تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة.. الشيخوخة هي عملية طبيعية يمر بها كل كائن حي، وعلى الرغم من هذا الواقع، فإن قانون الحفاظ على الذات يدفع الكثير منا إلى محاولة إبطاء عملية الشيخوخة. الأمل هو أنه بمجرد أن نفهم سبب تقدمنا في السن، ربما نتمكن من إبطاء العملية مع تقليل احتمالية الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر، مثل التهاب المفاصل وأمراض القلب وفقدان الذاكرة، وحتى الشَّعر الرمادي.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة.. أهم ثلاث نظريات للشيخوخة
1. النظرية المبرمجة
تقترح هذه النظرية أن عمر الخلايا محدود، وأن الهرمونات وجهاز المناعة يتضاءلان بمرور الوقت، مما يؤدي إلى الشيخوخة والتدهور والعدوى.
2. نظريات الكيمياء الحيوية
تفترض هذه النظرية أن الضغوطات البيئية وأسلوب الحياة تؤدى إلى تراكم الضرر في جسم الإنسان، والنتيجة هي الشيخوخة وتطور الأمراض المزمنة. ويترتب على ذلك أن تقليل الضرر التأكسدي مع ضمان سلامة الميتوكوندريا قد يساعد في إبطاء العملية.
3. النظرية الوراثية للشيخوخة
تشير هذه النظرية إلى أن جيناتنا مبرمجة مسبقًا للموت. تحتوي نهايات الكروموسومات لدينا على التيلومير (أغطية)، والتي تقصر مع انقسام الخلايا، وهي عملية طبيعية مع تقدمنا في العمر. إن إبطاء تقصير التيلومير وتشغيل الجينات المعززة للشباب هو هدف العلماء الذين يدرسون مكافحة الشيخوخة.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة
مع تقدم العمر، تبدأ علامات الشيخوخة تظهر على البشرة، مثل التجاعيد وخطوط الوجه والترهلات الجلدية، ولكن يمكن بالتغذية الجيدة مكافحتها قدر الإمكان، فالغذاء ليس مجرد مادة يتم حرقها، إنها إشارة تخبر جسمنا وخلايانا كيف تستجيب. يقول العلماء نحن نقترب من آلية حدوث الشيخوخة، والذي من الممكن أن يساعدنا على اتخاذ قرارات مدروسة أكثر عما نأكله. إن تقليل تناول السعرات الحرارية يبدو أنه يساعد في إبطاء عملية الشيخوخة، على الأقل لدى البالغين الأصحاء. يقول الخبراء إن النتائج مثيرة للاهتمام، ولكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت هناك عوامل أخرى لها علاقة بالأمر.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة.. ما وجده الباحثون
تقييد السعرات الحرارية هي عملية خفض متوسط كمية السعرات الحرارية التي يستهلكها الشخص عادة في يوم واحد دون حرمان نفسه من الفيتامينات والمعادن الأساسية التي يحتاجها للبقاء في صحة جيدة.
يحتاج الشخص العادي إلى ما بين 1600 - 3000 سعر حراري يوميًا، اعتمادًا على جنسه البيولوجي وطوله وعمره ومستوى نشاطه.
النظام الغذائي المقيد بالسعرات الحرارية يقلل من تناول الطعام بنسبة تتراوح بين 20% إلى 40%، مع الاستمرار في تلبية المدخول اليومي الموصى به من العناصر الغذائية الأساسية. ولسنوات عديدة، درس الباحثون كيفية تأثير تقييد السعرات الحرارية على الصحة العامة للشخص. وتُظهر الدراسات السابقة أن تناول سعرات حرارية أقل كل يوم يمكن أن يدعم فقدان الوزن، وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية، والوظيفة المعرفية.
كما أن الدراسات الحالية تربط بين تقييد السعرات الحرارية وطول العمر. وجدت الأبحاث المنشورة في أبريل 2016 أن تقييد السعرات الحرارية يساعد على حماية الجسم من الشيخوخة، والوقاية من الالتهاب، وغيرها.
علاوة على ذلك، أفادت دراسة نشرت في سبتمبر 2017 أن تقييد السعرات الحرارية قد يؤدي إلى تغييرات إيجابية في الجسم للجينات المرتبطة بالشيخوخة. ووجد بحث نُشر في فبراير 2022 أن اتباع نظام غذائي مقيد بالسعرات الحرارية قد يساعد في زيادة "العمر الصحي" للشخص.
في هذه الدراسة، فحص العلماء كيف ساعد تقييد السعرات الحرارية على تحسين صحة العضلات والحفاظ على وظيفتها، إذ من المعروف أن كتلة العضلات ووظيفتها يحدث لهما انخفاض مع التقدم في السن. وجدت هذه الدراسة أنه بينما كان الأشخاص الذين يقيدون السعرات الحرارية يفقدون كتلة العضلات، فإنهم لم يفقدوا قوة العضلات، مما يشير إلى أن شيئًا ما حدث في العضلات أدى إلى تحسين أدائهم.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة.. دراسة أخرى
نظرت دراسة أخرى، يدعمها المعهد الوطني للشيخوخة، فيما إذا كان تقييد السعرات الحرارية المعتدلة لدى البشر يقدم نفس الفوائد الصحية التي شوهدت في الدراسات على الحيوانات. طُلب من المشاركين في الدراسة تحقيق تخفيض في السعرات الحرارية بنسبة 25% على مدار عامين، إلا أن أعلى مستوى وصلت إليه المجموعة كان تخفيضًا بنسبة 12%.
واستخدم الباحثون خزعات من عضلات الفخذ من المشاركين في الدراسة لفحص كيفية تأثير تقييد السعرات الحرارية على الجينات البشرية، وباستخدام جزيئات الحمض النووي الريبي (mRNA) المعزولة من الخزعات، وجد الباحثون أن استهلاك سعرات حرارية أقل ينظم الجينات المرتبطة بتوليد الطاقة والتمثيل الغذائي، ويقلل من الجينات الالتهابية، مما يؤدي إلى تقليل الالتهاب.
عند شرح كيفية تأثير تقييد السعرات الحرارية على جينات الشخص، فإن هناك العديد من الآليات:
- الأمر الأكثر قابلية للفهم بشكل مباشر هو تحسين صحة الميتوكوندريا وتقليل الالتهاب.
- أيضًا التأثير على الجين الذي ينظم إيقاع العديد من عمليات التمثيل الغذائي في الجسم.
- بشكل عام، تعمل هذه الآليات وغيرها على تحسين صحة العضلات ووظيفتها.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة
مع تقدمنا في السن، تتباطأ العمليات الخلوية وتجديد الخلايا ودورانها. إذا عملنا على الحفاظ على هذه الأنظمة ودعمها، فسنكون قادرين على الحفاظ على هذه الوظيفة، ودعم طول العمر، ونوعية الحياة.
إن تقليل السعرات الحرارية الزائدة وغير الضرورية، مع التأكد من تلبية الاحتياجات الفردية، سيحافظ على الوظيفة الخلوية والأنسجة العضلية، ويزيد من قدرة الخلايا على العمل والتجدد.
تشير الدراسات إلى أن تقليل تناول السعرات الحرارية بنسبة 30 بالمائة له خصائص تطيل العمر. على الرغم من صعوبة ذلك بالنسبة للكثيرين، فإن اتباع نظام غذائي منخفض السكر يحتوي على الحد الأدنى من الأطعمة المصنعة والكربوهيدرات البسيطة يمكن أن يجعل تناول سعرات حرارية أقل أسهل، كما أن الصيام المتقطع يمكن أن يكون مفيدًا. إن مجرد الانتقال من ثلاث وجبات يوميًا إلى وجبتين يمكن أن يؤدي إلى انخفاض بنسبة 33 بالمائة في السعرات الحرارية، ومع أن الصيام مفيد ضد مرض السكري والربو وارتفاع ضغط الدم، لكن هذا الحرمان من الطعام يمنع شيخوخة الخلايا أيضًا، على الأقل هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه الباحثون في دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Aging.
وجد الباحثون أن الأشخاص الذين خفضوا سعراتهم الحرارية أبطأوا وتيرة الشيخوخة بنسبة 2% إلى 3%، مقارنة بالأشخاص الذين كانوا يتّبعون نظامًا غذائيًا عاديًا، وهو ما يترجم إلى انخفاض بنسبة 10% إلى 15% باحتمالية الوفاة المبكرة.
نُشر بحث في مجلة Molecular & Cellular Proteomics عن كيف يساعد الإقلال من السعرات الحرارية على إبطاء الشيخوخة داخل الخلية. وجد البحث أنه عندما تتباطأ الريبوسومات -وهي مراكز صنع البروتين في الخلايا والتي تستخدم 10-20% من إجمالي طاقة الخلية لبناء كل البروتينات اللازمة للخلية لكي تعمل- تتباطأ عملية الشيخوخة أيضاً. التباطؤ يقلل الإنتاجية، ولكنه يمنح الريبوسومات الوقت لإصلاح نفسها وإنتاج بروتينات ذات جودة عالية لمدة أطول مما كانت ستفعله بدون الإصلاح، هذا الإنتاج العالي الجودة بدوره يحافظ على فعالية الخلايا والجسم ككل.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة.. كيفية تناول الطعام الصحي
قد يكون تقييد السعرات الحرارية على المدى القصير مفيدًا؛ إن تقييد السعرات الحرارية على المدى الطويل يضر بعملية التمثيل الغذائي لدينا، ومستويات الطاقة، خاصة الأشخاص الذين لا ينبغي أن يعانوا من نقص السعرات الحرارية عن قصد، أو لفترة طويلة جدًا، مثل الذين يعانون من اضطرابات الأكل، والذين يعانون من هشاشة العظام، خاصة بكبار السن، وأولئك الذين يعانون من نقص الوزن، والأشخاص الذين يحاولون زيادة الوزن.
بشكل عام، من الضروري التركيز على الأطعمة المختلفة والتوازن الصحي قبل خفض السعرات الحرارية، من المهم الحصول على حصة من البروتين في كل وجبة، وتناول مجموعة متنوعة من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات وبعض الدهون الصحية. وتشمل السلوكيات الصحية الأخرى الحصولَ على قسط كاف من النوم، وممارسة نشاط رياضي بانتظام، والابتعاد عن التوتر.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة.. توصيات
تنشر وزارات الزراعة والصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية بشكل مشترك المبادئ التوجيهية الغذائية للأمريكيين، وتقترح الإرشادات الحالية ما يلي:
- اتباع نمط غذائي صحي.
- قم بتخصيص طعامك بناءً على تفضيلاتك وتقاليدك الثقافية واعتبارات الميزانية.
- التركيز على الأطعمة والمشروبات الغنية بالعناصر الغذائية، مثل الفيتامينات والمعادن دون إضافة السكريات والدهون المشبعة والصوديوم.
- الحد من الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات المضافة والدهون المشبعة والصوديوم، والحد من المشروبات الكحولية.
- من الأفضل تناول كميات منخفضة من الكربوهيدرات وزيادة البروتين للحفاظ على قوة العضلات والوزن عند المستوى المثالي.
- مع التقدم في السن، من المهم العثور على الكمية المناسبة من السعرات الحرارية اعتمادًا على النشاط البدني الذي يمكن القيام به.
تناول سعرات حرارية أقل يبطئ عملية الشيخوخة.. الخلاصة
- هناك الكثير من الاهتمام والنقاش حول كيف يمكن للشخص ليس فقط زيادة طول عمره، ولكن أيضًا التقدم في السن بصحة أفضل.
- اكتشف الباحثون أن تقييد السعرات الحرارية يحسن صحة العضلات، ويحفز المسارات البيولوجية المهمة لشيخوخة صحية.
- النظام الغذائي المقيد بالسعرات الحرارية يقلل من تناول الطعام بنسبة تتراوح بين 20% إلى 40%، لكن من الضروري عند اتباع نظام غذائي مقيد للسعرات تناول طعام صحي يلبي المدخول اليومي الموصى به من العناصر الغذائية الأساسية، وذلك من خلال الحصول على حصة من البروتين في كل وجبة، وتناول مجموعة متنوعة من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات، وبعض الدهون الصحية، وتجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون المشبعة والصوديوم، والحد من المشروبات الكحولية.