إذا كنت تستسلم للنوم على الأريكة بشكل عرضي بعد يوم متعب، أو لمشاهدة مباراة رياضية، أو لرؤية حلقة من برنامجك المفضل، أو لقراءة كتاب، أو بكل بساطة بعد وقوع مشادّة زوجية، فلا ضير من ذلك، ولا يعد هذا سيئاً على الصحة على المدى الطويل.
أما إذا أصبح النوم على الأريكة بدلاً من السرير عادة منتظمة، ومتأصلة لديك، فعندها يمكن القول: إن النوم على الأريكة سلوك سيء؛ لأن عدداً من التأثيرات الجانبية قد تحصل لك، عاجلاً أم آجلاً، دعونا نذكر أهمها.
أضرار النوم على الأريكة
-
التأثير سلباً على جودة النوم
إن النوم على الأريكة وفي مكان مشترك كغرفة المعيشة، يُعرِّض صاحبه إلى وابل من عوامل التشتيت، مثل: التلفزيون، والهاتف، والحاسوب، والإضاءة القوية، ومرور أفراد الأسرة بالقرب من الأريكة، وهذه العوامل تعدّ الشرارة التي تشعل فتيل الانزعاج والاستيقاظ المتكرر، الذي يمنع الاسترخاء اللازم، والذي يعدّ حجر الزاوية للحصول على النوم الجيد.
-
قد يسبب آلاماً في الرقبة والظهر
إذا استيقظت من نومك على الأريكة وأنت تعاني من التصلب والتشنج، والألم في الرقبة والأكتاف والظهر فلا تستغرب من ذلك، لأن وضعية النوم هي أصل البلية، ولأن الأريكة بحد ذاتها ليست مصممة للنوم عليها، كونها مصنوعة من مواد لا تُؤمّن الدعم الكافي للرقبة والظهر، ولا تمتص الحرارة، كما الحال مع مرتبة السرير. عدا هذا وذاك، فإن الأريكة لا تسمح بحرية الحركة، ولا بالتقلب يمنة ويسرة، الأمر الذي يؤدي إلى كثرة الانزعاج، وبالتالي إلى جعل النوم المريح بعيد المنال.
إذا نمت على الأريكة من حين إلى آخر، واستيقظت على تيبُّسٍ وأوجاع وتشنجات في الكتفين ومناطق مختلفة من العمود الفقري، فإن هذه الأوجاع تتلاشى عادة على مدار اليوم، ولكنْ إذا اعتدت النوم على الأريكة، فقد يتسبب ذلك في حدوث تغيرات هيكلية في العمود الفقري، قد يترتب عليها وقوع أضرار طويلة الأمد.
-
قد يسبب آلاماً في الساق
لا توفر الأريكة المسافة المطلوبة لِمَدّ الساقين بالكامل خلال النوم، الأمر الذي يجبر النائم على اتخاذ وضعية يضطر فيها إلى لصق الساقين، وتدلي القدمين على حافة الأريكة، ما قد يؤدي إلى المعاناة من الوخز والتنميل والألم في الأطراف السفلية.
-
النوم على الأريكة غير آمن للرُّضَّع
إذا كنت تتشارك وطفلك النوم على الأريكة فحذارِ ثم حذارِ من هذا التصرف؛ لأن ضيق المساحة وانحشار الطفل يجعلان الطفل غير قادر على التنفس بشكل صحيح، ما يزيد من خطر تعرضه للاختناق والموت المفاجئ. وجدت الدراسات أن مخاطر الموت المفاجئ عند الرضيع الذي ينام وأهله على الأريكة أعلى بثماني مرات مقارنة بالرضيع الذي ينام مع والديه في السرير العادي.
-
عدم القدرة على مشاركة الغير
بما أن مساحة الأريكة محدودة وضيقة، فإنه من الصعب إن لم نقل من المستحيل، مشاركة أحد في النوم على الأريكة. إن وجود أكثر من شخص على الأريكة لا يسمح أبداً بالاستمتاع بالنوم.
هل النوم على الأريكة مفيد؟
أحياناً، قد تكون الأريكة هي الخيار الأكثر راحة للنوم في ظل بعض الظروف الصحية:
-
إذا كنت تعاني من الأرق
إذا كان الأرق يقض مضجعك، فإن النوم على الأريكة لبضع ليال قد يحدث تغييراً في المشهد، ويساعد العقل على ضبط إيقاعات النوم، ولكنْ حذارِ أن تعتاد النوم على الأريكة؛ لأنه قد يصعب عليك العودة إلى النوم في السرير. إذا كانت مرتبة سريرك غير مريحة وتطير النوم من عينيك، فإنه يتوجب عليك أن تشتري مرتبة جديدة.
-
إذا كنت تعاني من الرشح والإنفلونزا
كلنا يعرف ما يجلبه الرشح والإنفلونزا لصاحبه من أعراض مزعجة، أشهرها احتقان وسيلان الأنف والحمى، التي تؤجج عدم الشعور بالراحة عند النوم في السرير. قد يساعد الاستلقاء على الأريكة المغطاة بالمنسوجات الناعمة، مع رفع الرأس إلى مستوى أعلى من الصدر، في تخفيف احتقان الأنف، ومن ازدحام المفرَزات، الأمر الذي يبعث على الشعور بالراحة، ويعزز القدرةَ على النوم.
-
إذا كنت تشتكي من حالات طبية أخرى
إذا كنت تعاني من ارتداد المفرزات المعدية المريئية، أو من انقطاع التنفس أثناء النوم، أو من حرقة المعدة، فإن النوم على الأريكة مع رفع الرأس قد يساعد في تهدئة تلك الحالات الطبية.
هل يمكن النوم بشكل هانئ على الأريكة؟
رب قائل يدّعي أنه مضطر للنوم على الأريكة، لأن السرير غير مريح، أو لأن غرفة النوم غير مريحة، أو لأن الشريك المجاور يشخر. حسناً، إذا كنت تصر على النوم على الأريكة لسبب أو لآخر، فإننا نصحك أن تأخذ بالتعليمات الآتية، للحد من مخاطر الاستيقاظ المتكرر الذي يستفز الأعصاب:
- حاول أن تذهب إلى النوم في نفس الوقت من كل ليلة.
- حاول أن تمارس روتينًا ليليًا صحيًا، يتضمن مثلاً أخذ حمام دافئ، أو التمدد لبعض الوقت في جو خفيف الإضاءة، فهذا يعمل على ضبط الحالة المزاجية استعداداً لنوم جيد.
- حاول أن تتحكم في درجة حرارة الغرفة التي تنام فيها، لتكون أقل من 68 درجة فهرنهايت.
- حاول أن تتخذ وضعية مناسبة من شأنها أن تسهل الولوج إلى عالم النوم، وأن تنام ملء جفنيك طيلة الليل. يعدّ الاستلقاء على الظهر أفقيًا، مع دعم الرقبة بوسادة ثابتة ورفع الرأس قليلاً، هو الوضع الطبيعي المفضل للنوم.
- تعامل مع أريكتك كمرتبة من خلال تغطيتها بأغطية قطنية تسمح بعبور الهواء ومقاومة الرطوبة.
- استخدم وسائد خاصة للنوم عليها، لتوفر الدعم اللازم للرقبة، ولكن إياك أن تستعمل وسائد الأريكة، فهي غالباً ما تكون غير ملائمة.
- يجب عليك أن تزيل كل المصادر المشتتة للنوم، مثل: شاشات التلفاز، أو الحاسوب، أو الهاتف، أو الأضواء الساطعة والضوضاء، وغيرها.
- يجب أن تتجنب ممارسة أي جهد رياضي، أو تناول أي وجبة دسمة في الساعات الثلاث التي تسبق موعد النوم.
في المختصر
عزيزي القارئ، سواء نمت على الأريكة بقصد أو عن غير قصد، فإن هذا السلوك ليس بفكرة جيدة على الإطلاق إذا واظبت على ذلك كل ليلة، لأنه، وبكل بساطة، سيترك تداعيات صحية على عقلك وعلى جسمك، فالأريكة لا تؤمّن الاستقامة المطلوبة للجسم، وهي ليست بيئة مناسبة للحصول على نوم جيد من ناحية الكم والنوع، ناهيك عن المعاناة التي قد تكون في انتظارك عند الاستيقاظ أو بعده، مثل آلام وتصلب الرقبة والظهر والكتفين والوركين، من هنا، إذا داهمك سلطان النوم أثناء وجودك على الأريكة فلا تستسلم له، بل قاومه واذهب إلى فراشك، لأنه يظل المكان الأنسب الذي تنعم فيه بنوم مريح وجيد.
المصادر: