ما أسباب المازوخية والسادية؟
كنت أبحث عن effect of corporal punishment ظهر لي فيديو لمدرس يقوم بضرب طالب على المؤخرة بسبب تدني مستواه الدراسي، وهذا يسمى spanking، هل ما فعله يعتبر مازوخية أو له مقصد جنسي؟ قمت بالبحث عن كلمة spanking ظهر لي فيديوهات كثيرة لرجل يضرب امرأة بهذا الشكل وبعد البحث علمت أنها فيديوهات إباحية لانحراف جنسي يسمي المازوخية. هل هذا العقاب في الصغر يؤدي إلى المازوخية؟ وهل قد تكون نية المُدرّسة جنسية؟
عزيزتي:
أول ما لفت انتباهي في رسالتك هو رغبتك في المزيد من المعرفة، فرغم كونها أمراً طبيعياً فطرياً ومفيداً؛ إلا أنه مثل أي شيء في الحياة حين يزداد عن حده ربما ينقلب لضده، فأردت أن تنتبهي لذلك؛ للحفاظ على جمال تلك الفطرة في حجمها ومناسبتها قدر إمكانك.
وسأرد عليك على المستوى العلمي قدر الإمكان؛ لأن هذه السلوكيات معقدة متشابكة، وأرجو ألا تكون إجابتي عنها بها اختزال مُخل.
السؤال الأول هو نفس رد الثاني، فالسادية والمازوخية بدايةً هي أمر غير فطري، يكتسبه الشخص في البداية من وضع يضطر له اضطراراً في صغره داخل أسرته الأولى التي ترعاه؛ فتجعله يضطر لإهدار حقوقه النفسية والمادية؛ حفاظاً على إحساسه بالأمان النفسي والمادي في البيئة المسيئة التي يعيش فيها، وذلك يمكن تفهمه في الصغر لعدم اكتمال إدراك الطفل وعدم وجود مهارات كافية أو مقومات لفعل غير ذلك، ناهيك عن وجود نموذج لإهدار الحقوق غير المُعَبَّر عنها، ولكن تأثيره حادث على الأفراد؛ خاصةً الأطفال، مثل وجود أم ترضى بالإهانة والصمت أمام حقوقها النفسية أو المالية أمام بطش الزوج وعلى مرأى ومسمع من الأبناء، وكذلك الشخص السادي ضغط عليه المناخ المحيط به لأن يكون ذلك الشخص الذي يتلذذ بإهانة وإذلال الآخرينـ وأيضاً لوجود نموذج يعيش معه ويرى ويتأثر به رغم صغر سنه وضَعف قدراته، وعدم اكتمال وعيه، فالمازوخية والسادية “سلوك” نابع عن عقيدة متأصلة داخل عقل الشخص تشابكت عنكبوتياً مع مؤثرات أخرى؛ فقد نجد موظفًا يخضع لسادية وتعسف مديره وإهدار حقوقه رغم عدم وجود أي علاقة جسدية بينهما، ولكنها في علاقة مازوخية وسادية.
ما هي إذن المؤثرات الأخرى؟ هي دراسات نفسية تحليلية وإكلينيكة ونفسية بدءاً من فرويد مروراً بالعالم جون موني، وانتهاءً بالتقييم الرابع الأمريكي المعدل لوجود أسباب جينية واضطرابات هرمونية وتاريخ جنسي وعلاقات مرَضية، أو وجود اضطرابات نفسية أخرى ينتج عن وجودها مثل تلك السلوكيات في بعض الحالات، وكل هذا يخص العلاقات الجنسية تحديداً، وتبقى دوماً النية عند الله وحده عز وجل لا أحد يعرف نية أحد، دمت بخير.