أبي مريض الاضطراب ثنائي القطب

أهلا وسهلا بك يا أمنية،
نعم يا صديقتي صراع كبير ما تشعرين به تجاه والدك الذي تحبينه وتحتاجين له كأب وسند وداعم لظهرك، وتعلمي في نفس الوقت أن كل هذا ليس متاحا لك؛ فيتملكك الحزن مع الغضب، والحب حين يكون غاضبا جداً تجاه شخص يُهَيَأ للغاضب حُباً أنه يكره، فالحب الغاضب من أصعب المشاعر التي يمر بها الإنسان حيث يجتاحه هذا الصراع المرير.

لكن.. كنت أحتاج أن أتأكد من عدة أمور أراها مهمة؛ لتمكنك من تجاوز هذا الصراع قدر الإمكان؛ أولها أن تدركي أن المرض له علاقة وطيدة بالجينات، فهل قرأت في أماكن طبية موثوق منها عن هذا المرض؟ أعلم أن هذا الأمر - رغم أنه لا علاقة له بمعاناتك - إلا أنه يجعل الشخص في حالة تفهم تساعده على القبول بشكل أفضل.

وكذلك كنت أود أن أعرف هل يتابع والدك مع طبيب نفساني فقط؟ أي هل والدك يتابع العلاج الدوائي فقط مع طبيبه؟ أم يتلقى علاجاً متكاملاً، يضم بالإضافة للعلاج الدوائي، علاجاً يتعلم فيه مهارات التعامل مع صعوبة مشاعره وارتباك منظومة الوجدان لديه؛ فإن لم يكن يتلقى علاجا دوائيا فقط؛ فأقترح عليك اختيار وقت مناسب للحديث معه عن تفهمك الكبير لطبيعة مرضه التي لا حول له فيه ولا قوه، وأنك تحتاجين لوجوده بقربك أكثر من هذا، وأن هناك أنواعا من العلاج مخصصة لهؤلاء المرضى الذين يعانون معاناة صعبة مثل معاناته يا صديقتي؛ وفيها يتلقون تدريبات حياتيه يومية لكيفية استقبال تلك المشاعر والتعامل معها بشكل صحي، والقدرة على تنظيمها وفهم نمطها ودائرة عملها ليتمكنوا من تنظيمها بمرور الوقت بتلك اليقظة وتلك التدريبات، وأنك تحتاجين منه تلك الخطوة وأنك ستساعدينه فيها.

ولكن.. أود أن أوضح لك أن هذا الاقتراح قد يكون في منتهى الصعوبة؛ ليس فقط في طريقة اقتراحك عليه باختيار الطريقة والكلمات والوقت المناسبين فقط، ولكن في قبوله لهذا الاقتراح، خاصة حين يكون الشخص كبيرا في السن، وقد تكيف مع مرضه لسنوات، وأن هذا العلاج سيتطلب منه جهداً؛ فمن المهم جداً أن تعي ذلك، ولا تفقدي الأمل سريعاً، ولا تتعجلي رد فعل منه، ويمكنك أن تتحدثي معه مرة ومرات على فترات، أو من خلال طبيبه الذي يتابع معه بأن تذهبي معه مرة، وتطرحي الأمر للنقاش معه، وطلب المساعدة منه لقيام والدك بهذا الأمر، والتعرف على ماهية هذا العلاج ونتائجه.

وهذا النوع المتخصص من العلاج يعرف باسم "العلاج الجدلي السلوكي" DBT، ولقد صار معروفا الآن في مصر، وصار هناك معالجون كفوئين يقومون به بشكليه الفردي والجماعي وحقق نتائج جيدة جداً مع المرضى.

وأقول لك: إن لم تأتِ تلك الخطوة بما نرجوه؛ فلا تتركي حبك الغاضب منه يملك زمام نفسك؛ فالرجل مريض مرضاً لا يد فيه، وليس معنى ذلك أن تتعاملي معه على أنه لا رجاء منه، ولكن تعاملي معه على أنه "إنسان" يحتاج لقبولك له، وفي القبول الصادق "سر عظيم" أودعه الله في النفس ليفعل الأفاعيل فلا تستهيني به أبداً؛ فقبولك الحقيقي له؛ سيظهر في نظراتك وتصرفاتك ولمساتك وصلة غير مرئية بينكما حتما ستصله، وسيكون لها أثر لا تتوقعينه وسيتوقف ذلك كثيراً على صدق قبولك له.. أعانك الله ووفقك.


اقرئي أيضاً:
الزواج من المصاب بالاضطراب ثنائي القطب
أعراض الاضطراب ثنائي القطب