صحــــتك

دراسات جديدة حول نشأة جائحة كوفيد-19

نُشرت دراستان في المجلة العلمية الموثقة Science بتاريخ 26 يوليو/ تموز 2022 ترجّحان أن فيروس كورونا الجديد SARS-CoV2 الذي سبّب الجائحة العالمية من مرض كوفيد-19 (التي أدّت إلى وفاة أكثر من خمسة ملايين مريض على مدى سنتَين)، قد نشأ في سوق الحيوانات البرية الحية في مدينة ووهان بالصين، ولم ينشأ عن تسربٍ من مختبر أبحاث الفيروسات الموجود في تلك المدينة.

شارك في هاتَين الدراستَين عشرات الباحثين من مختلف دول العالم، ومن منظمة الصحة العالمية. اعتَمدَت الدراسة الأولى على المعلومات الوبائية المتوفرة حول الإصابات التي انتشرت في بداية الجائحة بمدينة ووهان في الفترة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 إلى فبراير/ شباط 2020. واعتَمدَت الدراسة الثانية على بحثِ البنية الوراثية للفيروسات في العينات الأولى من هذا المرض، ومقارنتها بفيروسات مشابهة في الحيوانات البرية الحية التي كانت تباع في سوق مدينة ووهان في تلك الفترة.

ما هي الأمراض التي تسببها فيروسات كورونا؟

فيروسات كورونا هي نوع من الفيروسات التي تتكون مادتها الوراثية من الحمض النووي RNA، مثل الأنفلونزا، المعروفة بكثرة تغيراتها وتحولاتها وطفراتها الوراثية. عرفت من هذه الفيروسات منذ السبعينيات 4 أنواع تسبب نزلات البرد العادية عند الإنسان.

في الفترة 2002-2004 ظهر فيروس كورونا SARS-CoV1 الذي سبب انتشاراً وبائياً لمرض التهاب تنفسي شديد في شرق آسيا وجنوبها، ولكنه كان ضعيف العدوى، وأدى لحدوث مرض تنفسي شديد ارتفعت فيه نسبة الوفيات (نحو 9 إلى 50 بالمئة من المصابين)، وربما أدت هذه الأسباب إلى أن انتشاره العالمي كان محدوداً في منطقة، ولم يسبب جائحة عالمية. ويرجح أن هذا الفيروس قد انتقل إلى الإنسان من أحد أنواع حيوان الوطواط.

في سنة 2012، ظهر التهاب تنفسي فيروسي شديد بدأ في المملكة العربية السعودية، ولم ينتشر بشكل واسع، وأدى أيضاً إلى نسبة وفيات عالية بلغت 35 بالمئة من المصابين. كان سبب هذا المرض هو الإصابة بفيروس كورونا من نوع MERS-CoV، ويرجح أن هذا الفيروس قد انتقل إلى الإنسان من الجَمل، ربما عن طريق نوع من حيوانات الوطواط.

في أواخر نوفمبر 2019، ظهر الفيروس الذي أطلق عليه اسم SARS-CoV2 والذي يسبب مرض كوفيد-19. ينتمي هذا الفيروس إلى نوع فيروسات كورونا. ووجد أن بنيته الوراثية قريبة من الفيروس SARS-CoV1، ولذلك أطلق على فيروس كورونا الجديد اسم: SARS-CoV2. اتصف هذا الفيروس بسرعة انتشاره، كما أنه يسبب مرضاً تنفسياً شديداً، ولكن نسبة الوفاة فيه أقل، فقد بلغت نحو 1 إلى 6 بالمئة من المصابين، كما كان سريع التحول والتغير في بنيته الوراثية، وربما ساعد كل ذلك على انتشاره في جائحة عالمية كانت شديدة التأثير على العالم صحياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً في الفترة 2020-2022. وما زلنا نعاني منها حتى الآن بظهور طفرات وراثية في متحورات جديدة بين فترة وأخرى، وإن كان تأثيرها أقل مما سبق بفضل زيادة المناعة في المجتمعات، وتحسن سبل الوقاية والعلاج.

نتائج الدراسة الوبائية الإحصائية

تم تحليل تسلسل الإصابات المثبتة مخبرياً بمرض كوفيد-19 في مدينة ووهان في الفترة من أول ديسمبر/ كانون الأول 2019 إلى فبراير/ شباط 2020. وربط ذلك بالبنية الوراثية للفيروسات المسببة لهذا المرض. تم تحديد وجود نسلَين لمتحولَين منفصلَين من هذا الفيروس في تلك الفترة، هما المتحول A والمتحول B، وأظهرت هذه الدراسة أن هذين الفيروسين المتحولَين قد ظَهرا في فترة متقاربة جداً (خلال أقل من شهر)، وانتقَلا من حيوانات برية (الوطواط غالباً) إلى الإنسان، واكتَسبا القدرة على الانتشار من إنسان لإنسان. كانت أول إصابة محددة اكتشفت عند الإنسان في 18 نوفمبر 2019، وكانت من النسل B. ويبدو أن المتحول A قد ظهر بشكل منفصل بعد ذلك بأسابيع قليلة (30 ديسمبر 2019). أظهرت الدراسة أيضاً:

  • من غير المحتمل أن فيروس كورونا الجديد SARS-CoV2 قد انتشر بشكل واسع في مدينة ووهان قبل نوفمبر 2019.
  • انتقل هذا الفيروس إلى الإنسان غالباً من حيوان أو من حيوانات برية حية متعددة، أهمها نوع من الوطاويط (نوع Rhinolophus).
  • تركز تجمع الحالات بشكل واضح حول سوق بيع الحيوانات البرية الحية في ووهان، ظهر هذا التركيز عند دراسة توزع 155 حالة مثبتة للإصابة بهذا المرض في تلك الفترة المبكرة من انتشاره.

نتائج دراسة البنية الوراثية للفيروسات الأولى

تبين بعد دراسة البنية الوراثية لفيروسات SARS-CoV2 التي تم اكتشافها بمدينة ووهان

في بداية الجائحة في الفترة من ديسمبر 2019 إلى فبراير 2020، وجود السلالتَين A و B فقط من فيروسات كورونا الجديد. تختلف هاتان السلالتَان بزوج واحد من الطفرات في بنيتها الوراثية. كانت الفيروسات A أقرب إلى الفيروسات الموجودة في الوطواط (من نوع Rhinolophus). إلا أن الفيروسات B كانت أسرع وأوسع انتشاراً عند الإنسان، خاصة في منطقة السوق بمدينة ووهان.

أظهرت نماذج الكومبيوتر في هذه الدراسة النتائج التالية:

  • أن ظهور وانتشار هذه الفيروسات لا يمكن أن ينشأ من سلالة واحدة، بل من سلالتَين على الأقل في وقت متقارب.
  • وأن السلالة B قد ظهرت أولاً عند الإنسان.
  • كما ظهر أن السلالة A لا يمكن أن تكون قد تطورت من السلالة B في الإنسان، والعكس صحيح. والأرجح هو ظهور كل من السلالتَين A و B بشكل منفصل، إنما متقارب، في حادثة نادرة جداً من انتقال الفيروسات الممرضة من الحيوان إلى الإنسان. وتم تفسير ذلك بوفرة التلامس والتعامل بين الحيوانات البرية الحية بعضها مع بعض ومع الإنسان في سوق ووهان.
  • أظهرت هاتان الدراستان المهمتان أنه من الأرجح أن انتقال هذه الفيروسات الجديدة من الحيوان إلى الإنسان قد حدث في سوق ووهان لبيع الحيوانات البرية الحية، ثم انتشرت بسرعة بين البشر، وسببت جائحة عالمية لمرض كوفيد-19، أدت إلى أضرار بالغة في الفترة 2020-2022. كما أظهرت أن احتمال تسرب فيروسات كورونا الجديد من مختبر أبحاث الفيروسات هو احتمال ضعيف جداً، لا يتفق مع ما وجدَته هاتان الدراسَتان في تركيز تجمع الإصابات بهذه الفيروسات الجديدة حول منطقة السوق بمدينة ووهان، وليس في منطقة مختبر الأبحاث. كما أن تنوع البنية الوراثية للفيروسات الأولى في الانتشار ينفي احتمال صدورها من منشأ واحد.

 

المصادر:

Studies Throw Cold Water on COVID 'Lab Leak' Theory | MedPage Today

The Huanan Seafood Wholesale Market in Wuhan was the early epicenter of the COVID-19 pandemic | Science

The molecular epidemiology of multiple zoonotic origins of SARS-CoV-2 | Science

آخر تعديل بتاريخ
23 أغسطس 2022
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.