أصبح العمل من المنزل أمرا معتادًا بالنسبة للموظفين الحاصلين على شهادة جامعية، فقد أصبح نمط العمل المرن أو المختلط الأكثر شيوعاً، إذ اعتمده حوالي 100 مليون موظف في أوروبا وأمريكا الشمالية، ويقضي فيه الأفراد أيامًا من العمل في المنزل وأيامًا أخرى من العمل في المكتب.
أثار هذا التغيير في نمط العمل الكثير من الجدل حول تأثيره على الموظفين والشركات، ويرى بعض المديرين التنفيذيين أنه يضر بالإنتاجية والابتكار والتطور الوظيفي، ولهذا أُجريت دراسات عديدة للبحث عن تأثيرات جدول العمل المرن، منها هاتان الدراستان.
الدراسة الصينية حول نمط العمل المرن
قام باحثون من جامعة ستانفورد الأمريكية بمراقبة تأثيرات اتباع نمط العمل المَرن على 1,612 موظفًا في شركة تكنولوجيا في الصين عملوا بهذا النظام لمدة 6 أشهر بين عامي 2021 و2022، نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة (Nature). وتوصلت إلى أن نظام العمل المرن يسهم في تحسين الرضا الوظيفي، ولا يُحدث فرقًا في الإنتاجية، ويقلل من ترك الموظفين للعمل بحوالي الثلث، وخصوصاً عند النساء والموظفين في المواقع غير الإدارية، وعند مَن يتنقلون مسافات طويلة للوصول إلى مكان العمل.
يجدر بالذكر أيضاً أنه بسبب هذه الدراسة، غيَّر 395 مديرًا في الشركة رأيهم حول عمل الموظفين من المنزل، إذ كانت نظرتهم سلبية لهذا النظام في البداية، ولكن بعد عمل الموظفين ليومين أسبوعياً من المنزل، أصبحوا يرونه إيجابيًا مع انتهاء الدراسة.
دراسة المجموعة الدولية لمواقع العمل حول نمط العمل المرن
أجريت هذه الدراسة من قبل المجموعة الدولية لمواقع العمل على 1,026 موظفًا في بريطانيا يعملون بنظام العمل المرن، وتوصلت إلى أن العاملين بهذا النظام يتمتعون بسعادة وصحة وانتاجية أعلى، فقد وجدت أن 75% من أولئك الذين يعملون بالنظام المرن يشعرون بإرهاق أقل مما كانوا يشعرون به عندما يقضون كامل الأسبوع في المكتب.
أفادت الغالبية العظمى من المشاركين في الدراسة إلى أنهم يشعرون باستنزاف أقل (79% من المجموع)، وتوتر أقل (78%) وقلق أقل (72%) نتيجة لقضاء جزء من الأسبوع في العمل من المنزل. وفي الوقت ذاته، قال 86% منهم إن الزيادة في مقدار وقت الفراغ المتاح لهم بسبب عدم اضطرارهم للتنقل إلى العمل كل يوم، قد حسّنت من قدرتهم على الموازنة بين العمل والحياة الخاصة، ومنحتهم شعوراً بأنهم قادرون على التعامل بشكل أفضل مع تحديات الحياة اليومية. بالإضافة إلى ما سبق، ذُكر أن العمل بالنظام المرن له فوائد أخرى منها:
- تحسن جودة نوم (68% من المشاركين).
- القدرة على ممارسة المزيد من الرياضة (54%).
- إعداد وجبات صحية أكثر (58%).
- صحة أفضل بشكل عام (68%).
وفي النهاية، أفاد 75% من المشاركين أن عودتهم لنظام العمل من المكتب يومياً سيؤثر سلباً في صحتهم العامة.
هل من محاذير حول نمط العمل المرن ؟
وجدت الدراستان أن العمل بالنظام المرن يعزز إنتاجية وصحة الموظفين بشكل عام، فهو مفيد للشركات والموظفين، ولكن قد لا تصح هذه النتائج بالضرورة في مجتمعات لا تلتزم بسلوكيات العمل المهنية، فقد تتخذ من أسلوب العمل المرن ذريعة للتسيب والتقصير في العمل، والأفضل أن تجرى دراسات مماثلة في مجتمعاتنا العربية قبل اعتماد نتائجها.