صحــــتك

ما غياب الطمث الأولي وما أسبابه؟

يُعرَّف غياب الطمث الأولي Primary Amenorrhea بعدم نزول الحيض عند بلوغ الفتاة، عند بلوغ الفتاة 13 عاماً، أو عند عدم نزول الحيض بعد خمس سنوات من النمو الأولي للثدي، أو إذا كان عمر المريضة 15 عاماً أو أكبر ولم تحِض، وفي المقابل يُعرَّف انقطاع الطمث الثانوي بأنه توقف نزول الحيض لأكثر من ستة أشهر بعدما كان ينزل بصورة اعتيادية، ويعتبر الحمل أكثر أسباب انقطاع الطمث الثانوي شيوعاً.

سنعرض في هذا المقال بعض المعلومات عن غياب الطمث الأولي وكيفية تشخيصه وعلاجه.

فسيولوجيا الطمث

تحدث الدورة الشهرية (الطمث) نتيجة سلسلة من التغييرات الهرمونية المنسقة، التي تتحكم في المبايض وبطانة الرحم التي تحفز نمو الجريب لتحرير بويضة وتحضير بطانة الرحم للحمل في حالة حدوث الإخصاب، وعلى العكس من ذلك، إن لم تُخصَّب البويضة الناضجة يحدث الحيض. وتشمل المتطلبات الأساسية لوظيفة الحيض الطبيعية أربعة مكونات هيكلية متميزة تشريحياً ووظيفياً قناة تدفق الأعضاء التناسلية، بما في ذلك الرحم والمهبل والمبيض والغدة النخامية وما تحت المهاد، فإذا فشل أي من هذه التراكيب في أداء وظيفته، أو كان به عيبٌ تشريحي، ففي هذه الحالة لا يمكن أن يحدث الطمث.

ما أسباب غياب الطمث الأولي؟

هناك عدة أسباب رئيسية لغياب الطمث الأولي، مثل:

أولا: العيوب التشريحية:

عندما يكون الرحم والمهبل غائبين جزئياً أو كلياً في ظل وجود علامات أنثوية طبيعية، حينها يكون التشخيص عادةً هو عدم تخلق قناة موليريان (متلازمة غياب الرحم الخلقي)، الذي يمثل حوالى 10٪ من حالات انقطاع الطمث الأولية. كذلك تشمل العيوب التشريحية الأخرى عيوباً خلقية في المهبل، مثل: غشاء البكارة المصمت، أو الحاجز المهبلي المستعرض، وكلاهما يؤدي إلى انسداد مهبلي جزئي أو كامل، فنجد المبيضين يعملان بشكل طبيعي في هذه الحالات، لكن دون نزول حيض.

ثانيا: اضطرابات الغدة النخامية وتحت المهاد:

 يحدث غياب الطمث الأولي بسبب اضطراب في المحور الهرموني بين الغدة النخامية وتحت المهاد، فيفشل في تنشيط المبيضين، ما يؤدي إلى فشل التبويض. وتتمثل اضطرابات تحت المهاد في:

  • متلازمة فلورخ: وهي مجموعة تشوهات للغدد الصماء من أعراضها قصر القامة، والسمنة، وتأخر في البلوغ.
  • متلازمة لورانس مون بيدل: وهي اضطراب جيني تظهر أعراضه مثل: التّخلف العقلي، والعَنَش (كثرة الأصابع)، وضعف البصر، وتأخر في البلوغ.

وتتضمن اضطرابات الغدة النخامية قصوراً في إفراز الهرمون المطلق لموجِّهة الغدد التناسلية (GnRH) بشكل منفرد أو قصور كامل في إفراز جميع هرمونات الغدة النخامية.

  • أسباب في المبيض
  • غياب تكون المبيضين في أثناء التطور الجنيني.
  • فشل المبيض الأولي.
  • متلازمة عدم حساسية المبيضين.

تؤدي هذه الأسباب إلى عدم قدرة المبيضين على إفراز الهرمونات الأنثوية، ومن ثم عدم نزول الحيض. وتعتبر متلازمة تيرنر ((45XO أكثر أسباب غياب الطمث الأولي بسبب المبيض، وتحدث بسبب غياب كامل أو جزئي لواحد من صبغي X، فتظهر المريضة بقصر قامة، ورقبة عريضة أو مجنحة، وصدر عريض وحلمات متباعدة، مع عدم ظهور علامات البلوغ الأنثوية، وعدم نزول الحيض.

ثالثا: فرط تنسج الغدة الكظرية الخلقي غير التقليدي:

يحدث بسبب نقص في إنزيم 21- هيدروكسيلاز المسؤول عن تحول الأندروجنات إلى كورتيزول، ما يؤدي إلى زيادة في هرمونات الذكورة.

رابعا: غياب الطمث الرياضي:

لوحظ عند بعض الإناث الرياضيات اللاتي يمارسن الرياضة كثيراً وباستمرار أنهن قد يكنّ عرضة للإصابة بانقطاع الحيض الرياضي، فكان معتقداً منذ سنوات أن مستويات الدهون المنخفضة في ذوات الأجسام الرياضية تؤثر في الهرمونات الجنسية، وخاصة الإستروجين، إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت أن السبب في ذلك قلة الطاقة، فوُجد أن العديد من النساء اللواتي يمارسن مستويات عالية من الرياضة لا يتناولن كمية كافية من السعرات الحرارية، وهو أمر مهم لإتمام عملية التبويض والحيض.

خامسا: خلل إفراز هرمون الغدة الدرقية.

وقد يكون غياب الطمث الأولي دون سبب واضح، كأن يكون منتشراً في العائلة، أو يكون مصحوباً بفقدان الوزن العصبي (Anorexia Nervosa)، وعندها يتطلب الأمر من الطبيب طمأنة المريضة وذويها.

تشخيص غياب الطمث الأولي:

  • يعتبر أخذ التاريخ المرضي والفحص الطبي للمريضة المحورين الأساسيين لتشخيص حالات غياب الطمث الأولي، ويشمل سؤال المريضة عن إصابتها بأي من الأمراض المزمنة أو أي اضطرابات هرمونية أخرى، ووقت ظهور أولى علامات البلوغ، ووقت نزول أول حيض لدى أخوات المريضة وأمها.
  • ويتضمن الفحص الطبي قياس طول المريضة ووزنها، وفحص الثديين وتقييم حجمهما، والأعضاء التناسلية الخارجية والمهبل، وملاحظة علامات البلوغ الثانوية، كشعر العانة والشعر تحت الإبطين.
  • يأتي بعد ذلك الفحص بالموجات فوق الصوتية للتأكد من وجود رحم ومبيضين.
  • قياس نسبة الهرمون المنشط للحوصلة (FSH): يفرز هذا الهرمون في القسم الأمامي من الغدة النخامية في الخلايا الموجهة للغدد التناسلية تحديداً، وتنخفض مستوياته في حالات قصور الغدة النخامية أو اضطرابات فوق المهاد، بينما إذا وُجدت مستوياته مرتفعة، فهذا يعني أن غياب الطمث الأولي يرجع إلى خلل في المبيض كحالات متلازمة تيرنر.
  • قياس نسبة هرمونات الغدة الدرقية في الدم (T3,T4, TSH).
  • يُعد اختبار النمط النووي ( (Karyotypingمهماً لتشخيص حالات متلازمة تيرنر (45XO). أما إذا كان النمط النووي طبيعياً (46XX) مع ارتفاع في نسبة هرمون FSH، فهذا يشير إلى فشل وخلل في المبيض.
  • يجب استبعاد آفات الجهاز العصبي المركزي من خلال استخدام التصوير المقطعي المحوسب (CT scan)، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وخاصة في حالة وجود الصداع أو ضعف البصر.

علاج غياب الطمث الأولي:

يهدف علاج غياب الطمث الأولي إلى علاج السبب بشكل أساسي:

  • ينصح باستشارة طبيب التغذية في حالات فقدان الوزن العصبي، أو فقدان الشهية والوزن دون سبب واضح.
  • يظهر غشاء البكارة المصمت منتفخاً ومغطياً المهبل، ويلجأ الطبيب إلى إحداث قطع بشكل صليبي في هذا الغشاء لخلق ممر لخروج دم الحيض. أما في حالات الحاجز المهبلي المستعرض، فيُزال جراحياً.
  • وتحقق الأقراص الهرمونية التي تحتوي على هرمون الإستروجين والبروجيستيرون نجاحاً في علاج حالات خلل المبيض الوظيفي، واضطرابات الغدة النخامية واضطرابات ما تحت المهاد.
  • يجب ألا تتلقى الإناث ذوات القامة القصيرة جرعات عالية من الإستروجين، لأنه قد يسبّب إغلاق المشاش قبل الأوان.
  • يمكن أن يحدث فرط تنسج في بطانة الرحم بسبب تحفيز هرمون الإستروجين، وللوقاية من فرط التنسج يجب إعطاء الإستروجين يومياً بالاشتراك مع البروجستيرون.
  • إذا شُخِّص نقص 17 ألف هيدروكسيلاز مع فرط تنسج الكظر الخلقي، يمكن البدء بالعلاج ببدائل الكورتيكوستيرويد الخارجية، إما بالهيدروكورتيزون أو الديكساميثازون.

وختاماً..

نظراً لتنوع المسببات التي يمكن أن تؤدي إلى غياب الطمث الأولي، يجب العمل على تثقيف المريضة فردياً طبقاً للسبب الأساسي. فيجب تثقيف الإناث اللواتي اقتربن من سنّ البلوغ على فترات الحيض الطبيعية، ومتى يجب تحديد موعد للمتابعة مع الطبيب، كذلك يلزم الإناث اللاتي يعالجن من غياب الطمث الأولي المتابعة بانتظام مع طبيب غدد صماء، بالإضافة إلى طبيب النساء. وقد يتطلب الأمر في كثير من الأحيان الاستعانة بطبيب النفسية للمساعدة في تهيئة هؤلاء الإناث ودعمهنّ نفسياً.

 

المصادر:

1- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK554469/

2-https://www.slideshare.net/sonalpatel120/amenorrhea-define-cause-sign-and-symptoms-type-pathological-and-physiological-amenorrhea-and-its-treatment-and-management-cushing-syndrome-define-causes-sign-and-symptoms-in-ppt

3- https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/3924-amenorrhea

آخر تعديل بتاريخ
31 ديسمبر 2022
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.