هل الجفاف المهبلي يحدث لأسباب نفسية؟
متزوج من سنة 2020, المشكلة عائدة إلى علاقتي الزوجية، فالزوجة عندها برود جنسي وجفاف مهبلي ولا تشعر بالنشوة، كما أعلمكم عندنا أطفال، زرنا عيادة خاصة بالنساء والتوليد، فقالت أن المهبل سليم، فأعطتنا أدوية فلم تنفع بشيء، ما الحل؟
أخي الكريم:
أنت قلت في بياناتك أن عمرك 37 عاماً، وسأتصور أنها أصغر منك، فالجفاف المهبلي قليل نسبياً في مثل عمرها، ويزداد من بعد وصول المرأة لسن ما حول الخامسة والأربعين أو قبله قليلاً، أو بعده بسنوات، ويظل لسنوات ما دامت الأسباب ما زالت قائمة، فهل قمتما بخطوة الكشف المتخصص والتعرف على طرق العلاج التي تحل تلك المشكلة؟ وهي بالمناسبة كثيرة ومتنوعة بدءاً من العلاج الهرموني ومروراً بتركيب حلقات هرمونية في المهبل تتغير كل ثلاثة أشهر بشكل آمن لها وللزوج، وانتهاءاً بالترطيب المستمر سواء بكريمات موضعية أو بعلاجات منزلية مثل الفازلين أو زيت الزيتون النقي.
فإن كانت قد كشفت وتلقت العلاج كما أشار الطبيب بالنوع والمدة المناسبة لجسمها؛ فتظل الأسباب النفسية سبباً لحدوث هذا الجفاف، فالتوتر الزائد، والقلق الزائد والاكتئاب قد يعمل على إحداث هذا الجفاف، فهل أنت قريب من زوجتك ومشاعرها؟ هل تساعدها في تقليل أي مما ذكرت بشكل متعاطف ورحيم؟ هل عرضت عليها التواصل مع متخصص نفسي إن كنت تجد مثل تلك المشاعر التي ذكرتها؟ فإذن جفاف المهبل يحتاج أولاً التأكد من عدم وجود أسباب عضوية، ثم مراجعة وجود أسباب نفسية، وكلاهما له علاج ناجح في ذلك حين الالتزام بالعلاج، على رأس هذا العلاج التعاطف والتفاهم بينكما، والحب والقدرة على الحديث بحب ورحمة وليس حديث اللوم والتقريع، ولا أحسبك كذلك أخي الكريم.
أما موضوع البرود الجنسي؛ فهو موضوع شائك جداً، لأن نسبة النساء اللاتي يعانين من برود جنسي حقيقي قليل فعلاً، ولقد قابلنا في عياداتنا الزوجة التي لا تتمكن من التجاوب مع زوجها لأسباب كثيرة، على سبيل المثال وليس الحصر، من تفقد رغبتها في علاقة جنسية ممتعة لسوء معاملته لها معظم الوقت، أو لعدم القيام بالمداعبات التي تسبق قمة لذة الجماع، أو وجود ألم أثناء العلاقة الزوجية منها الجفاف، أو الجهل بالمعلومات الأساسية بالعلاقة الجنسية، أو ميراث تربوي يخص ماهية الجنس الذي يعتبره المجتمع في العموم عيبًا وقلة أدب واحترام ... إلخ، مما يؤثر على إقبال الأنثى على علاقة جنسية مع رجل والاستمتاع معه.
أو لأسباب شخصية محضة مثل وجود روائح غير مستحبة تجعلها تنفر من القرب الشديد منه، أو لفقدها للتركيز في هذا الوقت لوجود أطفال صغار، أو لتوقيت سيئ بالنسبة لها، أو لمعاناتها الشخصية من قلة التركيز أصلًا في حياتها العادية، مثلما وجدنا في بعض حالات فرط الحركة وتشتت الانتباه، أو كأثر جانبي لبعض أدوية الاكتئاب، وكل ذلك وأكثر يترجمه الزوج لكلمة تعوّد عليها المجتمع العربي دون دقة علمية بأن العزوف عن الجنس، أو عدم الرغبة فيه؛ مجازاً هو “برود جنسي”، لذا أقترح الآتي إن كنت تريد حل المشكلة فعلًا والانتقال من مربع الشكوى لمربع الحل:
- مراجعة علاقتك بها عامةً، ومدى الاتفاق والود والحب والتفاهم والاحترام والقدرة على التواصل اللبق بينكما، وهنا يكمن أكثر من نصف حل المشكلة.
- اقتراح التواصل مع متخصص عضوي "نساء وولادة" لمعرفة علاج الجفاف بشكل جيد بالطريقة والمدة التي يحددها ومراجعته حتى الانتهاء من تلك المشكلة إن وُجِدَتْ.
- التواصل مع معالجة نفسية ماهرة إن تم الانتهاء، أو استبعاد الأسباب العضوية؛ لتضعا أيديكما على حل المشكلة بالتعاون معاً برحمة واحترام، وهناك معالجون نفسيّون متخصصون فقط في تحسين العلاقة الجنسية بين الزوجين بطرق متخصصة.
وأخيراً؛ لا تتصور أني لا أشعر بمعاناتك الكبيرة تلك وفي مثل سنك المفعم بالطاقة والحب وسط ما يمر به العالم من "تضخيم جمال الجنس ودور الأنوثة في زيادة متعته بشكل غير واقعي"، ولكن تأثيره واقعي علينا في كل الأوقات، في التسوق، أو السفر، أو الميديا، فدوماً الوجهة التسويقية ترتبط بوجه جميل وجسد إغرائي فاتن، حتى وإن لم يكن له دور حقيقي، فمعاناتك الحقيقية تحتاج لعلاج حقيقي حدثتك عنه، هيا ابدأ، ودمت أنت وزوجتك بخير.
