يعتبر الأوكسجين غازا أساسيا لبقائنا على قيد الحياة، من هنا ضرورة أن يكون موجودا في أجسامنا بكميات كافية ووافية لكي تقوم الأعضاء المختلفة بوظائفها المنوطة بها على أفضل ما يرام. وعلى خطوط التماس الواقعة بين ملايين الحويصلات الهوائية في الرئتين والشعيرات الدموية المحيطة بها يتحرك غاز الأوكسجين المستنشق إلى مجرى الدم ليتم توزيعه بعدالة على مختلف أعضاء الجسم.
مستوى الأوكسجين الطبيعي والمنخفض في الدم
إن مستوى الأوكسجين في الدم، الذي يرمز له اختصارا في اللغة الإنكليزية بـSPO2، هو مقياس لكمية الأوكسجين التي تحملها كريات الدم الحمراء، ونظرا للأهمية القصوى لهذا المستوى، تتولى رادارات الجسم مراقبته عن كثب وتعمل على تنظيمه لكي يبقى ضمن النطاق الطبيعي الذي يسمح بتلبية احتياجات مختلف أنسجة الجسم، ويعد مستوى الأوكسجين في الدم مؤشرا على مدى جودة توزيع الجسم للغاز المذكور من الرئتين إلى الخلايا. ويتراوح مستوى الأوكسجين الطبيعي في الدم ما بين 75 و100 مليمتر زئبقي، ويتم قياس هذا المستوى بطريقتين:
1. الطريقة الأولى، فحص غازات الدم الشرياني
يُجرى هذا الفحص بأخذ عينة دم من أحد الشرايين يمكن من خلالها الاطلاع على مستويات غازات الدم ومن بينها مستوى غاز الأوكسجين. ويعتبر هذا الفحص مؤلما بعض الشيء وقد يخلف بعض الكدمات، ولكنه يمتاز بنتائجه الدقيقة. وينصح بتجنب رفع الأثقال لمدة 24 ساعة بعد إجراء سحب الدم.
2. الطريقة الثانية: مقياس التأكسج النبضي
وهو عبارة عن جهاز صغير يوضع على إصبع اليد أو إصبع القدم أو على شحمة الأذن، ويقوم هذا الجهاز بقياس مستوى الأوكسجين في الدم من خلال قياس مقدار الضوء المنعكس من الأشعة تحت الحمراء التي يطلقها الجهاز إلى الشعيرات الدموية.
ويعتبر مقياس التأكسج النبضي أقل دقة من طريقة فحص غازات الدم، إلا أنه يبقى وسيلة سهلة تسمح بإعطاء قراءة عاجلة عن مستوى الأوكسجين في الدم، ولكن لا بد من الأخذ في عين الاعتبار أن هناك نسبة خطأ على صعيد هذه القراءة قد تصل من 2 إلى 4 في المئة أعلى أو أقل من القراءة الحقيقية التي تعكس المستوى الفعلي للأوكسجين في الدم. عدا هذا، فإن هناك مجموعة من العوامل التي يمكن أن تؤثر على دقة قراءات مقياس التأكسج النبضي مثل البشرة الداكنة، وسماكة الجلد، وطلاء الأظافر، والكريمات الدهنية، والأيدي المتسخة، وضعف الدورة الدموية في الأطراف، والأضواء الساطعة، والإجهاد، والبرد، والتهيجات وغيرها.
ويعطي مقياس التأكسج النبضي قراءة آنية ومستمرة لمستوى الأوكسجين في الدم يمكن تفسيرها كالتالي:
- إذا وقع المستوى بين 95 و 100 في المئة فهو طبيعي.
- إذا كان المستوى أقل من 95 في المئة فيقال عنه أنه منخفض وغير طبيعي، وقد يتعرض الدماغ إلى الأذى إذا وصل المستوى إلى ما دون 80 إلى 85 في المئة. يتحول لون الجلد والأغشية المخاطية إلى الأزرق إذا هبط المستوى تحت 67 في المئة.
- إن قراءات مستوى الأوكسجين عند كبار السن الذين قطعوا عتبة العقد السابع من العمر، تكون أقل مقارنة بالبالغين الأصغر سنا والأطفال وهذا أمر طبيعي. في المقابل، فإن القراءات عند الرضع والأطفال الصغار تصل إلى 97 في المئة أو أكثر.
أسباب انخفاض مستوى الأوكسجين في الدم (نقص تأكسج الدم)
قد يحدث نقص تأكسج الدم لعدة أسباب هي:
- نقص الأوكسجين في الهواء.
- عدم قدرة الرئتين على استنشاق الأوكسجين وارساله إلى الخلايا والأنسجة.
- عدم قدرة الدم على الدوران إلى الرئتين لصيد الأوكسجين ونقله إلى كافة أنحاء الجسم.
هناك العديد من الحالات المختلفة التي يمكن أن تقود إلى انخفاض مستوى الأوكسجين في الدم تشمل:
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- داء الربو الشديد.
- فقر الدم.
- مرض الرئة الخلالي.
- التهاب الرئة.
- أمراض الرئة الانسدادية المزمنة.
- تليف الرئة.
- الصمامة الرئوية.
- استرواح الصدر.
- الإصابة بفيروس كورونا.
- متلازمة الضائقة التنفسية الحادة.
- الوذمة الرئوية.
- فقر الدم.
- بعض مسكنات الألم والأدوية المخدرة.
- متلازمة نقص التهوية.
- انقطاع النفس أثناء النوم.
- التسمم بالسيانيد.
- التواجد على ارتفاعات شاهقة.
- الاختناق.
- الغرق.
أعراض وعلامات انخفاض مستوى الأوكسجين في الدم
تشمل أعراض وعلامات انخفاض مستوى الأوكسجين في الدم ما يلي:
- الصداع.
- الأرق.
- الدوخة.
- الارتباك.
- الغيبوبة.
- عدم القدرة على التواصل.
- التعرق.
- ألم في الصدر.
- ضيق التنفس.
- السعال.
- تسارع أو تباطؤ في ضربات القلب.
- تسارع في وتيرة التنفس.
- ارتفاع ضغط الدم.
- تشوش الرؤية.
- ازرقاق الجلد والشفتين والأظافر والأغشية المخاطية.
كيف يعالج انخفاض مستوى الأوكسجين في الدم؟
إن علاج السبب الأساسي الذي أدى إلى انخفاض مستوى الأوكسجين في الجسم يجب أن يكون جوهر القصيد. قد يستطيع الطبيب إدارة مشكلة نقص مستوى الأوكسجين البسيط والمتوسط الشدة في العيادة، أو في المنزل باستعمال الأوكسجين المنزلي بناء على وصفة يحررها مقدم الرعاية الطبية. في المقابل، إذا كان انخفاض مستوى الأوكسجين في الدم شديدا فإنه يعد حالة طبية طارئة تتطلب علاجا عاجلا في المستشفى يشمل:
- إعطاء غاز الأوكسجين عن طريق أنبوب يثبت على الأنف أو بواسطة قناع يغطي الأنف والفم.
- قد يلجأ مقدم الرعاية إلى إعطاء أدوية الربو أو استخدام جهاز الاستنشاق لمساعدة المريض على التنفس.
- إعطاء الستيروئيدات أو المضادات الحيوية إذا لزم الأمر.
- قد يحتاج المريض في الحالات الشديدة من نقص الأكسجة إلى إعطاء الأوكسجين في غرفة الضغط العالي أو إلى استخدام جهاز التهوية الميكانيكي.
إجراءات مفيدة
تفيد الإجراءات التالية في رفع مستوى تشبع الدم بالأوكسجين وتساهم في التخفيف من وطأة أعراض نقص الأوكسجين في الدم:
- الإقلاع عن التدخين.
- تفادي التدخين السلبي.
- تحسن الصحة العامة واتباع نمط حياة صحي.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يزخر بالحبوب الكاملة والفواكه والخضروات.
- ممارسة الرياضة بانتظام.
متى تتصل بالطبيب؟
على المصابين الذين يشكون من الأعراض التالية الاتصال بمقدم الرعاية الطبية في الأحوال التالية:
- عند المعاناة من ضيق شديد ومفاجئ في التنفس.
- عند المعاناة من ضيق التنفس أثناء الراحة.
- عند المعاناة من ضيق التنفس الذي يزداد سوءا أثناء القيام بالمجهود الرياضي.
- عند الاستيقاظ فجأة مع ضيق في التنفس أو شعور بالاختناق.
- عند المعاناة من ضيق التنفس في الأعالي الشاهقة.
- إذا كنت تستعمل مقياس التأكسج النبضي في المنزل وكانت قراءة مستوى الأوكسجين 92 في المئة أو أقل.
ملحوظتان لا ثالثة لهما..
أولا..
في حال التسمم بأول أوكسيد الكربون، لا يمكن لمقياس التأكسج النبضي التفريق بين الهيموغلوبين المرتبط بالأوكسجين وذاك الذي يرتبط بأول أوكسيد الكربون، وهذا بالتالي ما يعطي انطباعا بأن تشبع الدم بالأوكسجين جيد في حين أن هذا ليس صحيحا.
ثانيا..
هناك فارق بين نقص تأكسج الدم Hypoxemia ونقص الأكسجة في الأنسجة Hypoxia، فالأول يشير إلى حالة نقص مستوى الأوكسجين في الدم الشرياني، في حين أن الثاني، يشير لنقص إمداد الأنسجة بالأوكسجين اللازم للعمليات الفيزيولوجية الحيوية. ويمكن لنقص تأكسج الدم أن يسبب نقص الأكسجة في الأنسجة، كما يمكن أن يصاب الشخص بالحالتين في نفس الوقت ولكن ليس دوما. وبشكل عام يمكن القول إن تعبير نقص الأوكسجين غالبا ما يستخدم لوصف الحالتين أي نقص الأوكسجين في الدم ونقص الأوكسجين في الأنسجة.
الخلاصة..
عندما يكون مستوى الأوكسجين في الدم أقل من الطبيعي، فإن أعضاء الجسم لن تعمل بشكل صحيح. يحدث نقص مستوى الأوكسجين في الدم لأسباب عديدة أبرزها الأمراض التي تؤثر على تدفق الدم والهواء الى الأعضاء والأنسجة المختلفة. يمكن أن يحدث نقص الأوكسجين في الدم بشكل عابر ولمدة وجيزة، أو قد يحدث لفترة طويلة تمتد لأشهر وسنوات، وربما، لا قدر الله، مدى الحياة. واعتمادا على السبب، قد يحتاج المصاب بنقص مستوى الأوكسجين في الدم إلى العلاج لمرة واحدة أو بشكل مستمر، ولكن، أيا كان السبب، فإن مقدم الرعاية الصحية سيبذل قصارى جهده لإدارة حالة المريض لكي يتمكن من العيش حياة صحية مليئة بالنشاط والحيوية.
المصادر:
Low and normal blood oxygen levels: What to know
Blood Oxygen Level
What Are Blood Oxygen Levels? Chart
Low and normal blood oxygen levels: What to know