بعدما تعرّفنا فى المقال السابق على أضرار الصودا والكولا فيما يتعلق بالهشاشة ولين العظام وتسوّس الأسنان والسمنة والتهاب الأعصاب، أصبح السؤال المنطقى "هل نستبدل الصودا العادية بالصودا الدايت؟".
معظم الأبحاث الآن توضح أن كلا من الصودا العادية والدايت سيئان للصحة وبدون أى فائدة تغذوية على الإطلاق، فيما عدا بعض الإحساس بالسعادة مع تناولها، وهى سعادة وقتية زائفة وغير حقيقية. وقد يتصور الكثيرون أن الصودا الدايت أكثر أماناً لانها لا تحتوي على السكر، ولأنها لا تحتوي على سعرات حرارية وبالتالي لا تسبب السمنة؛ فما صحة هذه التصور؟
* هل الصودا الدايت آمنة على الصحة؟
إليك بعض الحقائق عن الصودا الدايت، ولك بعدها أن تقرر هل تستمر في تناولها أم تتوقف حرصا على صحتك.
- الأسنان
عرفنا كيف تؤثر الصودا العادية فى الأسنان، خاصة فى الأطفال والمراهقين، فهى تؤدى إلى تراكم السكريات التى تتفاعل مع بقايا الطعام وتتخمر مسببةً التسوس، والكلام المنطقى أنه "بما أن الصودا الدايت لا تحتوي على سكريات فهى بالتالى آمنة على الأسنان".
وهذا الكلام صحيح جزئياً من حيث إنها لا تحتوى على سكريات، ولكن من حيث إنها آمنة على الأسنان فالموضوع يحتاج إلى وقفة.
كثرة تناول الصودا الدايت من الممكن أن يتسبب فى الشغف أو إدمان السكريات، حيث يشعر الشخص بدرجة حلاوة عالية تسببها المُحليات الصناعية الموجودة في المشروب، وهى حلاوة غير حقيقية؛ فيسعى الجسم إلى إشباع الرغبة فى السكريات الحقيقية عن طريق تناولها؛ مما يؤدي إلى الشغف الذي قد يُحدث زيادة فى تسوس الأسنان بدلا من تلافيها.
أيضا الصودا الدايت قد لا تحتوي على سكر، ولكنها بالتأكيد تحتوي على حمض، وبمرور الوقت يمكن لهذا الحمض تجريف مينا الأسنان وإضعافها، فتصبح أكثر عرضة للتسوس من الأطعمة والسكريات الأخرى التي نستهلكها.
- هشاشة العظام
مثلها مثل الصودا العادية، فجميع من يتناولون الصودا عرضة للين العظام فى الأطفال والمراهقين ولهشاشة العظام فى الكبر.
السيدات فوق سن الستين يكونون عرضة لهشاشة العظام، وبالتالى السقوط والكسر، بما فيهما من مضاعفات كبيرة على الصحة. وقد أشارت بعض الدراسات إلى حدوث نقص بنسبة 4% فى كثافة عظام الفخذ لهؤلاء السيدات، حتى مع ضبط الكالسيوم وفيتامين D؛ مما يدل على أن الصودا هى المتهم الرئيسى.
- الاكتئاب
فى دراسة للأكاديمية الأميركية لأمراض الأعصاب خلصت دراسة استمرت عشر سنوات إلى وجود علاقة قوية بين شرب الصودا والاكتئاب، خاصة عند من يزيد استهلاكهم اليومى عن 4 أكواب، وقد ثبتت تلك العلاقة فى حال الصودا العادية والدايت.
- أمراض القلب
يقترن شرب الدايت صودا يوميا بأمراض القلب والشرايين، كما أشارت بعض الدراسات فى جامعتى ميامى وكولومبيا، ويصل الأمر إلى الأزمات القلبية والذبحة الصدرية. وأثبتت الدراسة أن من يتناولون الصودا الدايت عرضة أكثر من غيرهم بنسبة 43% لهذه الأزمات، وفى دراسة أخرى وصلت النسبة إلى 48%، وهى نسب مرتفعة جدا طبيا، والأمر لا يستحق المجازفة.
- أمراض الكلى
تتسبب الدايت صودا بمشاكل فى الكلى، وفى دراسة على 300 سيدة وُجد أن تناول الصودا الدايت قد أحدث ارتفاعا فى مشاكل الكلى بنسبة تصل إلى الضعف، مع انخفاض فى وظائف الكلى.
- السمنة
"استمتع بالصودا المنعشة مع الكافيين والطعم الرائع بدون زيادة الوزن" هكذا يُروج للصودا الدايت؛ وكم يبدو مغريا لأولئك الذين يحاولون الحفاظ على وزن صحي، ولكن لا تنخدع يا صديقى بمثل هذا الكلام المرسل، فعلى الرغم من أنها مشروبات خالية من السعرات الحرارية، لكنها - كما تشير بعض الدراسات - قد تسهم في الواقع فى زيادة الوزن، وليس فقدان الوزن.
ويحدث ذلك لأن المُحليات الاصطناعية الموجودة في صودا الدايت تؤدى إلى زيادة الرغبة في السكر (كما أشرنا، لأنها ليست مصدرا طبيعيا للسكر)، ولا يزال الدماغ يبحث عن السكر الحقيقي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإحساس بالجوع فيعوضه الشخص بالأكل والشرب، وبالتالى تحدث السمنة وزيادة الوزن.
وفى بعض الدراسات أدت الصودا الدايت إلى زيادة محيط الوسط بنسبة 70% عن من لا يتناولونها، ويزيد محيط الوسط جدا كلما تقدم الشخص فى السن فيمن يتناولون الصودا الدايت يوميا.
كما أن النكهات الصناعية بها تؤثر سلبا على البكتيريا الطبيعية النافعة بالجسم التى تحدث توازنا في بيئة الأمعاء، فتؤثر على تعامل الجسم مع المغذيات المختلفة، ومنها الجلوكوز؛ وقد يصبح الجسم أقل تحملا له.
- مرض السكرى
أشارت بعض الأبحاث إلى أن استهلاك الدايت صودا قد يزيد من احتمالية الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، وهى مجموعة من المشاكل الصحية تشمل زيادة الوزن، وارتفاع مستويات السكر في الدم التي قد تؤدي فى النهاية إلى مرض السكري، وهو من أهم الأسباب (حال إهماله) المؤدية إلى أمراض القلب والشرايين، ويزيد استهلاك الشباب لها كطريقة لتعويض السعرات التى يستهلكونها فى الأطعمة السريعة، ولكنهم بذلك يكونون قد زادوا الطين بلّة.
* الجدل حول المُحليات الصناعية
وهناك مسألة أخرى تختلف عليها الدراسات وهي "سلامة بدائل السكر الصناعية". ففي حين وافقت منظمة الأغذية والأدوية على استعمال بدائل السكر في المشروبات الغازية، إلا أن الكثيرين غير مقتنعين بسلامتها.
ترى هذه المجموعة من العلماء أن بدائل السكر قد تزيد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل، وقد تؤثر على الأعصاب، وقد تكون أحد عوامل الخطر لمرض السرطان، والمشاكل الأيضية (التمثيل الغذائى).
وقد بدأت مراكز الأبحاث تشير إلى تورط الصودا الدايت فى مشاكل تتعلق بتأخر الإنجاب، وتغيرات فى شكل المادة الوراثية (DNA)، ومع كون هذه الدراسات فى بدايتها إلا أنها مشاكل خطيرة حال ثبوتها.
* فى النهاية هل نشرب الصودا الدايت؟
فى رأيي الأمر لا يحتمل المجازفة، وصحة الأجيال القادمة أمانة فى أعناقنا، والأفضل الابتعاد عن جميع الصودا؛ سواء العادية أو الدايت.
أما إذا كنت مصراً ولا تستطيع الامتناع عن مشروبات الصودا (وهذا ما لا أنصح به إطلاقاً)؛ فاشرب الصودا الدايت إن كنت مصاباً بالسكري فقط، ولا تشربها لخفض وزنك أو للحفاظ عليه، ولا تشربها متصوراً أنها أكثر أماناً، واجتهد أن تقلل من معدلات شرب الصودا بشكل عام، حتى لو بدأت في الإقلال التدريجي.
اقرأ أيضاً:
إدمان الكولا يسبب هشاشة العظام
6 أطعمة هي الأسوأ للقلب
دراسة: الصودا والمشروبات السكرية والإصابة بالسرطان
للوقاية من السرطان.. اشرب الماء بدلا من الصودا