تحدث إساءة معاملة المسنين عندما يضرّ مقدم الرعاية أو شخص بالغ عن قصد بشخص كبير السن يبلغ من العمر 60 عاماً فما فوق، وهناك العديد من أشكال سوء المعاملة، منها الجسدية والجنسية والنفسية والمالية، كما يمكن أن تعني إساءة معاملة المسنين أيضاً إهمال الشخص المسن عن عمد إلى درجة تعرضه للأذى، مثل حجب الطعام أو الرعاية الطبية عنه، وطبعاً يمكننا المساعدة في منع أو إيقاف إساءة معاملة المسنين من خلال معرفة العلامات التي يجب مراقبتها، والتي سنتكلم عنها في هذا المقال.
ما هو سوء معاملة كبار السن؟
يعرّف تقرير مجموعة العمل مفهوم إساءة معاملة المسنين على أنه: "أي فعل، أو عدم التصرف، مما يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان للشخص الضعيف، أو الحريات المدنية، أو السلامة البدنية والعقلية أو الكرامة أو الرفاه العام، سواء كان مقصوداً أو من خلال الإهمال، بما في ذلك العلاقات الجنسية أو المعاملات المالية التي لا يوافق عليها بشكل صحيح، أو التي تكون مستغلة بشكل متعمد، وقد تتخذ الإساءة أشكالًا متنوعة".
وهذا يعني أن إساءة معاملة المسنين يمكن أن تحدث في المنزل، أو في دار لرعاية المسنين، أو في أي مكان عام، ويمكن أن يشمل أي نوع من الإساءات، سواء الجسدية والجنسية والعاطفية واللفظية والمالية، ضد شخص كبير السن، ومن المرجح أن تحدث إساءة معاملة المسنين عندما يعتمد شخص مسن على أشخاص آخرين في أنشطة المعيشة اليومية التي يحتاجها، مثل الأكل أو الاستحمام أو استخدام المرحاض أو ارتداء الملابس أو إدارة الأموال.
ما مدى شيوع سوء معاملة كبار السن؟
ليس هناك تأكيد لدى الخبراء عن مدى انتشار سوء معاملة المسنين، لأن العديد من ضحايا سوء معاملة المسنين قد لا يبلغون عنها أو قد لا يكونون على علم بها، وتشير الدراسات إلى أن إساءة معاملة المسنين قد تؤثر على شخص من بين كل 10 أشخاص كبار السن، ويعتبر الاعتداء العاطفي واللفظي والإيذاء المالي أكثر أنواع إساءة معاملة المسنين شيوعاً. وينتشر سوء معاملة المسنين من النساء أكثر من الرجال، كما أنّ النساء يتأثرن بسوء المعاملة أكثر من الرجال.
من يرتكب سوء معاملة كبار السن؟
من المرجح أن يأتي الإيذاء البدني من الشركاء (الأزواج) أو الأبناء أو غيرهم من أفراد الأسرة، وغالباً ما يرتكب سوء المعاملة المالية أفراد الأسرة والأصدقاء والجيران ومساعدو الرعاية الصحية المنزلية.. فالعيش مع فردٍ بالغ عاطل عن العمل أو لديه سجل من تعاطي المخدرات يثير خطر تعرض الشخص المسنّ للإساءة المالية.ومن المرجح أن يأتي الإيذاء العاطفي أو اللفظي أو الإهمال من مقدمي الرعاية للشخص المسن. أما الشخص الذي ينتهك حرمة شخص بالغ أكبر منه سناً من المرجح أن تكون لديه مشاكل صحية وعقلية، أو جسدية أو مشاكل مالية، أو سجل في استخدام المواد المخدرة، أو يعاني من ضغوط كبيرة.
ما هي الأشكال والعلامات التي يمكن أن تتخذها إساءة معاملة المسنين؟
هناك عدة أشكال من الإيذاء، يمكن العثور على أيٍ منها أو كلها نتيجة للنية المقصودة أو الإهمال أو الجهل.أولا: الإساءة النفسية؛ وتظهر إذا كان المسنّ
- يعاني من مشاعر اليأس أو العجز بسبب موقف أو سلوك الآخرين منه.
- يشعر بالخوف في سكنه.
- يشعر بالغضب ويبكي.
ثانيا: العلامات الدالة على الإساءة النفسية
- يصبح له سلوك غير عادي، مثل الاهتزاز أو العض أو الامتصاص (يُعتقد عادةً أنه من أعراض الخرف).
- يصبح منسحباً ولا يريد التحدث أو التفاعل مع أي شخص (ينكفئ على نفسه).
- تجد الكبير في السن في حالة من الاضطراب النفسي.
- يقول إنه يتعرض لسوء معاملة عاطفية ولفظية.
ثالثا: الإساءة من خلال الإهمال؛ وذلك إذا كان المسنّ
- يُترك لوحده لفترات طويلة عندما لا يستطيع التحرك بسهولة أو تحضير الوجبات بمساعدة الآخرين.
- يحرم من المساعدات التي يحتاجها، مثل النظارات، وأدوات السمع، وأطقم الأسنان وغيرها.
- مقيّد بسرير أو كرسي، ويعاني من إزعاج كبير لا يخفف عنه عند لفت انتباه شخص ما إليه.
- لا يتلقى السوائل الكافية للشرب أو الطعام لتناول الطعام.
- لا يتم تزويده بالملابس المناسبة للظروف الجوية.
- لا يتم غسل ملابسه عند الحاجة.
رابعا: العلامات الدالة على الإساءة من خلال الإهمال
- الظروف المعيشية السيئة (الأوساخ والبراغيث والفراش المتسخ والملابس، ورائحة الفراش مثل البول أو البراز، والملابس غير المناسبة والقمل).
- سوء النظافة، الجفاف، سوء التغذية، وبالنسبة لشخص طريح الفراش تجد قروح الفراش التي لا يتم علاجها.
- ظروف معيشية غير آمنة (لا توجد حرارة أو كهرباء أو ماء أو أسلاك مكشوفة).
- المشاكل الصحية التي لا يتم علاجها.
- يقول إنه يتعرض للإهمال.
خامسا: الإساءة المالية؛ وذلك إذا كان المسنّ
- يتم إنفاق أمواله من قبل شخص آخر لأشياء أخرى غير الفواتير، والملابس، والطعام.. إلخ.
- يشعر بالضغط للسماح لشخص آخر بالوصول إلى حساباته.
- يتخذ شخص آخر قرارات بشأن أمواله من دون التحدث معه.
- يصل شخص آخر إلى حساباته البنكية من دون إذنه الكامل.
- يشعر بالضغط لإعطاء المال لشخص آخر.
- يشعر بأنه فقد السيطرة على كل أمواله.
سادسا: العلامات الدالة على الإساءة المالية
للأسف يمكن ارتكاب عملية الاحتيال المالي في مجال الرعاية الصحية من قبل الأطباء وموظفي المستشفى وغيرهم من العاملين في مرافق الرعاية الصحية للمسنين، ويشمل ذلك:- أخذ مبالغ مرتفعة من المسنين لقاء خدمات عادية.
- خدعهم وأخذ الفواتير منهم مرتين لنفس الخدمة.
- تزوير مطالبات المعونة أو الرعاية الطبية.
- فرض رسوم على الرعاية التي لم تقدم.
سابعا: الإساءة البدنية؛ وذلك إذا كان المسنّ
- تم علاجه بشكل تقريبي، بحيث إن هذا العلاج قد ترك علامات أو كدمات على جسمه.
- يعامل بعنف مما تسبب في كسر في العظام أو غيرها من الإصابات.
- يعاني من الضرب، أو الدفع أو الركل أو القرص أو الحرق.
- قد ألحق به شخص ما أذى جسدي.
ثامنا: العلامات الدالة على الإساءة البدنية
- وجود وصفة دواء كبيرة تنفد بسرعة.. أو لا يتم تناول الدواء الموصوف (كأن تكون الزجاجة ممتلئة للغاية).
- وجود حروق على اليدين والقدمين، أو حزّ على الجلد يعني أن المسن قد تم ربطه أو تقييده.
- الإصابات التي تلتئم لم تتم معالجتها من قبل الطبيب أو الممرضة.
- عدم السماح للزوار برؤيته عندما يكون مقدم الرعاية غير موجود.
- التواء المفاصل المخلوعة (مثل الكتف)، والعظام المكسورة.
- علامات على الجسم، مثل الجروح، والجروح المفتوحة.
- عدم الرغبة في أن يكون وحيداً مع مقدم الرعاية.
- يقول إنه يتعرض للأذى الجسدي.
- التغيير المفاجئ في السلوك.
- كدمات وعيون سوداء.
- النظارات المكسورة.
تاسعا: العنف الجنسي؛ وذلك إذا كان المسنّ
- قد أجبره شخص ما على ممارسة الجنس معه دون موافقته.
- قد تعرّض لاعتداء جنسي من قبل شخص آخر.
عاشرا: العلامات الدالة على الإساءة الجنسية
- وجود كدمات حول الثديين أو الأعضاء التناسلية.
- الالتهابات المنقولة جنسيا أو النزيف المهبلي أو الشرجي.
- يخبر بأنه يتعرض للاعتداء الجنسي أو الاغتصاب.
- ملابس داخلية ممزقة أو ملطخة أو دموية.
- التهابات المسالك البولية المتكررة.
كيف يمكننا المساعدة في منع إساءة معاملة كبار السن؟
أولاً: إذا كنت من كبار السن
- ابق على اتصال مع أفراد عائلتك وجيرانك وأصدقائك؛ لإن العزوف عن التواصل مع الآخرين قد يزيد من خطر سوء المعاملة.
- لدينا جميعاً الحق في العيش في بيئة آمنة؛ فإذا كان أحد أفراد العائلة مسيئاً، ففكر في التحدث مع أفراد العائلة الآخرين أو الأصدقاء الذين تعتقد أنهم يمكن أن يساعدوك بدلاً عنه.
- اتصل بالشرطة إذا كنت تواجه خطراً مباشراً يهددك، ويمكن للشرطة المساعدة في وقف العنف، وتوصيلك بخدمات المجتمع الأخرى.
- في حالة حدوث سوء معاملة في مرفق رعاية طويلة الأجل، أبلغ عن ذلك إلى إدارة المنشأة بالإضافة إلى أفراد الأسرة، وإذا لم يستطع أي فرد من أفراد الأسرة المساعدة، فاتصل بأمين المظالم المعني بالرعاية طويل الأجل في المنشأة، والغرض من أمين المظالم هو أن يكون راعٍ ومساعد.
- خطط لمستقبلك المالي مع شخص موثوق به أو أشخاص موثوق بهم، وتأكد من أن أموالك في الأيدي الأمينة، وأخبر العائلة ومقدمي الرعاية والأطباء عن رغباتك في الرعاية الصحية.
- تكلم إذا حدثت إساءة في المنزل من قبل أي شخص، وحاول أن تكون شجاعاً للتحدث.
- كن نشيطاً اجتماعياً ولا تقضي الكثير من الوقت بمفردك.
ثانياً: إذا كنت تعرف أي شخص مسن ضحية لإساءة معاملة المسنين
- اطلب المساعدة من العائلة أو الأصدقاء أو المنظمات المجتمعية، وذلك بالتحدث إلى الطبيب أو غيره من المتخصصين في الرعاية الصحية.
- الاتصال وزيارة المسنّ قدر ما تستطيع؛ فإذا كان الشخص موجوداً في منشأة رعاية، فابقَ على اتصال مع الموظفين هناك، وقد ترغب أيضاً في القيام بزيارات مفاجئة.
- مراقبة علامات التحذير التي قد تشير إلى سوء المعاملة.
- التأكد من أن كبير السن يأكل بشكل صحيح ويتناول الأدوية المطلوبة، وقد لا يكون الشخص المسن الضعيف قادراً على التفكير بوضوح في رعايته أو الإبلاغ عن أي سوء معاملة يتعرض له.
- النظر في الحسابات المصرفية للشخص المسن وبيانات بطاقة الائتمان، بإذن منه، لمعرفة المعاملات غير المصرح بها دون علمه.
ماذا عليك أن تفعل إذا اشتبهت في سوء معاملة كبار السن؟
- إذا كان بإمكان الشخص الأكبر سناً التحدث، ابحث عن أية علامات على سوء المعاملة تراها مثل الكدمات، أو النشاط المالي غير العادي، أو الخوف من مقدمي الرعاية، وقم بتوثيق أي علامات على سوء المعاملة باستخدام الصور أو مقاطع الفيديو أو البيانات المكتوبة إن أمكن.
- يمكنك أيضاً الإبلاغ عن إساءة معاملة المسنين إلى وكالة خدمات حماية البالغين المحلية، وعلى غرار خدمات حماية الطفل، واستخدم الإنترنت للعثور على المساعدة في منطقتك، وإذا كان الشخص الأكبر سناً موجوداً في مرفق مثل دار لرعاية المسنين، فيمكنك الإبلاغ عن سوء المعاملة إلى أمين المظالم الذي تتمثل مهمته في حل النزاعات.
- اتصل بالشرطة أو الإسعاف إذا كان الشخص الأكبر سنا في خطر مباشر.
ما هي الآثار الصحية لإساءة معاملة كبار السن على المدى الطويل؟
معظم الجروح الجسدية تلتئم في الوقت المناسب، ولكن، أي نوع من سوء المعاملة يمكن أن يترك الشخص المعتدى عليه يشعر بالخوف والاكتئاب، في بعض الأحيان، تعتقد الضحية أن سوء المعاملة هو خطأ من جانبها، ويمكن أن تقترح وكالات خدمات الحماية مجموعات الدعم والمشورة التي يمكن أن تساعد الشخص المعتدى عليه في التئام الجروح العاطفية.وقد وجد الباحثون أن أي نوع من سوء معاملة كبار السن يمكن أن يقصّر من عمر الشخص، وبغض النظر عن أي مشاكل صحية أخرى قد تكون لديهم، وتشير الدراسات إلى أنه إذا كان لدى المسن أيضاً خرف (أو أية مشاكل خطيرة في التفكير والتذكر)، فإن خطر الوفاة المبكرة بعد سوء المعاملة يكون مرتفعاً.