السُّعال هو رد فعل دفاعي طبيعي تلقائي يساعد على طرد المهيّجات من الحلق والممرات الهوائية، مثل المخاط والغبار والدخان والميكروبات، والسُّعال العَرَضي الذي يحدث من وقت إلى آخر شيء طبيعي، لأنه يساعد على تطهير وحماية المجاري التنفّسية، فالحلق والشُّعَب الهوائية مزودة بأعصاب تستشعر المهيّجات، فترسل برقية عاجلة إلى العقل الذي يُصْدِر أوامره إلى عضلات الصدر والبطن، فتتقلص على عَجَلٍ لدفع الهواء إلى خارج الرئتَين، حاملًا معه المهيّجات التي تُضمِر الشرَّ للجسم.
كيف يؤثِّر السُّعال على الجسم؟
تُنتِج الحنجرة والرئتان عادة كمية صغيرة من المخاط للحفاظ على رطوبة الحلق والممرات الهوائية، ولتأمين طبقة رقيقة تُغطي الممرات الهوائية، وتعمل كحاجز وقائي ضد المهيّجات والميكروبات التي تحاول التسلل إلى الرئتَين عبر التنفّس. يساعد بعض السُّعال المتكرر على تحريك المخاط وإزالة المكونات غير المرغوب فيها التي قد نستنشقها مع هواء التنفس.
تكمن المشكلة الرئيسية في السعال في استمراره لفترة طويلة من الزمن، يمكن أن يؤدي هذا النوع من السعال إلى وقوع عدد من المشكلات في الجهاز التنفسي، وفي أماكن أخرى من الجسم. تتمثّل هذه المشكلات في:
-
الألم العضلي
تخلق نوبات السعال العنيفة والمتكررة نوعاً من الضغط القوي الذي يمكن أن يُجهِد عضلات الصدر والبطن والظهر، ما يؤدي إلى المعاناة من الألم في تلك المناطق.
-
تمزّق الحجاب الحاجز
يتم دفع أضلاع القفص الصدري إلى الأسفل والداخل عند السعال، وفي نفس الوقت يجري دفع الحجاب الحاجز إلى الأعلى، وقد تؤدّي هذه الأفعال المتعارضة، عاجلاً أم آجلاً، إلى حدوث تمزّق في عضلة الحجاب الحاجز.
-
كسر الأضلاع
يمكن أن يؤدي السعال الشديد إلى وقوع كسر في أحد الأضلاع، خاصة عند النساء، وعند أولئك الذين يعانون من انخفاض في كثافة العظام، إلا أن الكسر قد يحصل أحيانًا عند من لديهم كثافة عظمية طبيعية، وتعتبر الأضلاع الوسطى هي الأكثر تعرّضًا للكسر.
-
إتلاف والتهاب أنسجة الحلق
قد يُشعِل السعال المستمر والمزمن التهاباً مزعجاً في أنسجة الحلق، فتكون ساحةً لحدوث العدوى التي يمكن أن تنتشر إلى أنحاء أخرى في الجسم.
-
تمزق الأوعية الدموية الدقيقة
يمكن لبعض الأوعية الدموية الدقيقة التي تقع في العين أو في الأنف أو الشرج أن تنفجر أو تتمزق بسبب الضغط الشديد الناجم عن السعال العنيف.
-
نفث الدم
مَن مِنّا لم ير مشهداً في السينما أو على شاشة التلفاز يَدخُل فيه الممثلُ في نوبةٍ من السعال وهو يبصق الدم، إنه نفث الدم أو سعال الدم. يمكن لنوبات السعال الطويلة والمستمرة أن تؤدي إلى تراكم الدم في الرئتَين، ويمكن للشخص أن يَسْعُل هذا الدم، إما صافيًا، أو مخلوطًا باللعاب والبلغم.
-
فَتْق البطن
تُطالِعنا الأدبيات الطبية عن حالات أُصيب فيها أصحابها بتمزقات وفتوق في جدار البطن جراء نوبات السعال، خاصة عند مرضى التهاب الشُّعَب الهوائية المزمن الذين هم في منتصف العمر أو من كبار السن.
-
مشكلات أخرى
يمكن أن يُسبِّب السعال المزمن حرجًا اجتماعيًا، وأن يُسبب أيضًا الصداع، وسلس البول، وقد يؤثّر على جودة النوم.
هل يمكن للشخص أن يَسْعُل رئتيه؟
قد يمزح البعض فيقول شيئاً من هذا القبيل "كدت أسعل رئتي". إنها مجرد نكتة مضحكة.
لا شك أنه من غير الممكن جسدياً أن يَسْعُل الشخص رئته، مهما احتدّ واشتدّ وطيس السعال، وإذا كان البعض يسوق ما تم نشره سابقاً عام 2012 في مجلة New England Medical Journalعن امرأة عمرها 40 عاماً مصابة بالربو، وداهمها السعال الشديد لدرجة أن رئتها اليمنى اندفعت بين أضلاعها اليمنى، فإن هذا ليس بسعال الرئة، بل هو مجرد فتق في الرئة اليمنى انزلق بين ضلعَين من ضلوع المريضة جرّاء تمزّقٍ حصل في العضلة الوربية.
الأسباب الشائعة لنوبات السعال
هناك الكثير من الحالات الطبية التي تقف خلف نوبات السعال، نشير هنا إلى أهمها:
- الربو.
- السعال الديكي.
- التهاب القصبات.
- التهابات الجهاز التنفسي العلوي والسفلي.
- مرض التدرن الرئوي (السل).
- تلف الرئة جراء الدخان والصدمات وتعاطي المخدرات.
- ارتجاع المفرزات المعدية المريئية.
- الصمامة الرئوية.
- استرواح الصدر.
- فشل القلب.
- التنقيط الخلفي للمخاط من مؤخرة الأنف إلى الحلق.
كيف يتم تشخص السعال؟
بعد أخذ الطبيب القِصَّة المَرَضِيّة، وسؤال المريض عن طبيعية سعاله، ومتى يسوء، ومتى يتحسّن، وهل ترافقه أعراض إضافية، فليس مُستَبعدًا أن يطلب الطبيب مزيداً من الاختبارات، بدءاً بفحوصات الدم، ومروراً باختبارات التنفس والبلغم، وانتهاء باختبارات التصوير مثل تصوير الصدر بالأشعة السينية والأشعة المقطعية، في سبيل التوصّل إلى السبب الفعلي للسعال من أجل تحييده.
سيكون من الجيد أن تُحضِّر المعلومات المتعلّقة بالأسئلة الآتية لتسهيل عمل الطبيب للتوصّل إلى التشخيص المناسب:
- متى يبدأ السعال؟
- هل يؤدي السعال إلى إفراز المخاط؟
- إذا كان هناك مخاط يلازم السعال، فما قوامه؟ وما لونه؟ وهل يوجد معه دم؟
- هل هناك حساسية أو محفّزات تثير السعال؟
- هل كنت على تماس مع أشخاص آخرين مصابين بعدوى في الجهاز التنفسي؟
- هل تدخن؟
- هل تتعاطى المخدرات؟
علاج السعال
يعتمد علاج السعال على السبب. لحسن الحظ، تحدث الغالبية العظمى من حالات السعال نتيجة التهابات خفيفة تقع في الجهاز التنفسي العلوي، مثل نزلات البرد، وهذه غالباً ما تختفي من تلقاء نفسها، وكثيراً ما تُعِين العلاجات المنزلية في تهدئة السعال الجاف، وفي التخفيف من التهاب الحلق وهيجان المجاري التنفسية، من دون نسيان التوقف عن التدخين، الذي يشكِّل مصدر إزعاج ما بعده إزعاج.
أما إذا لم يختفِ السعال واستمر وأصبح مزمناً، فقد يكون السبب أكثر خطورة، وبالتالي، فإنه يجب استشارة الطبيب من أجل التعامل معه بالتي هي أفضل.
يمكن أن تساعد الأدوية التي تُصرَف من دون وصفة في تقليل الأعراض الناجمة عن عدوى الجهاز التنفسي العلوي، بينما تتطلب الحالات الأكثر خطورة وصف علاجات يُحرِّرها الطبيب بقلمه.
متى تستشير طبيبك؟
إذا كنتَ تعاني من السعال غير المبرر والذي يستمر أكثر من أسبوعين، ننصحك باستشارة مقدّم الرعاية الصحية، وفي كل الأحوال، أنت في حاجة إلى رعاية طبية طارئة إذا رافقت السعالَ أعراضٌ أخرى مثل:
- ألم في الصدر.
- الحمّى.
- تسارع ضربات القلب.
- ضيق في التنفّس.
- ألم شديد في البطن.
- نفث الدم.
- التعرّق المُفْرِط أو القشعريرة.
خير الكلام
السّعال هو رد فعل طبيعي، يحاول الجسم من خلاله طرد المخاط والعوامل المهيّجة من الحلق والممرات الهوائية للجهاز التنفسي. يعد السعال العَرَضي الذي يحدث من وقت إلى آخر شيئًا طبيعيًا وصحيًا يجب احترامه. في المقابل، إذا كان السعال قوياً وعنيفاً، ويستمر لعدة أسابيع، أو يترافق مع مخاط متغيّر اللون أو مضرّج بالدم، أو متزامن مع ضيق في التنفس، فإنه يدل على وجود مشكلة أكثر خطورة، ربما تحتاج إلى رعاية طبية بأسرع وقت ممكن، تفاديًا لوقوع مضاعَفات قد تجعل المشهد الصحي أكثر تعقيداً.
المصادر:
Cough Up a Lung: Is It Physically Possible? - Healthline