تختلف كمية الدم الطبيعية في جسم الإنسان حسب العمر والوزن والجنس، فالذكَر البالغ الذي يزن حوالي 90 كغ يمكن أن يكون لديه ما يقرب من 6 لترات من الدم، بينما قد يكون لدى الأنثى البالغة التي تزن حوالي 75 كغ نحو 4.5 لترات من الدم. يمكن للجسم التعامل مع فقدان بعض الدم دون صعوبة. بمجرد أن يصبح فقدان الدم أسرع مما يمكن للجسم تعويضه قد يدخل الجسم في حالة صعبة تسمى الصدمة (Shock).
كمية الدم الطبيعية في الجسم حسب العمر والجنس
يختلف حجم الدم من شخص لآخر لأن الوزن والعمر والجنس عوامل تحدد كمية الدم الطبيعية المناسبة. بشكل عام، تكون الكمية النموذجية للدم هي:
- تبلغ كمية الدم الطبيعية لدى الذكر البالغ الذي يزن حوالي 90 كغ ويبلغ طوله حوالي 1.8 متر حوالي 5.7 لترات.
- تبلغ كمية الدم الطبيعية لدى الأنثى البالغة التي تزن حوالي 75 كغ ويبلغ طولها حوالي 1.7 متر حوالي 4.3 لترات.
- تبلغ كمية الدم الطبيعية لدى الرضيع حوالي 75 إلى 85 مليلترًا من الدم لكل كيلوغرام من وزن جسمه.
- تبلغ كمية الدم الطبيعية لدى الطفل 70 إلى 75 مليلترًا من الدم لكل كيلوغرام من وزن جسمه.
- يرجع الاختلاف بين الجنسين في كمية الدم الطبيعية إلى أن الذكور لديهم كتلة عضلية أكبر مقارنة بالأنسجة الدهنية الموجودة لدى الإناث.
ما كمية الدم الطبيعية التي يمكن أن يفقدها الجسم؟
نظرًا لأهمية الدم في نقل الأكسجين والمواد المغذية لجميع خلايا الجسم وتنظيم درجة الحرارة الجسم وحماية الجسم من الأمراض، فإن فقدان كمية كبيرة من الدم قد تشكل خطرًا على الحياة. يجب تقييم خطر كمية فقدان الدم من قبل الطبيب.
وضعت الكلية الأمريكية للجراحين معايير لتصنيف فقدان حجم الدم، وتم تطوير هذا التصنيف بناءً على فرد سليم يزن 70 كيلوغرامًا. تشمل الحالات المختلفة لفقدان الدم أيضًا العلامات والأعراض التي قد تكون موجودة:
- الحالة 1: تحدث الحالة 1 عندما يتم فقدان 15٪ أو أقل (حوالي 750 مليلترًا) من حجم الدم. قد يزيد عندها معدل ضربات القلب قليلاً، وغالبًا لا يحدث أي تغيير في ضغط الدم أو معدل التنفس.
- الحالة 2: تحدث الحالة 2 عندما يكون فقدان الدم أكثر من 15% ولكن أقل من 30% (حوالي 750 - 1500 مليلتر). غالبًا ما يرتفع هنا معدل ضربات القلب ومعدل التنفس، وقد يبدأ ضغط الدم في الانخفاض.
- الحالة الثالثة: عادةً ما يتسبب فقدان حجم الدم الذي يزيد عن 30% ولكن أقل من 40% (حوالي 1500 - 2000 مليلتر) بحدوث انخفاض كبير في ضغط الدم، وتبدأ الحالة الذهنية للمصاب، مثل الانتباه واليقظة والقدرة على التحدث، في التدهور. كما يكون معدل ضربات القلب ومعدل التنفس أعلى بكثير من المجال الطبيعي.
- الحالة الرابعة: عندما يتجاوز فقدان حجم الدم 40%، أو أكثر من 2000 مليلتر، يصبح ضغط الدم منخفضًا جدًا، ومعدلات ضربات القلب والتنفس مرتفعة جدًا، وتصبح الحالة الذهنية للشخص مشوشة، ويصبح سريع الانفعال وربما فاقدًا للوعي.
كيف يعوض الجسم الدم الذي فقده؟
ينتج نخاع العظم أكثر خلايا الدم في عملية تسمى تكوين أو صنع الدم. تتمايز الخلايا الجذعية في نخاع العظم لإنتاج خلايا الدم، وهي خلايا الدم الحمراء التي تحمل الهيموجلوبين، وهو بروتين ينقل الأكسجين إلى الخلايا ويزيل ثاني أكسيد الكربون، وخلايا الدم البيضاء التي تساعد في حماية الجسم من العدوى من البكتيريا أو الفيروسات أو الغزاة الأجانب الآخرين، والصفائح الدموية التي تعد جزءًا مهمًا من عملية تخثر الدم الضرورية لمنع النزيف وفقدان الدم.
- الخلايا المحيطة بالأنابيب في الكلى (Peritubular cells in the kidneys) حساسة لمستويات الأكسجين في الدم. إذا شعرت هذه الخلايا بانخفاض الأوكسجين فإنها تفرز هرمون إريثروبويتين (erythropoietin) الذي يحفز نخاع العظم (bone marrow) لإنتاج المزيد من خلايا الدم الحمراء.
- الحديد ضروري لإنتاج الهيموجلوبين في خلايا الدم الحمراء، لذا فإن الجسم يستخدم مخزون الحديد ويزيد من الكمية التي يمتصها من النظام الغذائي عند الحاجة إليه.
- ومع ذلك، يستغرق الأمر أسابيع حتى يعوض نخاع العظم حجم الدم المفقود. إذا كان فقدان الدم سريعًا جدًا، فقد تكون هناك حاجة لنقل الدم من متبرع.
- البلازما هي الجزء السائل من الدم دون الخلايا. عندما يفقده الدم، يتم تجديد البلازما من مخزون الجسم من السوائل. إذا فقد حجم الدم فيجب استبدال السوائل (عن طريق الفم أو الوريد) لاستعادة مستويات البلازما. تستجيب الكلى لذلك أيضًا بالحد من التبول للحفاظ على حجم البلازما.
- يتم استبدال البلازما بسرعة نسبية في الجسم. على سبيل المثال، يمكن للشخص التبرع بالبلازما مرتين أسبوعيًا، طالما كان هناك 48 ساعة بين التبرعات.
تشخيص فقدان الدم في الجسم
يمكن أن يكون تحديد كمية الدم المفقودة جزءًا مهمًا من قدرة الطبيب على إجراء التشخيص وتحديد العلاجات الأكثر فعالية. يمكن أن تكون كمية الدم المفقود مهمة في أمراض مختلفة، مثل الصدمة الناتجة عن فقدان الدم أو قصور القلب الشديد (Decompensated heart failure).
يمكن أن تشمل معرفة كمية الدم المفقودة على الآتي:
- الفحص البدني: يتضمن تقييم بعض الأعراض والعلامات الظاهرة على المريض مثل تورم الجلد وجفاف الغشاء المخاطي والدوخة عند الوقوف وانخفاض ضغط الدم وارتفاع معدل النبض.
- الهيموجلوبين والهيماتوكريت (hematocrit): يمكن إجراء هذين الفحصين بسرعة في المختبر أو في غرفة الطوارئ. الهيماتوكريت هو النسبة المئوية لخلايا الدم الحمراء في الدم.
- المراقبة الداخلية للدورة الدموية: يعتبر هذا الفحص التشخيصي أكثر توغلًا حيث يتم إدخال قسطرة في الشريان الرئوي، والتي تسمى أيضًا قسطرة سوان جانز (Swan-Ganz catheter)، في الأوعية الدموية الكبيرة المؤدية إلى القلب والرئتين. يمكن لهذه القسطرة قياس ضغوط مختلفة في الأوعية الدموية الرئيسية وتحديد ما إذا كان حجم الدم منخفضًا جدًا أو مرتفعًا جدًا.
- تحليل حجم الدم بالطب النووي (Nuclear medicine blood volume analysis): هذه طريقة متخصصة لتقييم حجم الدم بشكل مباشر باستخدام جهاز الطب النووي، وهذه التقنية قليلة التوغل ولكنها تقتضي التعرض لكميات صغيرة من الإشعاع. كانت هذه الطريقة لتحليل حجم الدم تستغرق من أربع إلى ست ساعات، ولكن التقنيات الأحدث يمكنها إكمال الاختبار في غضون 90 دقيقة أو أقل.
- يمكن أيضًا قياس حجم الدم في المشفى عن طريق حساب معدل التمديد الذي يحصل في أوكسجين الدم، أو بعد حقن صبغة خاصة، أو تغير درجة حرارة الدم بعد حقن محلول بدرجة حرارة محسوبة.
نهايةً، تختلف كمية الدم الطبيعة بناءً على العمر والوزن والجنس. يُنتج نخاع العظم خلايا الدم خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية. قد تكون هناك حاجة إلى تدخلات طبية، مثل نقل الدم، إذا أدى النزيف إلى نقص مهم في حجم الدم عن كميته الطبيعية، مما قد يؤدي إلى حدوث الصدمة. يمكن بالفحوصات المخبرية والفحص في المشفى تحديد مدى وكمية الدم المفقودة، وترتيب التدخلات العلاجية اللازمة.