اليوم العالمي للأطفال، والمصادف 20 نوفمبر من كل عام، ليس مجرد يوم للاحتفال بالأطفال، ولكن لتوعية الأطفال في جميع أنحاء العالم، وخاصة أولئك الذين تعرضوا وما زالوا للعنف في أشكال سوء المعاملة والاستغلال والتمييز. حيث يتم استخدام الأطفال كعمال في بعض البلدان، أو يكونون منغمسين في النزاعات المسلحة، أو يعيشون في الشوارع، أو يعانون من الاختلافات سواء كانت ديانة أو قضايا أقليات أو إعاقات.
تاريخ الاحتفال باليوم العالمي للطفل
تم إعلان يوم الطفل رسميًا لأول مرة من قبل جمهورية تركيا في عام 1920 مع التاريخ المحدد في 23 أبريل. ومع ذلك، فقد تقرر أن هناك حاجة إلى تأكيد رسمي لتوضيح وتبرير هذا الاحتفال وتم الإعلان الرسمي على الصعيد الوطني في عام 1929 من قبل مؤسس ورئيس جمهورية تركيا، مصطفى كمال أتاتورك.
وعلى الرغم من أن يوم الطفل العالمي قد تم تأسيسه من قبل الأمم المتحدة في عام 1954، إلا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تتبن شكلاً موسعًا لإعلان حقوق الطفل حتى 20 نوفمبر 1959، عندما تبنت الأمم المتحدة هذه الوثيقة باعتبارها بيانًا خاصًا بها لحقوق الطفل.
- يجب أن يُعطى الطفل الوسائل اللازمة لنموه الطبيعي، ماديًا وروحيًا.
- يجب إطعام الطفل الجائع، ورعاية الطفل المريض، وإعانة الطفل المتخلف، واسترداد الطفل الجانح، وإيواء اليتيم وإعالته.
- يجب أن يكون الطفل أول من يحصل على الراحة في أوقات الشدة.
- يجب أن يكون الطفل في وضع يسمح له بكسب الرزق ويجب حمايته من كل شكل من أشكال الاستغلال.
- يجب أن ينشأ الطفل في وعي أن مواهبه يجب أن تكرس لخدمته عندما يصبح كبيرا.
معا، لدعم احتياجات الطفل من أجل السواء النفسي والجسدي
يولد الإنسان باحتياجات جسدية ضرورية لاستمرار حياته ولنمو جسده، ويولد أيضاً باحتياجات نفسية ووجدانية من الضروري إشباعها بشكل مستمر، لكي يعيش حياة نفسية وروحية سوية. وعدم تلبية هذه الاحتياجات يعيق النضوج النفسي والوجداني، وهذا الشخص المحروم من احتياجاته، غير الناضج وجدانياً، لن يستطيع أن يقدم للآخرين ما فقده هو في حياته، مما يؤدي لمشاكل في علاقاته بصفة عامة، وعلاقاته الحميمية على مستوى الأسرة بصفة خاصة، ونصبح وكأن مجتمعاتنا تدور في حلقة مفرغة من الحرمان من الاحتياجات يؤدي لغياب النضج النفسي والوجداني، ومن ثم اضطراب العلاقات وتكوين أسر مسيئة تحرم أفرادها من احتياجاتهم الأساسية.
ما أهم الاحتياجات الوجدانية والنفسية للطفل؟
وبينما وصف تشارلز وايتفيلد عشرين احتياجاً إنسانياً أساسياً، وصنفهم تصنيفاً هرمياً بادئاً بأبسط الاحتياجات، وهي البقاء على قيد الحياة، ومنتهياً بأعلى احتياج نفسي، وهو الاحتياج للقبول غير المشروط.
وسنحاول أن نفصل في بعض هذه الاحتياجات الضرورية والأساسية لنمو الطفل ومنها:
أولاً: الاحتياج إلى الانتماء والتعلق والارتباط الآمن
وضمن هذا الاحتياج يوجد الاحتياج للقرب، والاحتياج للحنان والحب.حيث يحتاج الطفل إلى القرب والتواجد المادي المستمر والاتصال البدني بأحد الوالدين (غالباً الأم)، مما يوفر للطفل الإحساس بالأمان والدفء.
كما يحتاج للحنان والحب والاهتمام عن طريق الهدهدة والتربيت والاحتضان والقبلات والتواصل بتعبيرات الوجه والتواصل البصري والابتسام والتعبيرات الصوتية، وهنا من المهم أن نشير إلى أنه لا يكفي أن يقرر الوالدان أنهما قد منحا طفلهما الحب، ولكن المهم أن يشعر الطفل بهذا الحب ويستقبله، والطفل في سنواته الأولى يستقبل التلامس والحمل والقبلات والأحضان، بالإضافة للتدليل والملاطفة.
ثانياً: الاحتياج لتكوين الذاتية والاستقلال
يتحقق هذا الاحتياج عند إشباع احتياج الطفل لقضاء أوقات خاصة مع والديه، بالإضافة إلى القدرة على التعبير عن الرأي الخاص.فالطفل يحتاج أن يقضي الوالدان معه أوقاتاً خاصة محددة يومياً، وهي أوقات يكون فيها الطفل هو محور ومركز الاهتمام ولا شيء آخر، فلا تتصفح الجرائد ولا تنشغل بالتلفاز أو الكمبيوتر والمحمول، وفي هذه الفترات يتواصل الوالدان مع الطفل في علاقة شخصية على مستوى التواصل البصري والفكري والعاطفي.
كما يحتاج إلى أن يعبر عن رأيه الخاص بأسلوب يتناسب مع سنه، وفي جو من الارتياح والطمأنينة، ودون الشعور بأي خوف أو تهديد أو تعجل أو فقدان صبر.
وتسديد هذا الاحتياج يفترض عدم وجود الرفض لجنس الطفل أو شخصه، أو الرغبة في عدم وجوده، أو القسوة والتوبيخ والجفاء في علاقة الوالدين بالطفل.
ثالثاً: الاحتياج إلى النظام الروتيني
يحتاج الطفل لوجود برنامج روتيني يومي متوقع لا يحمل المفاجآت لحياة الطفل، بما في ذلك مواعيد الأكل والنوم، مما يرسخ شعوراً بالأمان والهدوء والاستقرار داخل الطفل، والطفل بدون روتين يومي ثابت، بالأخص في مواعيد الأكل والنوم، يصاب بالتوتر والتشتت الفكري وعدم الأمان، بما يجعله غير قادر على الثقة والإنجاز والابتكار.رابعاً: الاحتياج إلى الإحساس بالدفء والحب والتفاهم الناجح في العلاقة بين الوالدين
أثبتت الدراسات أهمية وجود هذا الحب والتفاهم في العلاقة بين الزوجين منذ فترة الحمل في الطفل، الأمر الذي يتطلب عدم وجود مشاجرات أو توترات أو برودة في العلاقة بين الوالدين، أو ضعف شخصية أحدهما أمام الآخر.خامساً: الاحتياج إلى التهذيب
هذا احتياج مهم جداً للطفل، ولكن لا يمكن تسديد هذا الاحتياج ما لم تسدد الاحتياجات المذكورة سابقاً، حيث يستحيل أن تدرب الأطفال على الطاعة وانضباط السلوك بصورة صحيحة، ما لم تكن علاقتنا المبدئية معهم قائمة على الحب غير المشروط، وتوفير الاحتياجات الأساسية للطفل، وحينها يأتي التهذيب سلساً وميسوراً.وقد ينتهج الوالدان بعض أساليب التهذيب الخاطئة، ومنها التدليل الزائد، أو الحماية الزائدة، أو العقاب الخاطئ، أو المقارنة بين الطفل وطفل آخر، أو تفضيل طفل آخر عليه.
تمييز الاحتياجات النفسية
من السهل على الإنسان أن يميز احتياجاته الجسدية، ولكن يصعب عليه أن يميز احتياجاته النفسية والروحية، فهي احتياجات لأشياء غير منظورة أو ملموسة، وتأثير غيابها لا يظهر بصورة واضحة أو بسرعة.التعبير عن الاحتياجات النفسية
الأطفال يشعرون باحتياجاتهم النفسية ويعبرون عنها ببساطة عبر البكاء، ولكن عندما يكبر الطفل وخصوصاً لو كبر في بيئة لا تعترف بمثل هذه الاحتياجات، فإنه يتعلم ألا يعبر عن هذه الاحتياجات ببساطة، ويقنع نفسه أن هذه الاحتياجات رفاهية وترف، كي لا يطالب بها.ربما في بعض الأحيان يصل لمرحلة اليأس من إمكانية تسديد احتياجاته، والخوف من أن إظهارها أو الاعتراف بها قد يعرضه للإحباط والانهيار وربما الاستغلال من الناس، وهذا يجعله ينكر احتياجه لحماية نفسه، وقد يقوم هذا الإنكار بدوره في حماية الطفل من الإحباط لفترة من الوقت، لكن تكمن الخطورة في أن ذلك الجدار الذي بناه الطفل لإخفاء احتياجه ربما ينهار فجأة دون أن يكون مستعدا لذلك، فتخرج هذه الاحتياجات وتعبر عن نفسها بفجاجة وطرق خاطئة.
آثار الحرمان من الاحتياجات النفسية
-
محاولة إشباع الاحتياجات بطرق خاطئة
هذه الفتاة لا تشعر بالإدانة لهذه العلاقة لأن الدافع الأساسي لها مشروع، وهو الاحتياج للحنان والاحتواء، لكن التعبير الجنسي ليس هو التعبير المناسب عن ذلك الاحتياج، وبالتالي فهو لا يشبعه، وإنما قد يخدره مرحلياً (كالظمآن يشرب من ماء البحر).
-
المبالغة في تقدير الاحتياجات وفقد مهارة الاتزان في ما يتعلق بالاحتياجات
بعض المحرومين من احتياجاتهم يكبرون أكثر من اللازم، ويخنقون "الطفل" الموجود بداخلهم، ويرفضون الاعتراف باحتياجاته، وبعض آخر قد يظل يتعامل مع احتياجاته كطفل غير ناضج، لا يدرك ولا يميز الطريقة الصحية التي يسدد بها احتياجاته من دون أن يحترم احتياجات الآخرين، وربما يتسبب لنفسه أو لغيره في ضرر على المدى البعيد.
لذلك فإن من أهم المهارات في إدارة حياتنا هي مهارة الاتزان في ما يتعلق بالاحتياجات، أن نستطيع أن نعترف باحتياجاتنا ونعبر عنها، وفي نفس الوقت نحتمل غيابها، ونستطيع في بعض الأوقات التخلي عن تسديدها مؤقتاً من أجل الآخرين.
-
غياب النضوج النفسي والمتانة النفسية والقابلية للإصابة بالأمراض والتشوهات النفسية والاضطرابات السلوكية
المصادر:
1. ذنوب الآباء مسؤولية الأبناء - مشير سمير
2. صحة العلاقات - د. أوسم وصفي
3. Ferguson & D. McMinn Top 10 Intimacy needs
4. C. L. Whitfield, M.D. Healing the child within (Florida: HCI, 1987) p. 18