصحاب البشرة الفاتحة.
- العاملون في الهواء الطلق الذين لا يستخدمون وسائل الحماية من أشعة الشمس، مثل البحارة والمزارعين وعمال الإنقاذ وعمال البناء.
- الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة الذين يكونون أكثر تعرُّضا لأشعة الشمس على مرِّ السنين.
- الأشخاص الذين يعيشون على مقربة من خط الاستواء، أو على ارتفاعات عالية، أو في الصحراء، حيث تكون أشعة الشمس أقوى وأكثر سطوعًا.
- الأشخاص الذين يعانون من المَهق أو البرص.
- المدخنون وماضغو التبغ.
- المصابون بمتلازمة انقلاب الشفة السفلى، إذ تكون الأخيرة مائلة أكثر إلى الخارج بدلًا من الداخل.
- المصابون بفيروس الورم الحليمي البشري.
- المصابون بأمراض مناعية.
- المرضى الذين يتناولون أدوية مثبطة للمناعة.
أعراض التهاب الشفاه السَّفعي:
في 90% من الحالات يكون التهاب الشفاه السَّفعي محصورًا في الشفة السفلى لأنها الأكثر بروزًا، ولكن يمكن أن يصيب الشفة العليا أيضًا.
يتم استبدال اللون الوردي المتجانس للشفة ببقع حساسة وغير متجانسة، بيضاء أو صفراء أو رمادية أو وردية أو حمراء أو بُنّية. تكون الشفاه جافة ومتشققة، وتَظهر عليها التقرحات، كما تُصبح الحدود الفاصلة بين الشفة والجلد المحيط بها أقل وضوحًا وتميزًا.
عادة ما يكون التهاب الشفاه السَّفعي غير مؤلم، ولكن مع تطور الحالة قد يشعر المصاب ببعض الأعراض، مثل الخدر، والألم عند الضغط على الشفة، أو حتى من دون ضغط.
هل يتطور التهاب الشفاه السفعي إلى السرطان؟
إذا لم يتم علاج التهاب الشفاه السفعي، ولم يتم اتباع الحماية اللازمة من أشعة الشمس، فإن احتمال تحوله إلى السرطان أمر وارد مع مرور الوقت. يجب استشارة مقدم الرعاية الصحية حول خيارات العلاج.
كيف يعالَج التهاب الشفاه السَّفعي؟
تعتمد استراتيجية العلاج على خطورة الحالة، وفي شكل عام، يمكن القول بأن الحد من التعرض إلى أشعة الشمس هو حجر الزاوية في العلاج، إضافة إلى استعمال مرطبات الشفاه للتخفيف من حدة الأعراض وشدتها، ولمنع حدوث المزيد من الضرر.
في الحالات الحادة من التهاب الشفاه السَّفعي، فإن البقع ستختفي تدريجيًا بعد أيام أو أسابيع من العلاج.
أما في الحالات المزمنة، فإن الشفاء قد يستغرق بضعة أشهر، شرط أن يتم حماية البقع الموجودة على الشفة من أشعة الشمس طوال الوقت إلى حين اختفائها كليًا.
قد يكون استعمال الأدوية من بين الخيارات العلاجية لالتهاب الشفاه السَّفعي، ويعود البتّ في هذا الأمر إلى طبيب الأمراض الجلدية الذي يقرر إن كان هذا الخيار فعَّالًا أم لا.
أما في الحالات المتقدمة والشديدة من التهاب الشفاه السَّفعي، فقد يحتاج الأمر إلى استئصال الأنسجة التالفة، إما بالتبريد، أو بأشعة الليزر، أو بالكَيّ الكهربائي، أو بمبضع الجراح.
متى تستشير الطبيب؟
يجب على أي شخص تَظهر عليه أعراض التهاب الشفاه السَّفعي أن يستشير الطبيب في أقرب وقت ممكن، لفحص وتشخيص الحالة، ولكن يجب طلب العناية الطبية الطارئة في حال:
- كنت تعاني من ألم شديد في الشفاه مع الضغط أو من دونه.
- كانت الشفاه منتفخة بشدة.
- كنت تعاني من وجود بقع على الشفاه يَكبُر حجمها تدريجيًا.
- كنت تعاني من تقرحات في الشفاه لا تلتئم.
- كنت تعاني من صعوبة في الشرب أو التكلم أو في فتح الفم.
في الختام:
يبقى أن نشير إلى ثلاث نصائح، وهي:
النصيحة الأولى
حماية الشفاه من أشعة الشمس كباقي أنحاء الجسم، خاصة عندما تكون الشمس ساطعة، فإذا تعرَّضْت لأشعة الشمس واحترقَتْ شفاهك بأشعة الشمس، فلا تنس في المرة القادمة أن تحميها بوضع مرطب أو بلسم شفاه بعامل حماية من الشمس لا يقل عن 30، مع التركيز على الشِفّة السفلى، إذ أفادت الدراسات أنها أكثر عرضة للسرطان ب 12 مرة مقارنة مع الشفة العليا.
أما النصيحة الثانية
فهي تجنب الكريمات والمرطبات التي تحتوي على مخدرات موضعية، مثل ليدوكائين وبنزوكائين، لأنها تسبب تهيجًا للشفاه، وربما تساهم في إثارة ردود فعل تحسسية جلدية.
أما النصيحة الثالثة
يوصى بارتداء قبعة واسعة الأطراف لرد أشعة الشمس المباشرة عن الوجه والشفاه أينما كنت، سواء على الشاطئ، أو في المسبح الخارجي، أو في الهواء الطلق، أو على الجبال، فالوقاية ثم الوقاية، كانت وما تزال وستبقى أفضل من العلاج.
المصدر: