كيفية التعامل مع سلوك الهروب لدى الأطفال
قال لي ابني سوف أهرب من البيت، فماذا أفعل، ولماذا قال هذا؟
الأخ الفاضل:
الإنسان حين يشعر برغبة في الهروب عموماً؛ فهذا يعني أن هناك ضغطاً نفسياً صار ثقيلاً عليه ويعاني منه، ولا يتمكن في نفس الوقت مواجهته، أو حتى التكيف معه، وحين نتحدث عن رغبة ابن في الهروب من المنزل والإعلان عن ذلك فيكون هناك في الغالب “رسالة استغاثة” بجانب ما تحدثنا عنه، فأرجو ألا تتأخر في استلامها منه؛ لتتمكن من مساعدته، وأعني بذلك أن من تختمر في رأسه فكرة الهروب فعلاً؛ يخطط لها في صمت، ويرتب لها في صمت، وينفذها بصمت، وهذا ما يجعلني أراها رسالة استغاثة لك؛ لتساعده قبل الوصول لنقطة اللا عودة، وكأنه يطلب منك مساعدته ألا يهرب بإتاحة فرصة ليتحدث عما يضغط عليه ويجعله لا يتمكن من التكيف معه، ولا يواجهه في ذات الوقت، لذا هذه هي الخطوة الأولى، أن تطمئنه أنك تسمعه وتريد أن تفهم منه أكثر لماذا يريد الهروب؟ أو اجعل الفضول يملأ قلبك تجاه رغبته، والفضول غير القلق والحزن والصدمة والتحقيق معه للحصول على تقارير ومِن ثَمَّ حلول، فقط فضول متعاطف يصل له من قلبك بأنك موجود لتعرف أكثر ما الذي سيحققه الهروب له؟ وانتظر واسمع بتعاطف، وكلما كان عمر ولدك أصغر نفسيًا ومادياً ولا يتسق معه استقلاله؛ كلما كان احتياجه لتفهمك كأب ومصاحبته بصدق أحوج ما يكون لديه.
وبعد تلك الخطوة أعطه المزيد من التطمين بأنك سمعته وعرفت ما يحتاجه وأنك ستحاول توفيره؛ لأنك أنت من يحتاج لوجوده في حياتك كابن تحبه، وترجو سعادته.
ثانياً: مراجعة ما قاله لك من أسباب بصدق، وتفقد مدى واقعيتها ومدى مسؤوليتك عنها، وخذ وقتك بصدق مع نفسك لتمييزها عن كونها ارتباكات نفسية لديه وليس لها علاقة بالواقع؛ لتتمكن من أخذ خطوة صحيحة تجاه حمايته أو مساعدته فعلاً أن يكون أفضل، وهذا يجعلني أقترح عليك عدة نقاط غاية في الأهمية:
- ألا تقوم بتلك الخطوات أبداً قبل أن تأخذ وقتك بصدق مع نفسك أن يكون بداخلك فضول لتتعرف على ابنك الحقيقي وليس ابنك الذي تتخيله في رأسك، وأن تسمعه بدون شخصنة حتى لو اشتكى منك أنت.
- لا تقم بوعود وعهود غير مضمونة، أو غير قابلة للتنفيذ، أو تنفيذها يضر العائلة مقابل طلباته هو فقط، ولكن كن صادقاً متسائلاً بلطف عن طلباته كيف يرى هو حلها؟ أو كيف ستضعا مثلًا خطة سوياً قابلة للتنفيذ، أو أي طريقة تعاون قابلة للتنفيذ.
- ربما تكون معاناته لا تعود لنمط الحياة معكم، أو لأسباب تعود بالأساس لمن حوله من أفراد أسرتكم، ولكن تعود لطريقة تفكيره، أو استقباله هو للأحداث، أو ما شابه، وهنا أكمل بنفس الفضول المتعاطف حديثك معه؛ لتعرض عليه التواصل مع متخصص يساعده في ذلك؛ لتكون خطوة صحيحة يعرف معها نفسه، أو حتى ما لم يمكنكما من استكشافه سوياً من خلال حديثكما.
وأخيراً؛ أرجو أن تتحلى بالفضول المتعاطف مع نفسك أولًا، لتتمكن من فعل ذلك معه، ولا تقع في الإفراط أو التفريط في مدى تقييمك لمعاناته، أو مدى مسؤوليتك عن رغبته تلك، ودمتم بخير.