في إحدى الدراسات والتي نشرت في يناير 2022، قام عدد من الباحثين من اليونان وإيطاليا بدراسة إحصائية شاملة تضمنت مراجعة 45 دراسة منشورة في مجلات علمية موثق بها، عن بيانات حوالي مليون حالة، منها 29،830 من الذين تناولوا كمية جيدة من زيت الزيتون، وتمت مقارنتهم مع 945،604 ممن لم يتناولوا كمية جيدة من زيت الزيتون. تمت متابعة عدد حالات السرطان الجديدة التي ظهرت عن جميع المشاركين في هذه الدراسات، خاصة في ما يتعلق بحدوث سرطانات الثدي، وسرطانات الجهاز الهضمي، وسرطانات الجهاز البولي.
أدّت أمراض السرطان لوفاة نحو 9.6 ملايين شخص سنة 2018، وهي القاتل الثاني في العالم بعد أمراض القلب والأوعية الدموية. ويعتبر أن دور الغذاء مهم في الوقاية من هذه الأمراض، خاصة لأن الغذاء عامل يمكن التحكم به، بينما هناك عوامل أخرى تساهم في حدوث أمراض السرطان لا يمكن التحكم بها، مثل الوراثة. وتظهر إحصائيات الصندوق العالمي لأبحاث السرطان أن حوالي 40 بالمائة من حالات السرطان يمكن الوقاية منها بتناول الغذاء المناسب، والتغذية الجيدة، والنشاط الحركي. وهناك دراسات ترجح أن تناول غذاء منطقة البحر الأبيض المتوسط الغني بزيت الزيتون، والأغذية النباتية الطازجة، والأسماك، واللحوم البيضاء، والبيض، ومشتقات الحليب ... ربما يكون السبب وراء انخفاض حدوث أنواع معينة من السرطانات في هذه المنطقة.
يحتوي زيت الزيتون على نسبة عالية من الحموض الدسمة غير المشبعة، وعلى مكونات غذائية ممتازة، مثل المركبات الفينولية المضادة للأكسدة، والفيتامينات، والألياف ومواد السكوالين ومواد التربينويدات.
أظهرت دراسات مخبرية، ودراسات على حيوانات التجربة، أن مكونات زيت الزيتون تعمل على تخفيف التفاعلات الالتهابية، وتحسين استقلاب البروتينات الدهنية، ووظائف البطانة الداخلية للأوعية الدموية، وتنظيم انقسام الخلايا ونشاطها الحيوي.
ما هي نتائج الدراسة الجديدة؟
أظهرت الدراسة الواسعة الجديدة أن التأثير العام لحدوث أي نوع من أنواع السرطانات عند الذين يتناولون أكبر كمية من زيت الزيتون، كان أقل بنسبة 31 بالمائة من الذين يتناولون أقل كمية منه، وكان هذا الفرق مهماً إحصائياً. وظهرت هذه الملاحظة في انخفاض نسبة حدوث السرطانات أيضاً عند الذين يتناولون غذاء البحر الأبيض المتوسط، مقارنة بالذين يتناولون نمطاً مختلفاً من الغذاء.
في سرطانات الثدي؟
أظهرت مراجعة 14 دراسة تتعلق بنسبة حدوث سرطانات الثدي انخفاض حدوث هذا النوع من السرطانات عند الذين يتناولون كمية أكبر من زيت الزيتون في غذائهم اليومي.
في سرطانات الجهاز الهضمي؟
انخفضت نسبة حدوث سرطانات الجهاز الهضمي بمقدار 23 بالمائة عند الذين يتناولون كمية أكبر من زيت الزيتون (في سرطانات أنبوب البلع ’المريء‘، والمعدة، والبنكرياس، إنما ليس في سرطانات الأمعاء، والقولون، والمستقيم).
في سرطانات الجهاز البولي؟
لوحظ وجود تأثير وقائي جيد لتناول زيت الزيتون في سرطانات الجهاز البولي بشكل عام، سواء في سرطانات الكلية أو المثانة أو البروستات.
ملاحظات حول الدراسة
ربما تكون هذه النتائج الإحصائية المشجعة عن ارتباط تناول كمية جيدة من زيت الزيتون مع انخفاض نسبة حدوث أنواع من السرطانات ليست نتيجة مباشرة لتناول زيت الزيتون وحده، وإنما لأن الذين يتناولون كمية أكبر من زيت الزيتون، يتناولون أيضاً نمط غذاء منطقة البحر الأبيض المتوسط بمكوناته العديدة التي ربما تتضافر معاً لتؤدي إلى هذه النتائج الجيدة. ويصعب تحديد الكميات المختلفة من الأغذية المأخوذة، وتحديد كمية زيت الزيتون وغيره من مكونات غذاء البحر الأبيض المتوسط في مثل هذه الدراسات التي تعتمد على استبيان يحدده المشاركون بأنفسهم، وليس بضبط بحثي دقيق. هذا بالإضافة إلى وجود تنوع كبير في الأغذية التي يتناولها المشاركون في المناطق الجغرافية المختلفة، والتنوع الكبير في حالاتهم الصحية العامة. ولكن من الجدير بالملاحظة أن ضخامة عدد المشاركين تقلل نوعاً ما من احتمال وجود تحيز في انتقاء العينة المدروسة.
لم يحدد كثير من الدراسات نوع زيت الزيتون الذي تم تناوله، كما لم تتم دراسة أنواع أخرى من السرطانات، مثل سرطانات المبيض، وسرطانات الرئة. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة الكبيرة التي شملت نحو مليون شخص، تقدم لنا دليلاً جيداً على التأثير الوقائي لزيت الزيتون ضد حدوث أنواع من السرطانات، وربما يمكن تأكيد أو نفي هذه الملاحظة بإجراء دراسة مستقبلية مقارنة تشمل أنواعاً مختلفة من السرطانات، مع تحديد مسبق لكمية زيت الزيتون المأخوذة، ونوعها، وإجراء متابعة دقيقة لنمط الغذاء العام والنشاط الرياضي عند المشاركين في الدراسة.
المصدر:
Olive oil intake and cancer risk: A systematic review and meta-analysis - PMC (nih.gov)