يشتهر التوت البري باستخدامه الشائع لعلاج التهابات المسالك البولية، كما استُخدم قديمًا لعلاج أمراض المثانة والكلى، وكذلك لعلاج ضعف الشهية ومشكلات المعدة واضطرابات الدم، وغيرها من الحالات الأخرى التي تؤكد فوائد التوت البري العديدة. تحتوي فاكهة التوت البري على العديد من العناصر الغذائية ومضادات الأكسدة، وقبل أن تفكر في تناولها، دعنا أولًا نتعرف إلى فوائد التوت البري المحتملة ومدى صحتها.
ما هو التوت البري؟
التوت البري أو ما يعرف بالكرانبيري (Cranberry) عبارة عن شجيرة دائمة الخضرة تنمو عادةً في أمريكا الشمالية، تُنتج فاكهة صغيرة مستديرة ذات لون قرمزي أو أحمر داكن لها طعم حامض، وتتكون في الغالب من الكربوهيدرات والألياف. يعتبر التوت البري مصدرًا غنيًا بالعديد من الفيتامينات والمعادن، وخاصة الفيتامين ج، كما يحتوي أيضًا على الفيتامين هـ، والفيتامين ك1، المنغنيز والنحاس.
فوائد التوت البري
ربطت بعض الأبحاث بين العناصر الغذائية الموجودة في التوت البري وانخفاض خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية (UTI)، بالإضافة إلى الوقاية من أنواع معينة من السرطان، وتحسين وظيفة المناعة. ترجع فوائد التوت البري المحتملة لكونه مصدرًا قويًا لمضادات الأكسدة، ويحتوي على بعض الفيتامينات، لذلك قد يوفر بعض الفوائد المحتملة الآتية:
منع التهابات المسالك البولية
في الحقيقة، لن تجد مقالًا يتحدث عن فوائد التوت البري دون أن يذكر الفائدة الأكثر شهرة لهذه الفاكهة، ألا وهي منع التهابات المسالك البولية. يساعد المستوى العالي من البرونثوسيانيدين (PACs) -مضادات الأكسدة في التوت البري- في منع البكتيريا (الإشريكية القولونية) من الالتصاق بجدران المسالك البولية والارتباط بالمثانة، وهي الخطوة الأولى عادةً للإصابة بعدوى المسالك البولية، مما يؤدي إلى منع العدوى. لكن تجب معرفة أن التوت البري يمنع العدوى فقط، فهو لا يعالج العدوى عند الإصابة بها.
يوصي بعض الأطباء بتناول التوت البري للنساء المصابات بالتهابات المسالك البولية المتكررة، إذ تشير إحدى الدراسات أن تناول كبسولة من مستخلص التوت البري مرتين يوميًا يقلل من حدوث التهابات المسالك البولية. عصير التوت البري أو الكرانبيري قد لا يحقق نفس تأثيرات حبوب الكرانبيري، وذلك لأن عصائر التوت البري المتوفرة تجاريًا لا تحتوي على كميات عالية من البرونثوسيانيدين الموجودة في الحبوب.
تقليل الالتهابات
يحتوي التوت البري على كمية عالية من مضادات الأكسدة ما يجعله يتمتع بتأثيرات مضادة للالتهابات. قد يصف الأطباء حبوب الكرانبيري للالتهابات، أو يوصوا بتناول كميات كافية من الفواكه والخضراوات التي تحتوي على مضادات الأكسدة لتقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة معينة، لأنها يمكن أن تساعد في تقليل الالتهاب في الجسم.
يمكن الحديث عن فوائد التوت البري الأخرى واستخدامات أخرى غير مثبتة للتوت البري، وتشمل:
تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية
هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى أن من ضمن فوائد التوت البري المساعدة في تحسين صحة القلب بشكل عام، فقد يعمل على خفض ضغط الدم أو تحسين مستويات الكوليسترول. اقترحت مراجعة أخرى أن مكملات التوت البري أو شراب كرانبيري قد تساعد في تقليل مؤشر كتلة الجسم (BMI) وتحسين مستويات البروتين الدهني العالي الكثافة (HDL)، أو ما يعرف بالكوليسترول الجيد، لكن في الحقيقة هناك أدلة محدودة إلى الآن بالنسبة لرفع مستوي الكوليسترول الجيد. أما بالنسبة لخفض مستوى الكوليسترول السيئ، فقد يساعد عصير كرانبيري (التوت البري) المنخفض في السعرات الحرارية على خفض مستوى الكوليسترول السيئ.
منع السرطان
المركبات الموجودة في التوت البري لها العديد من التأثيرات المفيدة ضد الخلايا السرطانية، فقد تعمل على تحفيز موت الخلايا السرطانية وإبطاء نموها، بالإضافة إلى تقليل الالتهاب. بالرغم من النتائج البحثية الواعدة للتوت البري في المساعدة على منع السرطان، إلا أن الاختبارات على البشر المصابين بالسرطان ما زالت محدودة.
منع تسوس الأسنان
أظهرت الأبحاث أن البرونثوسيانيدين الموجودة في التوت البري، الذي يُساعد في منع التهابات المسالك البولية، يمكن أن يفيد صحة الفم. وفقًا لدراسة موثوقة أجريت عام 2019، فإن البرونثوسيانيدين قد يساعد الأسنان ضد سلالة من البكتيريا تؤدي إلى تسوس الأسنان، وذلك لأنه مسؤول عن منع تكوين هذه البكتيريا في الفم. قد تشمل فوائد التوت البري أيضًا في صحة الفم إمكانية استخدامه كعلاج مساعد لعلاج أمراض اللثة وسرطان الفم.
الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي
من ضمن فوائد التوت البري المحتملة قدرته الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي، إذ يمكن أن يساعد التوت البري في زيادة البكتيريا الجيدة في الجهاز الهضمي، كما يمكن أن يعمل على تقليل الميكروبات الضارة التي تعيش في القولون.
طريقة تناول التوت البري
عصير التوت البري أكثر الأشكال التي يتم استهلاكها، وعادةً ما يتم تحليته وخلطه بعصائر فواكه أخرى بسبب نكهته اللاذعة. توجد منتجات أخرى للتوت البري يتم تناولها مثل التوت البري المجفف، والصلصات، والمساحيق والمستخلصات التي تستخدم في المكملات الغذائية مثل حبوب الكرانبيري.
جرعة مكملات التوت البري
يفضل استشارة الطبيب أو الصيدلي قبل تناول مكملات التوت البري لمعرفة نوع المنتَج المناسب، والجرعة التي قد تكون الأفضل لحالة المستخدِم. تختلف الجرعة باختلاف نوع المنتج كالتالي:
- يُستخدم مسحوق التوت البري المجفف كدواء في أغلب الأحيان للبالغين بجرعات تتراوح بين 250 و1500 مجم عن طريق الفم يوميًا لمدة تصل إلى 6 أشهر.
- يُستخدم مستخلص التوت البري أو كبسولات كرانبيري بجرعات تتراوح بين 120 و1600 مجم عن طريق الفم يوميًا لمدة 12 أسبوعًا.
- تُستخدم مشروبات عصير التوت البري في أغلب الأحيان بجرعات تتراوح بين 120 و750 مل يوميًا لمدة تصل إلى 90 يومًا.
الآثار الجانبية للتوت البري
يمكن لمعظم الناس تناول أو شرب التوت البري بأمان ودون أي مشكلة، لكن شرب الكثير من عصير التوت البري قد يسبب بعض الآثار الجانبية. تشمل الآثار الجانبية الشائعة للتوت البري ما يلي:
- اضطراب المعدة وحموضتها.
- غثيان، وقيء.
- إسهال.
التحذيرات والاحتياطات اللازمة أثناء تناول التوت البري
ينصح باستشارة الطبيب المختص أو الصيدلي عن إمكانية تناول منتجات التوت البري بأمان، وإخباره عن جميع الحالات الطبية والحساسية وجميع الأدوية التي يستخدمها المريض. هناك بعض التحذيرات والاحتياطات اللازمة قبل استخدام التوت البري، وتشمل:
- تجنب استخدام أي منتجات تحتوي على مستخلص الفاكهة إذا كان المريض يعاني من حساسية تجاه التوت البري.
- يحذر استخدام منتجات أو عصير التوت البري إذا كان المستخدِم يعاني من حصيات الكلى. تتكون حصيات الكلى عادةً من أوكسالات الكالسيوم، ويحتوي التوت البري على مستويات عالية من أملاح الأُكسالات، بالتالي قد يزيد التوت البري من خطر الإصابة بحصيات الكلى عند تناوله بكميات كبيرة.
- قد تحتوي بعض منتجات التوت البري على كميات عالية من السكر، بالتالي يحذر استخدامهم مع مرضى السكري.
- يحذر استخدام التوت البري مع المرضى الذين يعانون من حساسية الأسبرين، لأنه يحتوي على كميات كبيرة من حمض الساليسيليك المشابه للأسبرين.
هل يمكن استخدام التوت البري أثناء الحمل والرضاعة الطبيعية؟
لا توجد معلومات موثوقة كافية لمعرفة ما إذا كان من الآمن استخدام التوت البري بكميات أكبر أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية. يجب الالتزام بكميات الطعام، ويحذر تناول حبوب كرانبيري للحامل دون استشارة الطبيب.
هل هناك أدوية تؤثر على التوت البري؟
قد تتفاعل بعض الأدوية والمنتجات العشبية مع التوت البري، بالتالي يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي عن جميع الأدوية التي تستخدمها، خاصة إذا كنت تستخدم:
- دواء الوارفارين، يجب الحد من استخدام التوت البري مع المرضى الذين يتناولون مميعات الدم بسبب كمية الفيتامين ك الموجودة في التوت البري، والتي يمكن أن تتداخل مع هذا الدواء.
- بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم مثل النيفيديبين، قد يقلل التوت البري من سرعة تكسير الجسم لدواء نيفيديبين، بالتالي يمكن أن يُسبب عصير كرانبيري أثناء تناول النيفيديبين إلى زيادة تأثيرات الدواء والآثار الجانبية له.
- بعض أدوية ارتفاع الكوليسترول مثل دواء أتورفاستاتين.
هل التوت البري يغير لون البول؟
لا، لا يوجد دليل علمي يثبت أن تناول حبوب الكرانبيري أو التوت البري يؤدي إلى تغير لون البول أو تحوله إلى اللون الأحمر، كما يعتقد البعض.
كم حبة توت بري في اليوم؟
هناك بعض الدراسات التي استخدمت جرعات تتراوح بين 100 و300 جرام من التوت البري الطازج، أي ما يعادل 7 إلى 10 جرامات من التوت البري المجفف، و100 إلى 150 مل من عصير التوت البري الخالي من السكر بنسبة 100% لتأكيد الفوائد الصحية للتوت البري.
هل الكرانبيري مفيد للكلى؟
يعتبر التوت البري خيارًا جيدًا لمرضى الكلى، وذلك بسبب احتوائه على نسبة منخفضة من البوتاسيوم ونسبة عالية من الفيتامين ج. كما ثبت أن عصير الكرانبيري -كما ذكرنا- يساعد في منع التهابات المسالك البولية، والتي تعد شائعة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى.
في النهاية، أجريت العديد من الدراسات على الأشخاص لإمكانية استخدام التوت البري لعلاج التهابات المسالك البولية، ولكن هناك القليل من الأبحاث حول التوت البري لعلاج الحالات الأخرى، بالتالي يعتبر التوت البري علاجًا مساعدًا فقط، ولا يستخدم لعلاج أي من هذه الحالات بدلاً من العلاج المعتمد على الرغم من فوائد التوت البري المحتملة. كما تجب معرفة أنه إلى الآن لم يُثبت أن التوت البري فعال كعلاج لالتهابات المسالك البولية الموجودة بالفعل.
