الزوج السيء مع أسرته هل يعتبر مريضًا نفسيًا؟

الأخت الكريمة:

بما أن كل ما يخصك هو أن تتعرفي هل هو مريض، أو أنه شخص سيء السلوك فقط، فهذا يجعلني أوضح لك أقسام المرضى لدينا في المجال النفسي، أو بمعنى آخر أنواع الأشخاص الذين يحتاجون لتدخل متخصص نفسي ماهر لعلاجهم، وهم ثلاثة: النوع الأول هو شخص حدَثت له خبرات سيئة أثّرت على سوائه النفسي، وتمكَّن جهازه النفسي من التكيف معها لسنوات ظاناً أنه يتمكن من تجاوزها، وهو يستطيع، حين لا يتمكّن جهازه النفسي من القيام بذلك أكثر من هذا؛ أن يلاحظ وجود تغيير في مشاعره أو أفكاره عن السابق، ويعترف بها، وهذا النوع يعاني من أمراض نفسية، أشهرها القلق والاكتئاب، وبالطبع بدرجات متفاوتة، ويكون دور البطولة في علاجه للجلسات النفسية، وقد يحتاج البعض منهم لأدوية نفسية تساعدهم في إكمال العلاج.

والنوع الثاني: هو الشخص الذي لديه خلل وراثي جيني في الناقلات العصبية، أو الخلية العصبية، أو أنه تعرض لحادثة مثلاً كبيرة، وكان أثرها قوي على المخ، كخبطة أو ضربة أو ما شابه ذلك؛ أي أسباب عضوية بالأساس؛ أدت لاضطرابات نفسية، وهذا الشخص يتم علاجه بالأساس بالأدوية، وقد تساعده بعض الجلسات النفسية للدعم، أو لقبول ما حدث له، أو قبول ما لديه، وما يسبب له مشاعر وتصرفات غير صحية، ويكون لديه درجة من الوعي بوجود مرض، أو أثّر عليه جراء ذلك حسب سنه، وتكوينه النفسي، ومهاراته، والمناخ من حوله ... إلخ.

والنوع الثالث: وهو ليس مريضاً نفسياً كما هو متعارف عليه في النوع الأول، ولا مريضاً بسبب عضوي كالنوع الثاني، ولكنه يحمل في شخصيته مشاعر وأفكار، وبالتالي تصرفات “خبيثة" تشابكت وتضافرت كالعاشق والمعشوق في شخصيته منذ صغره، من السادسة من العمر مثلا، وظلت تكبر وتنمو مع كبر عمره وبروز شخصيته بمرور العمر، لذا هو لن يلاحظ وجود شيء غريب عليه يحدث؛ فهو كما يعرف نفسه كما هو منذ صغره، حتى مَن حوله يتعرفون ويتعايشون معه على ذلك منذ صغره، فنجد جملة تتكرر لديهم وهي ”هو كِدة من يومه”، وبالتالي لن يعترف أبداً أن لديه اضطراب نفسي، بل سيجد مَن حوله هم من يحتاجون لعلاج أو تغيير؛ لأنه هو كما هو، بل وجيّد التعامل مع الناس، وربما يحقق إنجازات في كثير من الأحيان على المستوى المهني أو الدراسي أو المالي، أو المكانة الاجتماعية ... إلخ، ولا يأتي للعلاج أبدًا، ولكن تأتينا الدائرة القريبة التي منه تعاني منه، كالزوجة والأولاد، وهذا الاضطراب النفسي يكون بدرجات أيضاً، وكلما كانت الحالة بسيطة؛ تمكَّن الشخص من الوعي بها ولو قليلاً، ويفكر في العلاج.

ولكننا مع اضطرابات هذا النوع بدرجات أكثر من متوسطة أو شديدة لا يأتي للعلاج ولا يعترف به، وكذلك لم نجِد أن هذا النوع من المرضى صاحب اضطراب نفسي واحد، ولكنه يحمل على الأقل دوماً؛ نوعين أو ثلاثة من الاضطرابات معاً، وهذا مع مَن وصَل لدرجة أكثر من متوسطه أو عالية، ويحتاج مِن المعالج نفسه فترة لتحديد درجة الاضطرابات إن جاء للعلاج، ويكون وسط المجتمع سوياً من الخارج، فهو ليس مكتئباً منسحِباً كالنوع الأول مثلا، ولا واضح عليه مرضه بسبب عضوي كالنوع الثاني، ويعتبر أصعب نوع من المرضى، ويحتاج لعلاج طويل إن رأى أنه مريض، أو اعترف بذلك، أظنني قد جاوبتك على سؤالك،  وعليكِ الاستيضاح لما تريدين من خلال ما أوضحته من أمور يتميز بها كل نوع. دمت بخير.