متلازمة دوار ما بعد الزلزال هي حالة نفسية تَظهر بعد وقوع زلزال كبير، وهي تترافق غالبًا مع الشعور بالقلق والضغط النفسي نتيجة لتجارب الصدمة والفقدان الناتجة عن هذه الكارثة الطبيعية. زلزال المغرب، كأي زلزال آخر، يمكن أن يترك آثارًا عاطفية ونفسية عميقة على الأفراد والمجتمعات المتضررة.
ما هي متلازمة الدوار بعد الزلزال؟
متلازمة الدوار بعد الزلزال أو PEDS هي اختلال التوازن الناجم عن الزلزال الذي قد يتأثر بشكل أكبر بالضغوط الجسدية، بما في ذلك الاضطرابات الحسية التي تسببها اهتزازات الزلزال، والتغيرات في الظروف المعيشية، والإجهاد اللا إرادي.
غالبًا ما يتبع الزلازل الكبرى المدمرة للأبنية، والتي تكون شدتها أكثر من 7 درجات على مقياس ريختر، عددٌ كبير من الهزات الارتدادية الصغيرة والمتوسطة. لكن الزلازل الكبرى ليس لها آثار مدمرة على البيئة فحسب، بل لها أيضًا بعض الآثار الجسدية والنفسية غير المعروفة إلى حد كبير على البشر الذين يتعرضون لها.
حدثت حالات كثيرة من الدوار بعد الزلازل الكبيرة، ومع ذلك، فمن غير الواضح لماذا يتسبب الزلزال الكبير في هذا الدوار. يشبِّه البعض متلازمة الدوار بعد الزلزال بدوار البحر، وهو أحد أمراض الحركة، الذي يصيب الناس عندما يركبون في السفن والبواخر أول مرة، لكن الفرق بينهما أن الدوار بعد الزلزال يستمر لعدة أيام، أما دوار البحر فيحدث في الساعات الأولى من إبحار السفينة ثم تتلاشى أعراضه.
أُجريت تجربة على اختلال التوازن والحالات النفسية المرتبطة بخلل التوازن لدى الأفراد المعَرَّضين للهزات الارتدادية المتكررة مقابل أولئك الذين نادرًا ما تعرضوا لها، ولوحظ حدوث اختلال وظيفي أكبر في التوازن لدى أفراد المجموعة المعَرَّضة للزلزال.
يبدو أن خلل التوازن في المجموعة التي تعرضت للهزة الارتدادية قد نشأ عن اضطراب في عمل الأذن الداخلية، إضافة للقلق الفردي المعزز بالتعرض المتكرر للهزات الارتدادية.
وتشير النتائج العلمية إلى التأثيرات المحتملة للضغط اللا إرادي على وظيفة التوازن بعد الزلزال الكبير، وقد تساهم هذه النتائج في التعامل مع أخطار الصحة النفسية والجسدية بعد الزلازل الكبرى، وتسمح بتطوير نهج تجريبي جديد لرعاية الكوارث بعد مثل هذه الأحداث.
كيف تحدث متلازمة دوار ما بعد الزلزال؟
وظيفياً، ترتبط هذه الأعضاء ارتباطاً وثيقاً بالمخيخ ومراكز الانعكاس في النخاع الشوكي وجذع الدماغ التي تتحكم في حركات العين والرقبة والأطراف.
كيف نتوازن بعد دوار ما بعد الزلزال؟
للحفاظ على الشعور بالتوازن، يعالج الدماغ البشري المعلومات التي تصله من الجلد والعضلات والعينين والأذنين، ويتعارض الاهتزاز القوي مع هذا الأداء الطبيعي، ويمكن أن يكون له تأثير طويل بعد انتهاء الزلزال. قد ينشأ التوتر والقلق بسبب تذكّر الهزة في بعض الحالات، مما يؤدي بالناجين إلى الاعتقاد خطأً أنهم يتعرضون لزلزال آخر، الأمر الذي يؤدي بهم للإصابة بمتلازمة الدوار بعد الزلزال.
بعد الزلزال الذي ضرب مدينة توهوكو في اليابان (بقوة 9 درجات)، أجرى فريق من الباحثين مسحًا على حوالي 3000 مريض خضعوا للعلاج في المؤسسات الطبية في منطقة العاصمة طوكيو ومحافظة فوكوشيما بين مارس/ آذار ومايو/ أيار 2011، عانى حوالي 80 إلى 90% من البالغين و50 إلى 70% من الأطفال من نوبات مفاجئة من الدوار.
في كثير من هذه الحالات، حدث الدوار عندما كانوا داخل أبنية أو في وضعية الجلوس. يقول الباحثون: إن احتمالية حدوث الدوار تقل إذا كانوا بالخارج في الهواء الطلق وليس في مكان مغلق، لأن ممارسة الرياضة في الهواء الطلق تساعد في تخفيف القلق المرتبط بذاكرة الاهتزاز في الدماغ.
لقد شعر كثير من الناس في المنطقة القريبة من مركز الزلزال بالدوار، كما لو أنهم يتأرجحون في وقت لم تكن فيه توابع الزلزال تحدث بالفعل، وهناك عدد قليل من التقارير حول الدوار بعد الزلازل الكبيرة في العالم.
أُجريت دراسة سريرية وبائية على متلازمة الدوار بعد الزلزال، فقد أصبح الأشخاص المتأثرون يحسون بشعور التأرجح، خاصةً عند الجلوس داخل المنزل، كما تم العثور على اختلاف كبير فيما يتعلق بالجنس، فقد كان انتشار المتلازمة أكثر بين صفوف الإناث.
من ناحية أخرى، بدا أن القلق والتوتر الاجتماعي الناجمَين عن الكارثة من العوامل المساهمة في حدوث الدوار بعد الزلزال. ترتبط الآلية الأساسية للشعور بالدوار بوجود محفزات لأنظمة الأذن الداخلية في حفظ التوازن، وقد تمت إضافة الاضطرابات العاطفية إلى المسببات.
أعراض دوار ما بعد الزلزال:
تشمل أعراض دوار ما بعد الزلزال ما يلي:
- الشعور بتأرجح وهمي في الجسم يستمر أقل من دقيقة واحدة ولعدة مرات بعد الزلزال.
- الشعور بالقدمين وكأنهما يتأرجحان في الهواء.
- ظهور مشكلات في المسالك البولية.
- ظهور طنين الأذن، أو امتلاء الأذن.
- ظهور مشكلات في الرؤية.
- اضطرابات النوم.
- القلق.
- التعرق.
- الحمى.
- القيء.
علاج متلازمة الدوار بعد الزلزال:
يبدو أن الحفاظ على اللياقة البدنية في الحياة اليومية، وتجنب القلق الناجم عن متابعة وسائل الإعلام أمران مهمان في الوقاية والعلاج، وقد ثبت أيضًا أن العلاج الطبيعي والأدوية مهمان لمنع الأعراض من التفاقم، ويمكن أيضًا القيام بالإجراءات الآتية:
- تدريب عين الشخص من خلال جعلها تركز على شيء بعيد.
- احتساء السوائل الباردة أو الساخنة.
وفي الحالات الأكثر خطورة، قد يُنصح المرضى باستخدام مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية، والتي تُعرف أيضاً باسم حبوب دوار الحركة ودوار البحر والسفر.
الخلاصة:
لقد تناولنا في هذا المقال التعريف بأحد الأعراض التي قد تصيب الناس بعد حدوث زلزال كبير على غرار الذي وقع في المغرب، ألَا وهو متلازمة دوار ما بعد الزلزال، وهي اختلال توازن الجسم بسبب الاهتزاز العنيف للأرض أو البِناء، لكنها لا تدوم عادة أكثر من أيام، ويمكن علاجها بالنظر إلى أماكن بعيدة، وتناول المشروبات الساخنة، وتناول بعض مضادات الهيستامين، لكن إذا استمرت الحالة لأكثر من أسبوع، يفُضَّل أن يراجع المصاب الطبيب لتشخيص حالته ومساعدته في العلاج.
المصادر
http://strangesyndromes.blogspot.com/2021/12/post-earthquake-dizziness-syndrome.html
https://www.researchgate.net/publication/276180988_Post_Earthquake_Dizziness_Syndrome
https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S038581461930937X