تناول الكثير من السكر وخطر الإصابة بالسكري.. تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن أكثر من 37 مليون بالغ في الولايات المتحدة، أو حوالي 11.3٪ من السكان البالغين، مصابون بمرض السكري. ويمكن أن تساعد التغييرات في النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية في السيطرة على مرض السكري، وقد تساعد في منع مقدمات السكري من التحول إلى مرض السكري. تستعرض هذه المقالة دور تناول الكثير من السكر في الإصابة بمرض السكري، وتقدم نصائح للوقاية من المرض.
ما هو مرض السكري؟
يحدث مرض السكري عندما لا يتمكن جسمك من تنظيم مستويات السكر في الدم بشكل فعال. يمكن أن يحدث هذا عندما يتوقف البنكرياس عن إنتاج كمية كافية من الإنسولين، أو عندما تصبح خلاياك مقاوِمة للإنسولين، أو كليهما. والإنسولين هو الهرمون الذي ينقل السكر من مجرى الدم إلى خلاياك. إذا لم ينتج جسمك ما يكفي أو أصبحتَ مقاوِمًا للإنسولين، فقد تصاب بارتفاع مزمن في مستويات السكر في الدم.
هناك نوعان أساسيان من مرض السكري:
- النوع الأول: مرض السكري من النوع الأول هو حالة من أمراض المناعة الذاتية، إذ يهاجم الجهاز المناعي فيه الخلايا التي تُنتج الإنسولين. مما يؤدي إلى تلف هذه الخلايا وتقويض قدرة الجسم على ضبط نسبة السكر (الغلوكوز) في الدم.
- النوع الثاني: مرض السكري من النوع 2، حين يكون الإنسولين موجودًا بوفرة في الجسم ولكنه غير قادر على ضبط الغلوكوز بسبب وجود مقاومة في خلايا الجسم ضد الاستفادة من الإنسولين واستعماله.
بمجرد إصابة الشخص بمرض السكري، فإن تناول الكثير من السكر يمكن أن يجعل الأمور أسوأ. وبما أن الجسم يفتقر إلى الإنسولين، أو لا يستطيع استخدامه بشكل صحيح، فإنه سيواجه صعوبة في نقل الغلوكوز الموجود في الدم إلى خلايا الجسم. وستبقى مستويات الغلوكوز في الدم مرتفعة.
مع مرور الوقت، يمكن أن تسبب تناول الكثير من السكر أضرارًا في الجسم، بمعنى آخر تسبب مستويات الغلوكوز المرتفعة باستمرار في الدم ضررًا في جميع أنحاء الجسم، ويمكن أن تنشأ عن ذلك مضاعفات مثل الاعتلال العصبي السكري. يعد مرض السكري من النوع الأول نادرًا نسبيًا، إذ يمثل نحو 10% من حالات مرض السكري في جميع أنحاء العالم. بينما يمثل مرض السكري من النوع الثاني أكثر من 90% من حالات مرض السكري.
هل تناول الكثير من السكر يزيد من خطر الإصابة بالسكري؟
وفقًا للأبحاث، فإن تناول الكثير من السكر بانتظام يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وجدت بيانات من 175 دولة أن تناول السكر يرتبط بشكل كبير بمخاطر الإصابة بالسكري. وفي حين أن تناول كميات كبيرة من السكر يزيد من المخاطر، فإن تناول القليل من السكر يقلل من هذه المخاطر.
في عام 2016، لاحظ بعض العلماء وجود علاقة بين مرض السكري من النوع 2 وأنماط الحياة التي تنطوي على استهلاك كميات كبيرة من المشروبات المحلاة. وجدت مراجعة لعدة دراسات عام 2016 أن سكر الفواكه (الفركتوز) قد يساهم بشكل مباشر في الإصابة بمرض السكري، على الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد ذلك. وقد أشارت الأبحاث إلى أن الكبد يمتص الفركتوز دون تنظيم تناوله، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تراكم الدهون في الكبد وانخفاض حساسية الإنسولين. انخفاض حساسية الإنسولين يجعل من الصعب على الجسم إزالة الجلوكوز من مجرى الدم. إذا أصبح مستوى السكر في الدم مرتفعًا بشكل مستمر، فقد يؤدي ذلك إلى مرض السكري من النوع الثاني.
في عام 2017، لاحظ بعض العلماء أن الفركتوز الغذائي قد يساهم ليس فقط في الإصابة بمرض السكري من النوع 2، ولكن في جوانب أخرى من متلازمة التمثيل الغذائي، بما في ذلك السمنة. وأشاروا أيضًا إلى أن عوامل أخرى قد تلعب دورًا، بما في ذلك الوراثة. وعلى الرغم من أن هذه الدراسات لا تثبت أن السكر يسبب مرض السكري، فإن الارتباط قوي. يعتقد العديد من الباحثين أن السكر يزيد من خطر الإصابة بالسكري بشكل مباشر وغير مباشر. وقد يزيد بشكل مباشر من خطر الإصابة بمرض السكري بسبب تأثير الفركتوز على الكبد.
يمكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة من السكر أيضًا إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري بشكل غير مباشر من خلال المساهمة في زيادة الوزن وزيادة نسبة الدهون في الجسم، وكلاهما من عوامل الخطر المنفصلة للإصابة بمرض السكري من النوع 2. وللحد من الآثار الضارة الناجمة عن ارتفاع استهلاك السكر، توصي الإرشادات الغذائية للأمريكيين 2020-2025 بألا يأتي أكثر من 10% مما يتناوله الأشخاص من إجمالي السعرات الحرارية اليومية من السكريات المضافة. ومع ذلك، نصحت منظمة الصحة العالمية بأن يتناول الناس نصف هذه الكمية، على ألا يأتي أكثر من 5% من سعراتهم الحرارية اليومية من السكر المضاف.
هل تناول الكثير من السكر الطبيعي له نفس التأثير؟
في حين أن تناول كميات كبيرة من السكريات المضافة يرتبط بمرض السكري، فإن الأمر نفسه لا ينطبق على السكريات الطبيعية. توجد السكريات الطبيعية في الفواكه والخضراوات، ونظرًا لأنها ممزوجة بالألياف والماء والمواد المغذية الأخرى، يتم هضمها ببطء أكبر، وتكون أقل تأثيرًا في إحداث ارتفاع بنسبة السكر في الدم. كما أن الفواكه والخضراوات أيضًا تحتوي على نسبة سكر أقل بكثير من العديد من الأطعمة المصنعة، لذلك من الأسهل تقييد استهلاكك لهذه الأطعمة.
هل تزيد المُحلّيات الصناعية من خطر الإصابة بالسكري؟
المحليات الصناعية هي مواد مصنعة ذات مذاق حلو، ولا يمكن استخدامها للحصول على الطاقة، فهي توفر حلاوة دون تقديم أي سعرات حرارية للجسم. على الرغم من أن المحليات الصناعية لا ترفع مستويات السكر في الدم، فإنها ما تزال مرتبطة بمقاومة الإنسولين ومرض السكري من النوع الثاني، والخبراء لا يفهمون تمامًا سبب ذلك.
إحدى النظريات هي أن المنتجات المحلاة صناعيًا تزيد من الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة ذات المذاق الحلو، مما يؤدي إلى تناول المزيد من الأطعمة السكرية.
تناول الكثير من السكر.. كيف يتم استقلاب السكر؟
عندما يتحدث معظم الناس عن السكر، فإنهم يشيرون إلى السكروز، أو سكر المائدة. يتكون السكروز من جزيء واحد من الغلوكوز وجزيء واحد من الفركتوز مرتبطان معًا. عندما تتناول السكروز، يتم فصل جزيئات الغلوكوز والفركتوز بواسطة إنزيمات في الأمعاء الدقيقة قبل أن يتم امتصاصها في مجرى الدم. يؤدي ذلك إلى رفع مستويات السكر في الدم ويحفز ذلك البنكرياس لإفراز الإنسولين. ينقل الإنسولين الغلوكوز من مجرى الدم إلى داخل خلاياك، حيث يمكن استخدامه للطاقة.
في حين أن كمية صغيرة من الفركتوز يمكن أيضًا أن تتناولها الخلايا وتستخدمها للطاقة، فإن معظم الفركتور يتم نقله إلى الكبد. حيث يتم تحويله إلى غلوكوز للحصول على الطاقة أو تخزينه على شكل دهون. وبما أن الفركتوز يمكن تحويله إلى دهون، فإن استهلاك الكثير منه يؤدي إلى زيادة مستويات الدهون الثلاثية، وهذا قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وأمراض الكبد الدهنية. ويرتبط تناول كميات كبيرة من الفركتوز أيضًا بارتفاع مستويات حمض اليوريك في الدم. إذا استقرت بلورات حمض اليوريك هذه في مفاصلك، فمن الممكن أن تصاب بالنقرس.
تناول الكثير من السكر وعوامل الخطر الأخرى لمرض السكري
في حين أن استهلاك كميات كبيرة من السكر المضاف يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري، فإن هناك العديد من العوامل الأخرى تلعب دورًا، مثل:
- وزن الجسم: تظهر الأبحاث أن السمنة هي أحد عوامل الخطر الرئيسية لمرض السكري من النوع 2، كما أن تخفيض الوزن يمكن أن يقلل من خطر إصابتك.
- ممارسة التمارين الرياضية: الأشخاص الذين يعيشون نمط حياة خامل يكون لديهم خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بمقدار الضعف تقريبًا مقارنة بأولئك الذين يمارسون الرياضة.
- التدخين: يمكن أن يزيد التدخين بشكل كبير من خطر الإصابة بمرض السكري، ولكن الإقلاع عن التدخين يعيد الخطر إلى المعدل الطبيعي تقريبًا.
- انقطاع التنفس أثناء النوم: انقطاع التنفس أثناء النوم، وهو حالة يتم فيها إعاقة التنفس أثناء الليل، هو عامل خطر فريد للإصابة بمرض السكري.
- الوراثة: لا يفهم الخبراء بشكل كامل دور الوراثة، ولكن من المرجح أن تصاب بمرض السكري إذا كان أحد والديك أو كلاهما مصابَين به.
كيف تأكل لتقليل خطر الإصابة بالسكري؟
لتجنب مخاطر تناول السكر من المهم الانتباه للكميات التي تدخل الجسم، لذا فإن كمية السكر التي نحصل عليها من جميع المصادر الغذائية سواء الأطعمة أو المشروبات يجب ألّا تزيد عن 5 بالمائة من مجموع السعرات الحرارية المأخوذة خلال اليوم، ممّا يعني:
- عدم تناول أكثر من 30 غرامًا من السكر في اليوم لدى البالغين.
- عدم تناول أكثر من 24 غرامًا لمن تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات أو أكثر.
- عدم تناول أكثر من 19 غرامًا لمن تتراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات.
7 نصائح لتقليل خطر الإصابة بالسكري
ولأن تناول الكثير من السكر قد يسبب مرض السكري, إليك عزيزي القارئ عدة نصائح لتقليل احتمالية إصابتك بمرض السكري:
- اختر الكربوهيدرات ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض (GI)، مثل الحبوب الكاملة.
- اختر الفاكهة الكاملة بدلاً من الوجبات الخفيفة المحلاة أو العصير، لكن تذكر أن تأخذ في الاعتبار محتوى السكر في الفواكه.
- اختر الأطعمة الغنية بالألياف، مثل البقوليات، لتوفير الطاقة المستدامة والمساعدة في ضبط نسبة الجلوكوز في الدم.
- اختر البروتينات الخالية من الدهون والدهون الصحية لتشعر بالشبع لفترة أطول، وتقلل من إغراء تناول وجبة خفيفة حلوة.
- تجنب الأطعمة المصنعة المنخفضة العناصر الغذائية، والتي يمكن أن تحتوي على نسبة عالية من الملح والدهون غير الصحية، وكذلك السكريات.
- تناول وجبات صغيرة بشكل متكرر. الوجبات الكبيرة يمكن أن تسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم والجوع بين الوجبات، مما قد يؤدي إلى تناول وجبات خفيفة غير صحية.
- من المهم تجنب المشروبات المحلاة مثل المشروبات الغازية والعصائر المصنعة، كما يجب تجنب الأطعمة الغنية بالسكر المضاف مثل البسكويت، والحلويات، والكعك وغيرها.
ارتبطَ تناول الكثير من السكر المضاف بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الآثار الضارة على الكبد وارتفاع خطر الإصابة بالسمنة. لكن، لا ترتبط السكريات الطبيعية، مثل تلك الموجودة في الفواكه والخضراوات، بمخاطر الإصابة بالسكري، على عكس المُحلّيات الصناعية.
