مع تقدم العلم والتكنلوجيا ووسائل التواصل التي تزخر بالكثير من القصص والمعلومات الطبية، أصبحت الوصمة المحيطة باضطرابات المزاج بعد الولادة آخذة في الانحسار، وهذا شيء جيد. ومع ذلك، هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به في فهمنا وتعليمنا عندما يتعلق الأمر باضطرابات المزاج بعد الولادة. على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بالصحة العقلية بعد الولادة يركز الكثير على الاكتئاب والقلق. وعلى الرغم من انتشار هذه الحالات، حيث تعاني حوالي 10-15% من السيدات من الاكتئاب والقلق بعد الولادة، فإنها ليست اضطرابات المزاج الوحيدة بعد الولادة! على سبيل المثال، تشعر بعض السيدات بسعادة مبالغ فيها، وطاقة لا حدود لها، وأرق، ومشاعر لا تقهر بعد الولادة. وفي حين أن هذه الأعراض قد تبدو غير مؤذية، لكنها قد تكون علامة على النشوة بعد الولادة أو الهوس الخفيف بعد الولادة.
ما هي نشوة ما بعد الولادة؟
تصف النشوة بعد الولادة، والتي يشار إليها غالباً باسم الهوس الخفيف بعد الولادة، أعراض النشوة الشديدة أو الهوس الخفيف في الأيام والأسابيع التالية للولادة. وتؤثر على واحدة من كل عشر أمهات. ومن بين الآباء والأمهات الذين تمت إحالتهم إلى العيادات لعلاج اضطرابات المزاج بعد الولادة، تظهر علامات الهوس الخفيف أو الهوس على 12 إلى 30%. وعلى الرغم من أن المصابين بنشوة ما بعد الولادة تبدو حالتهم إيجابية، مثل الشعور بالحيوية أو السعادة الشديدة، إلا أن هذه الأعراض لا تزال تشير إلى اضطراب المزاج الذي تجب معالجته.
أعراض النشوة بعد الولادة
تشعر المصابات باضطراب النشوة بعد الولادة بشكل عام بالرضا، على الأقل في البداية. ولكن إذا ساءت الأعراض أو لم تُعالج، يمكن أن يتطور الأمر إلى الشعور بالقلق والارتباك والإرهاق. ويمكن أن تؤدي النشوة بعد الولادة غير المعالجة أيضاً إلى حالات صحية عقلية مثل اكتئاب ما بعد الولادة، أو في حالات نادرة، ذهان ما بعد الولادة. وقد تشمل الأعراض ما يلي:
- طاقة كبيرة غير معتادة.
- الشعور بالسعادة الشديدة.
- الشعور بالإنتاجية والتركيز.
- الحاجة إلى نوم أقل.
- الثرثرة، يكاد لا يمكن للسيدة التوقف عن الكلام.
- الشعور بأنكِ تملكين طاقة كل البشر، وتستطيعين فعل أي شيء.
- الشعور بمزيد من الإبداع والقوة.
- اتخاذ قرارات متهورة مثل الانفاق.
- المعاناة من أفكار متسارعة وصعوبة في التركيز.
- تضخم الشعور بالذات أو الأهمية.
- إذا كانت هذه الأعراض تجعل من الصعب عليك الاعتناء بنفسك أو بطفلك، فاطلبي المساعدة الطبية الفورية.
هل كل التقلبات المزاجية بعد الولادة مدعاة للقلق؟
لا تكون الحالات الخفيفة من النشوة بعد الولادة أو حتى الاكتئاب البسيط مشكلة. على سبيل المثال، إذا كانت السيدة تعاني من تقلبات مزاجية، بما في ذلك الشعور بالنشوة، في الأسبوعين الأولين بعد الولادة، فقد تكون تعاني ببساطة من "الكآبة النفاسية"، وهي حالة تمر به كل سيدة تقريبًا بعد الإنجاب، وترتبط بالتغيرات الهرمونية في فترة ما بعد الولادة، وهذه التقلبات المزاجية يجب أن تنتهي بعد الأسبوعين الأولين بعد الولادة. لكن، إذا استمرت إلى ما بعد الأسبوعين الأولين بعد الولادة، فربما تكون السيدة تعاني من اضطراب أكثر خطورة ويستوجب زيارة الطبيب. خاصة إذا كان هذا الاضطراب يتعارض مع قدرتها على رعاية نفسها أو طفلها.
نشوة ما بعد الولادة مقابل اكتئاب بعد الولادة
جزء من السبب الذي يجب أن تؤخذ به نشوة ما بعد الولادة على محمل الجد هو ارتباطها باكتئاب ما بعد الولادة. وفقاً للدكتورة جيسيكا هيرون، فإن الشعور بالنشوة بعد الولادة يزيد من خطر إصابة السيدة باكتئاب ما بعد الولادة. ويقدر الباحثون أن "ربع إلى خمس النساء اللواتي يصبن باكتئاب ما بعد الولادة كن يعانين من هوس خفيف سابق، بمعنى آخر، قد يعني الشعور بالنشوة بعد الولادة أو الهوس الخفيف بعد الولادة أنكِ ستكونين أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. وإذا كان مقدمو الرعاية الصحية يبحثون فقط عن العلامات التقليدية للاكتئاب، وليس عن أعراض النشوة بعد الولادة، فقد يتم إغفال بعض حالات اكتئاب ما بعد الولادة".
علاج النشوة بعد الولادة
لا يزال الأطباء يتعلمون المزيد عن نشوة ما بعد الولادة وأفضل طريقة لعلاجها. وفي حين أنه من الواضح أن العديد من الأشخاص يعانون من أعراض الهوس الخفيف بعد الولادة، إلا أنه يلزم إجراء المزيد من الأبحاث حول كيفية ارتباط هذه الأعراض باضطرابات المزاج الأخرى بعد الولادة. فإذا كنت تعانين من أي من أعراض نشوة ما بعد الولادة، أو إذا بدا أن أحد أفراد أسرتك يعاني من هذه الأعراض، فمن المهم التواصل مع الطبيب أو المختص النفسي، والذي يمكنه مناقشة حالتك الخاصة، بما في ذلك كيفية ظهور الأعراض وما إذا كانت تشير إلى اضطراب المزاج بعد الولادة الذي يحتاج إلى علاج. وهناك العديد من الطرق لعلاج اضطرابات المزاج بعد الولادة، بما في ذلك العلاج المعرفي السلوكي والعلاج بالأدوية. ومن المحتمل أيضاً أن يقوم المختص بفحص صحتك العامة والقيام بعمل فحوصات للدم لاستبعاد الاختلالات الهرمونية أو اختلالات الغدة الدرقية أو المشكلات الطبية الأخرى التي قد تسبب أعراضك.
أخيراً..
إنجاب طفل هو تغيير كبير، ومن الشائع أن تكون حالتكِ المزاجية وعواطفك متبعثرة وغير متزنة، وستكون حياتك كلها مختلفة قليلاً عما كانت عليه قبل أن ترحبي بطفلكِ الصغير. وقد يكون من الصعب أحيانًا معرفة ما إذا كان ما تعانين منه هو الضغط الطبيعي الناتج عن إنجاب طفل، أو شيء أكثر خطورة، مثل اضطراب المزاج بعد الولادة. والذي قد يكون خادعا بالنسبة لنشوة بعد الولادة أنها تعطي شعور بالحيوية والطاقة وهذا الأمر الذي يرغب الجميع بالحصول عليه! لكن، في أي وقت تشعرين فيه بمزاج صعب أو غير عادي بالنسبة لكِ، وفي أي وقت يجعلكِ هذا المزاج أقل قدرة على رعاية نفسكِ أو طفلكِ، يجب عليكِ التحدث عن هذا الأمر مع طبيبكِ، والذي سيكون قادرا على مساعدتك في فهم ما يجري معكِ، وما إذا كانت هناك حاجة إلى استشارة مختص النفسية. وتذكر أيضًا أنه لا عيب في طلب المساعدة، اضطرابات المزاج بعد الولادة شائعة ويمكن علاجها.