الوحدة وتبعاتها وكيفية التغلب عليها؟
لدي مشكلة هي أنه ليس لدي أصحاب، أشعر بالوحدة ولا يوجد أي شيء في حياتي يفرحني، أنا فقيرة، ولا أشعر بوجود أحد إلى جانبي، لا صاحب ولا أخ ولا أخت، ما الحل؟
ابنتي السائلة، هل تعلمين أن معنى اسمك ليس له علاقة بموضوع الوحدة فهو يعني الحلوة اللذيذة الكاملة العَذبة، نعم يا صغيرتي، فاسمك ليس صدفة، فاسم كل إنسان هو حقيقته وهويته حتى يستقر فيه، وحتى وإن لم تشعري بذلك الآن، أو شعرتِ بعكسه كما اتضح من رسالتك، فلا زالت تلك هي الحقيقة.
ويبدو أن إحساسك كما قلتِ بأنَك فقيرة قد ربطتِّه بموضوع الوحدة وبعدم وجود أحد في حياتك بأي صورة، وهذا الربط أيضاً يحتاج لمراجعة، فالفقر ليس شيئاً مبهجاً؛ ولكن تعاملك معه هو الذي يُحْدث الفارق، فقد يكون هناك شخص فقير، ولكنه غير نظيف في طريقته وسلوكياته؛ فينفر الناس منه، فهل ابتعدوا عنه لفقره؟!
رفضك لفقرك لن يزيد الطين إلا بلَّة، واستسلامك له كذلك، ولكن قبول وجوده الآن هو ما سيساعدك على القيام بأمور أخرى لم تكن في حسبانك أنك قادرة عليها أو يمكنك تعديلها وملاحظتها، فقط لأنك كنت مشغولة في داخل نفسك بمعركة رفض الفقر أو الاستسلام له.
كيفية التخلص من الوحدة وآثارها
تجنب الصمت الدائم
الإنسان صعب أن يُقبِل على التعرف والتقرب من شخص صامت معظم الوقت، أو لا يعرف عنه شيئًا يخص تفكيره أو مشاعره أو ما يحبه، وهكذا، فلو كان ذلك موجوداً فلتبدئي في التعرف بصدق على حقيقة صمتك هذا، هل مثلاً لخوفك من قول رأيك أمام آخرين؟ أو كيف سيتم مقابلته من الآخرين؟ أم لإحساسك أنه ربما يكون ليس له قيمة؟ أو لن يضيف شيئاً مذكوراً؟ فكل ذلك يحتاج لمراجعة، لأنه ببساطة غير صحيح.
فن الاستماع
أدعوكِ أن تستمعي لمن يتحدثون من زملائكِ، أو أي تجمع بأي شكل، هل كل حديثهم هادفًا ذا إضافة، أو ناجعًا كما يقولون؟ بالطبع لا، ولكن القصة في أنك لا تصدقين من داخلك أنك موجودة، وأن من حقكِ أن تتحدثي وتعبِّري عن نفسك، فإن كانت المشكلة في ذلك؛ فمراجعة تلك النقطة هي الحل.
هل أنت حقًا وحيدة؟
أريدك أن تراجعي "فكرة" أنه ليس عندك أي أحد في حياتي، لا صديق ولا حبيب ولا أخ، فهل أنتِ وحيدة والديك؟ هل فعلاً لا يوجد أي شخص تماماً في حياتك؟ أهل، أقارب، جيران، معارف، مدرسين ... إلخ؟ فإن كان هناك ولو شخص واحد موجودًا في حياتك؛ فأدعوك لتغيير تلك الفكرة، فقد يكون الأمر مختلطاً فقط عليكِ، لأنه لا يوجد شخص "قريب منك كما تريدين"، فتخلقي لديك إحساسًا يأخذ حجماً أكثر من حقيقته حين ترددين بداخلك بأنك وحدك، لا أحد معك أبدًا، ولا أحد يحبك!
العمل التطوعي
للتغلب على الوحدة فقد يكون خيار العمل التطوعي مفيدًا، لما يمنحه من شعور بالقيمة والفائدة التي يقدمها، وفقًا لدراسة نشرتها غارديان البريطانية تقول إن التطوع ساعتين أسبوعيًا يقلل من الشعور بالوحدة.
الاستمتاع بالوقت
فالاستمتاع بالوقت لا يقل أهمية عن النشاط الاجتماعي، فاشغلي وقتك عن التفكير في موضوع الوحدة بهواياتك واهتماماتك وبالمتعة التي توفرها لك هذه الأشياء، ولا تربطي سعادتك بالآخرين.
الخلاصة
ابنتي السائلة؛ لا تجمعي على نفسك مضرّتين، مرة الفقر ومرة الوحدة واعلمي أن الذي خلقهما هو الأقرب لك، فاسأليه واطلبي منه ما تشائين من أصدقاء وحال أفضل، ولا تتحدثي مع نفسك بطريقة سلبية، ولا تُسمعي نفسك إلا الخير، واعلمي أن الرضى لا يورث صاحبه إلا الرضا، أتمنى لك مستقبلًا مليئًا بالخير وبانتظار أخبار سارة عنك.