بمجرد أن تصبح أي فتاة في سن المراهقة، يتغير جسمها سواء من الداخل أو الخارج، ويعد هذا الأمر جزءا من نموها الطبيعي الذي يطلق عليه اسم البلوغ، ويحدث البلوغ لكل الفتيات بما في ذلك المصابات بالتوحد.. فكيف يمكن أن تعلّم الفتاة المصابة بالتوحد أن تعتني بنفسها مع البلوغ؟
* ما هو التوحد؟
تشير معدلات انتشار مرض التوحد إلى أن احتمال إصابة الصبيان، في المتوسط، أكثر بأربع مرات من الفتيات، لكن هذا الرقم قد يخفي الإصابة الحقيقية لمرض التوحد لدى الفتيات والنساء، حيث تراوح بعض التقديرات بين 7:1 (أي سبعة صبية لكل فتاة)، إلى 2:1 (أي صبيان لكل فتاة).
غالباً ما يشارك الآباء الذين لديهم بنات مصابات بالتوحد قصصاً محبطة عن مدى صعوبة الحصول على تشخيص مناسب لبناتهم، في حين أن العديد من النساء المصابات بالتوحد لم يتلقين تشخيصات حتى سن الرشد.
على العموم سنتعرف في هذا المقال على كيفية مساعدة الفتيات اللواتي أصبن بالتوحد على العناية بأنفسهنّ بالشكل المناسب.
* لماذا يبدو مرض التوحد أكثر شيوعاً عند الذكور؟
كونها ولدت أنثى، فعلى ما يبدو أن الله قد حمى دماغها من العديد من إعاقات النمو، وليس من مرض التوحد فقط؛ إذْ هناك أدلة ناشئة على أن الفتيات حتى يصبن بالتوحد يجب أن تحدث لديهن طفرات وراثية كبيرة جداً مقارنة بطفرات الصبيان.
ومع ذلك، هناك مجموعة متزايدة من الدراسات التي تشير إلى أن مرض التوحد يظهر فقط بشكل مختلف لدى الفتيات، وبالتالي لا يتم التعرف عليه غالباً، خاصة لدى الفتيات اللاتي لديهن ذكاء طبيعي، كما يبدو أن الفتيات المصابات بالتوحد أفضل في "التمويه" من الصبية لأعراض الإصابة من أجل الاحتواء.
مع أن معايير التشخيص لاضطراب طيف التوحد (ASD) تستند بشكل كبير إلى كيفية ظهور مرض التوحد عند الذكور، لكن يمكن للفتيات في كثير من الأحيان "أن يتجنبن الرادار"، ما يؤدي لتشخيصهن تشخيصا خاطئا، ويبدو أن الفتيات المصابات بـاضطراب طيف التوحد لديهن سلوكيات أقل تقييداً وتكراراً من الصبيان، لكن من المحتمل أيضاً أن لا يتم التعرف على بعض هذه السلوكيات، وقد تتم إساءة تفسير الاهتمام المهووس بجمع الدمى على أنه مجرد لعب.
* أعراض التوحد عند الفتيات؟
على الرغم من اختلاف أعراض كل طفل مصاب بالتوحد عن الآخر، إلا أننا سنقدم بعض الخصائص الشائعة لدى الفتيات المصابات بالتوحد:
1. عدم الرغبة في اللعب بشكل تعاوني مع نظيراتها (وعلى سبيل المثال، الرغبة في إملاء قواعد اللعب على الفتيات الأخريات، أو تفضيل اللعب بمفردها لتحافظ على السيطرة).
2. الحساسيات الحسية القوية، لا سيما للصوت واللمس (على سبيل المثال، علامات الملابس، أو الجوارب، أو حتى مزيل العرق).
3. القدرة على ضبط عواطفهنّ في المدرسة، ولكنهن يكنّ عرضة للانهيارات أو الانفجار في وجه الأهل في المنزل.
4. الميل إلى "محاكاة" الآخرين في المواقف الاجتماعية من أجل الاندماج.
5. وجود اهتمام خاص بالحيوانات والموسيقى والفن والأدب.
6. وجود خيال قوي (قد تهرب إلى عالم الطبيعة أو الخيال).
7. الرغبة في ترتيب وتنظيم الأشياء.
في حين أن الفتيات المصابات بـاضطراب طيف التوحد أقل عرضة من الصبيان للتشخيص باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتسبب بالمشاكل، إلا أنهنّ أكثر عرضة للوقوع بالمشاكل الداخلية، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات الطعام.
* ما هو البلوغ؟
البلوغ هو انتقال الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، فالفتيات يصبحن نساء، والصبيان يصبحون رجالاً، وتحدث تغيرات البلوغ ببطء، عندها يمكن أن يشعر الشخص ببعض الخوف، لكنّ معرفة ما يمكن توقعه يمكن أن تساعد على الشعور بالتحسن، وعندما تكون لدى الفتاة أسئلة، يمكنها أن تسأل أمها أو والدها أو طبيبها أو أي شخص بالغ موثوق آخر.
* كيف يتغير جسم الفتاة البالغة؟
تحدث خلال فترة البلوغ تغيرات طبيعية وصحية على جسم الفتاة مثل:
1. ظهور شعر على أجزاء الجسم عدا الرأس.. أي نمو الشعر تحت الإبطين، وأسفل البطن (العانة)، وعلى الساقين.
2. مجيء الدورة الشهرية (الحيض).
3. تنبعث رائحة كريهة من العرق الذي يفرزه الجسم وخاصة تحت الإبطين.
4. يصبح الجلد دهنيا أكثر، وتظهر البثور (حبّ الشباب).
5. ينمو الثديان في الصدر بأشكال وأحجام عديدة.
6. تصبح الفتاة أطول.
* مشاعر الفتاة أثناء البلوغ؟
يمكن أن يسبب البلوغ تولّد مشاعر قوية ومختلطة، مثل الشعور بالغضب والحزن والفرح، وقد تكون لديها مشاعر أخرى أيضاً:
1. قد تشعر بالسعادة لدقيقة واحدة وتحزن في اليوم التالي.
2. قد تشعر أنها بدأت تعي أعضاءها الخاصة فتلمسها.
3. قد تعتقد أن شخصاً لطيفا، وآخر غير ذلك.
هذه المشاعر طبيعية وهي جزء من النمو، لذلك لا داعي للقلق بشأنها.
* علمي ابنتك بشأن خصوصيتها
علميها أن خصوصيتها تعني أن تكون وحيدة في غرفة النوم أو الحمام، وأن هناك أجزاء خاصة من جسمنا ستحدث فيها بعض التغييرات في سن البلوغ، ما يعني الاحتياج للمزيد من العناية بهذه الأجزاء ولكن على انفراد.
علميها أنه لا بأس أن يلمس الشخص أعضاءه الخاصة عندما يكون وحيداً في الحمام أو غرفة النوم بعد إغلاق الباب لتنظيف هذه الأجزاء مثلاً، ولكن يجب عدم لمس الأعضاء الخاصة في الأماكن العامة، مثل قاعة الدراسة أو المطعم أو الملعب.
وعلميها أيضاً أنه في بعض الأحيان قد تحتاج الأم أو الطبيب (باستئذان الطفلة والأهل) إلى فحص هذه الأعضاء الخاصة، وأنه لا ينبغي لأحد أن يلمس الأعضاء الخاصة بها، ويجب ألا يقترب أي أحد أبداً من المجال الخاص لأي شخص آخر (يجب أن نكون دوماً على بعد 30 سنتيمترا من أي شخص على الأقل).
وعلمي ابنتك أيضأ أن تقول: "لا" إذا لمس أي شخص الأعضاء الخاصة بها، وعليها أن تبلغك أو تبلغ والدها أو أي شخص بالغ موثوق آخر بذلك.
* روتين العناية اليومية
للبقاء على رائحة الفتاة منعشة ونظيفة، يجب عليها القيام بما يأتي:
1. تنظيف أسنانك مرتين على الأقل يومياً.. والحرص على تنظيفها مرة واحدة يومياً، وسيساعد هذا على التخلص من رائحة الفم الكريهة وتجويف الأسنان.
2. استخدام مزيل العرق كل يوم، وذلك للتخلص من رائحة العرق والرائحة الكريهة التي تفوح من الإبطين.
3. الاغتسال أو الاستحمام بمفردها، حيث يمكنها غسل جميع أجزاء جسمها وشعرها.
4. غسل اليدين والوجه كل يوم بالصابون والماء، واستخدام منشفة للتنشيف.
5. ارتداء ملابس داخلية نظيفة وتغيير الملابس المتسخة كل يوم.
* ولكن كيف يمكن أن تتذكر الطفلة المصابة بالتوحد كل ذلك؟
إن وجود روتين يومي جديد قد يستغرق بعض الوقت للتعود عليه، وفي ما يأتي بعض الطرق الممتعة لتساعد الفتاة على تذكر ما يجب فعله:
1. علميها عن اللوازم التي تستخدمها في النظافة، مثل الصابون والشامبو ومزيل العرق، وعليها أن تعرف ما يجب أن تستخدمه أولاً، وما يأتي بعد ذلك.
2. استخدموا مخططا أو صورا توضح خطوات وضع الفوط الصحية، ومعرفة كيفية التخلص منها.
3. ساعديها على وضع جدول زمني لغسل وجهها، أو تنظيف أسنانها، أو الاستحمام.
* ماذا عن الحلاقة؟
عندما ينمو الشعر عند الإبطين وعلى الساقين والعانة، قد ترغب الفتاة في حلقه، ومهم أن تسأل والدتها أو أي شخص بالغ موثوق عن كيفية استخدام آلة حلاقة، أو أي طريقة أخرى آمنة لإزالة الشعر، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لتعتاد الفتاة على استخدام أدوات النظافة الشخصية بأمان، والمهم على الأم أو من يقوم مقامها أن تعلم الفتاة الحذر.
* ماذا عن ارتداء حمالة الصدر؟
بمجرد نمو الثديين في صدر الفتاة، فإن استخدام حمالة الصدر أمر جيد، حيث إنّ هذه الحمالات تدعم الثديين حتى لا تشعر الفتاة بالألم عند المشي أو الركض أو القفز، ويمكن للفتاة أن تسأل أمها أو أي شخص آخر بالغ موثوق لمساعدتها في التسوق للحصول على حمالة صدر جيدة، إذْ توجد الكثير من الأنواع المختلفة من حمالات الصدر، ويمكنها أن تجرّب أنواعا مختلفة حتى تجد حمالة مناسبة لهذا الأمر.
والفتاة التي ترتدي حمالة الصدر لأول مرة قد تشعر بعدم الارتياح، ولكن مع القليل من الوقت، سوف تعتاد على ذلك.
* كيف تعتني الفتاة بنفسها أثناء الدورة الشهرية؟
علمي ابنتك أهمية وكيفية تغيير فوط الدورة الشهرية الخاصة بها، عندما تنبعث منها رائحة الدم أو تكون ممتلئة به، وتغيير الفوطة هو أيضاً أمر خاص يجب أن تقوم به الفتاة على انفراد، وتأتي الدورة الشهرية مرة واحدة في الشهر لكل فتاة، وعادة ما تستغرق حوالي 3 إلى 5 أيام، ويمكن أن تحدد الفتاة التقويم الخاص بها كل شهر عندما تأتيها الدورة الشهرية، وبهذه الطريقة، ستعرف متى يمكن أن تتوقع متى ستأتيها في الشهر التالي.
ويمكن للأم أو الأب أو أي شخص آخر بالغ موثوق أن يعلمها كيفية استخدام الفوط الصحية، وبشكل عام لوضع فوطة جديدة، يجب إزالة الورق من الجزء الخلفي للفوطة، ثم وضع الجانب اللاصق للفوطة في الملابس الداخلية، مع التأكد من أنها ثابتة في مكانها، ثم تغيّر الفوطة كل 4 ساعات، أو عندما تكون رائحتها قد فاحت، أو عندما تكون مليئة بالدم، ويجب تغيير الملابس الداخلية عندما تتسخ، ووضع فوطة جديدة بدل القديمة.
* خلاصة القول
إن تعليم أي فتاة - سواء كانت مصابة بالتوحّد أو غير مصابة به - كيفية الاعتناء بجسمها هو جزء من النمو، وهي مهمة يجب أن تقوم بها الأم أو من يقوم مقامها مع كل فتاة، ولكن للأمر أهمية بالنسبة للفتاة المصابة بالتوحد، حيث يجب أن تعلم الأم طفلتها تفاصيل التفاصيل عن كيفية العناية بنفسها، جهزي لها مجموعاتها الخاصة لرعاية نفسها، وساعديها على التعرف على كيفية استخدام هذه الأدوات بأمان وفعالية، وكلما تقدم العمر بالفتاة، فإنّ جسمها سيتغير حتى تصبح امرأة بالغة.