صحــــتك

جهاز جديد لعلاج السكري.. هل اقتربنا من البنكرياس الصناعي؟

خطوة أقرب إلى البنكرياس الصناعي في علاج السكري

وافقت هيئات مراقبة الأغذية والدواء في أميركا وأوروبا ونحو 60 دولة أخيراً على استخدام جهاز جديد لعلاج مرضى السكري من النوع الأول، يقترب أكثر قليلاً من عمل البنكرياس الطبيعي في تنظيم سكر الدم.

دور البنكرياس في تنظيم سكر الدم

تنظم خلايا خاصة في غدة البنكرياس مستويات السكر في الدم عن طريق إحساس هذه الخلايا بمستوى السكر في الدم، وإفراز هورمون الإنسولين إذا ارتفع سكر الدم، أو إفراز هورمون الغلوكاغون إذا انخفض سكر الدم. ويحدث مرض السكري عندما يحدث ضرر في غدة البنكرياس فيضطرب إفراز هذَين الهورمونَين. من المعروف أن هناك نوعَين من السكري: النوع الأول الوراثي الذي يحدث عادة عند الأطفال والشباب، والنوع الثاني الذي يتعلق بعوامل عديدة ويحدث عادة عند الكبار.

 

البنكرياس

 

يتراكم سكر الدم في كريات الدم الحمراء في ما يسمى "خضاب الدم السكري" عند مرضى السكري غير المنضبط. وينصح أن يكون خضاب الدم السكري (السكر التراكمي) أقل من 7 بالمئة لتجنب مضاعفات السكري وأضراره على الشرايين في الدماغ والعين والقلب والكلية والأطراف ...

ينصح جميع مرضى السكري، خاصة من النوع الأول، بضبط سكر الدم ضمن المستويات الطبيعية (أعلى من 80 مغ/دل، وأقل من 180 مغ/دل)، وضبط السكر التراكمي أقل من 7 بالمئة.

 

قيم سكر الدم الموصى بها للأصحاء ومرضى السكري

 

مصاعب السكري من النوع الأول

ضبط مستوى سكر الدم عند المصابين بالسكري من النوع الأول أصعب من النوع الثاني بسبب وجود نقص شديد في إفراز هورمون الإنسولين لديهم. ويتم علاجهم حالياً بإجراء قياسات سكر الدم عدة مرات كل يوم بجهاز وخز الإصبع، وإعطاء الجرعة المناسبة من الإنسولين عن طريق الحقن تحت الجلد بأقلام خاصة عدة مرات في اليوم أيضاً. ويسبب ذلك مصاعب عديدة للمريض وللأهل، خاصة عندما يكون المريض طفلاً. وقد يحتاجون لإجراء هذه القياسات وإعطاء الإنسولين في الليل، ما يسبب للمريض وللأهل مصاعب إضافية. كما يهدد مرضى السكري من النوع الأول بحدوث نوبات النقص الشديد في سكر الدم، والتي قد تؤدي إلى حالة من الإغماء والصدمة أحياناً، أو نوبات ارتفاع سكر الدم وحدوث ما يسمى بالإغماء السكري وأحمضاض الدم.

 

مضخة الإنسولين.. خطوة أولى

حدث تطور كبير خلال السنوات العشر الماضية في طريقة إعطاء الإنسولين عن طريق أقلام خاصة مجهزة بإنسولين معقم، معبأ بتركيز يجعل إعطاء الجرعة اللازمة سهلاً ودقيقاً. جهزت أقلام الإنسولين بإبر دقيقة جداً (قياس 31) بعد أن كان قياسها سابقاً نحو 25، وهو ما يقلل ألم الحقن إلى حد بعيد.

كما حدث تطور مهم آخر هو صنع مضخات الإنسولين التي يمكن حملها بما يشبه الهاتف المحمول، وتتصل بالجسم بإبرة صغيرة يمكن زرعها تحت الجلد لكي تعطى عن طريقها جرعة الإنسولين المناسبة دون حاجة إلى الحقن المتكرر في كل مرة نريد فيها إعطاء جرعة من الإنسولين للمريض (مرة إلى 3 مرات يومياً وربما أكثر). ويمكن تزويد خزان المضخة بكمية جيدة من الإنسولين بحيث تكفي المريض عدة أيام أو أكثر بحسب ما يستخدمه من هذا الدواء.

وفي خطوة ثانية نحو صنع بنكرياس صناعي تام، أضيف إلى بعض المضخات المتطورة خزان آخر يوضع فيه هورمون الغلوكاغون لحقنه عند اللزوم في حالات انخفاض السكر. وفي خطوة ثالثة، تمت برمجة مضخة الإنسولين لحساب الجرعة اللازمة من الإنسولين أو الغلوكاغون آلياً باستخدام برنامج كومبيوتر خاص بها يقوم بحساب الجرعة المناسبة استناداً إلى مستوى سكر الدم، وعمر المريض، ووزنه، وطوله، وكمية السكريات والنشويات التي تناولها المريض في الوجبة ... ولكن هذه المضخات الذكية ما زالت تحتاج إلى قياس سكر الدم، وتقدير كمية السكريات والنشويات في الوجبة، في هذه الأيام، تقدَّم هذه المعلومات إلى مضخة الإنسولين/الغلوكاغون يدوياً، أي يتم قياس سكر الدم بوخز الإصبع، وتقدير كمية السكريات والنشويات في الوجبة، وتبرمج هذه المعلومات يدوياً في المضخة.

 

حساسات قياس السكر، خطوة أخرى

استمر البحث العلمي على مدى أكثر من عشر سنوات مضت للتوصل إلى طريقة أسهل لقياس سكر الدم. وهناك أساليب عديدة أمكن التوصل إليها حتى الآن. وقد ثبت نجاح نوع من الحساسات التي يمكن وضعها في أعلى الذراع أو في منطقة البطن، وتقيس سكر الدم (تقيس في الحقيقة مستوى السكر في النسيج الدهني تحت الجلد) عن طريق إبرة لينة موصولة بها، ثم تبث قياساتها لاسلكياً إلى جهاز محمول يشبه الهاتف المحمول، أو إلى هاتف محمول مجهز ببرنامج خاص يتصل بالحساس (بطريقة Bluetooth). يمكن أن يستمر هذا النوع من الحساسات في قياس السكر بدرجة دقة مقبولة لفترة أسبوعين، وقد وافقت الهيئات الطبية في كثير من دول العالم على استعمال هذا النوع من حساسات قياس السكر. وهناك حساسات أكثر تطوراً قيد البحث، ربما يمكن استمرار عمل كل واحد منها فترة ستة أشهر كاملة.

 

خطوة أقرب إلى البنكرياس الصناعي

أمكن صنع وبرمجة مضخة إنسولين يمكنها أن تقرأ آلياً قياسات السكر التي يقيسها حساس مزروع يبث نتائج قياساته لاسلكياً إلى المضخة دون الحاجة إلى إدخال هذه المعلومة يدوياً. أي أصبحت مضخة الإنسولين تتصل لاسلكياً مع حساس قياس السكر، وتقوم بحساب جرعة الإنسولين اللازمة، وإعطائها للمريض عن طريق إبرة مزروعة في جسمه تحت الجلد وموصولة بالمضخة. يعتبر هذا الجهاز نوعاً من الحلقة المُغلقة الهَجينة التي صنعتها شركة الإلكترونيات الأميركية مترونيك، وأطلقت على الجهاز اسم مينيميد MiniMed 780G.

 

ما هي نتائج دراسة هذا الجهاز الجديد في ضبط السكر؟

نشرت نتائج دراسة جديدة في المجلة العلمية المعتمدة: لانست، في الأول من سبتمبر/ أيلول 2022، واعتمدت عليها الهيئات الطبية للموافقة على استخدام هذا الجهاز الجديد. أجريت الدراسة في 14 مركزا طبيا بفرنسا وبريطانيا وألمانيا، في الفترة من يوليو/ تموز 2020 إلى مارس/ آذار 2021. شارك في الدراسة 82 مريضاً من المصابين بالسكري من النوع الأول ممن بلغت أعمارهم أكبر من 18 سنة. تمت متابعة قياسات السكر والسكر التراكمي لديهم على مدى ستة أشهر. طبق الجهاز الجديد عند 41 مريضاً، بينما استخدم الباقون الطريقة المتبعة عادة في قياس سكر الدم بحساسات قياس السكر بشكل مستمر، وإعطاء الإنسولين يدوياً. كما تم تسجيل نوبات نقص السكر، وارتفاع السكر، واحمضاض الدم، والأعراض الجانبية.

السكر التراكمي: انخفض السكر التراكمي لدى المرضى الذين استخدموا المضخة الجديدة من متوسط قبل الدراسة بلغ 9% إلى متوسط بعد الدراسة بلغ 7.32%. بينما انخفض السكر التراكمي عند المرضى الذين استخدموا حقن الإنسولين اليدوية من 9.07% قبل الدراسة إلى 8.91% بعدها. وكان هذا الفرق مهماً من الناحية الإحصائية.

تمكن 27.8% من مرضى المضخة من تخفيض مستوى السكر التراكمي إلى أقل من 7%، بينما لم يتحقق ذلك عند أي مريض في مجموعة حقن الإنسولين المتكرر.

سكر الدم: انضبطت مستويات السكر لفترة أطول عند مرضى المضخة بين 70 إلى 180 مغ/دل في نحو 70% من الوقت، بينما تحقق هذا الضبط في 7% فقط من الوقت عند المرضى الذين استخدموا حقن الإنسولين المتكرر.

خلال فترة البحث، بلغ متوسط مستوى السكر عند مرضى المضخة 152.2 مغ/دل، بينما كان المتوسط عند مرضى حقن الإنسولين المتكرر 194.7 مغ/دل. وكانت حدوث ارتفاع السكر أقل في مجموعة مرضى المضخة من مجموعة حقن الإنسولين المتكرر. بينما لم يسجل فرق مهم بين المجموعتين في انخفاض السكر.

لم تحدث نوبات انخفاض شديد في سكر الدم، أو احمضاض الدم، أو مضاعفات شديدة في أي من المجموعتَين.

هل وصلنا إلى البنكرياس الصناعي؟

ليس بعد. هذه المضخة الجديدة مع حساسات قياس السكر المستمرة هي خطوة جيدة بالطبع، إلا أننا نحتاج إلى خطوات أخرى ومزيد من البحث العلمي قبل أن نتوصل إلى استخدام بنكرياس صناعي حقيقي، وذلك في النواحي التالية:

  • نحتاج إلى أن نضيف إلى المضخة: خزانا آخر وبرنامجا معلوماتيا لحقن الغلوكاغون.
  • نحتاج إلى تحسين دقة حساسات قياس السكر، وتطويل مدة صلاحيتها.
  • بعد تحقيق الخطوات السابقة، نحتاج إلى جعل المضخة، وربما حساسات قياس السكر أيضاً، قابلة للزرع داخل جسم الإنسان، ربما تحت الجلد في منطقة البطن، ولا تظل محمولة خارج الجسم، ومتصلة مع الجسم عن طريق إبر دقيقة، واتصال لاسلكي.

المصادر

Medtronic ADAPT study results published in The Lancet Diabetes & Endocrinology show improved glycemic control and treatment satisfaction among those using MiniMed™ 780G system¹, compared to insulin injections - Sep 1, 2022

New MiniMed Hybrid Closed Loop System Boosts Glucose Control in T1D | MedPage Today

آخر تعديل بتاريخ
02 فبراير 2023
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.