أيًا كانت الطريقة التي بدأ بها طفلك في المشي، سواء انتقل من الزحف للوقوف غير المتزن، أو أنه انتقل إلى الجري مباشرة، فعادة لا تكون خطواته الأولى هي الشكل المثالي أو النهائي لمشيته. فالمشي يحتاج إلى الوقت والكثير من الممارسة، ولذا فمن الشائع أن يبدأ الأطفال خطواتهم الأولى ببعض التعثر والصعوبات وحتى بشيء من الاعوجاج في المشية وشكل الساق والقدمين. فقد يحدث انحراف في زاوية القدمين للداخل والتي يصفها البعض بـ"مشية الحمامة"، أو انحراف للخارج.
اقــرأ أيضاً
وهو ما يسبب للوالدين بعض الإحباط وهم ينظرون لأطفالهم يكبرون ولديهم عرج خفيف وانحراف في زوايا القدمين، ولكننا نريد أن نطمئنكم بأن أغلب الأطفال الذين لديهم انحراف في زاوية القدمين يتحسنون كثيرًا مع الوقت، كما أن الأمر لا يسبب لهم أي ألم أو معاناة أو إعاقة عن المشي أو الجري، ولا يؤثر على أدائهم في الألعاب والمنافسة الرياضية مقارنة بأقرانهم الذين ليس لديهم هذ الانحراف في القدمين، فلا داعي للقلق.
• أسباب الانحراف الداخلي للقدمين
1- التواء عظمة الساق
يعد السبب الأشهر لانحرافات القدمين للداخل هو انحراف الجزء العلوي أو السفلي من عظمة الساق (Tebia). ويعد مرض "التواء عظمة الساق" هو أكثر الأسباب شيوعًا للانحراف الداخلي للقدمين، فعندما تلتوي عظمة الساق للداخل تلتوي معها القدمان بالتالي.
أما السؤال المعتاد هو لماذا يحدث الأمر لطفل ولا يحدث لآخر؟ حقيقة نحن لا نعلم بشكل واضح السبب الحقيقي القابع خلف هذا الأمر، ولكن بعض العلماء يعزون هذا إلى التاريخ العائلي لوجود انحراف للقدم، فإذا كان أحد الأبوين يعاني من شيء من هذا القبيل فقد يظهر لدى الطفل، إلا أنها ليست قاعدة.
ويقول البعض إن الأمر قد يحدث نتيجة لتغيرات تحدث داخل رحم الأم، فعندما يكبر الجنين داخل الرحم وتتكون عظامه، فإنه نتيجة ضيق المساحة داخل الرحم ومحدودية الحركة وتكيف الطفل داخل هذه المساحة أو لسوء وضعيته داخل رحم الأم، قد تلتوي بعض العظام قليلًا.
وبعد الولادة قد تعود العظام لوضعها الطبيعي، أو تبقى بنفس الالتواء البسيط، وهناك العديد من الحالات تبقى فيها العظام ملتوية قليلًا في السنوات الأولى وتتحسن مع الوقت، وهذا نلاحظه عندما يحاول الأطفال المشي في سنواتهم الأولى، فلو كان هناك التواء في عظمة الساق فإنها ستتجلى في انحراف القدم وشكل المشية.
2- الانقلاب الأمامي لعظمة الفخذ
قد تتعرض عظمة الفخذ (Femur) عند الطفل لنوع من أنواع الالتواء يسمى الالتواء الأمامي. ويحدث هذا نتيجة أن العظمة المتحركة في مفصل الركبة (والتي يسميها البعض الصابونة) "Patella" قد يحدث فيها انحراف داخلي في كلا الركبتين، وهو ما يؤثر على مشية الأطفال، ويشبهه البعض بمشية الحمامة (Pigeon-toed).
ويزيد من هذا الوضع سوءًا جلوس الأطفال كثيرًا في وضع القرفصاء (Squatting). وهذه الحالة نلاحظ وجودها بكثرة لدى الإناث أكثر من الذكور. وتظهر هذه الحالة في السن من 4-10 سنوات، فالطفل الطبيعي يولد بزاوية لعظمة الفخذ تبلغ 40 درجة والتي تقل مع بلوغه سن الشباب بنسبة 10-15 درجة تدريجيًا.
اقــرأ أيضاً
وقد تجد ابنتك تشتكي في سن 4-6 سنوات بسبب هذه المشكلة من تغير في شكل المشية أو ألم بسيط أو إرهاق في الساق والقدم في الليل بعد يوم مجهد من اللعب أو الجري. وعادة يجد الأطفال بعض الراحة في الجلوس على الأرض على المقعدة مع ثني الساقين يمنة ويسرة على جانبي الجسم في شكل جلسة مشابه للحرف اللاتيني “W” (W-sitting position) فلا تمنعهم من ذلك! لأنه يريحهم أكثر.
والمطمئن أن 99% من هذه الحالات تتحسن مع الوقت وأن الدراسات أثبتت أنه لا فائدة من استخدام الدعامات المعدنية أو الأحذية الخاصة في النتائج، فالتحسن يحدث تلقائيًا مع تقدم عمر الطفل، ومن النادر جدًا عمل أي تدخل جراحي. فقط يحتاج الأبوين للطمأنة ولمتابعة الطفل.
3- تقوس القدم
أحد الأسباب المهمة لدوران القدمين للداخل هو تقوس القدم. ومع كونه أمرا وراثيا إلا أن وضعية الطفل داخل الرحم تؤثر بشكل أو بآخر على ظهور هذا التقوس. ويظهر هذا التقوس والانحناء للداخل عند مستوى الإصبع الوسطى للقدم. وعادة التقوس البسيط يتحسن مع الوقت، ولكن إذا كان التقوس كبيرًا وصاحبه تيبس في القدم، ففي هذه الحالة سيحتاج إلى تدخل طبي.
• أسباب الانحراف الخارجي
تتعدد أسباب الانحراف الخارجي من أسباب شائعة إلى أسباب شديدة الندرة:
1- الشلل الدماغي
يسبب الشلل الدماغي (Cerebral Palsy) مشاكل متفرقة في مجموعة من العضلات، ما يؤثر على استجابتها. فالعديد من الأطفال الذين يعانون من مرض الشلل الدماغي يصبحون غير قادرين على المشي بشكل جيد ويفقدون قدرتهم على التوازن. وتصبح من المشكلات الظاهرة لديهم انحراف القدم للخارج، والذي يتجلى في كثير من الحالات في قدم واحدة فقط وليس كلا القدمين.
2- الانقلاب الخلفي لعظمة الفخذ
هناك حالة تصيب الأطفال تسمى الانقلاب الخلفي لعظمة الفخذ (Femur). وفي هذه الحالة يحدث التفاف لعظمة الفخذ للخارج، ما يجعل هناك عدم تناسق من حيث الزاوية مع مفصل الفخذ في الحوض. وهذا الانحراف يجعل زاوية العظمة أكثر ميلًا للخلف، وبالتالي سيجعل القدم تنحرف للخارج. وتعتبر السمنة وزيادة الوزن من أسباب حدوث مثل هذه الحالة.
3- القدم المسطحة
عادة يكون لدى القدم الطبيعية تقوس خفيف في بطن القدم. فإذا اختفى هذا التقوس فإن القدم تكون أقرب للاستواء على الأرض (للتفلطح). وهذا السبب منتشر ومشهور لدى الكثيرين ويؤدي في بعض الأحيان إلى انحراف القدمين للخارج. والمطمئن في الأمر أن التحسن يحدث تدريجيًا مع الوقت ودون تدخل.
4- التواء عظمة الساق للخارج
على المنوال نفسه الذي ذكرناه في عظمة الفخذ، فإن التواء عظمة الساق (Tibia) وانحرافها للخارج يجعل القدمين تأخذان ناحية الانحراف نفسها. ويحدث هذا الالتواء أثناء وجود الجنين في رحم الأم في وضع غير سليم. وفي هذه الحالة يكون التدخل الجراحي أفضل، لأن الحالة لا تتحسن من تلقاء نفسها كما ذكرنا مع الأسباب السابقة.
5- انكماش مفصل الورك/الفخذ
تحدث عملية الثني لفخذ الطفل أثناء الحمل داخل رحم الأم. فإذا كانت وضعية الطفل غير سليمة يحدث دفع لعظمة الفخذ للخارج، وتبقى هكذا حتى ولادة الطفل. وهذ قد يصيب الطفل بمشكلة انحراف القدم للخارج عند الولادة. ولكن في هذه الحالة نادرًا ما يحتاج الطفل إلى علاج، لأن جسمه يبدأ بتقويم نفسه بعد الولادة ومع تطور الطفل في سنواته الأولى ومع المشي.
• تشخيص الحالة
يستطيع الأطباء تشخيص الحالة من طريقة مشي الطفل، ويمكنهم التفريق بين الانحراف الداخلي أو الخارجي للقدمين. وفي الحالات الشديدة أو الحالات التي تستوجب التدخل قد يطلب بعض الأطباء منكم عمل بعض الأشعات والفحوص التصويرية.
• هل سيتحسن المشي مع الوقت؟
كلما تقدم طفلك في العمر فإن شكل عظامه سيتحسن مع الوقت وتعود لزواياها الطبيعية. لأنه مع المشي والحركة يتحسن شكل العظام ويصبح الطفل قادرًا على التحكم في عضلاته ووضع قدميه بصورة أفضل، ما يصحح من طريقة وشكل المشي تدريجيًا.
وهذا التغير التدريجي الذي نتحدث عنه من الصعب أن تلحظه لأنك ملازم لطفلك يوميًا، ولكن قد يلحظه أحد أقاربك أو أصدقائك الذي قد يرى الطفل على فترات متباعدة كل عدة أشهر أو سنة.
ولذا ينصح الأطباء لمتابعة التحسن القيام بتسجيل فيديو لطريقة مشي الطفل وإعادة تسجيله بعد سنة من الفيديو الأول، ومن ثم مقارنة التسجيلين لملاحظة الفروق ومعرفة مدى التحسن، وهذه طريقة سهلة لملاحظة الفرق وتقدير مدى التحسن لديكم ولمساعدة الطبيب على متابعة تحسن الحالة أو سوئها. وعادة ما يكون التغيير ملحوظًا بشكل كبير، ولكن إذا لم تلاحظوا أي تحسن، فيجب عليكم التوجه للطبيب وعرض الفيديوهات عليه لفحص الطفل وتقدير الخطوات اللازمة.
اقــرأ أيضاً
ولعلنا إذا رجعنا للماضي سنجد أن هناك وسائل عديدة كانت شائعة في تلك الأيام لعلاج مثل هذا الانحراف، كاستخدام بعض الأحذية الخاصة أو الدعامات الحديدية والتي تصلح من انحرافات المشي، إلا أن العلم الحديث والتجربة أثبتا أنه لا فائدة تذكر من استخدام مثل هذه الطرق لأغلب الأطفال، وأنهم لو تركوا طبيعيًا فستتحسن الحالة تدريجيًا، ناهيك عن أن هذا الانحراف لا يؤثر على مشي جري أو لعب الطفل أو حتى مشاركته في أي لعبة رياضية.
بل وأثبتت الدراسات أن ترك الطفل دون هذه الأحذية الخاصة والدعامات يسرع من عملية التحسن مقارنة بالأطفال الذين كان الأطباء يستخدمون معهم طريقة الأحذية والدعامات في العلاج، ولذا فمن النادر استخدامها في يومنا الحاضر.
ونخلص أهم نقاط علاج الطفل في ثلاث نقاط مهمة:
1- النقطة الأولى والمهمة هي تخفيف الحمل عن مفاصل الساق والقدم، فالأطفال ذوي الانحراف الداخلي أو الخارجي قد تزيد من الأمر سوءًا السمنة وزيادة وزن الطفل. ولذا فمن المهم متابعة وزن الطفل ومحاولة ضبط أنواع وكميات الطعام التي يتناولونها وحثهم على الحركة واللعب أو ممارسة الرياضة.
2- أغلب حالات الانحراف الداخلي والخارجي تتحسن مع سن الثالثة من عمر الطفل، إلا أن البعض من الأطفال يحدث لديهم التشوه بصورة أكبر، وقد يصاحب انحراف القدمين بعض الألم في الساق والقدم أثناء المشي. وفي هذه الحالة يصبح التدخل الجراحي هو أفضل الحلول لعلاج مثل هذه الحالة.
3- في حال كانت الأعراض متوسطة (أي ليست شديدة السوء)، بمعنى أن الطفل كان قادرًا على المشي واللعب حتى مع وجود انحراف القدمين الداخلي، ولكنك لاحظت أنه يقوم بذلك ببعض الصعوبة أو عدم الراحة، ففي هذه الحالة قد نتفادى الحل الجراحي، ونلجأ لحلول أخرى مثل استخدام الدعامات أو الأحذية الخاصة (وإن كان استخدامها أصبح نادرًا هذه الأيام)، وكذلك عمل جلسات العلاج الطبيعي إلى أن تتحسن الحالة.
وفي النهاية لعلكم لاحظتم عدم توفر الكثير من الخيارات والتقنيات في علاج حالة انحراف القدم، ويرجع ذلك إلى أنه - كما ذكرنا - فإن معظم هذه الحالات لا تحتاج إلى تدخل من الأساس وأنها تتحسن من تلقاء نفسها مع بلوغ الطفل لعامه الثالث ومع المشي والجري والحركة تتحسن الحالة شيئًا فشيئًا ولا تؤثر على نشاطه أو تعيق حركته أو تمنعه من المشاركة في الأنشطة الرياضية.
• ماذا إذا لم تتحسن مشية طفلي؟
تحدث مع طبيبك الخاص إذا كنت قلقًا بشأن تطور مشية طفلك، فهناك عدد بسيط من الأطفال قد تستمر معهم مشكلة المشي وتعيقهم، وقد تصاحبها مشاكل أخرى، مثل مشاكل في العضلات والأعصاب أو صعوبات في التعلم.
وقد تحتاج لزيارة الطبيب إذا لاحظت أحد تلك العلامات:
1- انحراف القدمين لم يتحسن مع سن الثالثة.
2- اشتكى الطفل من ألم في القدمين أو صعوبة في المشي.
3- إذا كان انحراف إحدى القدمين أكثر من الأخرى.
4- إذا صاحب هذا الانحراف في القدمين صعوبات في التعلم.
5- إذا ساءت زاوية الانحراف مع تقدم سن الطفل ولم تتحسن كما هو المعتاد لدى الأطفال. وهنا قد يحدد طبيب الأسرة ما إذا كانت المشكلة تحتاج لفحص أكثر احترافية أو لمزيد من الفحوصات وتحويلكم إلى الطبيب المختص في مثل هذه الحالات من أجل عناية أفضل بحالة طفلكم.
* المصادر
In-toeing Gait
In-toeing and Out-toeing in Children – Is It Normal?
In-toeing & Out-toeing in Toddlers
وهو ما يسبب للوالدين بعض الإحباط وهم ينظرون لأطفالهم يكبرون ولديهم عرج خفيف وانحراف في زوايا القدمين، ولكننا نريد أن نطمئنكم بأن أغلب الأطفال الذين لديهم انحراف في زاوية القدمين يتحسنون كثيرًا مع الوقت، كما أن الأمر لا يسبب لهم أي ألم أو معاناة أو إعاقة عن المشي أو الجري، ولا يؤثر على أدائهم في الألعاب والمنافسة الرياضية مقارنة بأقرانهم الذين ليس لديهم هذ الانحراف في القدمين، فلا داعي للقلق.
• أسباب الانحراف الداخلي للقدمين
1- التواء عظمة الساق
يعد السبب الأشهر لانحرافات القدمين للداخل هو انحراف الجزء العلوي أو السفلي من عظمة الساق (Tebia). ويعد مرض "التواء عظمة الساق" هو أكثر الأسباب شيوعًا للانحراف الداخلي للقدمين، فعندما تلتوي عظمة الساق للداخل تلتوي معها القدمان بالتالي.
أما السؤال المعتاد هو لماذا يحدث الأمر لطفل ولا يحدث لآخر؟ حقيقة نحن لا نعلم بشكل واضح السبب الحقيقي القابع خلف هذا الأمر، ولكن بعض العلماء يعزون هذا إلى التاريخ العائلي لوجود انحراف للقدم، فإذا كان أحد الأبوين يعاني من شيء من هذا القبيل فقد يظهر لدى الطفل، إلا أنها ليست قاعدة.
ويقول البعض إن الأمر قد يحدث نتيجة لتغيرات تحدث داخل رحم الأم، فعندما يكبر الجنين داخل الرحم وتتكون عظامه، فإنه نتيجة ضيق المساحة داخل الرحم ومحدودية الحركة وتكيف الطفل داخل هذه المساحة أو لسوء وضعيته داخل رحم الأم، قد تلتوي بعض العظام قليلًا.
وبعد الولادة قد تعود العظام لوضعها الطبيعي، أو تبقى بنفس الالتواء البسيط، وهناك العديد من الحالات تبقى فيها العظام ملتوية قليلًا في السنوات الأولى وتتحسن مع الوقت، وهذا نلاحظه عندما يحاول الأطفال المشي في سنواتهم الأولى، فلو كان هناك التواء في عظمة الساق فإنها ستتجلى في انحراف القدم وشكل المشية.
2- الانقلاب الأمامي لعظمة الفخذ
قد تتعرض عظمة الفخذ (Femur) عند الطفل لنوع من أنواع الالتواء يسمى الالتواء الأمامي. ويحدث هذا نتيجة أن العظمة المتحركة في مفصل الركبة (والتي يسميها البعض الصابونة) "Patella" قد يحدث فيها انحراف داخلي في كلا الركبتين، وهو ما يؤثر على مشية الأطفال، ويشبهه البعض بمشية الحمامة (Pigeon-toed).
ويزيد من هذا الوضع سوءًا جلوس الأطفال كثيرًا في وضع القرفصاء (Squatting). وهذه الحالة نلاحظ وجودها بكثرة لدى الإناث أكثر من الذكور. وتظهر هذه الحالة في السن من 4-10 سنوات، فالطفل الطبيعي يولد بزاوية لعظمة الفخذ تبلغ 40 درجة والتي تقل مع بلوغه سن الشباب بنسبة 10-15 درجة تدريجيًا.
وقد تجد ابنتك تشتكي في سن 4-6 سنوات بسبب هذه المشكلة من تغير في شكل المشية أو ألم بسيط أو إرهاق في الساق والقدم في الليل بعد يوم مجهد من اللعب أو الجري. وعادة يجد الأطفال بعض الراحة في الجلوس على الأرض على المقعدة مع ثني الساقين يمنة ويسرة على جانبي الجسم في شكل جلسة مشابه للحرف اللاتيني “W” (W-sitting position) فلا تمنعهم من ذلك! لأنه يريحهم أكثر.
والمطمئن أن 99% من هذه الحالات تتحسن مع الوقت وأن الدراسات أثبتت أنه لا فائدة من استخدام الدعامات المعدنية أو الأحذية الخاصة في النتائج، فالتحسن يحدث تلقائيًا مع تقدم عمر الطفل، ومن النادر جدًا عمل أي تدخل جراحي. فقط يحتاج الأبوين للطمأنة ولمتابعة الطفل.
3- تقوس القدم
أحد الأسباب المهمة لدوران القدمين للداخل هو تقوس القدم. ومع كونه أمرا وراثيا إلا أن وضعية الطفل داخل الرحم تؤثر بشكل أو بآخر على ظهور هذا التقوس. ويظهر هذا التقوس والانحناء للداخل عند مستوى الإصبع الوسطى للقدم. وعادة التقوس البسيط يتحسن مع الوقت، ولكن إذا كان التقوس كبيرًا وصاحبه تيبس في القدم، ففي هذه الحالة سيحتاج إلى تدخل طبي.
• أسباب الانحراف الخارجي
تتعدد أسباب الانحراف الخارجي من أسباب شائعة إلى أسباب شديدة الندرة:
1- الشلل الدماغي
يسبب الشلل الدماغي (Cerebral Palsy) مشاكل متفرقة في مجموعة من العضلات، ما يؤثر على استجابتها. فالعديد من الأطفال الذين يعانون من مرض الشلل الدماغي يصبحون غير قادرين على المشي بشكل جيد ويفقدون قدرتهم على التوازن. وتصبح من المشكلات الظاهرة لديهم انحراف القدم للخارج، والذي يتجلى في كثير من الحالات في قدم واحدة فقط وليس كلا القدمين.
2- الانقلاب الخلفي لعظمة الفخذ
هناك حالة تصيب الأطفال تسمى الانقلاب الخلفي لعظمة الفخذ (Femur). وفي هذه الحالة يحدث التفاف لعظمة الفخذ للخارج، ما يجعل هناك عدم تناسق من حيث الزاوية مع مفصل الفخذ في الحوض. وهذا الانحراف يجعل زاوية العظمة أكثر ميلًا للخلف، وبالتالي سيجعل القدم تنحرف للخارج. وتعتبر السمنة وزيادة الوزن من أسباب حدوث مثل هذه الحالة.
3- القدم المسطحة
عادة يكون لدى القدم الطبيعية تقوس خفيف في بطن القدم. فإذا اختفى هذا التقوس فإن القدم تكون أقرب للاستواء على الأرض (للتفلطح). وهذا السبب منتشر ومشهور لدى الكثيرين ويؤدي في بعض الأحيان إلى انحراف القدمين للخارج. والمطمئن في الأمر أن التحسن يحدث تدريجيًا مع الوقت ودون تدخل.
4- التواء عظمة الساق للخارج
على المنوال نفسه الذي ذكرناه في عظمة الفخذ، فإن التواء عظمة الساق (Tibia) وانحرافها للخارج يجعل القدمين تأخذان ناحية الانحراف نفسها. ويحدث هذا الالتواء أثناء وجود الجنين في رحم الأم في وضع غير سليم. وفي هذه الحالة يكون التدخل الجراحي أفضل، لأن الحالة لا تتحسن من تلقاء نفسها كما ذكرنا مع الأسباب السابقة.
5- انكماش مفصل الورك/الفخذ
تحدث عملية الثني لفخذ الطفل أثناء الحمل داخل رحم الأم. فإذا كانت وضعية الطفل غير سليمة يحدث دفع لعظمة الفخذ للخارج، وتبقى هكذا حتى ولادة الطفل. وهذ قد يصيب الطفل بمشكلة انحراف القدم للخارج عند الولادة. ولكن في هذه الحالة نادرًا ما يحتاج الطفل إلى علاج، لأن جسمه يبدأ بتقويم نفسه بعد الولادة ومع تطور الطفل في سنواته الأولى ومع المشي.
• تشخيص الحالة
يستطيع الأطباء تشخيص الحالة من طريقة مشي الطفل، ويمكنهم التفريق بين الانحراف الداخلي أو الخارجي للقدمين. وفي الحالات الشديدة أو الحالات التي تستوجب التدخل قد يطلب بعض الأطباء منكم عمل بعض الأشعات والفحوص التصويرية.
• هل سيتحسن المشي مع الوقت؟
كلما تقدم طفلك في العمر فإن شكل عظامه سيتحسن مع الوقت وتعود لزواياها الطبيعية. لأنه مع المشي والحركة يتحسن شكل العظام ويصبح الطفل قادرًا على التحكم في عضلاته ووضع قدميه بصورة أفضل، ما يصحح من طريقة وشكل المشي تدريجيًا.
وهذا التغير التدريجي الذي نتحدث عنه من الصعب أن تلحظه لأنك ملازم لطفلك يوميًا، ولكن قد يلحظه أحد أقاربك أو أصدقائك الذي قد يرى الطفل على فترات متباعدة كل عدة أشهر أو سنة.
ولذا ينصح الأطباء لمتابعة التحسن القيام بتسجيل فيديو لطريقة مشي الطفل وإعادة تسجيله بعد سنة من الفيديو الأول، ومن ثم مقارنة التسجيلين لملاحظة الفروق ومعرفة مدى التحسن، وهذه طريقة سهلة لملاحظة الفرق وتقدير مدى التحسن لديكم ولمساعدة الطبيب على متابعة تحسن الحالة أو سوئها. وعادة ما يكون التغيير ملحوظًا بشكل كبير، ولكن إذا لم تلاحظوا أي تحسن، فيجب عليكم التوجه للطبيب وعرض الفيديوهات عليه لفحص الطفل وتقدير الخطوات اللازمة.
ولعلنا إذا رجعنا للماضي سنجد أن هناك وسائل عديدة كانت شائعة في تلك الأيام لعلاج مثل هذا الانحراف، كاستخدام بعض الأحذية الخاصة أو الدعامات الحديدية والتي تصلح من انحرافات المشي، إلا أن العلم الحديث والتجربة أثبتا أنه لا فائدة تذكر من استخدام مثل هذه الطرق لأغلب الأطفال، وأنهم لو تركوا طبيعيًا فستتحسن الحالة تدريجيًا، ناهيك عن أن هذا الانحراف لا يؤثر على مشي جري أو لعب الطفل أو حتى مشاركته في أي لعبة رياضية.
بل وأثبتت الدراسات أن ترك الطفل دون هذه الأحذية الخاصة والدعامات يسرع من عملية التحسن مقارنة بالأطفال الذين كان الأطباء يستخدمون معهم طريقة الأحذية والدعامات في العلاج، ولذا فمن النادر استخدامها في يومنا الحاضر.
ونخلص أهم نقاط علاج الطفل في ثلاث نقاط مهمة:
1- النقطة الأولى والمهمة هي تخفيف الحمل عن مفاصل الساق والقدم، فالأطفال ذوي الانحراف الداخلي أو الخارجي قد تزيد من الأمر سوءًا السمنة وزيادة وزن الطفل. ولذا فمن المهم متابعة وزن الطفل ومحاولة ضبط أنواع وكميات الطعام التي يتناولونها وحثهم على الحركة واللعب أو ممارسة الرياضة.
2- أغلب حالات الانحراف الداخلي والخارجي تتحسن مع سن الثالثة من عمر الطفل، إلا أن البعض من الأطفال يحدث لديهم التشوه بصورة أكبر، وقد يصاحب انحراف القدمين بعض الألم في الساق والقدم أثناء المشي. وفي هذه الحالة يصبح التدخل الجراحي هو أفضل الحلول لعلاج مثل هذه الحالة.
3- في حال كانت الأعراض متوسطة (أي ليست شديدة السوء)، بمعنى أن الطفل كان قادرًا على المشي واللعب حتى مع وجود انحراف القدمين الداخلي، ولكنك لاحظت أنه يقوم بذلك ببعض الصعوبة أو عدم الراحة، ففي هذه الحالة قد نتفادى الحل الجراحي، ونلجأ لحلول أخرى مثل استخدام الدعامات أو الأحذية الخاصة (وإن كان استخدامها أصبح نادرًا هذه الأيام)، وكذلك عمل جلسات العلاج الطبيعي إلى أن تتحسن الحالة.
وفي النهاية لعلكم لاحظتم عدم توفر الكثير من الخيارات والتقنيات في علاج حالة انحراف القدم، ويرجع ذلك إلى أنه - كما ذكرنا - فإن معظم هذه الحالات لا تحتاج إلى تدخل من الأساس وأنها تتحسن من تلقاء نفسها مع بلوغ الطفل لعامه الثالث ومع المشي والجري والحركة تتحسن الحالة شيئًا فشيئًا ولا تؤثر على نشاطه أو تعيق حركته أو تمنعه من المشاركة في الأنشطة الرياضية.
• ماذا إذا لم تتحسن مشية طفلي؟
تحدث مع طبيبك الخاص إذا كنت قلقًا بشأن تطور مشية طفلك، فهناك عدد بسيط من الأطفال قد تستمر معهم مشكلة المشي وتعيقهم، وقد تصاحبها مشاكل أخرى، مثل مشاكل في العضلات والأعصاب أو صعوبات في التعلم.
وقد تحتاج لزيارة الطبيب إذا لاحظت أحد تلك العلامات:
1- انحراف القدمين لم يتحسن مع سن الثالثة.
2- اشتكى الطفل من ألم في القدمين أو صعوبة في المشي.
3- إذا كان انحراف إحدى القدمين أكثر من الأخرى.
4- إذا صاحب هذا الانحراف في القدمين صعوبات في التعلم.
5- إذا ساءت زاوية الانحراف مع تقدم سن الطفل ولم تتحسن كما هو المعتاد لدى الأطفال. وهنا قد يحدد طبيب الأسرة ما إذا كانت المشكلة تحتاج لفحص أكثر احترافية أو لمزيد من الفحوصات وتحويلكم إلى الطبيب المختص في مثل هذه الحالات من أجل عناية أفضل بحالة طفلكم.
* المصادر
In-toeing Gait
In-toeing and Out-toeing in Children – Is It Normal?
In-toeing & Out-toeing in Toddlers