في عصرنا الحالي، أصبح من السهل الوصول إلى المعلومات الغذائية من مختلف المصادر، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي نالت شعبية واسعة في مختلف المجالات، ولا سيّما في مجال التغذية والصحة. يُتابع الملايين من الأشخاص المؤثرين والمدوّنين الغذائيين الذين يُقدّمون النصائح الغذائية على وسائل التواصل الاجتماعي لاكتساب المعرفة حول الأطعمة والنظام الغذائي الصحي. ولكن هل يُمكن الاعتماد عليهم للحصول على النصائح والمعلومات الغذائية؟
دراسة تكشف عن انتشار نسبة عالية من النصائح الغذائية غير الدقيقة في وسائل التواصل
قد يكون الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على النصائح الغذائية والمعلومات استراتيجية غير سليمة، فقد كشفت دراسة نُشرت في المجلة الدولية للتغذية السلوكية والنشاط البدني (IJSNEM) أن ما يقرب من نصف منشورات المؤثِّرين على وسائل التواصل الاجتماعي تحتوي على معلومات غذائية غير دقيقة.
قام باحثون من معهد النشاط البدني والتغذية (IPAN) في جامعة ديكين الأسترالية بالنظر في نحو 700 منشور على إنستغرام في صفحات شخصيات مؤثّرة وعلامات تجارية لديها أكثر من 100000 متابع، ووجَدوا أن 45% منها تحتوي على معلومات غذائية غير دقيقة.
وبَعد النظر في بعض العوامل، مثل المؤهلات المهنية لصاحب المنشور، وقاعدة الأدلة للمعلومات المنشورة، والإعلانات، والمصالح التجارية، وجَدت الدراسة أن 9 من أصل 10 منشورات كانت ذات جودة منخفضة.
جودة ودقة النصائح الغذائية على إنستغرام قد تكون مشكوكة فيها
قالت الدكتورة إميلي دينيس، مؤلفة الدراسة من معهد النشاط البدني والتغذية، إن التغذية موضوع تمَّت مناقشته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت هناك مخاوف بشأن جودة ودقة المعلومات الغذائية التي يتم مشاركتها على وسائل التواصل.
ووجَدت الدراسة أن حسابات العلامات التجارية، مثل شركات المكمّلات الغذائية والحسابات التي تُقدّم خدمات الاشتراك في برامج وخطط النظام الغذائي عبر الإنترنت، كانت تقدّم المعلومات الغذائية الأقل دقة وجودة، وفي أغلب الأحيان، كانت تقدّم أيضًا معلومات غير دقيقة حول المكملات الغذائية، بينما كانت حسابات خبراء التغذية والاختصاصيين تقدم المعلومات الغذائية الأكثر دقة وجودة.
وأضافت دينيس: "هذه أول دراسة من نوعها لتقييم جودة ودقة المعلومات الغذائية على إنستغرام، وأشارت النتائج التي توصَّلنا إليها إلى أنها ليست دائمًا مصدرًا موثوقًا للمعلومات الغذائية".
من بين أسوأ النصائح الغذائية التي تم رصدها على إنستغرام:
- منشورات تنصح الآباء بأن الكبد هو الغذاء الأول المناسب للأطفال، إذ قد يُعرِّض ذلك الأطفال لخطر استهلاك مستويات سامة من الفيتامين A.
- منشورات تزعم أن المكملات الغذائية يمكن أن تعزِّز المناعة، فالمكملات الغذائية هي بديل مكلف لنظام غذائي صحي.
ومن بين أفضل النصائح الغذائية التي تم رصدها:
- منشورات من خبراء وأخصائيي التغذية حول فوائد تناول المزيد من الأطعمة النباتية مثل الفاكهة والخضراوات والبقوليات والمكسرات والبذور، وأهمية تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة النباتية لصحة الأمعاء والصحة بشكل عام. وذلك يتماشى مع المبادئ التوجيهية الغذائية الأسترالية والأبحاث الحالية.
النصائح الغذائية الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي قد تُهدد صحتك!
قالت دينيس إن ما نأكله يُؤثّر بشكل كبير على صحتنا، والكثير من الأشخاص يستخدمون الإنستغرام ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى للحصول على النصائح الغذائية ومعلومات حول النظام الغذائي وإعداد الوجبات. والنتائج التي توصّلت إليها هذه الدراسة يمكن أن تدفع الأشخاص للتفكير مليًا قبل اتخاذ القرارات التي قد تؤثر على صحتهم بناءً على المعلومات التي يجدونها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحثّهم على الاستعانة بالاختصاصيين وخبراء التغذية للحصول على النصائح الغذائية بدلاً من المؤثّرين والعلامات التجارية.
ويجب على مستخدِمي وسائل التواصل الاجتماعي أن يكونوا حذرين من العلامات التجارية أو المؤثِّرين الذين يحاولون تسويق وبيع المنتجات. ويجدر بهم التحقق من مؤهلات الأشخاص الذين يقدِّمون المعلومات الغذائية، فخبراء التغذية المسجَّلون هم المؤهلون لتقديم النصائح الغذائية ومعلومات حول التغذية. وأشارت بأنه لا توجد طريقة واحدة صحية لتناول الطعام كما يزعم البعض، بل هناك عدة طرق لتناول نظام غذائي صحي ومتوازن. فإذا كنت في حيرة من أمرك، تحدَّث إلى طبيبك أو إلى اختصاصي تغذية مسجَّل قبل اتخاذ قرارات مهمة تتعلق بالنظام الغذائي.
بالتأكيد، يُمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤدي دورًا إيجابيًا في نشر الوعي حول التغذية الصحية، ولكن يجب الحرص على اختيار المصادر الموثوقة والتحقُّق من صحة المعلومات قبل اتّباع النصائح الغذائية. وأخيرًا، تذكّر أن صحتك هي مسؤوليتك، ولذلك اختَر مصادر موثوقة، واستَشر الاختصاصيين المؤهَّلين عندما يتعلق الأمر باحتياجاتك الغذائية والصحية.