هل أنا مدمن؟ ما هو الإدمان؟ هل الإدمان مقتصر فقط على تعاطي المواد المخدرة؟ وماذا عن السلوكيات التي يدمنها البعض، مثل المقامرة أو مشاهدة الأفلام الإباجية أو الاستمناء؟ ما هي الدوافع الإنسانية التي تدفع البعض لإدمان العقاقير أو إدمان سلوك ما؟
* الإدمان كظاهرة إنسانية
واحدة من أخطر الظواهر التي تواجه الإنسان هي ظاهرة الإدمان، ولكن ومن أجل حل جذري لهذه المعضلة، لا بد من فهم أعمق لها. فدعونا نضع ما نعرفه عن الإدمان جانباً، ونفتح أذهاننا لاختبار معنى آخر له بوصفه نزوعا بشريا طبيعيا، تحكمه غريزة البقاء وقوى التسامي.
يعتبر خانزيان من أوائل الذين أشاروا إلى البعد الإنساني للإدمان، والدوافع التي تدفع بالشخص لسلوك نمط إدماني والاستمرار فيه، ووضع نظريته في مداواة الذات، حيث يلجأ الفرد إلى السلوك الإدماني للتخلص من ضغط نفسي يصعب مواجهته بالنسبة إليه. فإما أن يقوم بتغييب عقله أو الانسحاب إلى داخل دائرة السلوك عن البيئة الضاغطة.
* صور مختلفة للإدمان
لا شك أن إدمان العقاقير والكحول هي صور خطرة وموصومة من المجتمع، إلا أنها ليست الصور الوحيدة للإدمان؛ فهناك إدمان العمل وإدمان الدين [التدين المرضي] وإدمان المخاطرة، وإدمان الأكل، وإدمان الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وإدمان الجنس والاستمناء، وغيرها من صور الإدمان التي لا ينتبه لها المجتمع بل ويشجع عليها أحياناً، وهي تدخل ضمن دائرة السلوكيات الإدمانية.
* من هو المدمن إذاً؟
المدمن هو شخص منخرّط في سلوك قهري وفاقد للسيطرة على التوقف عنه، بالرغم من محاولته ذلك وبالرغم من علمه بعواقب سلوكه السيئة. وفقدانه السيطرة هو شرط رئيس للتعريف بالرغم من كونه هو آخر ما يود المدمن أن يعترف به.
* لماذا يختار الفرد السلوك الإدماني؟
تشير الأبحاث إلى وجود استعدادات وراثية مؤكدة للانخراط في بعض أنواع الإدمانات، كالكحول على سبيل المثال، ولكن يبقى عامل الإرادة الحرّة والبيئة المحيطة يلعبان دورهما المحوري في توجيه سلوك الفرد. وهناك عوامل يجذب بها السلوك الإدماني أفراده للانخراط فيه، ومنها:
- الرغبة في السيطرة
في الحقيقة نحن لا يمكننا ضبط الظروف، ولا نظم إيقاع الحياة. ولذا فكل محاولة سيطرة تنتهي بصورة أو بأخرى بتجربة إدمانية. والأشخاص الذين يقعون تحت قهر البيئة المحيطة ويشعرون بالرفض أو الدونية قد يلجأون إلى واحدة من السلوكيات الإدمانية، كمحاولة للسيطرة على المحيط، أو الشعور بالقدرة الكافية للقيام بذلك.
- محاولة الهروب
لا أحد يرغب في مرافقة الألم والمعاناة، لكننا نختلف في طرق تعاملنا معه، هنا يلجأ المدمن إلى المخدر للهروب من المعاناة، قد تعني المعاناة هنا الوحدة، أو إساءة غير قادر على دفعها، أو ظروفا معيشية ضاغطة وهكذا.
- الرغبة في مداواة الذات
وهذه أبرز مميزات نظرية خانزيان، وهي أن الإدمان نوع من مداواة الذات، ومحاولة من محاولات التعويض، يقول أحدهم: لقد كنت أشعر بالنقص وبالدونية وعدم الكفاءة، كنت أعاني من الرهاب الاجتماعي وعدم القدرة على القيادة، كل ذلك تلاشى في السنوات الأولى للإدمان، فبعد أن أتناول المخدر يرتفع تقديري للذات وقدرتي على المواجهة والمقاومة.
المراهق الذي يدمن على المقاطع الإباحية قد يجد فيها مداواة لمشاعر النقص وعدم الكفاءة التي تنتاب المراهقين عادة وتتفاقم مع سبل التربية غير الصحية، فهو مع تلك المقاطع يختار ما يشاء وقتما يشاء وتعطيه نوعا من التحكم والإدارة. قل مثل هذا مع إدمان الاستمناء حيث يلجأ المدمن إلى الاستمتاع الذاتي حين يفقد الاستمتاع والإشباع من الآخرين، ومما لا يخفى على المتعاملين مع القضية أن الانسحاب الاجتماعي يصحب الإدمان سبباً ونتيجة!
والشاب الذي يدمن على السيجارة أو الطعام، يجد فيها الصاحب الذي لا يمتنع عنه، والرفيق الذي لا يمل منه، والأنيس الذي "يشغل عليه وحدته" ويخرجه منها، "يغبش على وحدته" بين سحابة الدخان، أو يدفنها بين أكياس الطعام.
وأخيرا
لا تنتهي السلسلة هنا، بل هناك العديد من السلوكيات كتلك التي أشرنا إليها والتي يصدق عليها تعريف الإدمان كإدمان الشراء، وإدمان القمار، وإدمان الألعاب الإلكترونية. وهناك نوعان من الإدمان، وهما الإدمان النفسي [أو الارتباط الشرطي] والإدمان الكيميائي، وهو الذي تتأثر فيه كيمياء الدماغ بالمادة المخدرة، وفي المقالة التالية نتناول كلا النوعين، ومحفزات الإدمان وأشياء أخرى.
اقرأ أيضا:
هل أنت مدمن؟
10 طرق لمنع المراهقين من التدخين
إدمان العقاقير يهدد الحياة.. الأمل في العلاج (ملف)
المصادر
١- خانزيان إدوارد، أستاذ الطب النفسي بجامعة هارڤارد، ومؤسس نظرية مداواة النفس لتفسير الإدمان. في كتابه معالجة الإدمان كعملية إنسانية treating addiction as a human process.
٢- الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية والعقلية، الاضطرابات المتعلقة بالعقاقير، النسخة الخامسة، بتصرّف.
* صور مختلفة للإدمان
لا شك أن إدمان العقاقير والكحول هي صور خطرة وموصومة من المجتمع، إلا أنها ليست الصور الوحيدة للإدمان؛ فهناك إدمان العمل وإدمان الدين [التدين المرضي] وإدمان المخاطرة، وإدمان الأكل، وإدمان الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وإدمان الجنس والاستمناء، وغيرها من صور الإدمان التي لا ينتبه لها المجتمع بل ويشجع عليها أحياناً، وهي تدخل ضمن دائرة السلوكيات الإدمانية.
* من هو المدمن إذاً؟
المدمن هو شخص منخرّط في سلوك قهري وفاقد للسيطرة على التوقف عنه، بالرغم من محاولته ذلك وبالرغم من علمه بعواقب سلوكه السيئة. وفقدانه السيطرة هو شرط رئيس للتعريف بالرغم من كونه هو آخر ما يود المدمن أن يعترف به.
* لماذا يختار الفرد السلوك الإدماني؟
تشير الأبحاث إلى وجود استعدادات وراثية مؤكدة للانخراط في بعض أنواع الإدمانات، كالكحول على سبيل المثال، ولكن يبقى عامل الإرادة الحرّة والبيئة المحيطة يلعبان دورهما المحوري في توجيه سلوك الفرد. وهناك عوامل يجذب بها السلوك الإدماني أفراده للانخراط فيه، ومنها:
- الرغبة في السيطرة
في الحقيقة نحن لا يمكننا ضبط الظروف، ولا نظم إيقاع الحياة. ولذا فكل محاولة سيطرة تنتهي بصورة أو بأخرى بتجربة إدمانية. والأشخاص الذين يقعون تحت قهر البيئة المحيطة ويشعرون بالرفض أو الدونية قد يلجأون إلى واحدة من السلوكيات الإدمانية، كمحاولة للسيطرة على المحيط، أو الشعور بالقدرة الكافية للقيام بذلك.
- محاولة الهروب
لا أحد يرغب في مرافقة الألم والمعاناة، لكننا نختلف في طرق تعاملنا معه، هنا يلجأ المدمن إلى المخدر للهروب من المعاناة، قد تعني المعاناة هنا الوحدة، أو إساءة غير قادر على دفعها، أو ظروفا معيشية ضاغطة وهكذا.
- الرغبة في مداواة الذات
وهذه أبرز مميزات نظرية خانزيان، وهي أن الإدمان نوع من مداواة الذات، ومحاولة من محاولات التعويض، يقول أحدهم: لقد كنت أشعر بالنقص وبالدونية وعدم الكفاءة، كنت أعاني من الرهاب الاجتماعي وعدم القدرة على القيادة، كل ذلك تلاشى في السنوات الأولى للإدمان، فبعد أن أتناول المخدر يرتفع تقديري للذات وقدرتي على المواجهة والمقاومة.
المراهق الذي يدمن على المقاطع الإباحية قد يجد فيها مداواة لمشاعر النقص وعدم الكفاءة التي تنتاب المراهقين عادة وتتفاقم مع سبل التربية غير الصحية، فهو مع تلك المقاطع يختار ما يشاء وقتما يشاء وتعطيه نوعا من التحكم والإدارة. قل مثل هذا مع إدمان الاستمناء حيث يلجأ المدمن إلى الاستمتاع الذاتي حين يفقد الاستمتاع والإشباع من الآخرين، ومما لا يخفى على المتعاملين مع القضية أن الانسحاب الاجتماعي يصحب الإدمان سبباً ونتيجة!
والشاب الذي يدمن على السيجارة أو الطعام، يجد فيها الصاحب الذي لا يمتنع عنه، والرفيق الذي لا يمل منه، والأنيس الذي "يشغل عليه وحدته" ويخرجه منها، "يغبش على وحدته" بين سحابة الدخان، أو يدفنها بين أكياس الطعام.
وأخيرا
لا تنتهي السلسلة هنا، بل هناك العديد من السلوكيات كتلك التي أشرنا إليها والتي يصدق عليها تعريف الإدمان كإدمان الشراء، وإدمان القمار، وإدمان الألعاب الإلكترونية. وهناك نوعان من الإدمان، وهما الإدمان النفسي [أو الارتباط الشرطي] والإدمان الكيميائي، وهو الذي تتأثر فيه كيمياء الدماغ بالمادة المخدرة، وفي المقالة التالية نتناول كلا النوعين، ومحفزات الإدمان وأشياء أخرى.
اقرأ أيضا:
هل أنت مدمن؟
10 طرق لمنع المراهقين من التدخين
إدمان العقاقير يهدد الحياة.. الأمل في العلاج (ملف)
المصادر
١- خانزيان إدوارد، أستاذ الطب النفسي بجامعة هارڤارد، ومؤسس نظرية مداواة النفس لتفسير الإدمان. في كتابه معالجة الإدمان كعملية إنسانية treating addiction as a human process.
٢- الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية والعقلية، الاضطرابات المتعلقة بالعقاقير، النسخة الخامسة، بتصرّف.