كشف تقرير جديد أن شركة نستله والتي تعتبر من أكبر شركات السلع الاستهلاكية في العالم، تضيف السكر والعسل إلى حليب الأطفال ومنتجات الحبوب التي تباع في العديد من البلدان الفقيرة، وهو ما يتعارض مع المبادئ التوجيهية الدولية التي تهدف إلى الوقاية من السُّمنة والأمراض المزمنة.
وحدث هذا في ضوء إرسال نشطاء من منظمة Public Eye، وهي منظمة تحقيق سويسرية، عينات من منتجات أغذية الأطفال السويسرية المتعددة الجنسيات التي تباع في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية إلى مختبر بلجيكي للاختبار.
وكشفت النتائج وفحص عبوات المنتج عن وجود سكر مضاف على شكل سكروز أو عسل في عينات:
- نيدو، وهي علامة تجارية لتركيبة حليب المتابعة مخصصة للاستخدام للأطفال الرضع الذين تبلغ أعمارهم سنة واحدة فما فوق.
- سيريلاك، وهي منتجات حبوب تستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وسنتين.
ولكن عند التحقيق في الأسواق الأوروبية الرئيسية لشركة نستله، بما في ذلك المملكة المتحدة، تبين عدم وجود سكر مضاف في التركيبات المخصصة للأطفال الصغار. في حين أن بعض الحبوب التي تَستهدف الأطفال الصغار الأكبر سنًا تحتوي على سكر مضاف، إلا أنه لا يوجد أي سكر مضاف في المنتجات التي تَستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وسنة واحدة.
وبحسب خبراء في منظمة Public Eye فإنه يجب على شركة نستله وضع حد لهذه المعايير المزدوجة الخطيرة، والتوقف عن إضافة السكر في جميع المنتجات المخصصة للأطفال دون سن الثالثة، في كل جزء من العالم.
ما هو خطر السكر المضاف على الأطفال؟
توصي المملكة المتحدة بأن يتجنب الأطفال دون سن الرابعة تناول الأطعمة التي تحتوي على سكريات مضافة بسبب المخاطر، بما في ذلك زيادة الوزن وتسوس الأسنان.
وتوصي المبادئ التوجيهية للحكومة الأمريكية بتجنب الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على سكريات مضافة لمن تقل أعمارهم عن عامين.
كما تنص إرشادات منظمة الصحة العالمية الخاصة بالمنطقة الأوروبية على أنه لا ينبغي السماح بالسكريات المضافة أو مواد التحلية في أي طعام للأطفال دون سن الثالثة.
وبحسب الباحثين؛ فإن هذه الوثائق ما تزال ذات أهمية متساوية لجميع الأطفال في جميع أنحاء العالم، ويعزى منع تناول الأطفال دون سن الثالثة للسكر على الآتي:
1. التأثير على النمو والتطور
يخضع الرضع والأطفال الصغار للنمو والتطور بأسرع وتيرة في دورة حياة الإنسان، وبالإضافة إلى النمو السريع في الطول والوزن، تتطور أجهزة المناعة والأدمغة لدى الأطفال أيضًا بوتيرة حرجة.
يحتاج الأطفال دون سن الثانية إلى احتياجات غذائية عالية لأجسامهم، بسبب أن حجم معدتهم صغير، وليس لديهم أي مكان في نظامهم الغذائي للأطعمة التي تحتوي على سكريات مضافة، والتي من المحتمل أن تحل محل الأطعمة التي تحتوي على الدهون الصحية والبروتينات والفيتامينات والمعادن والألياف التي يحتاجون إلى تناولها. بمعنى آخر عند تناول الطفل الأطعمة التي تحتوي السكر المضاف قد لا يقبل بتناول الأطعمة التي تحتوي ما يحتاجه من البروتينات والألياف والدهون الصحية لشعوره بالشبع عند تناول الأطعمة التي تحتوي على السكر المضاف.
2. تأثيره على مستقبلات التذوق
أظهرت الدراسات أن الأطعمة التي يتناولها الأطفال في السنة الأولى من حياتهم يمكن أن تؤثر على حاسة التذوق لديهم، إذ تتشكل تفضيلات حاسة الذوق خلال وقت المضغ المبكر هذا. لذلك؛ إذا تم تقديم الأطعمة الحلوة جدًا، مثل الحبوب المحلاة أو عصير المانجو أو السريلاك الذي يحتوي على كمية كبيرة من السكر المضاف، فقد يتوق الرضع والأطفال الصغار إلى هذه الأطعمة الحلوة في وقت لاحق من حياتهم.
"نستله تمتلك معايير مزدوجة لا يمكن تبريرها"
في تقرير منظمة Public Eye، الذي تم كتابته بالتعاون مع شبكة العمل الدولية لأغذية الأطفال (International Baby Food Action Network)، أفادت أن البيانات الصادرة عن شركة يورومونيتور إنترناشيونال ليمتد (Euromonitor International) وهي شركة أبحاث سوق مقرها لندن تأسست في عام 1972، كشفت عن مبيعات التجزئة العالمية التي تزيد عن مليار دولار (800 مليون جنيه إسترليني) لشركة سيريلاك، وأن أعلى أرقام المبيعات موجودة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وأن 40% من المبيعات كانت في البرازيل والهند فقط. وقال الدكتور نايجل رولينز، المسؤول الطبي في منظمة الصحة العالمية، إن النتائج تمثل "معايير مزدوجة لا يمكن تبريرها".
ووجد الباحثون أن الحبوب بنكهة البسكويت للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وما فوق تحتوي على 6 غرامات من السكر المضاف لكل حصة، في السنغال وجنوب أفريقيا. مع أن نفس المنتج المباع في سويسرا لا يوجد به أي من هذا السكر المضاف!!
وأظهرت الاختبارات التي أجريت على منتجات سيريلاك المباعة في الهند، في المتوسط، أكثر من 2.7 غرام من السكر المضاف لكل حصة.
وفي البرازيل، حيث يُعرف السيريلاك باسم Mucilon، تبين أن اثنين من كل ثمانية منتجات لا يحتويان على سكر مضاف، لكن الستة الأخرى تحتوي على ما يقرب من 4 غرامات لكل حصة.
وفي نيجيريا، كان أحد المنتجات التي تم اختبارها يحتوي على ما يصل إلى 6.8 غرامات.
وفي الوقت نفسه، كشفت الاختبارات التي أجريت على منتجات العلامة التجارية "نيدو"، التي تبلغ مبيعات التجزئة لها في جميع أنحاء العالم أكثر من مليار دولار، عن وجود تباين كبير في مستويات السكر.
في الفلبين، لا تحتوي المنتجات الموجَّهة للأطفال الصغار على سكر مضاف. ومع ذلك، في إندونيسيا، تحتوي منتجات أغذية الأطفال نيدو التي تباع باسم Dancow على حوالي 2 غرام من السكر المضاف لكل 100 جرام من المنتَج على شكل عسل، أو 0.8 غرام في الوجبة الواحدة.
في المكسيك، اثنان من منتجات نيدو الثلاثة المتاحة للأطفال الصغار لا يحتويان على سكر مضاف، لكن المنتَج الثالث يحتوي على 1.7 غرام لكل حصة. وقال التقرير إن منتجات Nido Kinder 1+ التي تباع في جنوب إفريقيا ونيجيريا والسنغال تحتوي جميعها على غرام واحد تقريبًا لكل حصة.
رد نستله على التقارير
وقال متحدث باسم شركة نستله: "نحن نؤمن بالجودة الغذائية لمنتجاتنا المخصصة لمرحلة الطفولة المبكرة، ونعطي الأولوية لاستخدام مكونات عالية الجودة تتكيف مع نمو الأطفال وتطورهم".
وقالت إنه ضمن فئة أغذية الأطفال "شديدة التنظيم"، تلتزم نستله دائمًا "باللوائح المحلية أو المعايير الدولية، بما في ذلك متطلبات وضع العلامات والعتبات الخاصة بمحتوى الكربوهيدرات الذي يشمل السكريات"، وتعلن عن إجمالي السكريات في منتجاتها، بما في ذلك تلك القادمة من العسل.
وقالت إن الاختلافات في الوصفات تعتمد على عوامل تشمل التنظيم وتوافر المكونات المحلية.
وقالت إن الشركة خفضت إجمالي كمية السكريات المضافة في مجموعة حبوب الأطفال الخاصة بها بنسبة 11% في جميع أنحاء العالم خلال العقد الماضي، وواصلت إعادة صياغة المنتجات لتقليلها بشكل أكبر.
وأضافت أنه يتم التخلص التدريجي من شراب السكروز والجلوكوز في "حليب النمو" الذي يستهدف الأطفال الصغار في جميع أنحاء العالم.
نهاية، يعكس الجدل حول استخدام السكر في منتجات نستله توترًا متزايدًا بين مختلف الفاعلين، فهو يتصل بقضايا غذائية وصحية واقتصادية. تتعدد الآراء حول كيفية توجيه استخدام السكر في منتجات موجهة للأطفال في الأسواق غير الأوروبية. لذا، من المهم معرفة الأثر الصحي للسكر وكمياته المضافة في الأطعمة والمشروبات، خاصة على الفئات العمرية الضعيفة مثل الأطفال.