تعد البنكرياس (أو المعثكلة) إحدى أهم الغدد الملحقة بالجهاز الهضمي في جسم الإنسان، وهي إسفنجية القوام مفصصة الشكل بلون بني مصفر إلى وردي، وتقوم البنكرياس بوظيفتين:
- غدة داخلية الإفراز (Endocrine): وتقوم بإفراز عدد من الهرمونات أهمها الإنسولين، الذي يعمل على تمثيل السكر والمواد الكربوهيدراتية؛ لذلك فإن خللها يؤدي بشكل رئيسي إلى الإصابة بمرض السكري.
- غدة خارجية الإفراز (Exocrine): فإنها تقوم بإفراز العصارة البنكرياسية الحاوية على إنزيمات هاضمة.
وتصاب غدة البنكرياس، مثل غيرها من أعضاء الجسم بالأمراض، إلا أن أشد الأمراض فتكاً بها وبالجسم هو سرطان البنكرياس.
* سرطان البنكرياس.. متفرّد بخطورته
يحتل سرطان البنكرياس المرتبة الرابعة في الولايات المتحدة؛ إذْ يتم تشخيص أكثر من 30 ألف من الأميركيين المصابين به (من الرجال والنساء الذين تجاوزت أعمارهم 45 سنة) كل عام، وأكثر من 95% منها يموتون في غضون خمس سنوات.تكمن خطورة هذا السرطان أنه يسبب أضرارا جانبية للأعضاء الأخرى التي ينتشر إليها، حيث إن معظم المصابين بسرطان البنكرياس يموتون نتيجة قصور الكبد بعد انتشار السرطان فيه، وذلك إضافة لانتشاره في الأمعاء والشرايين والأوردة والمرارة، وفي هذه المرحلة لا يكون هناك أمل في الحل الجراحي.
* صعوبة التشخيص
أيضاً يعتبر تشخيص سرطان البنكرياس صعبا لعدة أسباب؛ أهمها أن البنكرياس يقوم بأداء وظيفته بشكل طبيعي حتى عندما ينمو ورم بداخله، ناهيك عن أن نتائج الاختبارات لا تكون موثوقة بشكل كامل، وأحيانا كثيرة تكون غير مفيدة، وفي معظم الأحوال لا تظهر أعراض سرطان البنكرياس إلا بعد أن يفتك الورم بالغدة بشكل كبير، ومن هذه الأعراض التي تظهر على المريض:1. فقدان الوزن.
2. ألم في الظهر والبطن.
3. غثيان وإقياء.
4. اليرقان (أبو صفار).
5. بول غامق وبراز باهت اللون.
6. فقدان الشهية.
7. ارتفاع مستويات السكر في الدم.
* الغذاء وسرطان البنكرياس
هناك العديد من الدراسات التي تربط بين نمط التغذية ونسبة حدوث سرطان البنكرياس، ومن هذه الدراسات دراسة حديثة تابعت مجموعة من الرجال ممن يعانون من مستويات أعلى من الأنسولين والجلوكوز في الدم، وممن عندهم مقاومة للإنسولين؛ واستمرت الدراسة لمدة 16.7 سنة، ووجد أن أولئك الرجال كانوا أكثر عرضة لحدوث سرطان البنكرياس، ومن المعروف أن الرجال والنساء المصابين بداء السكري من النوع الثاني لديهم استعداد مضاعف لخطر الإصابة بسرطان البنكرياس.
كما وجدت دراسة أخرى ضمت أكثر من 190 ألف شخص يستهلكون اللحوم المصنعة، ولحوم البقر ولحم الخنزير والضأن لمدة 7 سنوات، وفي هؤلاء كان خطر إصابتهم بسرطان البنكرياس أعلى بنسبة 50 - 68 ٪.
وفي دراسة أخرى في السويد ضمت أكثر من 75 ألف شخص لمدة 7.2 سنوات وجدت أن استهلاك المزيد من السكر يؤدي لارتفاع معدلات الإصابة بسرطان البنكرياس، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن شرب عبوتين من المشروبات الغازية يومياً من شأنه أن يزيد نسبة خطورة الإصابة بسرطان البنكرياس بنسبة 93٪، وارتفعت نسبة الخطورة بمقدار 69٪ عند الذين أضافوا السكر إلى الأطعمة والمشروبات على الأقل 5 مرات في اليوم الواحد مقارنة مع أولئك الذين لم يضيفوا السكر إلى طعامهم.
وفي دراسة رابعة تابعت نصف مليون عضو من الرابطة الأميركية للمتقاعدين وجدت بعد 6 سنوات أن المجموعة التي تستهلك الدهون الحيوانية واللحوم الحمراء ومنتجات الألبان أكثر عرضة للإصابة بسرطان البنكرياس، وفي هؤلاء ارتفعت نسبة الخطورة بمقدار 53٪ مقارنة مع أولئك الذين استهلكوا كميةً أقل؛ وذلك بعد ضبط وزن الجسم والتدخين والعمر وعوامل الخطر الأخرى.
وقد كتب الباحثون في استنتاجهم: "لاحظنا وجود ارتباطات إيجابية بين سرطان البنكرياس والدهون المشبعة وغير المشبعة بشكل عام، وخصوصاً من اللحوم الحمراء ومصادر الألبان الغذائية"، ولم يجد الباحثون ارتباطا ثابتا بين الدهون غير المشبعة النباتية وخطر الإصابة بسرطان البنكرياس بعد تعديل عوامل الخطر الأخرى.
* كيف نقي أنفسنا؟
والسؤال الآن هو كيف يمكننا وقاية أنفسنا من هذا المرض القاتل؟ فيما يلي بعض التوجيهات التي تساعد على خفض معدلات الإصابة؛ وإن كانت لا تمنع حدوث المرض بالكلية:
1. يعد النظام الغذائي الغربي الغني باللحوم الحمراء والدهون السبب الرئيسي للإصابة بسرطان البنكرياس، فقد انخفضت معدلات الإصابة به في أثناء الحرب العالمية الثانية نظراً لانخفاض كمية اللحوم الحمراء وغيرها من الأطعمة الغنية بالدهون، لكن النسبة عاودت للارتفاع بعد الحرب بسبب عودة الناس لتلك الأطعمة؛ لذلك فإن تجنب النظام الغذائي الغربي الغني باللحوم الحمراء والدهون أول ما يجب أن نفعله.
2. الامتناع عن التدخين، ففي عام 1970، وجدت دراسة في هاواي أن المدخنين الذين يعانون من ارتفاع مستويات الكولسترول في الدم لديهم خطر أكبر بكثير للإصابة بسرطان الرئة.
في مايو/ أيار عام 2005، قدمت دراسة تابعت نصف مليون من المحاربين القدماء في الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري؛ وأظهرت نتائج الدراسة انخفاض معدلات تطور سرطان الرئة والبروستاتا والبنكرياس والمريء بنحو 50 ٪ في أولئك الذين يتناولون أدوية ستاتين لخفض مستويات الكولسترول.
وتشير هذه البيانات إلى أن اتباع نظام غذائي غربي عالي الدسم غني بالمنتجات الحيوانية قد لا يؤدي فقط إلى تعزيز تصلب الشرايين، بل قد يؤدي أيضاً إلى تعزيز نمو وانتشار سرطان البروستاتا وربما سرطانات أخرى أيضاً.
3. يجب تجنب المزج بين تناول اللحوم المقددة، وخصوصاً لحم الخنزير، وشرب البيرة، حيث تختلط مواد تدخل في تركيبة البيرة مثل مادتي كارتسينوجين ونيترسامين مع مواد دهنية وبروتينية موجودة في اللحوم المقددة.
4. الإكثار من الخضر والفواكه والحبوب الكاملة؛ حيث وجد أن الليكوبين الموجود في الطماطم والنباتات الحمراء الأخرى كانت تحد من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس، كما أظهرت أبحاث أخرى أن من يتناولون المزيد من الفواكه والخضروات يكونون أقل عرضة للإصابة بخطر سرطان البنكرياس.
5. تناول الأطعمة التي تحوي على فيتامين د، وفيتامين ب 6 وب 12 وحمض الفوليك.
6. ممارسة النشاط الجسماني بشكل متوازن.
7. المحافظة على وزن سليم.
المصادر:
Cracking the Vault: Diet and Pancreatic Cancer
Pancreas Anatomy
Pancreas