تعد أمراض الروماتيزم السبب الأكثر شيوعاً للألم والعجز في كل دول العالم، خاصة في الدول الغربية، ويمكن لهذه الأمراض أن تؤثر على نوعية الحياة بشكل كبير، ناهيكم عن الأعباء وتكاليف الرعاية الطبية والاجتماعية والاقتصادية التي تتركها على أهالي المرضى ومقدمي الرعاية الصحية.
أشهر الخرافات المتعلقة بأمراض الروماتيزم
ما تزال أمراض الروماتيزم بعيدة كل البعد عن أن تكون من ضمن أولويات الصحة العامة، ولكن ما يزيد الطين بلة هو انتشار مجموعة متنوعة من الخرافات التي تؤخر من طلب المساعدة الضرورية لعلاجها، خاصة أن العلاج المبكر هو الأكثر أهمية لتقليل الآثار الجانبية وتحسين الصحة على المدى الطويل.
الخرافة 1: مرض الروماتيزم هو اسم آخر لالتهاب المفاصل
يندرج الروماتيزم تحت مصطلح واحد هو التهاب المفاصل، إلا أن كلمة روماتيزم تضم باقة واسعة من الأمراض والمشكلات الصحية الناتجة عن مهاجمة الجهاز المناعي للمفاصل والعظام والعضلات والأوتار والأعضاء (أمراض المناعة الذاتية). يصل عدد أمراض الروماتيزم ما يقارب 150 مرضاً، نذكر منها: التهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب المفاصل الصدفي، والتهاب المفاصل النقرسي، والتهاب المفاصل اليفعي، ومرض الذئبة الحمامية، والتهاب الفقار اللاصق، وتصلب الجلد، وألم العضلات الروماتيزمي، ومتلازمة سجوغرن، وحمى الروماتيزم وغيرها.
الخرافة 2: الروماتيزم مرض وراثي
لا تنتقل أمراض الروماتيزم مباشرة من الآباء إلى الأبناء، إلا أن بعض أمراض الروماتيزم قد يكون لها أرضية وراثية تجعل النسل أكثر تعرضاً إلى الإصابة بنفس المرض.
إن الفكرة السائدة عند الناس أن الروماتيزم يصيب المفاصل حصراً غير صحيحة، فالروماتيزم قد يصيب العظام والعضلات والأوتار، وحتى الأعضاء الداخلية كالعين مثلًا، فإصابة العين بالروماتيزم تعطي أعراضاً مختلفة مثل الاحمرار والجفاف والألم والتهاب العنبية وتلف القرنية ورؤية الذباب الطائر، ومن الضروري اكتشاف روماتيزم العين وعلاجه باكراً ما أمكن، لأن أي تأخير على هذا الصعيد سيؤدي إلى مضاعفات كارثية.
الخرافة 3: الروماتيزم هو مجرد آلام وأوجاع في المفاصل
قد يكون من الصعب تحديد أعراض مرض الروماتيزم التي غالباً ما يتم تجاهلها على اعتبار أنها مجرد آلام وأوجاع فقط لا غير، إلا أن مرض الروماتيزم يمكن أن يتظاهر بأعراض متنوعة، وقد يؤدي إلى الإصابة بتشوهات شديدة، لدرجة أن المصاب لا يستطيع أن يقوم بالمهام الحياتية اليومية، مثل المشي وارتداء الملابس. نشير هنا إلى أشهر الأعراض والعلامات لمرض الروماتيزم والتي تضم ما يلي:
- الألم.
- الالتهاب.
- التورم.
- احمرار المفصل.
- تهيج والتهاب العين.
- التعب العام.
- الشعور بالضيق.
- جفاف الفم والعين.
- ألم في الصدر.
- السكتة الدماغية.
على كل شخص يعاني من تلك الأعراض أن يوليها الاهتمام اللازم، وأن يبادر إلى التواصل مع مقدم الرعاية الصحية في شأنها لكشف الملابسات المتعلقة بها.
الخرافة 4: لا يحتاج الروماتيزم إلى العلاج حتى تسوء الأعراض
إذا بدأت أعراض الروماتيزم في الظهور، فمن الضروري استشارة الطبيب في أمرها لمعرفة ما إذا كان ظهورها ينم عن شيء خطير، أو أنها تخفي شيئاً يجري في الكواليس. تُعرف الأسابيع الأولى التي تلي ظهور الأعراض باسم "نافذة الفرصة" window of opportunity التي يمكن للعلاج خلالها أن يساعد في منع حدوث مضاعفات طويلة الأمد، ويزيد من فرصة الشفاء، ويساهم في منع إلحاق الأذى والتلف بالمفاصل والأعضاء.
الخرافة 5: لا حاجة لاستشارة اختصاصي الروماتيزم
إذا رأى طبيب الرعاية الأولية أن الأعراض تشير إلى مرض روماتيزمي، فإنه سيعمل على تحويل المريض إلى طبيب مختص بأمراض الروماتيزم لتشخيص وعلاج المرض، وللتخفيف من الأعراض، والحد من الإعاقة والمضاعفات، فأطباء الروماتيزم مدربون للتعرف على أمراض الروماتيزم، والتعامل معها، ووصف العلاج الأنسب لها.
الخرافة 6: الروماتيزم يصيب كبار السن
على الرغم من أن خطر الإصابة بالروماتيزم يزيد مع تقدم العمر، لكنه لا يصيب كبار السن فقط، فما يقارب 2 من 5 بالمئة من المصابين هم دون سن ال 65. يصيب الروماتيزم الأشخاص من جميع الأعمار، بمن فيهم الأطفال والرضع والمراهقون، ويُطلق على الحالات التي تصيب من هم دون 16 سنة اسم التهاب المفاصل الشبابي Juvénile arthritis الذي يعد أحد الأمراض المزمنة الأكثر شيوعاً في مرحلة الطفولة. وتفيد التقديرات في بلاد العم بايدن بأن أكثر من 300 ألف طفل أميركي يعانون من الروماتيزم الذي يمكن أن يسبب لهم الإعاقة، وإلى مشكلات في العين والقلب والنمو وغيرها من المضاعفات، إذا لم يتم علاجها مبكراً.
الخرافة 7: الروماتيزم يصيب النساء فقط
يصيب الروماتيزم كلا الجنسين على حد سواء، ولكن الرجال أكثر عرضة لالتهاب المفاصل النقرسي، في حين أن النساء أكثر عرضة لمرض الذئبة، والتهاب المفاصل والعظام، والتهاب المفاصل الروماتويدي.
الخرافة 8: مرض الروماتيزم يختفي مع مرور الوقت
لا يوجد علاج يشفي تمامًا من مرض الروماتيزم، فهو، ولسوء الحظ، مرض مزمن، إلا أن العلاج المبكر والمستمر يسمح بالحفاظ على الأداء الوظيفي، ويقلل من مخاطر حدوث المضاعفات واللجوء إلى الجراحة. وتشمل معظم علاجات أمراض الروماتيزم أدوية لتخفيف الألم والالتهاب، إلى جانب وضع خطط رعاية آمنة وفعالة تسمح للعديد من المصابين بأمراض الروماتيزم أن يعيشوا حياة كاملة ومُرضية.
الخرافة 9: المفاصل المصابة في أمراض الروماتيزم يجب أن تستريح
هناك افتراض شائع لدى الناس، هو أنه يجب إراحة المفاصل المؤلمة والملتهبة، وتجنب القيام بأي نشاط رياضي، سواء كان السبب أمراض الروماتيزم أو غيرها. وفي الواقع، فإن ذلك الافتراض في غير محله ولا محل له من الإعراب، بل هو سوء فهم خاطئ، لأن قلة ممارسة التمارين الرياضية يمكن أن تشعل الألم وتسبب التيبس وتؤدي إلى ضعف العضلات. يجب على مرضى الروماتيزم ممارسة النشاط البدني المناسب الموصى به من قبل مقدم الرعاية الصحية أو المعالج الفيزيائي، مثل:
- التمارين الهوائية، كالمشي وركوب الدراجة، من أجل تحسين اللياقة الجسدية والقلبية والوعائية.
- تمارين الحركة، مثل التمدد، لتحسين الحركة أو للحفاظ على نطاق حركة ومرونة المفصل.
- تمارين القوة، مثل حمل الأثقال لبناء وتقوية العضلات وتأمين استقرار المفصل والحفاظ على وظيفته.
الخرافة 10: الطقس البارد يسبب الروماتيزم
أفادت الأبحاث أن الطقس البارد لا ناقة له ولا جَمل في نشوء مرض الروماتيزم، في المقابل، فإنه يمكن لدرجة الحرارة الباردة أن تؤدي إلى تقليل تدفق الدم، وإلى تحفيز مستقبلات الألم العصبية والاستجابات المناعية، ما يفاقم من الشكاوى، فيجعل المفاصل مؤلمة ومتصلبة.
الخرافة 11: يمكن التوقف عن تناول الدواء بمجرد التحسن
إن السبب الذي يجعل مريض الروماتيزم يشعر بالتحسن هو الدواء، لذلك فإن إيقافه قد يجعل الداء يشتعل من جديد فورًا أو بعد حين، لا يجوز للمريض التوقف عن تناول الدواء دون التماس مشورة مقدم الرعاية الطبية، لأن الروماتيزم مرض مزمن، يحتاج إلى ضبطه لمدة مناسبة قد تكون طويلة، والطبيب وحده هو الذي يملك ناصية القرار في شأن التوقف عن الدواء، وبما يصب في مصلحة المريض.
إذا كان مرض الروماتيزم ناتجاً عن رد فعل الجهاز المناعي، وقام الطبيب بوصف أدوية مثبطة للمناعة، فإن التوقف عن تناول تلك الأدوية فجأة سيجعل الجهاز المناعي يرد بشكل أعنف وأشرس، ما قد يجعل المرض أشد ضراوة.
وفي بعض الأحيان، قد يتوقف المريض عن تناول الدواء بسبب آثاره الجانبية غير المرغوبة، فإذا كان هو الحال، فمن المهم إخبار الطبيب لشرح المشكلة وإيجاد حل بديل.
ختاما؛ الروماتيزم ليس مجرد آلام وأوجاع في المفاصل، وهو يضم مجموعة واسعة من الأمراض، التي لا ترحم أحداً، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، وهي أمراض مزمنة قد يمر وقت طويل قبل وضع التشخيص المحدد الأكيد لها، خاصة في ظل الخرافات التي تدور حولها والتي لا أساس لها من الصحة. تحدث معظم الأضرار الناجمة عن أمراض الروماتيزم خلال السنوات الأولى من ظهورها، من هنا تأتي أهمية الرصد المبكر والدقيق لها، للحد أو لمنع المضاعفات، وما أكثرها.
