صحــــتك

العلاج السلوكي المعرفي لدى الأطفال مع د. وفاء سعود

الدكتورة وفاء سعود، أخصائية علم النفس السريري للأطفال والعائلة
الدكتورة وفاء سعود، أخصائية علم النفس السريري للأطفال والعائلة

ما هو العلاج السلوكي المعرفي للأطفال، وما الذي نعرفه كوالدين عن المشكلات النفسية التي قد يتعرض لها أولادنا خارج المنزل، وما هي أفضل الاستراتيجيات والخطط التي يمكننا استخدامها للتعامل مع مشاعرهم ومعالجتها بالوقت والشكل الصحيح؟

في حوار مع الدكتورة وفاء سعود، اختصاصية علم النفس السريري للأطفال والشباب، تتحدث عن كل هذه التفاصيل، وأفضل الطرق لعلاج العنف لدى الأطفال والمراهقين، بعد تعرضهم للإيذاء أو الحروب. 

من هي الدكتورة وفاء سعود؟

أنا اختصاصية في علم النفس السريري للأطفال والشباب، ساعدني تخصصي على العمل عن كثب مع الأطفال وفئة الشباب وعائلاتهم لدراسة المشكلات النفسية والسلوكية والتحديات المرتبطة بالتعليم التي قد يواجهونها، ومن ثم تقديم العلاج المناسب بناء على تقييمي لكل حالة. من ضمن المشكلات التي أعلاجها كلاً من الاكتئاب، والقلق، والحزن، والصدمات النفسية، واضطراب الوسواس القهري (OCD)، واختلال التنظيم العاطفي، والإدمان مثل السجائر الإلكترونية، والسلوكيات الضارة، بالإضافة إلى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، واضطرابات طيف التوحد (ASD)، واضطرابات التعلم. ولا تقتصر رؤيتي على الأطفال والشباب فقط، بل أركز أيضاً على دمج الوالدين في برامجي العلاجية، وذلك عبر تدريبهم وتمكينهم من دعم أبنائهم وتقوية أواصر العلاقة بينهم، لأنهم عنصر أساسي في حل المشكلة.

وماذا عن خبرة الدكتورة وفاء سعود المهنية؟

أعمل كطبيبة نفسية في عيادات "سيج" الموجودة في دبي، وحصلت على الترخيص في كل من كندا والإمارات العربية المتحدة. تلقيت تعليمي وتدريبي العملي في مجالات التحليل النفسي، والبحث النفسي، والتدخل العلاجي النفسي في كندا. كما حصلت على شهادة الدكتوراه في تخصص علم النفس السريري التنموي من جامعة يورك في تورونتو. بعد ذلك، أتممت فترة التدريب المهني في مركز الإدمان والصحة النفسية في تورونتو أيضاً.

وتؤكد: قبل انضمامي لعيادة "سيج"، التحقت بعدة مؤسسات طبية مرموقة متخصصة بخدمات طب الأطفال والصحة النفسية بكندا، مثل مركز الإدمان والصحة العقلية في تورونتو و"مستشفى IWK للأطفال" في مدينة هاليفاكس. بجانب ذلك، عملت أيضاً على تقديم تقييمات واستشارات نفسية مخصصة للمدارس الكندية، ولم يقتصر عملي على ذلك فقط، بل شمل أيضًا المشاركة في مجال علم النفس الجنائي الكندي، حيث قَدَّمْت خدمات التقييم والدعم للشباب الذين لديهم سجل جنائي.

ما هو طبيب نفس الأطفال؟

طبيب علم نفس الأطفال هو متخصص يتمحور اهتمامه حول دراسة وتناول المتطلبات العاطفية والاجتماعية والمعرفية للأطفال والمراهقين، وعادة ما يتلقى المختصون تدريبًا خاصًا في مجال تطوير الأطفال وصحتهم النفسية، كما ينخرطون في الأنشطة البحثية للارتقاء بعلم نفس الأطفال، واكتشاف أفضل الأساليب والممارسات لمساعدتهم، ويقدمون استراتيجيات وقائية لحماية الأطفال من أي اضطرابات نفسية بشكل استباقي. الخدمات التي يقدمها اختصاصيّو علم نفس الأطفال تختلف باختلاف التخصصات والخدمات، فيما يلي بعض مهامي في عيادات "سيج":

  • التقييم: فهم وتحليل وتشخيص التحديات العاطفية والتعليمية والسلوكية.
  • الخطة العلاجية: بعد تقييم احتياجات الطفل، أقوم بوضع خطة علاجية لمساعدة الطفل على التغلب على مخاوف معينة يعاني منها.  وفي بعض الحالات، يطلب مني الوالدان أن أقدم توصيات حول الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد على دعم الطفل في بيئة التعليم.
  • التدخل العلاجي النفسي: أقدم العلاج النفسي لمساعدة الشباب وأسرهم على التعامل مع مشاعر الخوف والغضب والحزن، وأساعدهم على تغيير السلوكيات التي قد تكون غير مفيدة بالنسبة لهم، كما أعمل على تمكينهم من التعامل مع تجارب الحياة الصعبة. أقوم أيضًا بتوجيه الشباب وأسرهم حول كيفية إدارة اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). هدفي الرئيسي هو معالجة عوامل الخطر المحتملة للمساعدة في منع ظهور أي صعوبات إضافية في المستقبل. وتجدر الإشارة إلى أن برامجي العلاجية مبنية على الأدلة العلمية والبحث العلمي.  
  • تدريب أولياء الأمور: أعمل عن كثب مع أولياء الأمور لتدريبهم وتمكينهم من فهم وتلبية احتياجات أطفالهم بشكل أفضل.
  • الدعم الأسري: أعمل مع العائلات لمساعدتهم على تحسين وتعزيز علاقاتهم الأسرية.
  • الاستشارات: بغرض ضمان تقديم أفضل رعاية ممكنة للطفل، أقوم بعد موافقة الوالدين في بعض الأحيان بالتعاون مع مدرسة الطفل أو طبيب الأطفال، إذ يهدف ذلك إلى التنسيق بين مختلف الجهات المعنية برعاية وتطوير الطفل، مما يضمن توفير الدعم والعناية الصحيحة له.

ما هو العلاج السلوكي المعرفي؟

العلاج السلوكي المعرفي هو نوع من العلاج الذي يُستخدم على نطاق واسع لعلاج مشكلات الصحة النفسية، ويُعتبر واحدًا من أكثر الطرق فعالية في علاج القلق والاكتئاب والصدمات، ويتميز بأنه عادةً ما يكون محدود المدة الزمنية، إذ يتم تقديمه عبر عدد محدد من الجلسات.

حدثينا عن العلاج السلوكي المعرفي للأطفال وتقنياته وفوائده وفعاليته..

تستند نظرية العلاج السلوكي المعرفي على افتراض وجود ترابط ما بين الأفكار والمشاعر والسلوك. في هذا النوع من العلاج، يتعلم الأطفال والمراهقون كيفية تغيير أفكارهم وسلوكياتهم بهدف تحسين صحتهم العاطفية. على سبيل المثال، يمكن أن يشمل العلاج السلوكي المعرفي للقلق مساعدة الأطفال والمراهقين في التعامل بشكل تدريجي مع مصادر الخوف، ويتم تعزيز شجاعتهم وتمكينهم من التغلب على مشاعر الخوف. يساهم هذا النوع من العلاج أيضًا في تمكين الشباب بمهارات إضافية، مثل حل مشكلات مهارات التفاعل والتواصل بشكل فعال مع الآخرين، وتزويدهم بأدوات لإدارة التوتر والضغوط اليومية.

ما هي طرق العلاج السلوكي المعرفي ؟ وما الفرق بين العلاج النفسي والعلاج السلوكي؟

العلاج السلوكي المعرفي هو نوع من العلاج النفسي يهدف إلى تحديد وتغيير سلوكيات معينة قد تسبب مشكلات في حياة الفرد. هناك العديد من الأساليب المختلفة للعلاج السلوكي، تتضمن بعض المكونات الرئيسية للعلاج السلوكي الذي أمارسه في عيادات "سيج" ما يلي:

  • التقييم: يعتبر التقييم الخطوة الأولى والأساسية في العلاج السلوكي، من المهم أن نفهم الأسباب والدوافع التي تقف وراء سلوك الطفل أو المراهق، هذا التقييم يساعدنا في تحديد العوامل الجذرية، ويمكن أن يكون الأساس الذي نستند عليه لتغيير السلوك بفعالية.
  • التدخل السلوكي العلاجي: التدخل في العلاج السلوكي غالبًا ما يشمل عملية تعليم الأطفال والمراهقين كيفية استبدال السلوكيات غير المفيدة بسلوكيات مفيدة. يتم ذلك من خلال تعليمهم سلوكيات ومهارات جديدة، وينبغي تصميم عملية التعلم بحيث تكون مُجزية للأطفال والمراهقين، وعندما يرون الفوائد الملموسة لهذا التغيير، مثل تحسين صحتهم النفسية أو علاقاتهم الاجتماعية أو أداءهم في المدرسة، يزيد اندفاعهم للالتزام بالعلاج السلوكي، وبالتالي ترتفع فرص نجاح العلاج.
  • التعاون: يعتبر التعاون جزءًا مهمًا في العلاج السلوكي الذي أقدمه. أتعاون بشكل وثيق مع الشباب وأسرهم لضمان نجاح العلاج، نبدأ بتحديد أهداف العلاج السلوكي بشكل مشترك، ونضع هذه الأهداف بحيث تكون متناسبة مع قيم وقواعد الفرد واحتياجاته الخاصة، وأقوم بدمج الوالدين في البرنامج العلاجي، وأساعدهم على تعزيز مهاراتهم الأبوية الحالية، وأعلمهم استراتيجيات جديدة من شأنها مساعدة أطفالهم على تطوير سلوكيات صحية وإيجابية وتغيير السلوكيات السلبية.

ما هي أحدث طرق العلاج النفسي؟

"العلاج بالتقبّل والالتزام" هو نوع من علاجات اضطرابات الصحة النفسية، ويهدف إلى تقديم الدعم والمساعدة للأطفال عبر تمكينهم من التعامل بشكل أفضل مع المشاعر الصعبة التي يمكن أن يشعروا بها، وتخطي الأزمات الي يمرون بها، وكل ذلك بما يتماشى مع قيمهم وأهدافهم. ويشمل العلاج إدارة مشاعر الحزن والقلق في المدرسة والتحديات الاجتماعية بشكل عام.

هل يمكنك ذكر أحدث ثلاث علاجات للاضطرابات النفسية عند الأطفال؟ 

هناك نوع آخر يُسمَّى "العلاج المرتكز على العاطفة - (EFT)"، يهدف إلى مساعدة الأفراد على فهم عواطفهم والتعامل معها بشكل صحيح. يساعد العلاج المرتكز على العاطفة مقدمي الرعاية، مثل الآباء والأمهات، على فهم مشاعر أطفالهم والتفاعل معها بشكل أفضل. ليس هذا فحسب، بل يمكنه أن يساعد الأبوين على فهم مشاعرهم الشخصية وتحليلها بشكل صحيح، وبالتالي تحسين تعاملهم مع أبنائهم بما يتماشى مع أهدافهم.

"العلاج الجدلي السلوكي – DBT"، هو نوع آخر من العلاج النفسي الذي يهدف إلى مساعدة الأفراد على التعامل مع المشاعر الكبيرة وتغيير السلوكيات السلبية. يتم استخدام العلاج السلوكي الجدلي بشكل شائع مع المراهقين لمعالجة مجموعة متنوعة من المشكلات مثل السلوك العدواني، ومشكلات العلاقات، وتعاطي المخدرات. يُستخدم أيضًا لتعليم المراهقين مهارات جديدة في التعامل مع الآخرين بشكل فعال، وتنمية استراتيجيات صحية للتعامل مع المشاعر الكبيرة التي يمكن أن يواجهونها في حياتهم اليومية.

وأنا دائما ما أستفيد من هذا النوع من العلاج في عملي مع عيادة سيج لمساعدة الأطفال والمراهقين وعائلاتهم.

كيف أعرف أن ابني المراهق أو الطفل يحتاج إلى طبيب نفسي؟

من الطبيعي أن يواجه الأطفال والمراهقون بعض التحديات مع العواطف والعلاقات وتقدير الذات في فترة نموهم، ولكن إذا ظهرت أي من العلامات الآتية على طفلك، فإنني أنصح بطلب المساعدة من طبيب أو اختصاصي نفسي:

  • نوبات انفعالية كبيرة ومتكررة.
  • عواطف أو سلوكيات ضارة تجاه الذات أو تجاه الآخرين.
  • قلة تناول الطعام والأفكار السلبية عن أجسادهم.
  • استخدام مواد ضارة بشكل متكرر وجميع محاولات الإقلاع عنها باءت بالفشل.
  • الأفكار المتكررة التي تسبب الضيق العاطفي ويصعب التخلص منها.
  • عدم السيطرة في القيام ببعض السلوكيات أو الطقوس بكثرة وباستغراق الكثير من الوقت.
  • القلق الشديد المستمر بشأن الصحة أو السلامة أو المدرسة أو العلاقات.
  • تجنب القيام بالأنشطة المدرسية أو الانعزال عن المجتمع.
  • صعوبات في تعلم اللغة أو القراءة أو الكتابة أو الرياضيات.
  • مشكلات التركيز واتباع التعليمات.
  • الصعوبات المستمرة في تكوين الصداقات.
  • صعوبة التكيف مع حدث سلبي في الحياة -مثل وفاة أحد أفراد الأسرة- على الرغم من مرور وقت كبير على ذلك.

ما هو المرض النفسي الذي ليس له علاج؟

في الواقع، تختلف عملية التعافي من شخص لآخر، إذ يمكن إدارة العديد من الحالات التي تعاني بشكل مستمر ومتكرر من القلق والاكتئاب والاضطرابات المزاجية والعاطفية والنوبات الذهانية التي تعني مجموعة من الاضطرابات النفسية. وذلك من خلال الكشف المبكر، ومن ثم تقديم الدعم المناسب والعلاج الصحيح بما يضمن الوقاية من الأمراض النفسية المزمنة وتحسين طبيعة وجودة الحياة.

ما هو العلاج النفسي الأكثر فعالية بالنسبة للأطفال؟

كل طفل يعتبر حالة خاصة بحد ذاته، وله احتياجات وتحديات مختلفة. وبالنسبة لي كاختصاصية في هذا المجال عند العمل مع الأطفال والشباب وأسرهم، أقوم باتخاذ قرارات دقيقة جدًا حول نوع العلاج النفسي الأنسب الذي سأستخدمه، وذلك عبر الاستناد  إلى الاحتياجات الشخصية للحالة التي أتعامل معها، سواء كان ذلك بالنسبة للطفل أو المراهق.

ما هي أفضل الطرق للتعامل مع القلق والاكتئاب والوسواس القهري لدى أطفالنا؟ 

أفضل طريقة للتعامل مع التحديات والصعوبات الصحة النفسية لدى الأطفال هي من خلال اتباع نهج شامل ومتكامل، وسأتطرق إلى ذكر أبرز النصائح والاستشارات التي تتضمن الآتي:

  • ضمان السلامة، في حالة تعرض الطفل لأي خطر يمكن أن يؤدي إلى إيذاء نفسه أو غيره، ينبغي وضع خطة جادة حول كيفية الحفاظ على سلامته. عليك تعليم الطفل بأهمية أن يأتي إليك للتحدث في حالة شعوره بأي خوف أو توتر، وذلك قبل أن يقوم بأي إجراء يمكن أن يضر به نفسه أو أحد آخر. كما يمكنك ببساطة التحدث مع الطفل بلطف وبكل هدوء، وشرح له بعض الاستراتيجيات والخطط التي يمكنه استخدامها للتعامل مع مشاعره ومعالجتها بشكل صحيح. وإذا كنت قلقًا بشأن سلامة طفلك، لا تتردد في الاتصال بخدمات الطوارئ في المستشفى للحصول على المساعدة اللازمة.
  • التوجه لاختصاصي، إذ يمكن للطبيب النفسي المتخصص تزويدك بتقييم شامل لحالة طفلك، ومن ثم تقديم الاستشارة والتوصيات اللازمة لمساعدته. تعتبر هذه الخطوة مهمة جدًا لتقديم الرعاية والدعم الملائمين لاحتياجاته الخاصة.
  • اطلب العلاج، يمكن للطبيب النفسي أن يساعد طفلك على فهم وتقليل مشاعر القلق والاكتئاب والوسواس والأفعال القهرية والسلوك السلبي الضار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطبيب النفسي أن يساعد طفلك على التغلب على مشاعر الحزن وتعلم كيفية التعايش مع الخسارة. يمكن للطبيب النفسي أيضًا أن يساعد طفلك على التعافي من الصدمة.
  • كن حنونًا ومتفهمًا أثناء تعاملك مع الأطفال، لأن احساسهم بمدى عاطفتك تجاههم عندما يشعرون بالقلق أو الاكتئاب يساعدهم على تعزيز مشاعر الأمان والثقة والاطمئنان. كما يتوجب علينا إتاحة الفرصة لهم للتحدث بكل أريحية عن مشاعرهم والاستماع بكل رحابة صدر للمواضيع المهمة بالنسبة لهم. هذا بدوره، يمكن أن يقلل من مستويات القلق والاكتئاب.
  • التشجيع على التواصل والأنشطة الاجتماعية، والابتعاد عن العزلة التي قد تزيد من تفاقم الأعراض.
  • كوالدين، لا تنسوا أبدًا أهمية العناية بأنفسكم؛ لأن الآباء والأمهات يمرون أيضًا بتحدياتهم الخاصة. لذا، لا تتردد في طلب الدعم والمساعدة من أسرتك أو أصدقائك أو من المتخصصين في هذا المجال. هذا النهج يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز قدرتكم على التكيف خلال الفترات الصعبة، ومواصلة مسؤولية رعاية الأطفال.
  • يجب على الوالدين أن يكونوا قدوة ونموذجًا صالح يحتذى به، لأن الأطفال بكل بساطة يتعلمون ويكتسبون بشكل أفضل من خلال الملاحظة ومشاهدة التصرفات والسلوكيات اليومية للآباء.
  • أداء العبادات وتعاليم الدين، تلعب دورًا مهمًا في تعزيز مشاعر السلام الداخلي والإحساس بالثقة.

ما العلاج النفسي للطفل الذي تعرض للتعنيف؟

عندما يتعرض طفل أو مراهق للإيذاء، قد تظهر عليهم بعض الأعراض النفسية والعاطفية، وقد يواجهون صعوبة في بناء الثقة بالآخرين وتكوين العلاقات بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، تظهر عليهم بعض التقلبات المزاجية، إذ يمكن أن يصابوا بنوبات أو انفجار عاطفي عند تذكيرهم بالإساءة التي تعرضوا لها، وبعضهم يتجنب التحدث عن الإساءة أو يتفادون التفكير بالحادثة السيئة التي تعرضوا لها، وهذا يمكن أن ينتج عنه تحول المشاعر السلبية إلى سلوك عدواني في بعض الأحيان.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لسوء المعاملة أن تترك آثارًا مؤلمة وعواطف قوية، وهو ما قد يدفع بعض المراهقين إلى استخدام المواد الضارة كوسيلة للهروب من هذه الأحاسيس أو الذكريات.

 

تعنيف الأطفال

 

وكيف يمكن التعامل مع الطفل المعَنَّف؟

عندما أتعامل مع طفل أو مراهق تعرض للإيذاء، أعتمد على منهج مخصص يضمن الاهتمام بالجوانب النفسية والعاطفية. يشمل هذا المنهج العناية بالنقاط الآتية:

  • التقييم: أقوم بجمع المعلومات عن الشباب الذين تعرضوا لسوء المعاملة، وتحليل انعكاس الإساءة على الجانب العاطفي والمعرفي والسلوكي لهم.
  • التدخل: ويشمل تقديم طرق العلاجات المتخصصة، ومن بينها "العلاج السلوكي المعرفي للصدمات النفسية". أقوم من خلاله بتحفيز الشباب على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم المتعلقة بالإساءة التي تعرضوا لها دون خجل أو تحفظ، وأساعدهم في التعامل مع تأثيرات الذكريات المؤلمة لهذه الإساءة من غير أن أصدر الأحكام السلبية عنهم. هذا النهج يهدف إلى تقليل الذكريات المؤلمة والكوابيس والاضطرابات العاطفية التي يمكن أن تنشأ عند الشباب نتيجة للإساءة التي تعرضوا لها.
  • التمكين: يهدف التدخل أيضاً إلى مساعدة الشباب على اكتساب القوة والمهارات التي تمكنهم من تحسين حياتهم، وتجاوز ما حدث لهم على الرغم مما مروا به من تجارب صعبة، ونسعى كذلك إلى تعزيز تطوير هويتهم الذاتية وإيمانهم بأنفسهم.
  • السلامة: أُولي اهتمامًا كبيرًا للحفاظ على سلامة الشباب من الناحية الجسدية، وأعمل عن كثب مع الأسر لمساعدتهم في خلق بيئة آمنة للأطفال، وأقوم بتعليم الأطفال كيفية اتخاذ إجراءات تساعدهم على الحفاظ على سلامتهم في المستقبل.
  • التواصل: أحرص على تعزيز تواصل الشباب مع مقدمي الرعاية الموثوقين، لأن ذلك يعودهم على بناء علاقات صحية واللجوء إليها، بما يضمن شعورهم بالأمان والحب.

حدثينا عن طرق علاج العنف عند الأطفال

بعض الأطفال يمارسون العنف لعدة أسباب تعود إلى العوامل المحيطة بهم والتجارب التي يمرون بها. لذلك، لعلاج العنف لدى الأطفال والمراهقين، يتعين أولاً فهم العوامل التي تؤثر على سلوكهم العنيف. هذه العوامل تشمل التعرض للإيذاء أو الحروب، والفقر، ووجود توتر في العلاقات بين الوالدين والأطفال، والقسوة المفرطة أو التساهل المفرط في التربية، والإعاقات الفكرية أو التعليمية، وضغوطات الحياة، والإحباط، وتعاطي المخدرات، والتأثر ببعض العادات السلبية من الأصدقاء أو البيئة. فعندما نحصل على فهم شامل لهذه العوامل، يمكننا تحليلها وتنفيذ البرنامج العلاجي بناءً عليها. ودائماً ما أُشْرك مقدمي الرعاية مثل الآباء والأمهات، في برامجي التعليمية لدعم الأطفال والمراهقين ومساعدتهم في تحسين سلوكهم، وأقوم أحياناً بتعليم الأطفال كيفية تقييم عواقب أفعالهم، واتخاذ قرارات أفضل، وتحمل مسؤولية سلوكياتهم، وتلبية احتياجاتهم بطرق صحية.

ما هي أبرز المشكلات التي تواجه أطفالنا اليوم؟

لقد لاحظت زيادة في عدد الأسر التي تلجأ إلى البحث عن الدعم للتعامل مع مشكلات القلق والوسواس القهري في عيادات "ســـيـــــج". في الواقع، يخشى اليوم العديد من الأطفال والمراهقين من مشاعر الإحباط والإحساس بأنهم منبوذون، إذ يتعرضون لضغوطات مختلفة تتعدى التحديات المتعلقة بمستواهم الدراسي في المدرسة، وتصل الضغوطات إلى تأثرهم بوسائل التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق بالتحديد، يأتي الجهد الوقائي لتثقيف الشباب حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وتعزيز مراقبة استخدام الأطفال الصغار لهذه الوسائل. بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم لهم حتى يتمكنوا من تطوير مهاراتهم الاجتماعية والتعامل بفاعلية مع المجتمع من حولهم.

لقد رأيت زيادة أيضًا في عدد الأسر التي تسعى للحصول على الدعم في مجال تعاطي المخدرات، وخاصة في مجال التدخين الإلكتروني، يتضمن منع التدخين الإلكتروني تثقيف الشباب حول مخاطر استخدام هذه المواد، ويتضمن أيضاً تحديد عوامل الخطر مثل القلق والصدمات وصعوبة التعلم والتأثيرات السلبية للأقران، يحتاج الأطفال والشباب لمعرفة أنه يمكنهم طلب المساعدة في أي وقت. يعد توفير التدخل المبكر أمراً أساسياً للمساعدة في بناء القدرة على الصمود ومنع تعاطي المخدرات .

كيف يمكن الوقاية من تعنيف الأطفال؟ 

قد لا تكون الوقاية من مشكلات الصحة النفسية ممكنة دائماً، ولكن يعتبر التدخل المبكر عاملًا مهمًا وفعالًا في مسألة تعافي الأطفال والمراهقين، كما يلعب دورًا جوهريًا في تسريع وتيرة نتائج صحتهم النفسية، وكذلك قدرتهم على التكيف لمواجهة التحديات المستقبلية.

آخر تعديل بتاريخ
18 سبتمبر 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.