04 أبريل 2017
دليل تفصيلي للتعامل مع خجل أبنائك
ابنتي عمرها 9 سنوات، وهي خجولة جدا، وكلامها قليل، وتم نقلها من مدرسة سابقة لتدهور مستواها الدراسي بسبب الخجل من الرد علي المدرسين أو حتي السؤال عن جزء لا تفهمه .. والآن في المدرسة الجديدة أقامت صداقات ولكنها غير سعيدة بها لأنها تشعر بأنها تابع وتضطر أحيانا للكذب حتى يرضوا عنها وهي تقول ذلك بنفسها وفي بعض الأحيان يضايقونها بالكلام أو الأفعال، فهي تريد ترك المدرسة وعدم دخول مدارس مرة أخرى. ماذا أفعل؟
عزيزتي الوالدة،
تحياتي..
بحسب نظرية أريك أريكسون في النمو النفسي اجتماعي، يمر الطفل من سن الخامسة حتى الحادية عشرة بمرحلة في نموه يسميها "الاجتهاد مقابل النقص"، ويكون مشغولا بسؤال هام: "هل يمكنني أن أكون جيدا؟ هل أنا كفء أم أن قدراتي أقل ممن حولي؟ هذه المرحلة ذات أهمية خاصة حيث يتكون خلالها لدى الطفل شعوره بالثقة بالذات.
العوامل التي تؤثر على هذه المرحلة هي علاقاته الاجتماعية بأصدقائه وزملائه، وأداؤه الدراسي وقدرته على الإنجاز. ومن خلالها يحصل الطفل على الاهتمام والتقدير على نشاطاته وقدراته المختلفة مثل القراءة والكتابة والرسم وحل المشكلات.
ما تهتم به ابنتك هو بالضبط ما يهتم به الأطفال في سنها، رغبتها في كسب رضا الآخرين عنها، انتباهها للدور الذي تأخذه معظم الوقت في علاقاتها، اهتمامها بالطريقة التي يراها بها أصدقاؤها. إلا أنها تواجه صعوبة في اكتساب المهارات الاجتماعية التي تحتاج لها لاجتياز هذه المرحلة بشكل يساعدها على الشعور بكفاءتها فيما بعد؛ مما جعل العلاقات الاجتماعية تمثل ضغطا عليها وتضطرها إلى سلوك غير مفيد مثل الكذب في محاولة لتعويض ما تشعر بأنه ينقصها من مهارات، وتصيبها بقلق يجعلها تفضل الانعزال على الاختلاط، وإلى درجة من درجات القلق والرهاب الاجتماعي.
ويبدو أن مهاراتها الاجتماعية لم يسنح لها الفرصة للتطور السليم في مراحل النمو السابقة. الخجل في حد ذاته قد يكون طبيعة شخصية لا بأس بها، لكن الخجل الشديد لدى الطفل الذي يمنعه من طلب المساعدة في الفصل قد يعني انخفاضا في ثقته بنفسه، وقد يعني التخوف الزائد من أن يخطئ بأي شكل، وقد يعني عدم الشعور بالأمان مع الآخرين، وقد يعني أن صورته الذاتية عن نفسه غير جيدة، وقد يعني أيضا أن نوع التربية التي تعرض لها في المنزل إما عنيفة وانتقادية بعض الشيء، وإما تتسم بالحماية الزائدة وتلجأ لعدم تعريضه لأي موقف جديد أو غير مريح. قد يعني أن الأبوين صارمان إلى حد ما، أو أنهما خجولان ومتحفظان أيضا بطبعهما.
ما تحتاج له طفلتك بداية هو عدم ربط قدراتها وإنجازاتها بالحب والاهتمام الذي تحصل عليه منك. تحتاج إلى رسالة قبول غير مشروط منك تضعها هي في المقدمة قبل مستواها الدراسي ولا يتأثر بعثراتها وأخطائها.
ثم تحتاج منك إلى تفهم كامل لمشاعرها في الوقت الحالي، للحزن والإحباط والقلق والخجل، بدون أن تنصحيها بأنها يجب أن تتغير ويجب أن تصاحب ويجب ألّا تكذب. لنؤجل النصائح قليلا الآن. يمكنك قراءة قصص معها عن أطفال تشعر بالوحدة أو الحزن أو الخجل مثلها. يمكنكما مشاهدة أفلام تتحدث عن أطفال يتعرضون لما تتعرض له من مشاكل في العلاقات وأن تتناقشا حول بطلة الفيلم وعن المشاكل التي واجهتها وعن الحلول التي أوجدتها. سيكون مفيدا للغاية أن تشعر أنها مفهومة ومسموعة ومقبولة بما لديها الآن.
ثم لتغير طفلتك موقعها كتابعة دائما في علاقاتها، سيفيدها أن تمارس دور المشارك المبادر في البيت كبداية معك ومع أبيها وأخوتها، وأن تشارككما في قرارات المنزل ومسؤولياته.
أن تشجعوها على القيام بمسؤولية بعض الأنشطة في البيت أو خارجه بدون فرض حماية مفرطة، وعندما تفشل لا تحبطوها، ولكن أشيروا إلى الجانب الإيجابي في محاولاتها.
وفي الوقت نفسه لا تدفعوها إلى مهام صعبة عليها أو غير محببة لها كمحاولة للتغلب على خجلها، فمن المهم تجنب المقارنات والتعليقات السلبية التي تزيد من إحساسها بعدم الكفاءة.
يمكنكم القيام بأنشطة متنوعة معا، تختبر من خلالها قدرتها على التحدث بحرية بدون خوف من أن ينتقدها أحد بشكل قاس أو يستهزئ بكلامها.
من المهم أن تمارس معك مهارة الحزم assertiveness فتسمحي لها بأن تعترض، وأن تقول لك (لا) بدون أن يتم تأنيبها، وأن تجعلي بينكما فرصة للتحاور والنقاش.
بالنسبة للمدرسة، يمكنك تشجيعها على الذهاب بهدف اجتماعي بسيط جدا لكل يوم تتفقان عليه سابقا. مثلا سيكون هدفنا اليوم هو إلقاء تحية الصباح على الزميلة التي تجلس بجوارها في الفصل، فقط لا غير. ثم اليوم الذي بعده تلقينها على من معها في الفصل فقط لا غير، ثم أن تدعو أحد الأطفال إلى مشاركتها نشاطا ما فقط لا غير، وهكذا.. الاحتفاء معها بهذه الخطوات البسيطة سيعينها على تخطي حاجز الخجل، ويعلمها مهارات اجتماعية أساسية تعينها على الاستمرار في المدرسة.
مرة أخرى، القبول غير المشروط، والتفهم الحقيقي لمشاعرها بدون ضغط، وتمكينها في علاقتها بأفراد أسرتها سيقلل كثيرا شعورها بالضيق والإحباط، وسيمنحها ثقة كافية بنفسها لتطور مهاراتها الاجتماعية بالخارج مما سيؤهلها إلى تجاوز هذه المرحلة بسلام.
إذا استمرت رغبتها في الانعزال والانسحاب من أنشطتها الأكاديمية أو الترفيهية أو أصبحت تمر بنوبات هلع و خوف أو احمرار في الوجه وارتعاش في وجود آخرين، أو أعراض نفس-جسدية للتهرب من المدرسة أو التجمعات، فسيكون من المفضل عرضها على أخصائي نفسي مختص لمناجزة حالتها بشكل أعمق وتحديد العلاج المناسب.
اقرئي أيضا:
منهج وخطوات عملية لتقدير الذات
هل تقدر ذاتك تقديراً صحياً؟
خدعة الثقة بالنفس
هل تريد أن تخسر ابنك؟.. عن الإساءة النفسية نتحدث
إساءات الطفولة.. كيف يصبح الملاك وحشا؟
تحياتي..
بحسب نظرية أريك أريكسون في النمو النفسي اجتماعي، يمر الطفل من سن الخامسة حتى الحادية عشرة بمرحلة في نموه يسميها "الاجتهاد مقابل النقص"، ويكون مشغولا بسؤال هام: "هل يمكنني أن أكون جيدا؟ هل أنا كفء أم أن قدراتي أقل ممن حولي؟ هذه المرحلة ذات أهمية خاصة حيث يتكون خلالها لدى الطفل شعوره بالثقة بالذات.
العوامل التي تؤثر على هذه المرحلة هي علاقاته الاجتماعية بأصدقائه وزملائه، وأداؤه الدراسي وقدرته على الإنجاز. ومن خلالها يحصل الطفل على الاهتمام والتقدير على نشاطاته وقدراته المختلفة مثل القراءة والكتابة والرسم وحل المشكلات.
ما تهتم به ابنتك هو بالضبط ما يهتم به الأطفال في سنها، رغبتها في كسب رضا الآخرين عنها، انتباهها للدور الذي تأخذه معظم الوقت في علاقاتها، اهتمامها بالطريقة التي يراها بها أصدقاؤها. إلا أنها تواجه صعوبة في اكتساب المهارات الاجتماعية التي تحتاج لها لاجتياز هذه المرحلة بشكل يساعدها على الشعور بكفاءتها فيما بعد؛ مما جعل العلاقات الاجتماعية تمثل ضغطا عليها وتضطرها إلى سلوك غير مفيد مثل الكذب في محاولة لتعويض ما تشعر بأنه ينقصها من مهارات، وتصيبها بقلق يجعلها تفضل الانعزال على الاختلاط، وإلى درجة من درجات القلق والرهاب الاجتماعي.
ويبدو أن مهاراتها الاجتماعية لم يسنح لها الفرصة للتطور السليم في مراحل النمو السابقة. الخجل في حد ذاته قد يكون طبيعة شخصية لا بأس بها، لكن الخجل الشديد لدى الطفل الذي يمنعه من طلب المساعدة في الفصل قد يعني انخفاضا في ثقته بنفسه، وقد يعني التخوف الزائد من أن يخطئ بأي شكل، وقد يعني عدم الشعور بالأمان مع الآخرين، وقد يعني أن صورته الذاتية عن نفسه غير جيدة، وقد يعني أيضا أن نوع التربية التي تعرض لها في المنزل إما عنيفة وانتقادية بعض الشيء، وإما تتسم بالحماية الزائدة وتلجأ لعدم تعريضه لأي موقف جديد أو غير مريح. قد يعني أن الأبوين صارمان إلى حد ما، أو أنهما خجولان ومتحفظان أيضا بطبعهما.
ما تحتاج له طفلتك بداية هو عدم ربط قدراتها وإنجازاتها بالحب والاهتمام الذي تحصل عليه منك. تحتاج إلى رسالة قبول غير مشروط منك تضعها هي في المقدمة قبل مستواها الدراسي ولا يتأثر بعثراتها وأخطائها.
ثم تحتاج منك إلى تفهم كامل لمشاعرها في الوقت الحالي، للحزن والإحباط والقلق والخجل، بدون أن تنصحيها بأنها يجب أن تتغير ويجب أن تصاحب ويجب ألّا تكذب. لنؤجل النصائح قليلا الآن. يمكنك قراءة قصص معها عن أطفال تشعر بالوحدة أو الحزن أو الخجل مثلها. يمكنكما مشاهدة أفلام تتحدث عن أطفال يتعرضون لما تتعرض له من مشاكل في العلاقات وأن تتناقشا حول بطلة الفيلم وعن المشاكل التي واجهتها وعن الحلول التي أوجدتها. سيكون مفيدا للغاية أن تشعر أنها مفهومة ومسموعة ومقبولة بما لديها الآن.
ثم لتغير طفلتك موقعها كتابعة دائما في علاقاتها، سيفيدها أن تمارس دور المشارك المبادر في البيت كبداية معك ومع أبيها وأخوتها، وأن تشارككما في قرارات المنزل ومسؤولياته.
أن تشجعوها على القيام بمسؤولية بعض الأنشطة في البيت أو خارجه بدون فرض حماية مفرطة، وعندما تفشل لا تحبطوها، ولكن أشيروا إلى الجانب الإيجابي في محاولاتها.
وفي الوقت نفسه لا تدفعوها إلى مهام صعبة عليها أو غير محببة لها كمحاولة للتغلب على خجلها، فمن المهم تجنب المقارنات والتعليقات السلبية التي تزيد من إحساسها بعدم الكفاءة.
يمكنكم القيام بأنشطة متنوعة معا، تختبر من خلالها قدرتها على التحدث بحرية بدون خوف من أن ينتقدها أحد بشكل قاس أو يستهزئ بكلامها.
من المهم أن تمارس معك مهارة الحزم assertiveness فتسمحي لها بأن تعترض، وأن تقول لك (لا) بدون أن يتم تأنيبها، وأن تجعلي بينكما فرصة للتحاور والنقاش.
بالنسبة للمدرسة، يمكنك تشجيعها على الذهاب بهدف اجتماعي بسيط جدا لكل يوم تتفقان عليه سابقا. مثلا سيكون هدفنا اليوم هو إلقاء تحية الصباح على الزميلة التي تجلس بجوارها في الفصل، فقط لا غير. ثم اليوم الذي بعده تلقينها على من معها في الفصل فقط لا غير، ثم أن تدعو أحد الأطفال إلى مشاركتها نشاطا ما فقط لا غير، وهكذا.. الاحتفاء معها بهذه الخطوات البسيطة سيعينها على تخطي حاجز الخجل، ويعلمها مهارات اجتماعية أساسية تعينها على الاستمرار في المدرسة.
مرة أخرى، القبول غير المشروط، والتفهم الحقيقي لمشاعرها بدون ضغط، وتمكينها في علاقتها بأفراد أسرتها سيقلل كثيرا شعورها بالضيق والإحباط، وسيمنحها ثقة كافية بنفسها لتطور مهاراتها الاجتماعية بالخارج مما سيؤهلها إلى تجاوز هذه المرحلة بسلام.
إذا استمرت رغبتها في الانعزال والانسحاب من أنشطتها الأكاديمية أو الترفيهية أو أصبحت تمر بنوبات هلع و خوف أو احمرار في الوجه وارتعاش في وجود آخرين، أو أعراض نفس-جسدية للتهرب من المدرسة أو التجمعات، فسيكون من المفضل عرضها على أخصائي نفسي مختص لمناجزة حالتها بشكل أعمق وتحديد العلاج المناسب.
اقرئي أيضا:
منهج وخطوات عملية لتقدير الذات
هل تقدر ذاتك تقديراً صحياً؟
خدعة الثقة بالنفس
هل تريد أن تخسر ابنك؟.. عن الإساءة النفسية نتحدث
إساءات الطفولة.. كيف يصبح الملاك وحشا؟