أظهرت أدلة حديثة أن النساء اللائي يصبن بكوفيد-19 أثناء الحمل معرّضات بشكل متزايد لخطر فقدان الحمل ووفيات الأطفال حديثي الولادة.
الآن، يُظهر تحليل بيانات علم الأمراض من عشرات الوفيات في الفترة المحيطة بالولادة، وجود ارتباط بين الإصابة بكوفيد-19 أثناء الحمل وحدوث تلك المخاطر.
كيف يتسبب كوفيد-19 في وفاة الأجنة وحديثي الولادة؟
على عكس العديد من مسببات الأمراض التي تقتل الجنين عن طريق إصابته مباشرة، يتسبب فيروس كورونا الجديد في تدمير "واسع النطاق وخطير" للمشيمة، الأمر الذي يحرم الجنين من الأكسجين.
وقد خلص فريق من 44 باحثًا في 12 دولة، بعد فحص 64 حالة موت جنيني وأربعة حديثي الولادة، أن الوفيات ترافقت بوجود حالات أصيبت فيها المشيمة بالفيروس. وأشاروا إلى أن جميع النساء في الدراسة لم يكنّ مطعمات ضد كوفيد-19. وتم نشر النتائج في أرشيف علم الأمراض وطب المختبر.
وكانت كل المشيمات التي تمت دراستها تحتوي على ثلاث سمات، أطلق عليها علماء الأمراض اسم التهاب المشيمة الناتج عن كوفيد-19، وهي:
- رواسب كبيرة من الفيبرين، وهو بروتين تخثر يعيق تدفق الدم.
- موت الخلايا في الأرومة الغاذية.
- وشكل غير عادي من الالتهاب يسمى التهاب باطن الأنسجة المزمن.
وكان لدى البعض تشوهات أخرى يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الحالة. ووصف الباحثون مدى الضرر بـ"غير العادي أو الشديد" الذي يصيب 77.7٪ من المشيمة في المتوسط. وكتبوا أن الفيروس لا يبدو أنه يؤذي أنسجة الجنين، لكن الضرر المشيمي "كان واسع النطاق ومدمرا للغاية". والجدير بالذكر أنه لم يكن معروفًا أن أيًا من النساء في التحليل كنّ مصابات بحالة مرضية شديدة جراء الإصابة بكوفيد-19.
فيروس كورونا الجديد يمضغ المشيمة
قال ديفيد شوارتز، طبيب علم الأمراض في أتلانتا، جورجيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة، "إن كوفيد-19 يبدو فريدًا في طريقته بتدمير المشيمة، ولا أعرف أي إصابة أخرى يمكنها أن تفعل ذلك إلى هذه الدرجة أو بهذا التماثل". وأضاف: "الرسالة البسيطة هي أن هذه العدوى تمضغ المشيمة وتدمر قدرتها على تزويد الجنين بالأكسجين".
المتحور دلتا له النصيب الأكبر
وقد أفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، في تشرين الثاني (نوفمبر) أن فيروس كورونا المستجد لدى الأمهات يزيد من خطر فقدان الحمل. ومنذ مارس 2020 إلى سبتمبر 2021، تم الإبلاغ عن 8154 حالة ولادة ميتة، منها 0.65٪ لنساء غير مصابات بكوفيد-19 و1.26٪ لنساء مصابات بـه.
ويبدو أن المتحور دلتا، الذي ساد منتصف عام 2021، كان المتسبب الرئيسي في هذه الوفيات. وأفاد مركز السيطرة على الأمراض (CDC) أن الخطر النسبي لوفيات الأجنة قبل أو أثناء الحمل للأمهات المصابات بكوفيد-19 خلال تلك الفترة ارتفع إلى 4.04، بالتزامن مع المتحور دلتا. وقال شوارتز وزملاؤه إن التطعيم، إلى جانب العلاج المضاد للفيروسات، قد يقللان من فرصة إصابة فيروس كورونا الجديد للمشيمة. وأكد شوارتز أنه لم تكن أي من الأمهات في التحليل مطعمة ضد كوفيد-19.
أدلة أخرى
يأتي هذا التحليل في أعقاب دراسة من المعاهد الوطنية للصحة تربط بين عدوى كوفيد-19 الشديدة والمتوسطة وبين مخاطر أكبر لمضاعفات الحمل الأخرى مثل:
- الولادة القيصرية.
- الولادة المبكرة.
- الوفاة أثناء الولادة.
- نزيف ما بعد الولادة.
- العدوى.
وقالت ديانا بيانكي، مديرة معهد يونيس كينيدي شرايفر الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية التابع للمعاهد الوطنية للصحة، إن هذه النتائج تؤكد الحاجة إلى تلقيح النساء الحوامل، خصوصا بعد ما تم إثبات أن التطعيمات آمنة للنساء الحوامل.
وقالت الدكتورة دينيس جاميسون، رئيسة قسم أمراض النساء والتوليد في جامعة إيموري، أتلانتا: "إن النتائج قد تكون لها آثار سريرية مهمة، وأنه بالإضافة إلى أن هذا التحليل يشجع ويؤكد على ضرورة تلقيح المريضات الحوامل بشكل كامل، قد تكون هناك فرص لمراقبة المشيمة عن كثب أثناء الحمل باستخدام طرق التصوير مثل الموجات فوق الصوتية".
وأضافت جاميسون: "إنه حتى في حالة وجود تشوهات خطيرة، فمن المحتمل أن تكون هناك فرصة لولادة الجنين وهو حي بدلا من ولادة جنين ميت". وكانت حالات وفاة الأجنة قبل موعد الولادة بقليل أو أثناء الولادة 64 حالة، في الفترة من 15 إلى 39 أسبوعًا من الحمل، بمتوسط 30 أسبوعًا.
الحاجة لدراسات أخرى
ومع ذلك، هناك حاجة لدراسات إضافية لدعم مراقبة التغيرات المشيمية. وحذر كريستوفر زان، نائب رئيس أطباء النساء والتوليد في الجامعة الأمريكية، من أن البيانات المتعلقة بفيروس كورونا ومضاعفات الحمل لا تزال محدودة.
وقال زان: "إن نتائج هذا التحليل لا تثبت العلاقة بين عدوى كوفيد-19 ونتائج موت الأجنة قبل أو أثناء الولادة، فقد تكون هناك أسباب اخرى لم تتم دراستها تتداخل مع هذه النتائج وتضخم النسبة".
وأضاف: "أنه في كل الأحوال فإن المؤسسة الأمريكية لأمراض النساء والتوليد توصي الحوامل أو النساء اللاتي يخططن للحمل بالتطعيم ضد كوفيد-19 بأحد اللقاحات التي تم اعتمادها".
* المصدر