كيف يتم تقديم العون لطالبي المساعدة من ذوي الميل المثلي؟ ما سأقدمه في مقالي هذا يهم كل من يعاني ويصارع ميوله المثلية، ويهم الأهل الذين قد يصدمون إذا اكتشفوا أن أحد أبنائهم يعاني من ميل مثلي، ويهم كل الأطباء بصفة عامة، والمتخصصين من الأطباء والمعالجين النفسيين، وسأتناول في المقال إجابات عن التساؤلات التي تشغل عقول كل هذه الفئات بدءا من: هل التغيير ممكن، ومرورا بكيف يحدث التغيير.
اقــرأ أيضاً
* هل التغيير ممكن؟
يقول د. نيكولاس كامينجس Nicolas Cummings، الرئيس السابق للجمعية النفسية الأميركية APA: "لم أر واحدا ولا أثنين ولا ثلاثة، بل المئات الذين تمكنوا من التغيير، ومارسوا حياة سويّة سعيدة".
وفي الحقيقة إن لفظة "تغيير" قد لا تبدو دقيقة، فإن نوازع السلوك البشري متواجدة في كافة البشر، وبحسب سلوكياتنا، فإننا نقوي أو نثبط النوازع المرغوبة أو المرفوضة، ولذلك فالمصطلح الأدق هو "استعدال" الميول. وبحسب دراسة سبيتزر، وآراء غيره من المختصين وشهادات الواقع، فإن الميول الجنسية ليست صلبة، وإنما قابلة للتغيير تبعاً لنمط الحياة والسلوك المتبع.
* الخروج رجلاً
لو أردنا أن نلخّص المنهج الذي أثبت نجاحه في استعدال الميول المثلية، فإن الكلمة المناسبة هي "الخروج رجلا"، حيث يتلخص المنهج في الخروج من الخزي، والنمو في الرجولة كمحورين للشفاء. ومهما اختلفت برامج التعافي فإنها ينبغي أن تهتم ببناء ثلاثة أركان:
- تسديد الاحتياجات.
- شفاء الإساءات.
- بناء الرجولة عن طريق تأكيدها في الداخل وممارستها في الخارج.
وهذا النمط من العلاج مبني على نظرية العلاج الإصلاحي، والتي ترى أن الميول المثلية في حقيقتها هي محاولة إصلاحية غير واعية، ولذلك يعرض البرنامج العلاجي الإصلاحي حلاً للمشكلة من جذورها، أكثر من تعامله مع الأثر الظاهر على السطح في شكل الميول.
* مناهج المساعدة
النقطة المحورية في العلاج هي ألا تكون الميول المثلية محور الاهتمام، وإنما النظر إليها على أنها عرض قد يستمر لمرض يمكن شفاؤه، وهذه نقطة هامة حتى نتكلم من وحي الخبرة الجمعية وليس التنظير فقط، والأساس النظري هنا أن الميول الجنسية (بدون فعل) هي نوع من المشاعر، ومن المسلّم به أن المشاعر غير خاضعة للتحكم والسيطرة، وإنما قابلة للقيادة، من خلال النظر خلف محركات هذه المشاعر، والتي كانت محور مقالة العرض النظري، مع توجيه المعالج لوعي العميل بعيداً عن ركن الميول التي انحصر فيها، وذلك لعدة أسباب:
أوّلها أنه في الحقيقة وبعد مدة من العلاج لن يصبح للمشاعر المثلية نفس السلطة والأذى إذا ما تم شفاء الجرح النازف تحتها.
وثانياً لأنه لا مجال للمدح والذم في ما لا يخضع للتحكم المباشر، وهذا شأن المشاعر؛ فالمشاعر بطبيعتها غير قابلة للحكم الأخلاقي.
وثالثاً لأن رؤية السمات المثيرة، وما يتبعها من تحفيز الميول، وما يتبع ذلك من تخيلات أو سلوك يتبع نظرية التعلم والتعلم المتسلسل للمدرسة السلوكية تماماً كرؤية المدمن للمخدر وما يتبعها من مشاعر الاشتياق ثم التعاطي، وكلما ازداد فهم المعالج والعميل لذلك كلما تحسنت النتائج.
اقــرأ أيضاً
* والمأزق الذي يعطل العلاج هو عندما يتبع المعالج عميله ويتوجه كل جهده لتفادي الميول، والتي ليست سوى عرض لمشكلة حقيقية تحتها ترسل بالمزيد، وكثير من العملاء تكون حياتهم متعثرة ومحاصرون داخل حفرة الميول، والأزمة أن يسقط المعالج معه فيها.
* تقنيات العلاج
أما من جهة العلاج الفعلي، فهناك المئات من تقنيات العلاج وطرق التدخّل النفسي التي يمكنها المساعدة، بعضها عام وسيتوجّه لكل نقطة تم شرحها في الجزء النظري على حدة، وبعضها في شكل منهج مفصّل للجنسية المثلية بشكل خاص كالعلاج الإصلاحي لچوزيف نيكولوسي، وعلاج الاحتياجات لريتشارد كوهين.
ويدور العلاج الناجح حول ثلاث نقاط محورية:
الأولى فهم المعالج لطبيعة المشكلة، وهو ما قمت بإيجازه في المقالة الأولى.
النقطة الثانية هي إيمان المعالج بقدرة عميله على تحقيق الشفاء، وهي نقطة لا تقل أهمية عن الأولى.
والثالثة دافعية العميل للتعافي والتي لا بد أن يوليها المعالج أهمية قصوى ويقوم بتعزيزها على مدار مشوار العلاج وخلال جميع مراحله.
لكن بغض النظر عن تقنية العلاج المستخدمة في تقديم العون، فهناك بنية علاجية أساسية من الفهم والقبول والدعم لا بد أن تتواجد لدى المعالج، ولا بد أن يكون لدى المعالج ما يمكن تسميته بنية شفاء العميل، والإيمان بقدرته على اجتياز الطريق. إن تصديق الآخرين فينا يحملنا لصنع آيات وعجائب لم تكن بمقدورنا، وكما شرحت في البناء النظري فإن الاحتياجات التي يحتاجها العميل يتم إشباعها من خلال العلاقة العلاجية بوصفها تجربة مصححة، وخبرة شافية.
* شفاء الإساءة
ينبغي أن يتضمن المنهج العلاجي كشفا وتحريرا للإساءات القديمة، والتعامل معها بتقنيات علاج الصدمات المتبعة، ولا تعتبر الإساءة الجنسية مكونا شرطيا في الجنسية المثلية، لكنها موجودة في ثلثي الحالات تقريباً، ومتى كانت في تاريخ العميل فينبغي توجيه العلاج لمشاعر الخزي المرتبطة بها متى وجدت.
* دور المدرسة المعرفية السلوكية
يكمن دور الشق المعرفي في تعزيز الدافعية وتصحيح المعتقدات الراسخة، من ضعف القيمة وجذور الرفض وغيرها. بينما يلعب الشق السلوكي دوراً هاماً، ففي كثير من الأحيان يكون لدى المتعافي إدمان سلوكي، وهو كما شرحت نوع من التعلم والربط بين مثير معين واستجابة محددة، ويكون التعامل هنا بتقنيات المدرسة السلوكية المعروفة، كالتعامل مع أي حالة إدمانية، وقد يكون تحقيق فترة كافية من الامتناع التام عن الاستجابة الجنسية مطلوباً، وكثيراً ما استعنت بزمالة مدمني الجنس المجهولين لتحقيق ذلك، ولتحقيق احتياج الانتماء والقبول أيضاً.
ويمكن استعمال تقنيات إزالة الحساسية والغمر أيضاً في التعامل مع التوجس تجاه الجنس نفسه، والحالة التي وصفها چوزيف في رسالته من الشعور بعدم الارتياح واللانتماء إلى بيئته من جنسه. وأنا أحب تسميتها بالغمر داخل الرجولة.
اقــرأ أيضاً
* علاج الجرح الديني
يعاني الكثير من ذوي الميول المثلية من جرح عميق في علاقتهم بالله، سببه صورة الله كما عرفوها، وتعامل بيئة المتدينين معهم، وليس ذلك في البيئة العربية فقط بل هي حالة شبه عامّة، ويكون انتباه دعم التوازن الروحي والتعبّدي، ورؤية الله كقوة داعمة ضرورياً لاستكمال ودعم مسيرة التعافي واستعدال الميول. وتفيد تقنيات مدرسة العلاج بالمعنى هنا، لمساعدة العميل على رؤية المعنى داخل معاناته.
وأهم ما يحتاج إليه كل من المعالج والعميل هو الصبر، الصبر على إزالة نمط كامل من الحياة واستبدال نمط جديد، بما في ذلك من رؤية جديدة للنفس والعالم والحياة.
* هل التغيير ممكن؟
يقول د. نيكولاس كامينجس Nicolas Cummings، الرئيس السابق للجمعية النفسية الأميركية APA: "لم أر واحدا ولا أثنين ولا ثلاثة، بل المئات الذين تمكنوا من التغيير، ومارسوا حياة سويّة سعيدة".
وفي الحقيقة إن لفظة "تغيير" قد لا تبدو دقيقة، فإن نوازع السلوك البشري متواجدة في كافة البشر، وبحسب سلوكياتنا، فإننا نقوي أو نثبط النوازع المرغوبة أو المرفوضة، ولذلك فالمصطلح الأدق هو "استعدال" الميول. وبحسب دراسة سبيتزر، وآراء غيره من المختصين وشهادات الواقع، فإن الميول الجنسية ليست صلبة، وإنما قابلة للتغيير تبعاً لنمط الحياة والسلوك المتبع.
* الخروج رجلاً
لو أردنا أن نلخّص المنهج الذي أثبت نجاحه في استعدال الميول المثلية، فإن الكلمة المناسبة هي "الخروج رجلا"، حيث يتلخص المنهج في الخروج من الخزي، والنمو في الرجولة كمحورين للشفاء. ومهما اختلفت برامج التعافي فإنها ينبغي أن تهتم ببناء ثلاثة أركان:
- تسديد الاحتياجات.
- شفاء الإساءات.
- بناء الرجولة عن طريق تأكيدها في الداخل وممارستها في الخارج.
وهذا النمط من العلاج مبني على نظرية العلاج الإصلاحي، والتي ترى أن الميول المثلية في حقيقتها هي محاولة إصلاحية غير واعية، ولذلك يعرض البرنامج العلاجي الإصلاحي حلاً للمشكلة من جذورها، أكثر من تعامله مع الأثر الظاهر على السطح في شكل الميول.
* مناهج المساعدة
النقطة المحورية في العلاج هي ألا تكون الميول المثلية محور الاهتمام، وإنما النظر إليها على أنها عرض قد يستمر لمرض يمكن شفاؤه، وهذه نقطة هامة حتى نتكلم من وحي الخبرة الجمعية وليس التنظير فقط، والأساس النظري هنا أن الميول الجنسية (بدون فعل) هي نوع من المشاعر، ومن المسلّم به أن المشاعر غير خاضعة للتحكم والسيطرة، وإنما قابلة للقيادة، من خلال النظر خلف محركات هذه المشاعر، والتي كانت محور مقالة العرض النظري، مع توجيه المعالج لوعي العميل بعيداً عن ركن الميول التي انحصر فيها، وذلك لعدة أسباب:
أوّلها أنه في الحقيقة وبعد مدة من العلاج لن يصبح للمشاعر المثلية نفس السلطة والأذى إذا ما تم شفاء الجرح النازف تحتها.
وثانياً لأنه لا مجال للمدح والذم في ما لا يخضع للتحكم المباشر، وهذا شأن المشاعر؛ فالمشاعر بطبيعتها غير قابلة للحكم الأخلاقي.
وثالثاً لأن رؤية السمات المثيرة، وما يتبعها من تحفيز الميول، وما يتبع ذلك من تخيلات أو سلوك يتبع نظرية التعلم والتعلم المتسلسل للمدرسة السلوكية تماماً كرؤية المدمن للمخدر وما يتبعها من مشاعر الاشتياق ثم التعاطي، وكلما ازداد فهم المعالج والعميل لذلك كلما تحسنت النتائج.
* والمأزق الذي يعطل العلاج هو عندما يتبع المعالج عميله ويتوجه كل جهده لتفادي الميول، والتي ليست سوى عرض لمشكلة حقيقية تحتها ترسل بالمزيد، وكثير من العملاء تكون حياتهم متعثرة ومحاصرون داخل حفرة الميول، والأزمة أن يسقط المعالج معه فيها.
* تقنيات العلاج
أما من جهة العلاج الفعلي، فهناك المئات من تقنيات العلاج وطرق التدخّل النفسي التي يمكنها المساعدة، بعضها عام وسيتوجّه لكل نقطة تم شرحها في الجزء النظري على حدة، وبعضها في شكل منهج مفصّل للجنسية المثلية بشكل خاص كالعلاج الإصلاحي لچوزيف نيكولوسي، وعلاج الاحتياجات لريتشارد كوهين.
ويدور العلاج الناجح حول ثلاث نقاط محورية:
الأولى فهم المعالج لطبيعة المشكلة، وهو ما قمت بإيجازه في المقالة الأولى.
النقطة الثانية هي إيمان المعالج بقدرة عميله على تحقيق الشفاء، وهي نقطة لا تقل أهمية عن الأولى.
والثالثة دافعية العميل للتعافي والتي لا بد أن يوليها المعالج أهمية قصوى ويقوم بتعزيزها على مدار مشوار العلاج وخلال جميع مراحله.
لكن بغض النظر عن تقنية العلاج المستخدمة في تقديم العون، فهناك بنية علاجية أساسية من الفهم والقبول والدعم لا بد أن تتواجد لدى المعالج، ولا بد أن يكون لدى المعالج ما يمكن تسميته بنية شفاء العميل، والإيمان بقدرته على اجتياز الطريق. إن تصديق الآخرين فينا يحملنا لصنع آيات وعجائب لم تكن بمقدورنا، وكما شرحت في البناء النظري فإن الاحتياجات التي يحتاجها العميل يتم إشباعها من خلال العلاقة العلاجية بوصفها تجربة مصححة، وخبرة شافية.
* شفاء الإساءة
ينبغي أن يتضمن المنهج العلاجي كشفا وتحريرا للإساءات القديمة، والتعامل معها بتقنيات علاج الصدمات المتبعة، ولا تعتبر الإساءة الجنسية مكونا شرطيا في الجنسية المثلية، لكنها موجودة في ثلثي الحالات تقريباً، ومتى كانت في تاريخ العميل فينبغي توجيه العلاج لمشاعر الخزي المرتبطة بها متى وجدت.
* دور المدرسة المعرفية السلوكية
يكمن دور الشق المعرفي في تعزيز الدافعية وتصحيح المعتقدات الراسخة، من ضعف القيمة وجذور الرفض وغيرها. بينما يلعب الشق السلوكي دوراً هاماً، ففي كثير من الأحيان يكون لدى المتعافي إدمان سلوكي، وهو كما شرحت نوع من التعلم والربط بين مثير معين واستجابة محددة، ويكون التعامل هنا بتقنيات المدرسة السلوكية المعروفة، كالتعامل مع أي حالة إدمانية، وقد يكون تحقيق فترة كافية من الامتناع التام عن الاستجابة الجنسية مطلوباً، وكثيراً ما استعنت بزمالة مدمني الجنس المجهولين لتحقيق ذلك، ولتحقيق احتياج الانتماء والقبول أيضاً.
ويمكن استعمال تقنيات إزالة الحساسية والغمر أيضاً في التعامل مع التوجس تجاه الجنس نفسه، والحالة التي وصفها چوزيف في رسالته من الشعور بعدم الارتياح واللانتماء إلى بيئته من جنسه. وأنا أحب تسميتها بالغمر داخل الرجولة.
* علاج الجرح الديني
يعاني الكثير من ذوي الميول المثلية من جرح عميق في علاقتهم بالله، سببه صورة الله كما عرفوها، وتعامل بيئة المتدينين معهم، وليس ذلك في البيئة العربية فقط بل هي حالة شبه عامّة، ويكون انتباه دعم التوازن الروحي والتعبّدي، ورؤية الله كقوة داعمة ضرورياً لاستكمال ودعم مسيرة التعافي واستعدال الميول. وتفيد تقنيات مدرسة العلاج بالمعنى هنا، لمساعدة العميل على رؤية المعنى داخل معاناته.
وأهم ما يحتاج إليه كل من المعالج والعميل هو الصبر، الصبر على إزالة نمط كامل من الحياة واستبدال نمط جديد، بما في ذلك من رؤية جديدة للنفس والعالم والحياة.