من المتوقع أن توصي منظمة الصحة العالمية بتقليل فترة علاج الأطفال المصابين بالسل الخفيف لمدة شهرين، بمعنى يصبح من 6 أشهر إلى 4 أشهر، بعد أن وجدت تجربة عشوائية نتائج مماثلة للتعافي مع اتباع النظام الأقصر للعلاج.
ووجد فريق دولي من المحققين أن الدورة المختصرة للمضادات الحيوية المستخدمة لعلاج الأطفال المصابين بالسل لم تكن أقل فعالية أو أمانا من فترة العلاج التقليدي القياسية والتي تبلغ 6 أشهر. ووفرت في المتوسط 17.34 دولارًا لكل طفل، وهذه الأموال يمكن استخدامها للتخفيف من حصيلة السل، والتي يقدر أنها تصيب 1.1 مليون طفل في جميع أنحاء العالم كل سنة.
وتأتي هذه النتائج في الوقت الذي تتزايد فيه الوفيات الناجمة عن مرض السل نتيجة الانشغال بجائحة كوفيد 19، التي أعاقت الجهود المبذولة للعثور على المرضى وعلاجهم. وفي عام 2020، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، مات ما يقدر بنحو 1.5 مليون شخص بسبب السل، وهي أول زيادة سنوية في مثل هذه الوفيات منذ عام 2005.
تقليل فترة علاج السل يتيح فرصة للتعامل مع عبء المرض
يموت ما يقرب من ربع الأطفال المصابين بمرض السل، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم تشخيصهم، وفقًا للباحثين، الذين نشروا الدراسة يوم 9 مارس 2022 في مجلة نيو إنجلاند الطبية. والعلاج الأقصر "يترجم إلى توفير كبير جدًا في التكلفة يمكن استخدامه لتحسين الفحص والتشخيص لمعالجة فجوة الكشف عن الحالات الحالية"، كما قالت المشرفة على الدراسة الدكتورة آنا توركوفا من جامعة كوليدج لندن بالمملكة المتحدة.
وبالنسبة للدراسة، جمعت توركوفا وزملاؤها 1204 أطفال مصابين بالسل من أربعة بلدان- أوغندا وزامبيا وجنوب إفريقيا والهند- وتم تقسيمهم لمجموعتين: مجموعة تعالج لمدة أربعة أشهر ومجموعة أخرى تعالج لمدة ستة أشهر. وكلتا المجموعتين عولجت بأدوية الخط الأول ريفامبين وإيزونيازيد وبيرازيناميد وإيثامبوتول.
وكان المشاركون تتراوح أعمارهم بين شهرين إلى 15 عامًا وكان لديهم أعراض غير حادة في الرئة أو عدوى العقد الليمفاوية مع اختبار سلبي للطاخة البلغم. كما أصيب أحد عشر في المائة بفيروس نقص المناعة البشرية.
وبعد 18 شهرًا:
- عانى 16 مشاركًا في المجموعة التي تلقت العلاج المختصر مقارنة بـ 18 شخصا من مجموعة العلاج المعياري (6 أشهر) من نتائج غير مواتية، تُعرف بأنها فشل العلاج، أو تكرار الإصابة بالسل، أو الوفاة.
- عانى 47 شخصا من مجموعة العلاج المختصر و48 شخصا في مجموعة الـ 6 أشهر من أحداث سلبية شديدة أو مهددة للحياة، وأكثرها شيوعًا التهابات الصدر، مثل الالتهاب الرئوي، ومشاكل الكبد، أثناء العلاج أو حتى 30 يومًا بعد آخر جرعة.
إرشادات جديدة قريبا
تخطط منظمة الصحة العالمية لإصدار إرشادات جديدة وكتيب لإدارة السل لدى الأطفال والمراهقين في 24 مارس، اليوم العالمي لمكافحة السل، حسبما قال متحدث باسم لمنظمة. وقالت آنا ماندالاكاس، دكتوراه في الطب، ومديرة برنامج السل العالمي في كلية بايلور للطب، قسم طب الأطفال في تكساس: "إن النظام الأقصر لعلاج السل يجب أن يمكّن المزيد من الأطفال من إكمال علاج السل بنجاح، وأيضا هو مفيد لأنه قد يكون من الصعب إقناع الأطفال الصغار بتناول الأدوية على أساس منتظم لمدة 6 أشهر، وغالبًا ما يشعر الآباء بالإرهاق ويتخلون عن معركة محاربة السل وإكمال العلاج لأطفالهم".
ولاحظ ليو مارتينيز، عالم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن والذي يدرس مرض السل عند الأطفال، أن تحليل فعالية التكلفة للدراسة ينطبق فقط على تكاليف الرعاية الصحية. وقال إن العائلات غالباً ما تعاني مالياً من خلال فقدان الأجور، والنقل إلى مرافق الرعاية الصحية، وفقدان الوظائف، مما يؤجج دائرة الفقر والمرض في البلدان منخفضة الدخل.
وأشار بيان لمنظمة الصحة العالمية إلى أن أنظمة العلاج الطويلة يمكن أن تضيف سمية وخطر التفاعلات الدوائية للأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. أيضا، أظهرت دراسة نُشرت في NEJM في مايو الماضي أن 4 أشهر من المضاد الحيوي القوي ريفابنتين، جنبًا إلى جنب مع مضاد حيوي آخر، موكسيفلوكساسين، لم يكن أقل فعالية من نظام 6 أشهر القياسي في المرضى الذين تتراوح أعمارهم 12 عاما وما فوق. وأوضح البحث أن الدورات العلاجية الأقصر ستكون أرخص وأقل تعقيدًا، على الرغم من أن هذه التركيبة المعينة تشكل عقبات مثل مشكلات الالتزام والمقاومة البكتيرية المحتملة.
واتفق الخبراء على أن تحسين إجراءات التشخيص أمر بالغ الأهمية للحد بشكل كبير من وفيات الأطفال بسبب السل، وهي قضية قالت توركوفا إنه سيتم تناولها في كتيب منظمة الصحة العالمية القادم. ونظرًا لعدم وجود اختبار قياسي لمرض السل، ولأنه غالبًا ما تتداخل الأعراض مع حالات العدوى الأخرى، فقد وجد أن الفحص الواسع النطاق للأطفال في المنازل التي تم فيها تشخيص إصابة البالغين بالسل يحسن اكتشاف المرض.
وأضافت: "إن تدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وأدوات التشخيص سهلة التنفيذ، ومواد التدريب التي يمكن الوصول إليها على نطاق واسع حول التصوير الشعاعي للصدر في حالات السل في مرحلة الطفولة، يجب أن يحسن أيضًا اكتشاف الحالات وبدء العلاج".
المصدر