لطالما كان طول العمر محط اهتمام وأخذ وردٍّ بين أهل العلم وغيرهم، وحتى وقتٍ ليس ببعيد، كان الاعتقاد السائد هو أن سرّ طول العمر يكمن في الجينات (المورِّثات)، ولكن تبيَّن فيما بعد أن الجينات تلعب دورًا أقل مما تلعبه عوامل أخرى، مثل العوامل الغذائية والبيئية، ونمط الحياة، والعادات الصحية السليمة التي تبطئ من عجلة الشيخوخة في الخلايا، وتمنح الشباب، وتزيد من طول العمر.
وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتبنّون 8 عادات صحية في منتصف العمر يمكن أن يعيشوا لفترة أطول من العمر، ومن المتوقع أن يعيش الرجال الذين يتبنّون تلك العادات الثمانية بحلول سن الأربعين 24 عامًا إضافيًا في المتوسط بالمقارنة مع نظرائهم الذين ليس لديهم أيّ من تلك العادات. أما عند معشر النساء، فيُتَوقّع أن اللواتي تبنَّيْن تلك العادات في سن الأربعين يمكن أن يعشن وسطيًا 23 سنة أكثر أسوة باللواتي لم يفعلن ذلك.
8 ممارسات صحية
قدَّمت اختصاصيّة العلوم الصحية في قسم شؤون المحاربين القدامى "شوان ماي نغوين" في الاجتماع السنوي الرئيسي للجمعية الأميركية للتغذية في مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس نتائج دراسة أمريكية كشفت النقابَ عن ثماني ممارسات صحية من شأنها أن تطيل معدل الحياة عند تبنّيها بدءًا من سن الأربعين، وقد توصّل القائمون على الدراسة إلى هذه النتائج بناء على بيانات أكثر من 700 ألف من قدامى المحاربين الأميركيين الذين تراوحت أعمارهم من 40 إلى 99 سنة. أما عن الممارسات الصحية الثمانية فهي:
1. النشاط البدني
لقد اعتُبِر أن أولئك الذين يمارسون نشاطًا بدنيًّا، معتدلًا أو قويًا، لمدة 30 دقيقة أو أكثر في اليوم، هم نشيطون بدنيًا.
2. عدم التدخين
وفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن متوسط العمر المتوقع لدى المدخنين هو أقصر بعشر سنوات على الأقل مقارنة بغير المدخنين. إذا تم وقف التدخين، فإن خطر الوفاة من مرضٍ يتعلق بالتدخين ينخفض بنسبة 90% تقريبًا.
3. التعامل مع الإجهاد
يؤدي الإجهاد المزمن إلى اضطراب الساعة البيولوجية للجسم، ما يؤدي إلى تقصير العمر الافتراضي. لحسن الحظ، ووفقًا لدراسة أُجريت عام 2021 من قبل الباحثين بجامعة ييل الأميركية، فإنه يمكن أن يؤدي الاسترخاء إلى ضبط إيقاع تلك الساعة لتعمل في الاتجاه السليم.
4. اتباع نظام غذائي صحي
بشكل عام، اعتُبِر أن أولئك الذين يعتمدون نظامًا غذائيًا نباتيًا بأنهم يتّبعون نظامًا غذائيًا صحيًا.
5. تجنّب المواد الأفيونية
إساءة استخدام المواد الأفيونية محفوفة بالمخاطر. وفقًا للبيانات الفيدرالية الأميركية، فإن أولئك الذين يستخدمون المواد الأفيونية، مثل الهيدركودون والفانتانيل والأوكسيكودون لأكثر من أسبوعين، هم أشخاص معَرَّضون لخطر الإدمان.
6. عدم شرب الكحوليات بانتظام
لا توجد كمية آمنة لاستهلاك الكحوليات، خاصة أنها ترتبط بحالات خطيرة، مثل السرطان والأمراض القلبية الوعائية. يمكن القول بأن أخطر أشكال الاستهلاك للكحوليات هو الإفراط في الشرب وإدمانه.
7. الحصول على نوم جيد
تشير كل الأدلة إلى أن الحصول على قسط كاف من النوم أمر بالغ الأهمية للتمتع بصحة مثالية. لقد اعتُبِر أن المشاركين الذين ناموا في المتوسط من 7 إلى 9 ساعات في الليلة، ولم يعانوا من الأرق، بأنهم حصلوا على نوم جيد. يُقال عن شخص ما أنه يعاني من الأرق إذا شكا من واحد أو أكثر من الأعراض الآتية: الصعوبة في بدء النوم، والصعوبة في الحفاظ عليه، والاستيقاظ في الصباح الباكر، إلى جانب النوم غير المنعش، أو النعاس المُفْرِط في النهار.
8. الحفاظ على علاقات اجتماعية إيجابية
تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن الوحدة يمكن أن تكون عامل خطر كبير للإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة مع التقدم في العمر. حسب معطيات الدراسة، كان يُنظر إلى المشاركين على أنهم يتمتعون بعلاقات اجتماعية إيجابية إذا كان لديهم مَن يتحدثون إليه، أو يحضنونه أو يتفاعلون معه بطريقة أو بأخرى بنسبة 50% على الأقل من الوقت.
كيف تؤثّر تلك الممارسات على طول العمر؟
أظهرت الدراسة أن الممارسات الأكثر تأثيرًا على العمر الافتراضي المتوقع هي ممارسة النشاط البدني، وعدم الإدمان على الأفيونات، وعدم التدخين.
كان الأشخاص الذين لم يكن لديهم تلك الممارسات الصحية أكثر عُرضة لخطر الوفاة بنسبة 30-45%.
- كشفت الدراسة أنه كلما كان تبني الممارسات الصحية في سنّ أبكر، كلما ساهم ذلك في العيش لفترة أطول.
- ارتبط كل من الإجهاد وسوء التغذية وقلة النوم، بزيادة خطر الموت بنسبة وصلت إلى 20%.
- ارتبط انعدام العلاقات الاجتماعية الإيجابية بزيادة خطر الوفاة بنسبة 5%.
- من المحتمل أن تلعب الصحة النفسية والعقلية دورًا في متوسط العمر المتوقع.
بعض الملاحظات على الدراسة
من بين الملاحظات المهمة على الدراسة:
الملاحظة الأولى: الدراسة مبنِيّة على الملاحظة والرصد، من هنا، فإنه لا يمكن إثبات وجود علاقة سببية، وهذا بالتالي ما يُحَتِّم عدم المبالغة في تضخيم نتائجها.
الملاحظة الثانية: يقول معدّو الدراسة بأن هناك فوائد يمكن الحصول عليها حتى ولو لم يتمكّن الأشخاص من تَبَنّي جميع الممارسات الصحية الثمانية التي أتينا على ذكرها. وربما تَبَنّي ممارسة واحدة أو عدد قليل من تلك الممارسات يبقى مفيدًا في أي مرحلة من مراحل العمر.
الملاحظة الثالثة: نوَّهت الدراسة إلى أن النشاط البدني هو عامل رئيسي للعيش حياة طويلة تزخر بالصحة والعافية.
الملاحظة الرابعة: التدخين وشرب الكحوليات وتناول المواد الأفيونية والشراهة في الأكل، هي سلوكيات محفوفة بالمخاطر، لأنها تُشعِل فتيل الكثير من الأمراض، وتقصّر من العمر.
الملاحظة الخامسة: إذا قارنَّا الممارسات الصحية الثمانية التي أوصت بها الدراسة حول طول العمر، مع القائمة المَرجِعية التي حددتها جمعية القلب الأميركية لكلٍّ من متوسط العمر المتوقّع والعمر الصحي، فإننا نجد أن هناك قواسم مشتركة بينهما، وتتضمن القائمة المَرجِعية لجمعية القلب الأميركية 8 معايير هي:
- عدم التدخين.
- النوم الصحي.
- الغذاء الصحي.
- النشاط البدني المنتظم.
- ضغط الدم ضمن المعدل الطبيعي.
- الوزن ضمن المعدل الطبيعي.
- مستوى السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي.
- مستوى الكوليسترول غير HDL ضمن المعدل الطبيعي.
نهايةً، رُبّ سائل قد يسأل: أنا قطعت سن الأربعين، فهل سأستفيد من تطبيق الممارسات الصحية الثمانية المشار إليها أعلاه في إطالة عمري؟
الجواب على هذا السؤال جاء على لسان الباحثة الرئيسية في للدراسة شوان ماي نغوين إذْ قالت: "تشير نتائج بحثنا إلى أن اتّباع نمط حياة صحي أمر مهم لكلٍّ من الصحة العامة والعافية الشخصية"، وتابَعَتْ: "كلما كان ذلك مبكّرًا كان ذلك أفضل، ولكنْ حتى إذا قمت بإجراء تغيير بسيط في الأربعينات أو الخمسينات أو الستينات من العمر، فلا يزال هذا مفيدًا".
المصادر:
8 healthy habits that may add 24 years to your lifespan
Adopting these 8 healthy habits by middle age could add ... - Fortune
