موزة خضراء يومياً قد تقلل سرطانات الجهاز الهضمي حسب ما أفادت دراسة بحثية جديدة نشرت في دورية "كانسر بريفنشن ريسرش" (Cancer Prevention Research)، وذلك بسبب احتواء الموز الأخضر على النشا المقاوم الذي قد يقلل من الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي العلوي بنسبة وصلت لأكثر من النصف.
ما هو النشا المقاوم؟
النشا المقاوم (Resistant Starch) هو أحد أنواع النشا الذي لا يستطيع الجسم هضمه وتكسيره إلا بعد مرور بعض من الوقت. يمر النشا المقاوم خلال الأمعاء الدقيقة دون أن يتم هضمه حتى يصل إلى الأمعاء الغليظة التي تعمل على تخميره بواسطة الميكروبات المعوية، مما يوفر طعاماً لهذه البكتيريا المفيدة، الأمر الذي يُنتج المزيد من هذه البكتيريا الجيدة ويقلل من البكتيريا الضارة في الأمعاء. وبناء عليه؛ يقول الخبراء إن تناول موزة خضراء يومياً قد تقلل سرطانات الجهاز الهضمي ، بالإضافة إلى الأطعمة الأخرى المحتوية على النشا المقاوم.
ويوجد النشا المقاوم بشكل طبيعي في مجموعة من الأطعمة مثل الموز الأخضر والفاصوليا والبازلاء والعدس (الفاصوليا البيضاء والعدس هما الأعلى في نسبة النشا المقاوم) والحبوب الكاملة بما في ذلك الشوفان والشعير، بالإضافة إلى الأرز المطبوخ المُبَرَّد. عندما ينضج الموز يتغير النشا المقاوم إلى نشا عادي.
فوائد النشا المقاوم
عندما تُهضَم النشويات، فإنها تتحلل عادة إلى جلوكوز (الشكل السائد والرئيس للسكر في الجسم) ولأن النشا المقاوم لا يتم هضمه في الأمعاء الدقيقة، فإنه لا يزيد من مستوى الجلوكوز في الدم، ولكن هضم النشا المقاوم يحدث في الأمعاء الغليظة، وبالتالي يزيد من البكتيريا المفيدة التي تساعد الجسمَ على ضبط نسبة السكر في الدم، وهناك فوائد أخرى للنشا المقاوم من بينها:
- تحفيز الشعور بالشبع والامتلاء.
- الوقاية والعلاج من الإمساك.
- خفض نسبة الكوليسترول.
- تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون.
- يُنتِج غازات أقل من الألياف الأخرى نظراً لعملية تخمره البطيئة في الأمعاء الغليظة.
ويمكن الحصول على فوائد النشا المقاوم من خلال تناول موزة خضراء واحدة يومياً، وقد أضافت الدراسة الجديدة فائدة أخرى للنشا المقاوم، إذ يشير الدكتور جون مازرز، أستاذ التغذية البشرية ومدير مركز أبحاث التغذية البشرية في جامعة نيوكاسل، في البيان الصحافي الذي نشرته الجامعة أن "الدراسة قد أظهرت أن النشا المقاوم قلل من مجموعة من السرطانات بنسبة زادت على 60%، وأهمها سرطانات الجهاز الهضمي، لذا نصح القائمون على الدراسة بتناول موزة خضراء يومياً لأن موزة خضراء يومياً قد تقلل احتمال حدوث سرطانات الجهاز الهضمي.
وقد كان هذا الأثر جلياً بشكل خاص في السرطانات المتعلقة بالجزء العلوي من القناة الهضمية، بما في ذلك سرطان المريء والمعدة وقناة المرارة (القناة الصفراوية) والبنكرياس والاثني عشر، ويعد هذا أمراً مهماً، وذلك لصعوبة تشخيص سرطانات الجهاز الهضمي العلوي، إضافة إلى صعوبة اكتشافها في المراحل المبكرة من المرض.
موزة خضراء يومياً قد تقلل سرطانات الجهاز الهضمي
يعمل النشا المقاوم كألياف غذائية في الجهاز الهضمي، لذا، فإن له العديد من الفوائد الصحية، إضافة إلى أنه يمد الجسم بسعرات حرارية أقل من النشا العادي، ويضيف الدكتور مازرز: "إننا نعتقد أن النشا المقاوم يقلل من تطور السرطان، وذلك بتغييره لطريقة التمثيل الغذائي التي تقوم بها البكتيريا للأحماض الصفراوية، إذ تُتلِف تلك الأنواع من الأحماض الصفراوية الحمض النووي الخاص بنا مما قد يسبب السرطان، وما زلنا بحاجة لمزيد من البحث بخصوص هذا الأمر".
وقد بدأ الفريق الدراسة منذ أكثر من 20 عاماً معتمداً على نتائج بعض الأبحاث السابقة التي أشارت إلى أن الإسبرين يقلل من حدوث سرطان الأمعاء الغليظة بنسبة 50%. لذا، فقد اعتقد الفريق أن الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بسرطان القولون قد يساعدونهم في اختبار إمكانية تقليل خطر الإصابة بالسرطان باستخدام الإسبرين أو النشا المقاوم، ولأن الموز الأخضر يحتوي على نسبة جيدة من النشا المقاوم افترضوا أن تناول موزة خضراء يومياً قد يقلل سرطانات الجهاز الهضمي.
يذكر أستاذ علم الوراثة السريرية في جامعة ومستشفيات نيوكاسل السير جون بورن: "استنادًا إلى تجربتنا، يوصي المعهد الوطني للصحة وجودة الرعاية في المملكة المتحدة الأشخاص الأكثر عرضة وراثياً للإصابة بالسرطان بتناول الإسبرين، والفائدة واضحة، فالإسبرين والنشا المقاوم يمكنهما القيام بذلك"، وتعادل الجرعة المستخدمة في التجربة تناول ثمرة موز واحدة يومياً، ولكن من المهم أن يكون الموز أخضرا (أي قبل أن ينضج ويصبح طرياً جداً) حتى يقاوم النشا الموجود في الموز التحلل، ويمكنه الوصول إلى الأمعاء حيث يمكنه تغيير نوع البكتيريا التي تعيش هناك.
تناول موزة خضراء يومياً أم المكملات الغذائية؟
أعرب القائمون على الدراسة دعمهم لكثير من الأدلة على أن الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف تقلل من احتمال الإصابة بسرطانات القولون والمستقيم، وشجعوا على استهلاك الأطعمة الكاملة بدلاً من المكملات الغذائية لمحاربة السرطان والتغلب عليه، إذ تحتوي الأطعمة على عدة آلاف من المواد التي تقوم بأعداد كبيرة من التفاعلات الكيميائية الحيوية، ومع ذلك فقد تم التوجه في علوم التغذية منذ فترة طويلة نحو تأثير المكونات الغذائية بشكل فردي.
ويمكن لهذا النهج أن يكشف عن دور العناصر الغذائية أو الأطعمة الفردية في تطور المرض ودراسة تأثيرات المركّبات النباتية الطبيعية النشطة بيولوجياً على الوقاية من الأمراض، وقد أجري هذا النوع من الدراسة على الموز الأخضر وتم دراسة تأثير النشا المقاوم على سرطانات الجهاز الهضمي، ووجد أن تناول موزة خضراء يومياً قد تقلل سرطانات الجهاز الهضمي بسبب تأثير وفوائد النشا المقاوم، فضلاً عن فوائد باقي مكونات الموز الغذائية.
دراسة طويلة الأمد
شملت هذه التجربة الدولية المعروفة باسم (CAPP2)، ما يقرب من ألف مريض مصابين بمتلازمة لينش، وهي حالة وراثية تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون وسرطان بطانة الرحم والعديد من أنواع السرطان الأخرى، وذلك في الفترة بين 1999 و2005، وقد اختير هؤلاء الأشخاص وقسّموا إلى مجموعتين بشكل عشوائي؛ تَعَيَّن على إحدى هاتين المجموعتين (463 شخصا) تناول 30 غراماً من النشا المقاوم يومياً لمدة تصل إلى 4 سنوات.
بينما أعطيت المجموعة الأخرى (455 شخصاً) علاجاً وهمياً، وقد تبعت مرحلة العلاج هذه فترة متابعة مدتها 10 سنوات، دُعِمَت الدراسة ببيانات من السجل الوطني الشامل للسرطان الخاصة بنحو 369 من هؤلاء المشاركين طيلة 20 عاماً، وفي نهاية العلاج، لم يلحظ الباحثون أي تغير في حدوث سرطان القولون والمستقيم بين مجموعتَي الدراسة.
غير أن 5 من المشاركين ممن تناولوا النشا المقاوم قد اكتشف لديهم حدوث سرطانات الجهاز الهضمي العلوي مقارنة بــ 21 حالة في المجموعة التي تناولت الدواء الوهمي، مما يثبت أن تناول موزة خضراء يومياً قد يقلل من حدوث سرطانات الجهاز الهضمي العلوي.
ويذكر الدكتور تيم بيشوب، أستاذ علم الأوبئة الجينية في جامعة ليدز والمشارك في الدراسة أن "هذه النتائج مثيرة، إذ إن حجم التأثير الوقائي في الجهاز الهضمي العلوي كان غير متوقع"، ويُجرِي الفريق الآن تجربة دولية مع أكثر من 1800 شخص مصابين بمتلازمة لينش للتحقق ممّا إذا كان استخدام جرعات صغيرة من الإسبرين يساعد على تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان.
المصادر: