أسرة مفككة وإساءات.. هلع وتفكير كارثي
كنت أعاني من نوبات هلع لمدة سنتين. وكانت تأتي دائماً، والآن الحمد لله تأتي قبل الدورة الشهرية أو عندما أتعرض لخبر مفزع فقط. توجد مشاكل عائلية وخلافات في الأسرة، وتعرضت للتحرش الجنسي وأنا صغيرة، وكنت مخطوبة وانفسخت خطوبتي، وتقريباً بعدها بدأت حياتي تتغير، ولكن الحمد لله أنا الآن مخطوبة لشخص أحبه. لكن أصبح عقلي لا يتوقف عن التفكير في الأشياء السيئة، وأرى أحلاماً مزعجة، ومنذ فترة، نحو ثلاثة أشهر، شعرت بإحساس في قلبي أن لا قدر الله خطيبي عمره قصير.. وساعات أحس إنه خلاص راح يموت.. ولما صورته تيجي علي بالي أشعر بالخوف.. وأحس بإنه هيموت.. وأخاف أن يتركني.. ودائماً توجد خلافات بيننا.
الأخت الكريمة Sama،
قلبي معك. ما مررت به صعب وصعب جداً. أدرك مدى صعوبته؛ خلافات عائلية وتحرش وفقدان الخطيب، وبالتالي فجهازك النفسي لم يتحمل كل هذه الضغوط فظهرت في صورة نوبات هلع، ونوبات الهلع في حقيقتها هي خوف ورعب من الموت.
وعندما خطبت لشخص آخر تحولت نوبات الهلع إلى رعب من فقد هذا الحبيب، ربما تستمدين وجودك من وجوده، وفي الأغلب عندك مشكلة في العلاقات والتعلق، وسببها أزمات الطفولة والعلاقة المضطربة مع الوالدين، وكل هذا أدى بك إلى القلق الرهيب الذي تعانين منه، والتفكير الكارثي. فأنت دوما تتوقعين الكوارث. وبالطبع كل هذا سيجعلك مضغوطة جداً، ما يسبب مشكلات مع خطيبك.
المهم أنه وعلى الرغم من كل هذه المشاكل فإنني مطمئنة وعندي أمل كبير. فطاقة الحياة بداخلك كبيرة، وهي التي دفعتك إلى مراسلتنا، وهي التي ستدفعك إلى طلب المساعدة المتخصصة. فنحن في صحتك غاية ما يمكننا فعله هو أنا نقدم لك استشارة مكتوبة. ولكنك بحاجة إلى أن تسيري في طريق النضج الوجداني. ومن الصعب أن تسيري في هذا الطريق وحدك، إذ تحتاجين إلى صحبة معالج متخصص على الأقل ليساعدك حتى تضعي قدميك على الطريق وتبدئي خطواتك الأولى.
أدعوك إلى الآن أن تبحثي حولك عن هذا المعالج، وأن تبدئي فوراً، وأنا معك وإلى جوارك. فتابعيني بالتطورات.
وحتى يحدث هذا أدعوك إلى أن تطبقي هذا التدريب البسيط:
احضري ورقة وقلماً وابدئي في تذكر المرات التي توقعت فيها أسوأ السيناريوهات. توقعت أن ترسبي في الامتحان، أن يموت أحد الأحبة، أن ينفصل والداك فتبقين بدون مورد رزق أو أن يلقيك والدكم في الشارع.. أنا أذكر بعض السيناريوهات التي أتخيلها كأمثلة.. ولكن بالتأكيد أنت أدرى بما كان يدور في عقلك. اكتبي الموقف، واكتبي أسوأ السيناريوهات التي توقعتها، واكتبي بجوار الموقف السيناريو الذي حدث فعلاً. في بعض الأحيان قد يحدث فعلا أسوأ السيناريوهات، ولكن في كم في المائة من المرات؟!!. كم مرة توقعت الأسوأ ولم يحدث؟ وكم مرة حدث الأسوأ ووجدت بعدها أنه لم يكن بالسوء الذي توقعت؟
هذه الطريقة في التفكير ستساعدك كثيراً، إذ يمكنك أن تصلي إلى فكرة بديلة أكثر توازنا من فكرتك الحالية، وفكرتك الحالية هي أن الأسوأ قادم، الفكرة المتوازنة لن تكون أن القادم أفضل دوماً. فهذا غير واقعي. ولكن القادم فيه الجيد وفيه السيء وفيه الأسوأ. فلماذا لا تتوقعين إلا الأسوأ على الرغم من أن توقع الأفضل يعينك على الاستمتاع بما هو متاح بين يديك.
نفذي ما نصحتك به، وابحثي عن العلاج. وتمنياتنا لك بالسلام.