صديقتي كوني الأم لنفسك أولاً
صديقتي أمة الله..
تحياتي لك عزيزتي وأشكرك على إرسال هذه الاستشارة..
تلقيت كلماتك بألم يا عزيزتي.. خاصة شعورك بعدم جدوى الحياة. ولكن يعزيك أن تدركي أنني أشعر بك جدا، بألمك وحزنك وحيرتك وبشعورك بالعجز أمام ما تحمله لك أقدارك في جسدك.
وأصدقك أيضا في لحظات الرضا التي تختبرينها، هي لحظات متقلبة بطبعها.. تفلت منك لتجدي نفسك في حزن وضيق ثم تمسكي بها مرة أخرى فيهدأ بالك، وهكذا دواليك. ولا بأس فهذا حالنا جميعا صديقتي، نتقلب بين الرضا والألم أمام مصاعب الحياة.
كما راودني عند قراءة كلماتك شعور بالتعاطف مع جسدك الذي تألم كلما تاهت بضع خلايا من بطانة الرحم في جوفه، هذا الجسد الذي يحتاج إلى رعايتك وحبك لتعينيه على أن يظل وعاءك الحاني. فجسدك لا يقتصر فقط على احتواء جنين، فهو يستطيع أن يحتويك أنت وأن يشعر بك وأن يعبر عنك وربما بعد أن تتوطد علاقتك به سيمكنكما الاستمتاع معا واستقبال الفرحة معا.
عزيزتي، ربما كانت احتمالات الإنجاب أقل بعد إزالة أحد المبيضين، لكن أمومتك ليست مقتصرة على الإنجاب فقط، أمومتك غريزة وفطرة وموقف في الحياة. وأدعوكِ يا صديقتي إلى أن تبدأي ممارستها في نفسك.. أن تراعي نفسك وتحبيها وتقبليها وتستمعي لها.. لما تحتاجه ولما تشعر به بلا إيلام أو اشتراطات.. أن تدافعي عن حقوقها وتعطيها لها، ولا تسمحي لأي شخص بإيذائها.. أن تسمحي لها بأن تقول "لا" لمن يهينها أو يجرحها حتى لو كانت أختك. أن تكرمي نفسك كما كرمها الله، وأن تلتقطي لحظات الفرح لها لأنها تستحقها، وأن تسمحي لها بالحزن عندما يزورها ولكن لن تدعي الزائر يصبح مقيما دائما مانعا غيره من اللحظات والمشاعر.. وأن تصدقي في شجاعتها، وفي تميزها، وفي قدراتها.
أقترح عليك يا صديقتي نوعا من الدعم النفسي والمساعدة المتخصصة لمساعدتك على خوض رحلتك الخاصة مع نفسك وجسدك. وتكون هذه المساعدة ذات أهمية قصوى عندما ينتابك الشعور المؤسف بفقدان الرغبة في الحياة. فلا تبخلي على نفسك بالبحث عن معالج نفسي متخصص ليعينك. كما أن أختك تحتاج إلي مساعدة نفسية هي الأخرى كما توحي كلماتك عنها وعن تعليقاتها لك لتتوقف عن طرح مشاعر الغضب والكراهية عليك. فهذا وضع غير مقبول ويحتاج لتدخل من أبويكما ومن المعالج النفسي.
لا أعلم بشكل دقيق تطور الحالة الطبية التي تمرين بها وأثرها على فرص الإنجاب.. بحسب كلامك ما زال لديك مبيض لم تتم إزالته. فدعينا لا نفقد الأمل إذن ولنبحث في فرص الإنجاب مع طبيبك المختص. حتى لو كانت الاحتمالات أقل لكنك تستحقين وجودها.
في النهاية، نحن لا نستبدل قضاء الله يا صديقتي، ولكننا نستمسك بلطفه، ولطف خلقه، ولطفنا مع أنفسنا.
اقرئي أيضاً:
القبول والمسؤولية.. خطواتك لنفسك الحقيقية
الحقن المجهري.. أمل للمحرومين من الإنجاب (ملف)
بطانة الرحم المهاجرة.. تحتفظ بخصائصها (ملف)
لدي مبيض واحد.. هل أستطيع الإنجاب؟