يعرف دواء ميتفورمين على نطاق واسع بدوره في علاج مرض السكري، فهو الخط الأول لعلاج مرض السكري من النوع الثاني. كما يُلقب ميتفورمين بالدواء العجيب لفوائده في العديد من الحالات المختلفة، مثل متلازمة تكيس المبايض، وسكري الحمل. كما يعمل على خفض وزن الجسم، وتقليل حالات الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية للمصابين بمرض السكري، بالإضافة إلى محاولة استخدامه لمنع الشيخوخة. ومع زيادة الاهتمام بقدرة دواء ميتفورمين على منع أو علاج العديد من الحالات الأخرى، كشفت دراسات حديثة عن فائدة أخرى له في تقليل خطر إصابة مرضى السكري بالنقرس. سنسلط الضوء في هذا المقال على فائدة دواء ميتفورمين في الوقاية من النقرس لدى مرضى السكري.
ما هو دواء ميتفورمين؟
ميتفورمين هو دواء مضاد للسكري معتمَد من إدارة الغذاء والدواء، يتحكم بارتفاع نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري النوع الثاني.
ماذا يفعل دواء ميتفورمين في الجسم؟
يقلل دواء ميتفورمين امتصاص الجلوكوز من الأمعاء، ويخفض إنتاج السكر (الجلوكوز) في الكبد، كما يُحسّن استخدام الخلايا لهرمون الإنسولين. يوصى باستخدامه مع نظام غذائي مناسب للسكري، وممارسة الرياضة للحصول على نتائج أفضل. من أهم مميزات دواء ميتفورمين خفض مستوى السكر في الدم للمستوي الطبيعي فقط، لأنه لا يعمل على تحفيز إفراز الإنسولين من البنكرياس، وبالتالي لا يُسبب العرَض الجانبي الأشهر مع معظم أدوية مرض السكري، وهو خفض مستوى السكر في الدم أو ما يعرف بحالة (Hypoglycemia).
هل هناك علاقة بين مرض السكري والنقرس؟
يعاني حوالي 34 مليون شخص في الولايات المتحدة من مرض السكري، بينما يؤثّر النقرس على أكثر من 3 ملايين شخص. على الرغم من أن النقرس والسكري حالتان مختلفتان، لكن يَعتقد الباحثون أن هذه الحالات لها علاقة بمقاوَمة الإنسولين التي تلعب دورًا رئيسيًا في كلتا الحالتَين، فمقاوَمة الإنسولين يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم بشكل كبير، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.
تحدث مقاومة الإنسولين عندما لا تستجيب خلايا الجسم بشكل جيد للإنسولين، مما يعني أنها لا تأخذ الجلوكوز من الدم ولا تستخدمه بسهولة، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم والإصابة بمرض السكري.
أحد الأسباب الشائعة لمرض النقرس هو تراكم حمض اليوريك (حمض البول) في الجسم، وتشير دراسة أجريت عام 2016 إلى أن تراكم حمض اليوريك يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مقاومة الإنسولين، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بمرض السكري.
كيف يساعد دواء ميتفورمين في الوقاية من النقرس؟
في دراسة حديثة، تم تشخيص مرض النقرس بمعدل 7.1 لكل 1000 مريض سنويًا خلال فترة متابعة متوسطة مدتها 4 سنوات بين 1154 شخصًا لديهم مستوى مرتفع من الهيموجلوبين السكري (السكر التراكمي HbA1c) يقترب قليلاً من الإصابة بالسكري النوع الثاني، والذين بدأوا بتناول دواء ميتفورمين. كما تطور النقرس بمعدل 9.5 لكل 1000 شخص سنويًا لدى ما يقرب من 14 ألف مريض مماثل لم يبدأوا العلاج بالميتفورمين، مع خطر نسبي قدره 0.68 مع استخدام الميتفورمين (أي انخفاض الإصابة بالنقرس أكثر من 30%).
ليست هذه هي الدراسة الأولى التي تجد علاقة بين أدوية السكري وتقليل خطر الإصابة بالنقرس، فقد لوحظت مثل هذه العلاقة سابقًا مع استخدام أدوية الجليفلوزين، مثل دواء داباجليفلوزين، وإمباجليفلوزين، التي تعمل عن طريق زيادة إفراز الجلوكوز في البول، على الرغم من أن مستويات حمض اليوريك قد تنخفض أيضًا مع هذه الأدوية.
دواء الميتفورمين -كما ذكرنا- هو أشهر علاجات الخط الأول للسكري من النوع الثاني، كما أن سلامته النسبية وقلة آثاره الجانبية ورخص ثمنه جعلته دواء مفضلًا للأشخاص في مرحلة ما قبل السكري (مقدمات السكري).
كما أثبتت العديد من الدراسات دوره المضاد للالتهابات، إلى جانب دوره المعروف في تقليل تطور الإصابة بمرض السكري في مرحلة ما قبل السكري، وتقليل مقاومة الخلايا للإنسولين، لذا قد يرتبط الميتفورمين أيضًا بانخفاض خطر الإصابة بالنقرس لدى الأفراد المصابين بمقدمات السكري.
تجربة توضح فائدة دواء ميتفورمين في الوقاية من النقرس
التجربة: تم فحص سجلات 50,588 مريضًا عولجوا في نظام الرعاية الصحية في الفترة من 2007 إلى 2022 ممن يعانون من مقدمات السكري، تم استبعاد نصفهم لأنه تم تشخيصهم بسرعة بالسكري النوع الثاني، أو النقرس، أو لأن لديهم بيانات أساسية لفترة أقل من عام. من بين حوالي 25 ألف مريض متبقٍ، حدد الباحثون 1172 مستخدمًا لدواء ميتفورمين إلى جانب 23892 مريضًا آخر عولجوا بشكل مختلف لا يحتوي هذا الدواء.
حوالي ثلثي المشاركين كانوا من النساء بمتوسط عمر 57 عامًا، وكان متوسط مؤشر كتلة الجسم حوالي 32، وبلغ متوسط الهيموجلوبين السكري (HbA1c) 6.0٪. لم يتلق المشاركون الذين لم يتناولوا دواء ميتفورمين أي أدوية أخرى مخفضة للسكر. وفي كلتا المجموعتين، كان يتناول ما بين 10٪ و12٪ منهم دواء الإسبرين، وكان نفس العدد تقريبًا يتناول أدوية لخفض ضغط الدم.
النتائج:
- أظهر التحليل الذي شمل فترة متابعة لمدة 5 سنوات وجود فرق كبير بين المجموعتين في حدوث الإصابة بالنقرس بدءًا من بضعة أشهر فقط.
- بعد 5 سنوات، أصيب 30 من مستخدمي دواء ميتفورمين (2.6٪) بالنقرس، مقارنة بـ 546 (3.9٪) من غير المستخدمين.
- كانت معظم حالات الإصابة بالنقرس من الرجال.
- كانت مستويات حمض اليوريك في الدم أقل في مجموعة الميتفورمين، ولكن ليس بدرجة كافية لتكون ذات دلالة إحصائية.
- انخفضت هذه المستويات إلى حد ما مع مرور الوقت في كلتا المجموعتين وبنفس المعدل، وينطبق الشيء نفسه على نتائج تحليل البروتين سي التفاعلي (CRP) في الدم.
- كان دواء ميتفورمين فعالًا في خفض مستويات الهيموجلوبين السكري (السكر التراكمي)، إذ انخفض بمقدار 0.14 نقطة مئوية بعد عام واحد.
مقارنة بين نتائج أدوية السكري في تقليل النقرس
- دواء ميتفورمين: يقلل من الهيموجلوبين السكري، ويبدو أنه يؤدي إلى تخفيض الوزن؛ وقد تم ربط هذه التأثيرات سابقًا بانخفاض تفاعل الالتهاب العام في الجسم، على الرغم من أنهم لم يتمكنوا من تحديد أي تأثير على البروتين سي التفاعلي CRP في الدراسة الحالية. أجريت الدراسة على الأشخاص المصابين بارتفاع أقل خطورة في الهيموجلوبين السكري.
- أدوية الجليفلوزين: أدت إلى انخفاض حمض اليوريك في الدم، لكن الدراسة أجريت على أشخاص مصابين بالسكري.
ما هي قيود الدراسة؟
تشمل قيود الدراسة ما يلي:
- هيمنة النساء في عينة الدراسة، بينما يُصيب النقرس الرجال بشكل أساسي.
- التصميم الاسترجاعي القائم على الملاحظة، إلى جانب عدم وجود بيانات حول عوامل نمط الحياة، مما يعني أن العوامل الخارجية غير المقاسة ربما تكون قد أثرت على النتائج.
ما هي الآثار الجانبية للميتفورمين؟
تشمل الأعراض الجانبية الشائعة لدواء ميتفورمين ما يلي:
- اضطراب وآلام في المعدة.
- الغثيان.
- غازات وانتفاخ.
- إسهال.
- انخفاض سكر الدم.
في النهاية، توضح الدراسات الحديثة أن دواء ميتفورمين لا يقتصر دوره على التحكم في مستويات السكر في الدم فحسب، بل يمتد دوره ليشمل استخدامه لعلاج متلازمة تكيس المبايض، وسكري الحمل، كما يُستخدم لخفض وزن الجسم، وربما لتأخير الشيخوخة، وها هو الآن قد يُستخدم أيضًا لتقليل خطر الإصابة بالنقرس بين مرضى السكري. هذه الدراسة تعزز من مكانة ميتفورمين كعلاج مفضل للأشخاص الذين يعانون من مقدِّمات السكري، وتفتح آفاقًا جديدة للبحث في استخدامه لتحسين صحة المرضى بشكل شامل.